رغم التعنت الإثيوبي.. مفاوضات سد النهضة تعود من جديد لإيجاد حل

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر:

القاهرة – استأنف وزراء الري في مصر والسودان وإثيوبيا، مفاوضاتهم لبحث الخلافات حول سد النهضة الإثيوبي، بحضور مراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا، استجابة للمبادرة التي أعلنها رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، لاستئناف التفاوض الثلاثي في أقرب فرصة ممكنة، رغم إعلان إثيوبيا قرار البدء في ملء خزان سد النهضة يوليو المقبل “لا رجعة فيه”.

“موقف مصر”

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتمع اليوم الثلاثاء، بمجلس الأمن القومي لبحث تطورات ملف سد النهضة الإثيوبي، وفق بيان رسمي للمتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضي، عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، قبيل الاجتماع الثلاثي لوزراء ري مصر محمد عبد العاطي، والسودان ياسر عباس وإثيوبيا سيليشي بيكيلي.

وفي أعقاب الاجتماع، صدر بيان تناول مفاوضات سد النهضة، قائلا “تلقت مصر الدعوة الصادرة من وزير الري السوداني باستئناف مفاوضات سد النهضة اليوم 9 يونيو، وإذ تؤكد مصر على موقفها المبدئي بالاستعداد الدائم للتفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن يحقق مصالح مصر وإثيوبيا والسودان، فإنها ترى أن هذه الدعوة قد جاءت متأخرة بعد 3 أسابيع منذ إطلاقها”.

وأضاف “وهو الأمر الذي يحتم تحديد إطار زمني محكم لإجراء المفاوضات والانتهاء منها، وذلك منعًا لأن تصبح أداة جديدة للمماطلة والتنصل من الالتزامات الواردة بإعلان المبادئ الذي وقعته الدول الثلاث سنة 2015”.

وتابع البيان “ومن جهة أخرى؛ فمن الأهمية التنويه إلى أن هذه الدعوة قد صدرت في ذات اليوم الذي أعادت فيه السلطات الإثيوبية التأكيد على اعتزامها السير قدما في ملء خزان سد النهضة دون التوصل إلى اتفاق، وهو الأمر الذي يتنافى مع التزامات إثيوبيا القانونية الواردة بإعلان المبادئ، ويلقي بالضرورة بظلاله على المسار التفاوضي وكذلك النتائج التي قد يتم التوصل إليها”.

وختم البيان بالقول “ورغم ما تقدم؛ فإن مصر سوف تشارك في هذا الاجتماع من أجل استكشاف مدى توفر الإرادة السياسية للتوصل إلى اتفاق، وتأكيدا لحسن النوايا المصرية المستمرة في هذا الصدد، وطبقاً لما ورد بالدعوة الواردة من وزير الري السوداني”.

“استئناف المفاوضات”

وزراء الري في البلدان الثلاث، عقدوا اجتماعًا، اليوم الثلاثاء، عبر الفيديو، لبحث الأزمة، استجابة للمبادرة التي أعلنها رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، بعد اتصالات مع رئيسي وزراء مصر مصطفى مدبولي، وإثيوبيا آبي أحمد، للتشاور حول استئناف التفاوض الثلاثي في أقرب فرصة ممكنة.

وزير الري السوداني، ياسر عباس، وصف في مؤتمر صحفي، الاجتماع بالمثمر والإيجابي، كاشفا أن “الاجتماع بشأن سد النهضة ناقش الإجراءات المطلوبة لمواصلة التفاوض وتحديد النقاط العالقة”، وأنه تم الاتفاق على مواصلة الاجتماعات بشأن سد النهضة مع استمرار عمل المراقبين، حيث حضر اجتماع، اليوم؛ 3 مراقبين من جنوب أفريقيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وذكر الوزير السوداني، بحسب وكالة الأنباء السودانية؛ أن الاجتماع بشأن سد النهضة ناقش الإجراءات المطلوبة لمواصلة التفاوض وتحديد النقاط العالقة، معربا عن أمله في أن تسود الروح الإيجابية خلال الاجتماعات المقبلة للوصول إلى توافق حول النقاط العالقة بشأن سد النهضة.

