اختفاء الوقود بسوريا.. أزمة عاصفة قد تتحول لكارثة إنسانية

كتب – حسام عيد

طوابير سيارات طويلة، ليس سببها الازدحام المروري، وإنما تنتظر دورها أمام محطة البنزين، في دمشق قد يتطلب من السائقين الانتظار في هذه الطوابير لأكثر من 6 ساعات، فأزمة البنزين في سوريا لا تزال مستمرة للأسبوع الرابع على التوالي.

الانتظار لساعات طويلة ليس الأسوأ، فنقص مادة البنزين أشعل أسعاره، حيث وصل سعر لتر البنزين في السوق السوداء إلى 1000 ليرة أي ما يعادل دولارين، في بلد يتصدر الدول المصنفة تحت خط الفقر وفق بيانات البنك الدولي.

وأسفرت قلّة تلك المادة الحيوية عن تعطل الحياة في البلاد وأدت إلى توقف الأعمال، وسط مخاوف من استمرارها لتمتد إلى مواد التدفئة، ما سيسبب كارثة إنسانية في فصل الشتاء الذي بات على الأبواب.

أزمة خانقة بمناطق النظام

تعاني المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري من أزمة وقود منذ أيام، والتي تفاقمت حدتها خلال اليومين الماضيين، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وتسببت أزمة الوقود في ازدحام في الشوارع، خاصة في المناطق التي أغلقت فيها محطات الوقود أعمالها، وهو ما تسبب في شجار بين عدد من الأشخاص تسبب في جرح ثلاثة منهم، اثنين في حالة خطيرة.

وأشار المرصد في بيان عبر موقعه الإلكتروني إلى أن محافظة السويداء تشهد أزمة في توفير الوقود، خاصة بعدما تم تحديد حصة لكل محافظة، وتخفيض الكميات.

ويظل العجز الحكومي سيد الموقف أمام محطات وقود خُفّضت مخصصاتها إلى أقل من النصف، وبعضها يعمل لساعات قليلة قبل أن توقف مضخاتها وتغلق، بينما يبيت السائقون لأيام بانتظار دورهم لتعبئة مركباتهم العطشى للوقود.

ويأتي نقص الوقود مع دخول البلاد في خضم أزمة اقتصادية، وسط انهيار العملة وارتفاع التضخم بشدة، مما يزيد من حدة المصاعب التي يواجهها السوريون الذين يعانون من حرب مندلعة منذ أكثر من تسع سنوات.

قانون قيصر أحد الأسباب

من جانبه، قال وزير النفط السوري بسام طعمة، إن سوريا تعاني نقصًا حادًا في البنزين نتيجة العقوبات الأمريكية المشددة التي تعطل واردات الوقود الحيوية، وذلك في أحدث أزمة تضر باقتصاد البلد الذي دمرته الحرب.

وقال طعمة إن قانون قيصر -وهو أكثر العقوبات الأمريكية صرامة ودخل حيز التنفيذ في يونيو الماضي ويحظر تعامل الشركات الأجنبية مع دمشق- عطل عدة شحنات من موردين لم يكشف عنهم.

ومنذ منتصف يونيو وحتى الآن، أعلنت واشنطن الدفعة الثالثة من العقوبات بموجب قانون قيصر، والذي يحظر التعامل مع النظام السوري أو عناصره من دون محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها النظام.

كما يحظر على الولايات المتحدة تقديم مساعدات لإعادة بناء سوريا، إلا أنه يعفي المنظمات الإنسانية من العقوبات جراء عملها في سوريا.

وتجمد العقوبات أي أصول للأشخاص المستهدفين في الولايات المتحدة، كما وتمنعهم من استخدام النظام المالي الأمريكي ودخول الأراضي الأمريكية.

ولم تصل أي سفن محملة بالوقود منذ 5 أشهر إلى سوريا، وذلك بعدما عزز قانون قيصر المخاوف، وبات صعباً وصول سفن من إيران أو روسيا، ناهيك عما يكتنف حركة هذه السفن والشحنات باتجاه البلاد من سرية تامة.

وفاقمت أزمة كورونا من حدة الأوضاع المعيشية في مناطق النظام بالتزامن مع تأثير حزمة العقوبات الجديدة التي فرضتها واشنطن على دمشق.

دمشق تفقد حقولها.. واللجوء للمهربين

وانهار إنتاج النفط بعد أن فقدت دمشق معظم حقولها في قطاع من الأرض شرقي نهر الفرات في دير الزور. وفقدت الحكومة السورية أكثر من 80% من مواردها النفطية والغازية بعد سيطرة قوات “سوريا الديمقراطية” المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية على مناطق إنتاج النفط في محافظتي الحسكة ودير الزور شمال شرقي سوريا.

وتعاني سوريا من أزمات متكررة بدءاً من الطاقة الكهربائية إلى غاز البوتان والبنزين والديزل للتدفئة والسيارات.

وسبق أن اعتمدت سوريا على شحنات النفط الإيرانية، لكن تشديد العقوبات عليها وعلى إيران وحلفائهما أدى إلى توقف الإمدادات العام الماضي.

وفي محاولة منها لمعالجة الأزمة، خفضت الحكومة السورية كمية البنزين المسموح بتعبئتها في كل مرة من 40 إلى 30 لترًا بشكل مؤقت مما جعل البعض يلجأ للمهربين من أجل التزود بالوقود.

مصفاة بني ياس تحت الصيانة

 وأشار وزير النفط السوري بسام طعمة إلى أن مشكلة توقف مصفاة بني ياس لإجراء أعمال الصيانة، تعد سبب آخر بجانب العقوبات في تفاقم أزمة الوقود.

وأضاف أن أعمال الصيانة التي لم يكن منها بد في المصفاة البالغ طاقتها 130 ألف برميل يوميًا، سترفع طاقة المصفاة بنسبة 25%.

مصفاة بني ياس التي تعمل منذ 7 سنوات بدون توقف تزود البلاد بثلثي الحاجة من البنزين، وقد أكد الوزير السوري أن نهاية سبتمبر الجاري ستكون بداية حل الأزمة مع عودة المصفاة للعمل، ولحينها يبدو أن الانتظار سيظل من يوميات المواطن السوري.
 

ربما يعجبك أيضا