إيران والقاعدة.. علاقات مشبوهة ودوافع غامضة لإدارة ترامب

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

مساعي حثيثة ومتلاحقة للضغط على إيران قبل انتهاء ولاية ترامب، ومنها كشف المستور حول علاقة طهران بتنظيم القاعدة بعد إعلان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو رفع السرية عن معلومات استخباراتية لاتهام إيران علنًا، والهدف إما تعقيد مهمة “بايدن” في حال قرر العودة للاتفاق النووي الإيراني أو توجيه ضربة عسكرية حال أثبتت إدارة ترامب أن لإيران دور في هجمات 11 سبتمبر، فما الذي تخفيه جعبة بومبيو في أيامه الأخيرة تجاه طهران؟

ما هي علاقة إيران بالقاعدة؟

يسعى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو وقبل أيام قليل من انتهاء مهامه، اتخاذ خطوات مؤثرة وقرارات هامة على  صعيد السياسة الخارجية، حيث يعتزم الكشف عن معلومات استخباراتية نزعت عنها السرية لاتهام إيران علنًا بأن لها صلات بتنظيم القاعدة، بحسب ما صرح مصدرين مُطلعين.

ولم يتضح بعد ما الذي ينوي بومبيو الكشف عنه في خطابه أمام نادي الصحافة الوطني في واشنطن اليوم، غير أن المصدرين، اللذين طلبا عدم الكشف عن هويتهما، قالا إن بومبيو قد يستشهد بمعلومات رفعت عنها السرية بشأن مقتل الرجل الثاني في تنظيم القاعدة في طهران في أغسطس الماضي.

وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز” فإن أبومحمد المصري، المتهم بالمساعدة في تدبير تفجيرات 1998 للسفارتين الأمريكيتين في كل من كينيا وتنزانيا، قُتل على يد عملاء إسرائيليين في إيران، وهو الأمر الذي نفته طهران، قائلة إنه لا يوجد “إرهابيون” من القاعدة على أراضيها.

يشار إلى أن بومبيو كان قد اتهم إيران بصلات مع القاعدة في الماضي أيضًا، لكنه لم يقدم أدلة ملموسة.

وقال بومبيو -الذي كان مديرا لوكالة المخابرات المركزية في أكتوبر 2017- “كانت هناك أوقات عمل فيها الإيرانيون إلى جانب القاعدة”.

الاتجار بالأسلحة الكيماوية

وفي وقت سابق، رفعت واشنطن السرية عن وثائق سرية تتعلق بإتجار إيران بالأسلحة الكيماوية خلال الحرب الليبية التشادية، ما بين العامين 1978 و1987 واستخدامها غاز الخردل ضد العراق، وفق ما أفاد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عبر حسابه الشخصي على “تويتر”.

واتهمت الخارجية الأمريكية، في تقريرها، طهران بتزويد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي بأسلحة كيماوية أثناء الحرب مع تشاد في الثمانينات، وأنه بعد سقوط القذافي، تم اكتشاف أسلحة كيماوية عليها كتابات باللغة الفارسية، بينما نفت طهران إرسال أسلحة كيماوية إلى طرابلس.

وجاء في التقرير أن إيران قامت في أبريل 1987 باستخدام غاز الخردل في مناطق العمليات حول البصرة خلال الحرب العراقية – الإيرانية.

وبحسب ما نشره موقع «إيران إنترناشونال»، فإن مفتشي الأمم المتحدة وجدوا قذائف هاون كيماوية عيار 88 ملم في 1991 في محافظة المثنى، والتي قال المسؤولون العراقيون إنها تابعة للجيش الإيراني.

فيما اتهمت واشنطن طهران بعدم إخطار أمانة اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية بقدرتها على إنتاج مواد كيماوية يمكن استخدامها لمكافحة الشغب مثل القنابل الدخانية، والبخاخات الكاوية.

العقوبات الأمريكية

أوضحت عدة مصادر أمريكية أن مفاعيل العقوبات المفروضة على طهران ستستمر حتى مع تسلم الرئيس الديمقراطي جو بايدن للسلطة ورحيل ترامب.

يذكر أن العلاقات بين واشنطن وطهران تدهورت منذ 2018، عندما أعلن ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه إبان إدارة الرئيس السابق باراك أوباما عام 2015، والذي فرض قيودًا صارمة على أنشطة طهران النووية مقابل رفع العقوبات.

لكن مع إدارة ترامب، تم فرض العقوبات على المسؤولين والسياسيين والشركات الإيرانية في محاولة لإجبار طهران على التفاوض بشأن اتفاق أوسع يزيد من تقييد أنشطتها النووية.

وبحسب مسؤولين أمريكيين فإنه من المتوقع فرض مزيد من العقوبات قبل رحيل ترامب عن منصبه، والتي أثرت بشكل كبير على انخفاض صادرات النفط الإيرانية بشكل حاد وفاقمت من المصاعب الاقتصادية لإيران.

ولذا تسعى إدارة ترامب قبل 8 أيام فقط من رحيلها، زيادة الضغوط على طهران من خلال تصنيف الجماعات الموالية لها بالإرهاب والكشف عن وثائق سرية تكشف تورط طهران في أنشطة إرهابية لفرض مزيد من العقوبات، والتي قد تصعب من مهام إدارة الرئيس المنتخب الجديد جو بايدن.

تعقيد مهمة بايدن أو إعلان الحرب

بحسب المحللين، فإن الكشف عن وثائق استخباراتية نزعت عنها السرية قبل أيام قليل من رحيل ترامب هدفها تعقيد مهمة إدارة بايدن، ذلك أن إثبات تورط إيران في دعم تنظيم القاعدة سيعقد إمكانية العودة للاتفاق النووي.

ومن المتوقع أن تعزز تلك المعلومات الاستخباراتية في حال نشرها من رفض الموقف الداعي لإعادة التفاوض مع إيران ومن ثم البحث عن خيارات أخرى لمعالجة نووي إيران وتدخلها في شؤون دول المنطقة لزعزعة استقرار المنطقة.

من جهة أخرى، فإن إثبات علاقة إيران بتنظيم القاعدة قد يفتح الباب أمام استخدام إدارة ترامب، وإن في آخر أيامها، قانون تفويض استخدام القوة العسكرية المعروف اختصاراً بـ”إيه يو أم أف” (AUMF)، الذي مرره الكونجرس عام 2001.

ويسمح هذا القانون للرئيس باستخدام “القوة الضرورية والكافية ضد أي دول أو منظمات أو شخصيات يثبت تخطيطها أو سماحها أو تسهيلها تنفيذ هجمات إرهابية وقعت يوم 11 سبتمبر عام 2001”.

ويعني تفويض الرئيس باستخدام القوة العسكرية أنه في حال إثبات إدارة ترامب أن لإيران دورًا في أحداث 11 سبتمبر، حتى وإن كان عبر إيواء أعضاء في تنظيم القاعدة فقط، فإن بإمكان الرئيس المنتهية ولايته بعد أيام إعلان الحرب على إيران دون الحاجة إلى تفويض جديد من الكونجرس.

ويمكن القول: إن حملات إدارة ترامب ضد إيران ستتوالى حتى اليوم الأخير من رحيله، لكن حتى الآن لا يمكن التأكد من دوافعها وربما ما ستسفر عنها جعبة بومبيو سيقرر مصير المواجهة مع إيران في الأيام القليلة المقبلة.

ربما يعجبك أيضا