ما بين الصراع الصيني الأمريكي…لماذا تسعى بكين لضم تايوان؟

محمود رشدي

رؤية- محمود رشدي 

تزايد يوماً بعد يوم تهديدات الصين لتايوان، للاشتباه في رغبة جمهورية الصين الإعلان رسمياً عن استقلالها. وبينما تدعم الولايات المتحدة تايبيه، ما تنفك الصين تذكر كل مرة المجتمع الدولي بقوتها وأحقيتها في السيطرة على بحر الصين الجنوبي، الذي حولت بعض جزره إلى قواعد عسكرية.

استعرضت الصين عضلاتها مؤخراً في مضيق تايوان من خلال المناورات البحرية التي نظمتها باستخدام الرصاص الحي. ويأتي استعراض القوة هذا، بينما زادت تهديدات الرئيس الصيني تشي جين بينغ تجاه تايبيه إن حاولت الانفصال عن الصين، فهل تسعى الصين الى ضم جزيرة تايوان (جمهورية الصين)، وتهاجم حليفاً للولايات المتحدة الاميركية في المنطقة؟ مهما يكن يبدو أن التوترات بين القوتين العظميَين بشأن هذا الملف تتفاقم يوما بعد يوم، خاصة بعد أن عزز الرئيس دونالد ترامب التقارب مع تايوان في استفزاز مباشر، أثار غضب بكين.

حذر الرئيس الصيني، شي جينبينغ، تايوان من أن بلاده لن تتخلى عن خيار استخدام القوة العسكرية لإعادة بسط سيادتها على جزيرة تايوان التي حكمها نظام مناهض لبكين منذ انتهاء الحرب الأهلية الصينية عام 1949.

وقال جينبينغ، في خطاب له بمناسبة “الذكرى الأربعين لبيان سياسي بشأن تايوان: “إن إعادة الوحدة يجب أن تجري في إطار مبدأ الصين الواحدة الذي يقر بأن تايوان جزء من الصين”، الأمر الذي رفضه أنصار استقلال تايوان.

لماذا ترغب الصين بضم تايوان المستقلة بالقوة؟

هدد وزير الدفاع الصيني في 25 من ديسمبر الماضي بأن “الجيش سيتحرك مهما كان الثمن لإحباط المحاولات لفصل جزيرة تايوان” التي تتمتع بحكم ذاتي وتقول بكين إنها جزءا لا يتجزأ من الصين.

وازداد التوتر بين تايوان والصين بعد أن فرضت الولايات المتحدة، الداعمة لتايوان، عقوبات على الجيش الصيني في الآونة الأخيرة، إلى جانب الحرب التجارية بين البلدين وتعزيز تايوان والصين المتزايد لوضعيهما العسكري في بحر الصين الجنوبي.

وأرسلت الولايات المتحدة، في أكتوبر الماضي، سفينتين حربيتين عبر مضيق تايوان في ثاني عملية من نوعها العام الماضي.  وتدهورت العلاقات بين الصين وتايوان أكثر منذ تسلم تساي إينغ ون، رئاسة تايوان في عام 2016، وتنتمي إلى الحزب الديمقراطي التقدمي الذي يميل للاستقلال. وكثفت بكين العام الماضي من الضغوطات العسكرية والدبلوماسية، ونفذت تدريبات جوية وبحرية حول الجزيرة، وأقنعت بعض الأقاليم التي تدعم تايوان بالتوقف عن ذلك. 

تتمتع تايوان حالياً بحكم ذاتي على الرغم من أن بكين تعدها إقليما متمردا على سلطة جمهورية الصين الشعبية الكبرى و”لا يجب أن تتمتع بأي نوع من الاستقلال”. أما تايوان فترى أنها الأحق في حكم كل من تايوان وجمهورية الصين الشعبية.

وكان الرئيس الصيني قد قال في خطاب له إن: “الطرفين- في إشارة إلى الصين وتايوان- يمثلان جزءا من العائلة الصينية”، وإن مطالب استقلال تايوان كانت تيارا معاكسا للتاريخ لا مستقبل أمامه”. 

دواعي الوحدة

تعد تايوان في نظر الصين، الأولوية الأولى في ما يتعلق بالوحدة الوطنية، لذلك تبدو وحدة الصين وفق ما ذكر تشي جين بينغ في مارس الماضي “مصلحة أساسية”. ويسعى الرئيس الصيني بطريقة أو بأخرى الى ضم الجزيرة وفق الكثير من الخبراء. كما أن تايوان تمثل من الناحية الاستراتيجية عنصراً مركزياً في علاقات القوة بين الصين والولايات المتحدة وحلفاءهما الآسيويين.

وعلاوة ذلك، فإن تايوان تعد رمز المنافسة بين الأنظمة الشمولية والنموذج الديموقراطي. وباستخدامه لهجة حازمة، يحاول الرئيس الصيني الذي بنى شرعيته على تعزيز الحس القومي، تحسين صورته كقائد قوي ومحترم بين شعبه. ولا تستبعد أن تبادر الصين إلى الهجوم على تايوان. 

تأخذ تايوان التهديدات الصينية على محمل الجد فالرئيسة التايوانية أشرفت في الـ13 ابريل الماضي على أولى المناورات البحرية منذ وصولها الى السلطة. وتدخل المناورات الصينية على الخصوص، ضمن استراتيجية حرب بسيكولوجية تستهدف التايوانيين لإجبارهم على قبول شكل من أشكال الوحدة مع الصين . وتهدف بكين لإضعاف الوضع الراهن بينما تحاول تايبيه الحفاظ عليه.
وتضاف سلسلة الضغوط هذه إلى الضغوط التي تمارسها بكين لإبعاد تايوان عن المنظمات الدولية وتقليص عدد حلفائها الرسميين ومبادراتها من أجل حض النخبة الاقتصادية الفكرية على تناول الموضوع. ويقول جان بيير كابستان إن حظوظ فوز التيار المؤيد لفكرة الوحدة مع الصين ضعيفة جداً، وما دامت الولايات المتحدة تؤيد تايبيه فمن المستبعد أن يخضع التايوانيون. ويبدو أن الصين أمام مأزق حقيقي قد يضطرها لاستخدام القوة.

صراع صيني أمريكي

حضر الرئيس الصيني تشي جبن بينغ في 12 ابريل الماضي، مناورات عسكرية عملاقة في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه وقال يومها “حاجتنا الى بحرية قوية لم تكن ابدا ملحة مثلما هي اليوم”. أكدت الصين سيادتها على جزر عدة وشعاب مرجانية، تطالب دولاً أخرى بخفض بسط سيادتها عليها مثل فيتنام والفلبين وماليزيا وبروناي كما حولت بعض الجزر الى قواعد عسكرية لدعم نواياها التوسعية، لذلك زادت التوترات مع الولايات المتحدة في المنطقة، لكن واشنطن تسعى ايضا لاستعراض عضلاتها في المياه، حيث تبحر حاليا حاملة طائرات اميركية وترسل بانتظام بوارج حربية بالقرب من الجزر التي تسيطر عليها الصين التي تعتبر هذا الامر استفزازا لسيادتها.
ويتوقع أن تؤدي هذه التوترات إلى وقوع حوادث، لكنه يستعبد حدوث أي صراع في الوقت الحالي، ومن خلالها ستسعى الصين   التي تطبق سياسة الامر الواقع إلى تغيير الوضع تدريجياً لمصلحتها، من دون أن يؤدي ذلك إلى ردة فعل قوية من المجموعة الدولية.

ربما يعجبك أيضا