كيف تفاعلت الأسواق العالمية مع قرار رفع الفائدة الأمريكية؟

ولاء عدلان

رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي: التضخم لا يزال أعلى بكثير من هدفنا البالغ 2%، لذا نرى أنه من المناسب الاستمرار في زيادة الفائدة.


أعلن الاحتياطي الفيدرالي “البنك المركزي الأمريكي”، أمس الأربعاء 4 مايو 2022، رفع سعر الفائدة الأساسي قصير الأجل بمقدار 0.5%.

ويعد هذا أكبر تحرك للمركزي الأمريكي لرفع الفائدة بأكثر من المعدل المعتاد “0.25%” منذ العام 2000، وسط تعهدات بزيادات إضافية خلال الاجتماعات المقبلة، إلى جانب تقليص تدريجي لحجم حيازته من السندات خلال الأشهر المقبلة، فكيف تفاعلت الأسواق العالمية مع هذا القرارش؟

أعلى معدل للفائدة منذ بداية الوباء

قالت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة التي ترسم السياسات النقدية للمركزي الأمريكي، أمس الأربعاء، إنها قررت رفع نطاق أسعار الفائدة بمقدار 0.5% ليتراوح ما بين 0.75% إلى 1%، وهذه هي أعلى نقطة للفائدة الأمريكية منذ بداية وباء كورونا قبل أكثر من عامين، ورفع “الفيدرالي” الفائدة لأول مرة منذ 2018 في مارس الماضي بمقدار 0.25% فقط.

وأوضحت اللجنة أنها تسعى من خلال هذا القرار إلى تحقيق أقصى قدر من معدلات التوظيف للاقتصاد الوطني، والوصول بمعدل التضخم إلى المستوى المستهدف عند 2%، بعد تسجيله في مارس الماضي أعلى مستوياته منذ 1981 عند 8.5%، مشيرة إلى أنها قررت أيضا البدء في تقليص الميزانية العمومية لـ”الفيدرالي” البالغة 8.9 تريليون دولار وحيازته من السندات اعتباره من 1 يونيو المقبل.

زيادات مقبلة

قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، خلال مؤتمر صحفي أمس: “ندرك أن التضخم مرتفع للغاية، ونتفهم ما يسببه من صعوبات بالنسبة للأسر الأمريكية، لذا قررنا رفع الفائدة بمقدار 0.5% لدفع الأسعار نحو الاستقرار، مع الحفاظ على ظروف سوق العمل قوية”، موضحًا أن الاقتصاد الأمريكي مرّ بالكثير من الصعوبات خلال العامين الماضيين، وأثبت قدرته على الصمود.

وأضاف أن التضخم لا يزال أعلى بكثير من هدف السلطات الأمريكية على المدى الطويل البالغ 2%، لذا رأت أنه من المناسب الاستمرار في زيادة الفائدة خلال العام الحالي، وينبغي أن تكون زيادات بمقدار 0.5% على طاولة الاجتماعين المقبلين لـ” الفيدرالي”، مستبعدًا التوجه صوب مزيد من التشديد النقدي ورفع الفائدة بمقدار 0.75% خلال اجتماع واحد خلال الفترة المقبلة.

ضغوط إضافية

باول أوضح أن الارتفاع الكبير في أسعار النفط والكثير من السلع الأساسية من جراء الحرب الروسية الأوكرانية شكّل ضغطًا تصاعديًّا إضافيًّا على معدلات التضخم، وعلى سلاسل الإمدادات العالمية، ومن المرجح أن يتزايد هذا الضغط خلال الفترة المقبلة ويؤثر في الاقتصاد الأمريكي، بحسب تعبيره.

من جانبها، اعتبرت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد الأمريكي لا تزال غير مؤكدة إلى حدٍّ كبير، لكنها قالت إن الحرب تشكّل ضغطًا على النشاط الاقتصادي عالميًّا، وداخل أمريكا بالتبعية، إضافة إلى الإغلاق المتعلق باحتواء الموجة الجديدة من كورونا في الصين، وما يصاحبه من اضطرابات بسلاسل الإمدادات التي تضغط على الاقتصاد.

