استعراض إيران العسكري .. رسالة إلى ترامب أم بايدن؟

يوسف بنده

رؤية

شهدت مناورات الحرس الثوري الإيراني، إطلاقًا مكثفًا لصواريخ باليستية أرض-أرض، وسط الصحراء الإيرانية، بعد أيام من مناورات مشابهة للجيش.

وأعلن الحرس الثوري الإيراني عن انطلاق المرحلة الأولى من مناورات “الرسول الأعظم-15″، صباح أمس الجمعة، “بإطلاق مكثف للصواريخ الباليستية أرض-أرض، وبمشاركة طائرات مسيرة هجومية قاصفة” في عموم منطقة الصحراء الوسطى الإيرانية.

وقد أطلق الحرس الثوري الإيراني، أقوى تهديد عسكري مباشر إلى أمريكا، قائلا: “لدينا القدرة على ضرب وتدمير جميع القواعد الأمريكية في المنطقة بلحظة واحدة”.

وقال قائد القوة الجوفضائية في الحرس الثوري أمير علي حاجي زاده، في مقابلة مع التليفزيون الإيراني، إنه “رغم امتلاك الأمريكيين للقوة إلا أن حرس الثورة تعلموا كيف يحاربونهم وبإمكانهم ضربهم وتدمير دفاعاتهم، وتوجيه ضربة شديدة لهم، عبر إطلاق 500 صاروخ في آن واحد بنحو لا يمكن تعويض خسارتهم”.

وتناول حاجي زاده “مناورات الرسول الأعظم”، التي انطلقت أمس الجمعة في مرحلتها الأولى، مشيرا إلى أن “المرحلة الأولى للمناورات في نسختها الـ15، هي بمثابة عمليات محاكاة للهجوم على نقاط القوة والتحصينات الدفاعية للعدو”.

ولفت إلى أنه “في هذه المرحلة من المناورات التي جرت تمّ تدمير الدفاعات الجوية للعدو بواسطة منظومة الطائرات المسيّرة، وبعد لحظات تمّ إطلاق الصواريخ لتدمير مواقع العدو الأساسية”، موضحاً أن “الصواريخ التي استخدمت في المرحلة الأولى من المناورات هي طراز جديد من الصواريخ البالستية المزودة برؤوس حربية منفصلة ورادار، كما أنها تستغرق وقتاً أقل من سابقاتها في التحضير والإطلاق”.

واستطرد قائلاً: إن “هذه الصواريخ وبعد استقرارها في المكان المطلوب تحتاج لأقل من خمس دقائق للتوجيه والإطلاق، كما أنها تحلق على ارتفاعات مختلفة نحو الأهداف المحددة، ولها قدرة اختراق الدرع الصاروخية للعدو”.

وأعلن أمير علي حاجي زاده، عن ولادة “قوة جديدة” في الحرس الثوري بسبب دمج قوتين عسكريتين. وأوضح، تولدت لدى الحرس الثوري الإيراني قوة جديدة من خلال الجمع بين القدرات الصاروخية الجديدة من جهة وبين الطائرات المسيرة واستخدام تكنولوجيا الذكاء الصناعي من جهة أخرى.

اختبار صواريخ

وقد اختبر الحرس الثوري الإيراني صواريخ بالستية لإصابة أهداف بحرية في المحيط الهندي، وفق ما أفاد موقعه الإلكتروني يوم السبت 16 يناير 2021، في ختام مناورات عسكرية امتدت يومين.

وأفاد الحرس في بيان نشر على موقعه “سباه نيوز” أن صواريخ “من فئات مختلفة” استهدفت “(نماذج من) سفن العدو ودمرتها من مسافة 1800 كم”.

وأقيمت المناورات في منطقة بوسط البلاد، وأصيبت الأهداف “في شمال المحيط الهندي”، بحسب ما أفاد الحرس.

