على وقع الانتهاكات بحق «الإيغور».. الصين والغرب يتبادلان العقوبات

حسام السبكي

حسام السبكي

بعد سلسلة من التهديدات، من الاتحاد الأوروبي والصين، بفرض عقوبات، جراء الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان، ضد أقلية الإيغور المسلمة في إقليم شينجيانغ الشمالي الغربي من الصين، وهو ما نفته بكين مرارًا وتكرارًا، غير أن تصريحات المسؤولين الصينيين، لم تكن مقنعة، فقررت بروكسل الشروع في فرض عقوبات على عددٍ من المسؤولين الصينيين، وهو ما ردت عليه بكين في اليوم ذاته، بفرض عقوبات مماثلة، تبعه إجراءات دبلوماسية خطيرة، تؤشر لمنحى جديد في العلاقات الغربية الصينية في المستقبل القريب.

عقوبات أوروبية

أعلن الاتحاد الأوروبي، الإثنين، فرض عقوبات على أربعة مسؤولين صينيين، من بينهم مدير أمني كبير؛ بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان في مقاطعة شينجيانغ، في تصعيد للتوتر الدبلوماسي بين الطرفين.

وكانت آخر مرة فرض فيها الاتحاد الأوروبي إجراءات عقابية على بكين بسبب انتهاكات حقوق الإنسان جراء مذبحة ميدان تيانانمن عام 1989.

وقرر وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد، البالغ عددها 27 دولة، في بروكسل الاثنين اتخاذ إجراءات عقابية ضد مسؤولين عن قمع أقلية الإيغور المسلمة في منطقة شينجيانغ.

وعلى عكس الولايات المتحدة، سعى الاتحاد الأوروبي لتجنب المواجهة مع بكين؛ لكن قرار فرض العقوبات أشعل التوتر.

ويتهم الاتحاد الأوروبي أربعة أشخاص، من بينهم تشين مينجو، مدير مكتب الأمن العام في شينجيانغ، بالاحتجاز الجماعي للإيغور المسلمين في شمال غرب الصين. وقال الاتحاد الأوروبي إن تشين مسؤول عن “انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان”.

كما اتهم الاتحاد الأوروبي في دوريته الرسمية تشين “بالاحتجاز التعسفي والمعاملة المهينة للإيغور والمنتمين للعرقيات المسلمة الأخرى من الأقليات، وكذلك الانتهاك الممنهج لحريتهم في الاعتقاد الديني”.

وشملت عقوبات حظر السفر وتجميد الأصول أيضاً المسؤولين الصينيين البارزين وانع مينجشان ووانغ يونزينغ، والنائب السابق للأمين العام للحزب في شينجيانغ، زهو هيلون، ومكتب الأمن العام للإنتاج والبناء في شينجيانغ.

وتجنب الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على شين قوانجو، أكبر مسؤول في شينجيانغ، الذي تدرجه الولايات المتحدة على القائمة السوداء، مما يرجح أن حكومات الاتحاد الأوروبي تتخذ منحى أكثر ليونة.

وتنص العقوبات على تجميد جميع أصول الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين الذين تشملهم العقوبات. وبالإضافة إلى ذلك، لا يجوز بعد الآن توفير أموال أو موارد اقتصادية لهم. كما نصت العقوبات على حظر دخولهم إلى الاتحاد الأوروبي.

في هذا السياق، أعلن وزير الخارجية البريطاني أن بلاده قد فرضت عقوبات على أربعة مسؤولين بارزين في الصين ومؤسسة أمنية تديرها الدولة ، وذلك للمرة الأولى بسبب معاملة البلاد لأقلية الإيغورفي إقليم شينجيانج بغرب البلاد.

وتم البدء في تجميد الأصول وحظر السفر بموجب نظام العقوبات العالمي الخاص بحقوق الإنسان في بريطانيا بسبب “الانتهاكات الممنهجة” ضد الطائفة والأقليات الأخرى.

رد صيني فوري

وفي أول تعقيب صيني على العقوبات الأوروبية، نفت بكين وقوع أي انتهاكات لحقوق الإنسان في شينجيانغ، وتقول إن معسكراتها تقدم التدريب المهني وتعد ضرورية لمكافحة التطرف.

وردت على الفور قائلة إنها قررت فرض عقوبات على 10 أشخاص من الاتحاد الأوروبي، من بينهم عدد من المحامين الأوروبيين ولجنة السياسة والأمن بالاتحاد الأوروبي واثنين من مراكز البحوث.

وأعلن بيان لوزارة الخارجية الصينية أن خطوة الاتحاد الأوروبي “لا تقوم على شيء سوى الأكاذيب والمعلومات المضللة وتتجاهل وتشوه الحقائق “.

وقال البيان: إن هذه الخطوة تعد “تدخلاً صارخاً في الشؤون الداخلية للصين، وتنتهك بشكل صارخ القانون الدولي والأعراف الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية، وتقوض بشدة العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي”.

وكان السياسي الألماني راينهارد بويتيكوفر، الذي يرأس وفد البرلمان الأوروبي لدى الصين، من بين أبرز الشخصيات المستهدفة بالعقوبات. وذكر بيان الخارجية الصينية أن العقوبات شملت مؤسسة تحالف الديمقراطيات غير الربحية، التي أسسها الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي، أندرس فوغ راسموسن.

إجراءات دبلوماسية

في غضون ذلك، انتقد مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الخارجية، جوزيب بوريل، العقوبات الصينية ووصفها بأنها “غير مقبولة”.

وقال بوريل بعد اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي: “بدلاً من تغيير سياساتها ومعالجة مخاوفنا المشروعة، غضت الصين الطرف مرة جديدة واتخذت إجراءات مؤسفة وغير مقبولة”.

وأضاف”لن يكون هناك تغيير في تصميم الاتحاد الأوروبي على الدفاع عن حقوق الإنسان والرد على الانتهاكات الجسيمة وسوء المعاملة”.

في الإطار الدبلوماسي أيضًا، استدعت لاهاي السفير الصيني لدى هولندا بعد العقوبات التي أعلنتها بكين ضد عشرة أوروبيين من بينهم عضو في البرلمان الهولندي.

وأوضح ناطق باسم الوزارة لـ”وكالة الأنباء الفرنسية” إن “الحكومة الهولندية استدعت السفير” بعدما طاولت العقوبات التي أعلنتها بكين رداً على عقوبات الاتحاد الأوروبي بسبب القمع الصيني أقلية الإيغور المسلمة، النائب شورد شوردسما.

وقال شورد شوردسما نائب حزب “دي 66” (يسار وسط) على تويتر “طالما أن الصين ترتكب إبادة جماعية ضد الإيغور، فلن أسكت”. وأضاف “هذه العقوبات هي دليل على أن الصين تتأثر بالضغوط الخارجية. وآمل بأن يستغل زملائي الأوروبيون هذه اللحظة للتحدث بصراحة أيضاً“.

وأشار الناطق باسم الخارجية الهولندية إلى أن وزير الخارجية الهولندي ستيف بلوك كان من المقرر أن يتحدث بشأن هذه المسألة في وقت لاحق يوم الإثنين بعد اجتماع مع نظرائه في بروكسل.

بدورها، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية استدعاء السفير الصيني في باريس لو شاي.

وأوضحت الوزارة، أن الاستدعاء لسفير الصين جاء على خلفية التهديدات لنواب فرنسيين وأحد الباحثين.

ربما يعجبك أيضا