ردود فعل الأسواق

بمجرد إعلان الاحتياطي الفيدرالي قرار رفع الفائدة، قفزت مؤشرات الأسهم الأمريكية جماعيًّا، فارتفع مؤشر “إس آند بي 500” بنحو 3%، محققًا أكبر مكاسبه منذ العام 2020، في حين ارتفع مؤشرا “داو جونز” الصناعي بـ2.8%، وناسداك المركب بـ3.2%، وفي المقابل انخفضت عائدات السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات، وهي مؤشر لتوقعات المستثمرين بشأن أسعار الفائدة بـ0.08%.

Untitledصثص 1

حركة مؤشر إس آند بي 500 حتى تعامالات الرابع من مايووارتفعت أيضا مؤشرات الأسهم الأوروبية صباح اليوم الحميس جماعيًّا، وقفز مؤشر “ستوكس يورب 600” الرئيس بـ1.8%، وعلى صعيد الذهب، وهو وسيلة تحوّط ضد زيادة التكاليف، فارتفع سعر التسليم الفوري بحلول الساعة 01:02 بتوقيت جرينتش اليوم، بنسبة 0.9% إلى 1898.06 دولارًا للأوقية، في حين ارتفعت العقود الآجلة بـ1.4% إلى 1894.20 دولار، وذلك بعد أن قفزت أمس بـ1%.

خيبة أمل لـ”الدولار” والبيتكوين ترتفع

تراجع مؤشر الدولار على نحو حاد عقب استبعاد جيروم باول رفع الفائدة بمقدار 0.75% خلال الاجتماعات المقبلة، مقابل تقييمات سابقة للمتعاملين في السوق الأمريكية برفع الفائدة بـ 0.75% بحلول يوليو على أقصى تقدير، وخلال تعاملات أمس سجل مؤشر الدولار أدنى مستوياته في أسبوع عند 102.48، قبل أن يرتد إلى 102.62 في نهاية التعاملات منخفضًا بـ0.8%، وفق “رويترز“.

في المقابل، ارتفعت العملات المشفرة بدعم من استبعاد زيادة أقوى من 0.5% للفائدة الأمريكية خلال الفترة المقبلة، وصعدت البيتكوين، أكبر العملات المشفرة من حيث القيمة، اليوم، 5.6% عند 39 ألفًا و788 دولارًا بحلول الساعة 07:52 بتوقيت جرينتش، بعد أن وصلت أمس إلى مستوى 39 ألفًا و900 دولار، في حين ارتفعت عملة الإيثريوم 6.4% إلى ألفين و950 دولارًا.

موجة رفع الفائدة تنطلق من أمريكا

عقب قرار رفع الفائدة الأمريكية أمس، أعلنت البنوك المركزية في السعودية، والإمارات، وقطر، والبحرين رفع سعر الفائدة الأساسي بمقدار 0.5%، عدا بنك الكويت المركزي الذي قرر رفع الفائدة بـ0.25% فقط، نظرًا لارتباط الدينار الكويتي بسلة من العملات وليس الدولار فقط، كما هو الحال في باقي الدول الخليجية الأكثر انفتاحًا على السوق الأمريكية، وفق “العربية“.

زصباح اليوم، استجاب بنك إنجلترا أيضًا لضغوط التضخم، وقرر رفع أسعار الفائدة بمقدار 0.25% لتصل إلى 1%، مسجلة أعلى مستوياتها خلال 13 عامًا، وسط ارتفاع التضخم في مارس إلى أعلى مستواياته منذ 30 عامًا عند 7%، وفقا لـ”سي إن بي سي“، وبحسب “إس آند بي جلوبال” كل رفع لأسعار الفائدة بمقدار 1% يقابله زيادة في أرباح البنوك بنحو 13%.

ربما يعجبك أيضا