وأظهرت لقطات مصوّرة عرضها الموقع الإلكتروني للتلفزيون الرسمي، إطلاق صاروخين على الأقل من منطقة صحراوية، وإصابة هدف في عرض البحر.

والمناورات الصاروخية للحرس الثوري هي ثالث تدريب عسكري تجريه قوات مسلحة إيرانية خلال أقل من أسبوعين. وأتت هذه المناورات في أعقاب تدريبات أجرتها بحرية الجيش الإيراني يومي الأربعاء والخميس في خليج عمان، ومناورات للجيش باستخدام صنوف متنوعة من الطائرات المسيرة، في الخامس والسادس من كانون الثاني/يناير.

ويأتي ذلك في ظل توتر متزايد مع الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة من ولاية الرئيس دونالد ترامب الذي اعتمد سياسة “ضغوط قصوى” حيال إيران.

وشهدت العلاقات المقطوعة منذ عقود بين طهران وواشنطن، توترا إضافيا في عهد ترامب. ووصل البلدان إلى شفير مواجهة عسكرية مباشرة مرتين منذ صيف العام 2019، لا سيما بعد اغتيال اللواء الإيراني قاسم سليماني بضربة جوية أميركية في بغداد مطلع 2020.

ومن المقرر أن يتولى الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مهامه رسميا خلفا لترامب في العشرين من الشهر الحالي.

رسالة مزدوجة

ويشير المراقبون إلى أن المناورات الإيرانية التي تأتي قبيل رحيل الرئيس ترامب وتصاعد وتيرة التوتر بين طهران وواشنطن، تحمل رسائل مزدوجة؛ فمن جانب تحمل تهديدا مباشرا للرئيس ترامب الذي يلوح بتعرض إيران لهجمات عسكرية قبيل رحيله.

وكذلك تحمل رسالة إلى الأمريكي القادم، جو بايدن؛ بأن إيران جادة في تهديداتها، وعلى إدارته اتخاذ خطوات جادة لرفع العقوبات عن إيران والتفاوض معها.

قلق إسرائيلي

ومع استعداد إدارة ترامب للرحيل، واستعداد إدارة بايدن لاستلام مهام البيت الأبيض، تقف إسرائيل ناظرة إلى ما تعتبره “عدوها الرئيسي” والسيناريوهات المتاحة أمامها في “الملف الإيراني”. 

وقد تناولت الصحف الإسرائيلية هذه السيناريوهات، وقالت إن إسرائيل تراجع خياراتها المختلفة للتعامل مع الملف الإيراني بما في ذلك “الخيارات العسكرية” لمواجهة محتملة مع طهران، في حين يستعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لخلافات مع الإدارة الأميركية الجديدة بشأن السياسة النووية الإيرانية.

وحسب الصحف الإسرائيلية فإن تل أبيب تشعر بالقلق من موقف الرئيس الأميركي المنتخب جون بايدن، الذي يبدو أنه أكثر لينا من الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، رغم أن تهديدات الأخير بعمل عسكري لم تقلص خطوات إيران النووية.

صحيفة “إسرائيل هيوم” نشرت تقريرا في صدر صفحتها الأولى قالت فيه إن الجيش الإسرائيلي يصوغ 3 خيارات لتقويض جهود إيران النووية أو التصدي، إذا لزم الأمر، للعدوان الإيراني وإنه سيطرحها قريبا على الحكومة”.

ولم تذكر الصحيفة أي مصادر لتقريرها، لكنها نقلت عن وزير الدفاع بيني غانتس قوله: “إسرائيل تحتاج لخيار عسكري على الطاولة”.

وتبقي إسرائيل منذ فترة طويلة على خطط للتصدي لإيران. فيما بدا التقرير وكأنه يشير إلى أنها تقوم الآن بتحديث هذه الخطط.

هذا، وقد أعلن مسؤولون أميركيون أن الرئيس دونالد ترامب أصدر في أيامه الأخيرة بالرئاسة قراراً يقضي بضم إسرائيل إلى القيادة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط.

