لماذا فشلت أوروبا فيما نجحت فيه القارة السمراء في مواجهة كورونا؟

سحر رمزي

رؤية – سحر رمزي

أمستردام- في الوقت الذي تعلن فيه أوروبا عن فشلها في السيطرة على فيروس كورونا المستجد، رغم الإجراءات المشددة التي تتخذها البلاد، ورغم لجوء بعض الدول إلى الغلق الجزئي أو الكلي، نجد حالات  كورونا المسجلة في أوروبا زادت بأكثر من المثلين في عشرة أيام، متجاوزة 200 ألف إصابة يوميا للمرة الأولى يوم أمس الخميس، وظهر عجز الحكومات وعدم القدرة على السيطرة على الفيروس القاتل.

 من جانبها  قررت هولندا عقد اجتماع طارئ لمجلس الوزراء بوجود مسؤولي مكتب الصحة الوطنية، اليوم الجمعة، رغم عطلة الخريف، وحسب تليخراف الهولندية فإنه بعد زيادة الإصابات لفوق عشرة آلاف حالة أمر خطير اضطر رئيس الوزراء لذلك، كما أن هناك جدلا كبيرًا في هولندا بين خبراء يرغبون في الغلق التام لمدة أسبوعين بكافة أنحاء البلاد، وبين من  يؤكد عدم الضرورة لذلك لأن الأمر ليس معقدًا بشكل يضطر الحكومة لفعل ذلك، الاضطراب والجدل وصل للشارع الهولندي والذي بدوره غير راض عن حالة الانشقاق وعدم القدرة على اتخاذ قرار يخرج البلاد من أزمة كورونا، وهناك من يتوقع سقوط حزب مارك روتا في الانتخابات القادمة في 2021 بسبب عدم التعامل مع الأزمة بشكل جيد.

ويشير الإحصاء إلى أن أوروبا تمثل ما يقرب من 19 بالمئة من حالات الإصابة عالميا وحوالي 22 بالمئة من الوفيات على مستوى العالم. وفي غرب أوروبا سجلت فرنسا التي لديها أعلى متوسط لسبعة أيام للحالات الجديدة في أوروبا بواقع 25480 إصابة في اليوم، أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 41622 حالة إصابة مؤكدة جديدة يوم الخميس بحسب السلطات الصحية الفرنسية.

وأظهرت بيانات صادرة عن المعهد الوطني للصحة العامة أن هولندا سجلت أكثر من تسعة آلاف حالة يوم أمس الخميس، وهو رقم قياسي جديد. ومددت ألمانيا التي سجلت أكثر من 11 ألف حالة يوميا لأول مرة يوم الخميس، التحذير من السفر إلى سويسرا وأيرلندا وبولندا والنمسا وإيطاليا.

حسب الإعلام الألماني أعلن معهد روبرت كوخ أن الزيادة الحالية لأعداد الإصابة بفيروس كورونا في ألمانيا ترتبط غالبا بحدوث العدوى في النطاق الشخصي. وقال لوتار فيلر إن وسائل النقل العامة أو حتى الفنادق لا تلعب دورا كبيرا في انتشار العدوى. وأكد فيلر على أن حدوث العدوى يزداد بشكل قوي، معلناً أنه يجب توقع ازدياد عدد حالات الإصابات الخطيرة والوفيات مجددا

ونتاج ذلك هناك مشاكل صحية وسياسية واقتصادية وخلافات حادة داخل البرلمانات، واتهامات  بالتقصير تجاه الحكومات، وبالتالي هناك غضب شعبي أوروبي وتهديد بالإفلاس للشركات ولأصحاب المحلات بالقارة العجوز.

كورونا أمريكا وأوروبا  مختلفة تماما في أفريقيا، حيث قلة عدد الإصابات والوفيات في القارة السمراء، وهو مصدر تعجب الخبراء ومراكز الدراسات الأوروبية والأمريكية، رغم أنه  في المراحل الأولى لتفشي الوباء، ظن كل الخبراء وبينت كل النماذج البحثية أن أفريقيا تواجه مشكلة حقيقية، ولكن ما حدث كان مختلفًا تماما وغير متوقع مما جعل مراكز الدراسات الأوروبية والأمريكية تبحث عن الأسباب.

 وفي حوار لـ رؤية  مع الدكتورة رضا البدوي الأستاذ بكلية الطب ورئيس الفريق البحثي بجامعة بنها جاء على النحو التالي:

ما السبب وراء  تأثير الفيروس الضعيف على مصر ودول أفريقية والعكس يحدث في أوروبا وأمريكا؟

بالفعل كورونا في مصر والدول العربية والأفريقية أقل تأثيرا عنها في أوروبا، وهناك تحكم في الوضع وزيادة نسب الشفاء وقلة الإصابات عنه في الغرب، والسبب في ذلك يعود لأن البيئة الصحية أفضل رغم التقدم والنظافة في بلاد الغرب، كما أن هناك عوامل جينية تتحكم في ذلك، كذلك نوع الطعام في الدول العربية أكثر صحية عنه في دول أوروبا فهو طبيعي وليس معقدًا وأقل إلى حدا ما في استخدام الدهون، بخلاف شباب اليوم الذي يعتمد في الأكل على الوجبات الجاهزة، وأضافت وذلك غير متوفر في البيئات الأكثر فقرا.

