لماذا تسعى إدارة ترامب لمنع مذكرات بولتون؟

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

مساعي حثيثة من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمنع نشر كتاب لمستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، قامت على إثرها برفع دعوى قضائية لمنع نشر كتاب يُتوقّع أن يرسم فيه صورة قاتمة جدًا عن الرئيس الجمهوري وطريقة حكمه.

دعوى قضائية

رفعت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالأمس، دعوى قضائية أمام محكمة فيدرالية في واشنطن تطلب منع نشر الكتاب بدعوى أنّ بولتون لم يحصل على موافقة على النصّ بأكمله مما يجعل مؤلَّفه “في انتهاك واضح للاتفاقات التي وقّع عليها كشرط لتوظيفه ولاطّلاعه على معلومات سرية للغاية”.

ووفقاً لملف الدعوى فإنّ مجلس الأمن القومي وجد “كمًا كبيرًا من المعلومات المصنّفة سريّة طلب من المدّعى عليه حذفها”، لكنّ الأخير “استاء على ما يبدو من وتيرة مراجعة مجلس الأمن القومي” للنصّ.

ومن المقرّر أن ينشر كتاب بولتون وعنوانه “ذا رووم وير إت هابند: وايت هاوس ميموار” (المكان الذي حدث فيه ذلك: مذكرات البيت الأبيض) في 23 من الشهر الجاري.

وشغل بولتون السياسي المثير للجدل ذو النهج المتشدّد منصب مستشار الأمن القومي لترامب قبل أن يستقيل في سبتمبر الماضي بعد خلافات مع الرئيس، خصوصًا حول كوريا الشمالية وحركة طالبان في أفغانستان.

وبعد الاستقالة تحوّلت العلاقة بين ترامب وبولتون إلى عداوة علنية، ويتوقّع مراقبون أن يتضمّن كتاب بولتون معلومات حساسة حول أسلوب إدارة الرئيس الأمريكي للبلاد.

كتاب الأسرار

يوثّق بولتون في كتابه ما يعتبره مخالفات تستدعي الإقالة ارتكبها ترامب وتتعدى الضغوط التي مارسها على أوكرانيا للتحقيق بشأن منافسه الديمقراطي جو بايدن وأدّت إلى اتهامه من قبل الديمقراطيين ومحاكمته في الكونجرس.

وبحسب بولتون، فإن ترامب قال له في اغسطس 2019 أنه لا يريد الإفراج عن مساعدة عسكرية لأوكرانيا طالما لم تحقق سلطات كييف حول النائب السابق للرئيس الديمقراطي جو بايدن الأوفر حظًا في منافسة ترامب في الانتخابات الرئاسية المقررة في 3 نوفمبر 2020.

من جهتها، نشرت مجلة “بولتيكو” بعض ما جاء في مذكرات بولتون والتي قال فيها: “إن مجلس النواب كان عليه أن يوسع تحقيقاته لعزل ترامب لتشمل مجالات أخرى من سياسته الخارجية”. واعترف بولتون بأنه يستطيع أن يوثق ويحدد شهود في قضايا مختلفة في مختلف سياسته الخارجية، على غرار ما فعله مع أوكرانيا، وهي القضية التى أثيرت بسببها قضية العزل.

 ورغم ما قاله، فإن بولتون كان قد رفض التعاون مع محققى مجلس النواب وهم يمضون في مزاعمهم بأن ترامب ضغط على أوكرانيا للتحقيق عن خصومه الديمقراطيين.

ويقول ناشر الكتاب “سيمون اند سكوستر”: إن كتاب بولتون الذى يحمل عنوان “الغرفة التي حدث بها” لا يغطى فقط الفوضى في البيت الأبيض، ولكن يقدم تقييمات لأطراف كبرى، وعملية اتخاذ القرار غير المتناسقة للرئيس وتعاملاته مع الحلفاء والخصوم على حد سواء.

 وتقول “بولتيكو” إن الكتاب من المرجح أن تكون له أصداء في الكابيتول، حيث حذر الديمقراطيين بأن سلوك ترامب تجاه أوكرانيا لم يكن منفصلا، وأنه يمثل تهديدا للبلاد لو سُمح له بالبقاء في المنصب.

بينما قالت دار نشر سايمون آند شوستر في بيان صحفي إن كتاب بولتون يسرد بالتفصيل معاملات ترامب مع الصين وروسيا وأوكرانيا وكوريا الشمالية وإيران والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا. وتروّج حاليًا دار النشر للكتاب بعبارة “هذا هو الكتاب الذي لا يريدك دونالد ترامب أن تقرأه”.

تحذيرات وتهديدات

تعتبر إدارة ترامب أنّ بولتون خرق القواعد الأساسية للسريّة برفضه انتظار موافقة مجلس الأمن القومي على النص.

وبحسب تصريحات المسؤولين فإن جون بولتون “أبرم اتفاقاً مع الولايات المتحدة كشرط لتوليه أحد أكثر المناصب حساسية وأهمية في مجلس الأمن القومي التابع للحكومة الأمريكية، ويريد الآن التملّص من هذا الاتفاق”.

وقال مجلس الأمن القومي الأمريكي بعد اطلاعه على مسودّة الكتاب -وهو إجراء يطبق على كافة الكتب التي ينشرها موظفون سابقون في البيت الأبيض- إنها تحتوي على “معلومات سرية” بعضها مصنف “سري للغاية” و”يمكن أن يتسبب في أضرار استثنائية خطرة بالأمن القومي”.

وكان من المفترض أن بنشر بولتون، كتابه “الغرفة التي حدث فيها ذلك: مذكرات البيت الأبيض”، في فترة سابقة من العام الجاري لكنه قوبل بتأخيرات من البيت الأبيض بعدما خضع الكتاب لمراجعة أمنية قبل النشر للتأكد من خلوه من معلومات سرية لمجلس الأمن القومي. وقد تم شحن أعداد منه إلى مراكز توزيع في جميع أنحاء البلاد.

من جانبه، هدد الرئيس دونالد ترامب بأن جون بولتون سيواجه “مسؤولية جنائية” إذا تم إصدار مذكراته، التي أكد أنها تحتوي على معلومات سرية.

وقال وزير العدل وليام بار، الذي كان إلى جانب ترامب، إن وزارته تركز على ضمان أن بولتون “سيقوم بالحذف الضروري للمعلومات السرية”، موضحًا أن المسؤول السابق لم يتبع العملية التي تشترطها الحكومة للسماح بنشر كتب عن الأمن القومي.

وذكرت “واشنطن بوست” نقلا عن مسؤولين في البيت الأبيض، أن ترامب غاضب إزاء نشر الكتاب ويضغط على موظفيه لاتخاذ إجراء يمنع طرحه في الأسواق الذي يأتي قبل أقل من خمسة أشهر على الانتخابات الرئاسية.

وكان البيت الأبيض قد حذر بولتون في الأسبوع الماضي من أن كتابه لا يزال يحتاج إلى مراجعة، حتى يكون ممتثلا لعملية مفروضة على الموظفين الحكوميين الذين يكتبون عن قضايا تتعلق بالأمن القومي والاستخبارات.

ورغم تأكيد محامي بولتون، تشارلز كوبر أن الكتاب لا يشمل أي معلومات سرية قد تهدد الأمن القومي، لكن ما تم تسريبه حتى الآن يثير مخاوف الإدارة الأمريكية من استغلال أي جهة تلك المعلومات للإضرار بالأمن القومي وتحديدًا بمصير رئيس الولايات المتحدة الحالي.

ربما يعجبك أيضا