“اجتماعات يومية”

وبحسب عباس ستستمر الاجتماعات بصورة يومية، ما عدا يومي الجمعة والأحد، لافتا إلى أنه سيتم عقد اجتماعات غد لتحديد دور عمل المراقبين من دول جنوب أفريقيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أنه كانت هناك اجتماعات ثنائية بين وزراء الدول الثلاث.

وأكد وزير الري السوداني، أن مصر اقترحت نسخة 21 فبراير من اجتماعات واشنطن كمرجعية للتفاوض، وأن إثيوبيا لديها عدة نقاط عالقة لم تحسم بعد، متابعًا: “تناولنا خلال الاجتماع نقطتين، أولا ما هي الإجراءات المطلوبة لمواصلة التفاوض بشكل أسرع، ثانيا ما هي المسائل الأساسية العالقة بالنسبة للدول الثلاثة”.

وتابع “تم الاجتماع بروح إيجابية وكان النقاش مثمرا.. ونأمل أن تتواصل هذه الروح في المفاوضات القادمة”، منوهًا بأن “وزراء الري في السودان وإثيوبيا ومصر اتفقوا على استمرار المفاوضات بشأن سد النهضة للوصول إلى توافق حول النقاط المتبقية”.

يذكر أن المفاوضات عُلقت إثر رفض إثيوبيا توقيع مسودة اتفاق أعدتها الولايات المتحدة والبنك الدولي حول ملء أديس أبابا لسد النهضة، نهاية فبراير الماضي، كما رفضت كل من السودان ومصر مقترحا إثيوبيا في منتصف الشهر الماضي مايو، بتوقيع اتفاق جزئي للبدء بملء بحيرة السد في يوليو المقبل.

“تعنت إثيوبيا”

اجتماعات اليوم، تأتي بعد 24 ساعة من تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، قال آبي أحمد، بأن قرار تعبئة سد النهضة “لا رجعة فيه”، وأن بلاده لا تسعى لإلحاق الأذى بالأخرين، وفقا لـ”العربية”.

وقال آبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي، أمس الإثنين، في تغريدات على حساب مكتب رئيس الوزراء الرسمي بتويتر، إن أكثر من 50 مليون إثيوبي لا يحصلون على مياه نظيفة وبدون كهرباء، مضيفا أن سد النهضة يهدف إلى نمو إثيوبيا، مؤكدا أن “إثيوبيا ليس لها تاريخ في إلحاق الأذى بالآخرين، ولا تهتم الآن بإيذاء الآخرين. نحتاج فقط إلى التطوير والازدهار وإخراج شعبنا من قبضة الفقر”.

وتابع آبي أحمد “أكثر من 50 مليون إثيوبي لا يحصلون على المياه النظيفة، أي ما يقرب من سكان دولة واحدة. أكثر من 50 مليون بدون كهرباء”، مكملا: “حتى يومنا هذا، لا تزال الأمهات الإثيوبيات يحملن الحطب. إن تلبية الحقوق والاحتياجات الأساسية أمر بالغ الأهمية”.

وكانت وزيرة الخارجية السودانية، أسماء محمد عبد الله، أكدت ضرورة تبني مصر والسودان لـ”موقف قوي” من الملء الأولي لسد النهضة، مشيرة إلى أن “من حق إثيوبيا بناء السدود داخل أراضيها وفق مبادئ القانون الدولي”، موضحة أن “بناء إثيوبيا للسدود يجب أن يكون وفقا للمواثيق والعهود الدولية والمبادئ، التي تم التوقيع عليها من قبل الدول الثلاث السودان ومصر وإثيوبيا”.

وأضافت وزيرة الخارجية، في مقابلة مع التلفزيون السوداني الرسمي السبت الماضي، أن “السودان متمسك برفض مباشرة إثيوبيا بالملء الأولي لسد النهضة، ما لم يتم الاتفاق الكامل على مبادئ وقواعد الملء، طبقا لمبادئ القانون الدولي”، مشددة على ضرورة جلوس الأطراف الثلاثة على طاولة الحوار بشأن ملف سد النهضة، مبينة أن السودان ظل على الدوام يدعو إلى التفاوض.

ودعت وزيرة الخارجية السودانية، الوسيط الأمريكي إلى الاستمرار في جهوده الرامية للوصول بهذه الأزمة إلى نهايات مرضية للأطراف الثلاثة.

ربما يعجبك أيضا