هل التطعيمات التى حصلنا عليها في الصغر أثرت بشكل إيجابي على نسبة الشفاء من الفيروس؟

بالفعل التطعيمات ضد الدرن والالتهاب السحائي والحصبة وشلل الأطفال والدفتيريا وغيرها، أفادت في علاج أو مقاومة فيروس كوفيد – 19.

هل هناك أسباب أخرى لا تعتمد على تدخلات علاجية مثل الأدوية المضادة؟

 نعم الديدان الموجودة في الأمعاء لدى معظم سكان القارة السمراء تقوي الجهاز المناعي، وأوضحت البدوي أن تأثير الديدان الطفيلية على الجهاز المناعي موضوع دراسة بين علماء المناعة وعلماء الأحياء. تضمنت التجارب عيّنة واسعة من الطفيليات والأمراض والعائلية . كان تأثير الديدان الطفيلية على الإنسان ولا زال يشكل اهتمامًا خاصًا. ميول العديد من الديدان الطفيلية لتثبيط الاستجابة المناعية يجعلها تُخفّف حدّة أمراض وتزيد حدّة أمراضٍ أخرى. أظهرت الأبحات المكثفة أن للديدان الطفيلية القدرة على تثبيط خلايا مناعية محددة، مما يؤدي إلى رد مناعي أضعف.

تمتد استجابة الجهاز المناعي هذه لتشمل أيضا تعاطيه مع المناعة الذاتية وتخفيف ردات الفعل ضد المواد المثيرة للحساسية وضد الجسم والأحياء الدقيقة الهاضمة. بينما طورت الديدان طرق لإثارة ردات فعل مناعية إيجابية، وصار البشر يعتمدون على التفاعل مع الطفيليات تنظيم أجهزتهم المناعية.

غياب الطفيليات أثر سلبا على الدول الغربية

وفقاً لما ذكره د.وينستوك في مجلة جوت الصحية، شارفت الديدان الطفيلية على الانقراض في الدول المتقدمة في ظل التطور التقني والصحي والتعقيم. ولأن هذه الأحداث حصلت موخراً على مقياس التطور الحيوي ولأن البشر تطوروا تقنيًا أكثر مما تطوروا جينياً، فالجهاز المناعي البشري لم يعتد على غياب هذه الطفيليات الداخلية. هذه النظرية ما هي إلا محاولة واجتهاد لتفسير الازدياد الكبير في عدد مرضى الحساسية ومرضى الربو في القرن الأخير في البلدان المتقدمة، وبالمقارنة بالغياب النسبي لأمراض المناعة في الدول النامية، ولعله أيضا سبب في مواجهة كورونا الإيجابي في دول أفريقيا.

هل هناك شُبهات أن يكون الفيروس مصنعًا لضرب اقتصاد الغرب من قبل الصين؟

صعب الحكم على ذلك الآن ما زال الوقت مبكرًا لمعرفة حقيقة الفيروس سواء كان حقيقيًا أو مصنعًا.

بالنسبة للغرض من ذلك  صعب التكهن بذلك الآن.

وصعب أن أتحدث عن الهدف من تصنيعه إذا كان مصنع، فالأمر يحتاج تحليل سياسي بعيد عني.

ماذا ينقص أوروبا وأمريكا ويميز المجتمعات العربية وخاصة مصر في التعامل مع إجراءات كورونا؟

الإجراءات  الوقائية والالتزام بالتباعد الاجتماعي ليس وحده السبب، لأنه ببساطة حدث في دول الغرب أيضا، ولكن من وجهة نظري الطبية، الجينات المصرية السبب في ذلك، وأوضح أن أمريكا أدركت الأمر وهي الآن تعكف على دراسات  كبيرة رصدت لها ملايين الدولارات لبحث الأمر بمنتهى الجدية.

والدراسة تشمل كل المعلومات عن الشعوب الأفريقية مثل نوع الطعام والمناخ والتعرض للأتربة والتلوث وتأثير ذلك على الجسم وكذلك الطريقة الحياتية وطريقة التعامل مع الأشياء كافة التفاصيل.

وأكدت الدكتورة رضا على أنها سوف تشارك في دراسة مع مركز دراسات أمريكية تم رصد خمسة مليون دولار لها وعلى مدار خمس سنوات وأكثر لبحث السر في قوة مناعة والجينات الأفريقية عن الأمريكية والتى تجعلها تقاوم الفيروسات.

هل هناك إمكانية للحصول على لقاح آمن وسريع؟

جميع المؤسسات البحثية بالعالم عكفت على دراسة الفيروس وتأثيراته من جوانب مختلفة، وتبحث بجدية لاكتشاف اللقاح بسرعة، وكل دولة تختلف في طريقتها عن الآخرة ولكن الهدف واحد، مصر أيضا تشارك بجدية في ذلك، ونحن في جامعة بنها لدينا أيضا تكلفة وميزانية محددة لمحاولة عمل لقاح ونسعى لتحقيق ذلك، ولكن ليس من السهل الإعلان عن مدة زمنية محددة يتم فيها اكتشاف لقاح آمن وبالسرعة المطلوبة.

ربما يعجبك أيضا