يأتي هذا القرار في سياق ضغوط مارستها مجموعات موالية لإسرائيل كانت تدعو منذ وقت طويل إلى تعزيز التعاون العسكري لمواجهة الخطر الذي تشكله إيران.

وأفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” بأن الخطوة تعني أن القيادة المركزية الأميركية ستشرف على رسم سياسات عسكرية ستشمل كلا من إسرائيل ودول المنطقة بشكل متزامن، مما يشكل نقلة نوعية عما كان معمولاً به طيلة عقود طويلة.

وأكدت “وول ستريت جورنال” أن الخطوة تندرج كذلك ضمن سلسلة من القرارات التي اتخذتها إدارة ترامب في أيامها الأخيرة لرسم ملامح أجندة الأمن القومي التي سيرثها بايدن.

وأوضحت الصحيفة أن القرار اتخذه ترامب قبل أيام لكن لم يعلن عنه رسمياً بعد. كما رفض أحد المسؤولين في إدارة بايدن التعليق في هذا الخصوص.

وذكرت “وول ستريت جورنال” أن الإشراف العسكري الأميركي على إسرائيل كان يقع على عاتق القيادة الأوروبية، وقد مكن ذلك الترتيب الجنرالات الأميركيين العاملين في الشرق الأوسط من التعامل مع نظرائهم في المنطقة من دون أن تكون لهم ارتباطات وثيقة بإسرائيل.

عقوبات جديدة

وقبل أيام من خروج الرئيس ترامب، من البيت الأبيض، واستمرارًا لحملة “الضغط القصوى” ضد إيران، أعلنت الولايات المتحدة عن فرض عقوبات جديدة على إيران، شملت “إدارة ضريح الإمام الرضا”، و”لجنة تنفيذ أمر الإمام” وهما منظمتان يسيطر عليهما المرشد الإيراني، علي خامنئي.

وأعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، الأربعاء 13 يناير (كانون الثاني) أن العقوبات تشمل 16 كيانا، و3 مواطنين.

يشار إلى أن العقوبات طالت “لجنة تنفيذ أمر الإمام”، و”إدارة ضريح الإمام الرضا”، والمؤسسات التابعة لهما.

وقد سبق للولايات المتحدة أن فرضت عقوبات على عدد من المؤسسات العسكرية والأمنية والمالية والدينية التابعة لخامنئي.

كما أعلنت واشنطن عن فرض عقوبات جديدة على إيران، شملت صناعة النقل البحري الإيراني وكذلك المؤسسات الضالعة في إنتاج الأسلحة التقليدية في إيران.

وأفادت وكالة أنباء “رويترز” بأن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أعلن أن بلاده فرضت عقوبات ضد 7 مؤسسات وشخصين على صلة بخطوط النقل الإيرانية والمؤسسات التابعة لها، كما شملت العقوبات المؤسسات الضالعة في إنتاج الأسلحة التقليدية الإيرانية.

وأشار بومبيو إلى إرسال إيران الأسلحة إلى دول مثل سوريا والعراق واليمن وأنحاء أخرى من العالم، قائلا إن إنتاج الأسلحة التقليدية في إيران يمثل تهديدًا دائمًا على الأمن الإقليمي والدولي.

وتابع بومبيو أنه في الجولة الجديدة من العقوبات ضد إيران، تم إدراج الصناعة البحرية الإيرانية، ومنظمة الصناعات الجوفضائية، ومنظمة الصناعة الجوية الإيرانية، على القائمة السوداء للعقوبات الأميركية، لتورطها في البيع ونقل الأسلحة المباشر وغير المباشر أو معدات الأسلحة أو لاستخدامها لصالح إيران.

وفي هذا الخصوص، أشار بومبيو إلى القوارب الحربية والصواريخ والطائرات المسيرة باعتبارها أدوات عسكرية “تسمح للنظام الإيراني بتنفيذ حملة الاغتيال العالمية”.

ربما يعجبك أيضا