جرائم الحرب الإثيوبية تتواصل في تيجراي.. أديس أبابا تراوغ وأمريكا تحذر

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

أدى الصراع في إقليم تيجراي إلى مقتل الآلاف وتشريد أكثر من مليوني شخص ودفع مئات الآلاف إلى حافة المجاعة، مع تزايد الضغط الدولي على إدارة الإقليم والحكومة الإثيوبية لإسكات البنادق، كما وجهت أطراف دولية وإقليمية انتقادات حادة لإثيوبيا بعد جرائم بشعة مارستها ميليشيات إثيوبية وإريترية بحق أهالي إقليم تيجراي. وأعلنت الحكومة الإثيوبية وقف إطلاق نار من جانب واحد في الأسبوع الماضي بعد انسحاب قواتها من “مقلي”، ووصفته بأنه انسحاب استراتيجي، فيما اعتبرت الجبهة الشعبية لتحرير إقليم تيجراي هذا بأنه “مزحة”، وقالت إنها طردت القوات الحكومية من المدينة.

وأكد المفوض الأوروبي لإدارة الأزمات، جانيز ليناريتش، في كلمة له خلال الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي، أن هناك انتهاكات تحدث داخل إقليم تيجراي في إثيوبيا، بسبب الصراع الدامي بين القوات الحكومية و”جبهة تحرير تيجراي”، يمكن أن ترقى إلى مستوى جرائم حرب. وشدد الاتحاد الأوروبي على ضرورة التزام جميع الأطراف في تيجراي بوقف إطلاق النار وخروج القوات الإريترية منه، وأكد أن هناك حاجة ملحة لتسوية سياسية للصراع في تيجراي وتحسين الأوضاع المعيشية للمدنيين هناك.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، إن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، اتصل برئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، مساء أمس الثلاثاء، مؤكدًا على ضرورة التزام جميع الأطراف بوقف فوري وغير محدد لإطلاق النار في منطقة تيجراي الشمالية.

دعوة للالتزام

وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس: “هذا الإعلان يحتاج إلى متابعة بتغييرات ملموسة على الأرض لإنهاء الصراع ووقف الفظائع، والأهم من ذلك السماح بالمساعدات الإنسانية الآمنة دون عوائق.”

كما دعا بلينكين، آبي أحمد إلى الالتزام بالخطوات التي حددها مجلس الأمن الدولي، الأسبوع الماضي، وإقامة عملية لمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان والفظائع التي تحدث في المنطقة. فيما دعا قائد القوات في تيجراي، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار عن طريق التفاوض مع الحكومة الإثيوبية وإيجاد حل سياسي للصراع، قائلًا: “إن الحكومة لا يمكنها كسب الحرب”. وأضاف: “نحن نلزم أنفسنا بحل سياسي واقعي للمشكلة برمتها، أود أن يفهم المجتمع الدولي هذا الوضع”.

وتابع عبر هاتف متصل بالقمر الصناعي من موقع غير معلوم: “لكن إذا لم يكن هناك خيار آخر فسوف يكون الخيار التالي: محاولة حل الأمر عسكريًا”. وفي وقت سابق، حذر مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية من أنه ينبغي على إثيوبيا وإريتريا توقع المزيد من الإجراءات من جانب الولايات المتحدة، إذا لم يؤد الإعلان عن وقف الأعمال العدائية إلى تحسين الوضع في منطقة تيجراي.

مراقبة أمريكية

قال روبرت جوديك، القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية لمكتب الشؤون الأفريقية في وزارة الخارجية الأمريكية، أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، إن واشنطن ترحب بقرار الحكومة الإثيوبية إعلان إنهاء مؤقت للأعمال العدائية، حسب ما نقلت “رويترز”.

لكنه حذر في الوقت ذاته من أن الولايات المتحدة ستراقب عن كثب لتحديد ما إذا كان وقف إطلاق النار سيؤدي إلى تغييرات على الأرض، قائلًا: “لن نقف مكتوفي الأيدي في مواجهة الفظائع في تيجراي”، الأوضاع في تيجراي بإثيوبيا سيئة للغاية؛ فالقتال ونقص الغذاء يبدد الآمال بوقف إطلاق النار.

وطالبت جبهة التحرير الشعبي في تيجراي حكومة أديس أبابا، بعد دعوتها لوقف إطلاق النار، بأن تسحب الحكومة الفيدرالية كل قواتها وقوات حلفاء من المنطقة الشمالية، ودعت إلى إجراء تحقيق مستقل في الفظائع التي ارتكبتها قوات إثيوبيا وإعادة حكومة جبهة التحرير في تيجراي.

وبات آبي أحمد متهمًا بمواصلة الصراع الذي أطلق العنان للاغتصاب والمذابح والتطهير العرقي، وهو ما دفع واشنطن إلى فرض عقوبات على مجموعة من المسؤولين الإثيوبيين.

انتهاكات وحشد

شكك كثيرون في وقف إطلاق النار باعتباره حيلة تسمح لـ”آبي أحمد” بإعادة تجميع صفوف قواته وتسليحها. وقال ويليام دافيسون، كبير محللي إثيوبيا في مجموعة الأزمات الدولية إن وقف إطلاق النار “الإنساني” الذي اتخذته الحكومة الفيدرالية لا يبدو صادقًا.

وكشف مصطفى حبشي، كاتب وناشط من إقليم تيجراي، أن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، استخدم أسلحة محرمة دوليًا (كيماوي) في قصف إقليم تيجراي بالطائرات، وجرد مواطني تيجراي من ممتلكاتهم وتم تهجيرهم من إثيوبيا إلى السودان، وفي المقابل جاؤوا بأشخاص موالين لهم ليسكنوا في هذه المنازل. وذكر حبشي أيضًا أن رئيس الوزراء الإثيوبي ارتكب جرائم قتل الأطفال وتقطيع أطرافهم، في إقليم تيجراي، ونهب ممتلكات السكان، لدرجة أن رجاله سرقوا الأبواب والشبابيك، حتى أدوات الطهي.

من ناحية أخرى، تحتشد القوات في إقليم تيجراي من أجل صراع جديد ضد ميليشا من منطقة مجاورة داخل إثيوبيا، حيث انضم آلاف من المتطوعين الجدد إلى صفوفهم بعد انسحاب القوات الحكومية منذ أكثر من ثمانية أشهر، وأعلنت القوات الإثيوبية وقف إطلاق النار من جانب واحد وانسحب من عاصمة تيجراي ميكيلي وبلدات أخرى قبل أيام.

وصرح شهود عيان في تيجراي، إنهم رأوا قوافل من القوات الموالية لجبهة التحرير في تيجراي تتجه نحو الغرب لإعادة الانتشار على ما يبدو في مواقع لمواجهة ميليشيا من إقليم أمهرة، الموالية للحكومة الإثيوبية.

كانت أديس أبابا قد اعترفت بأنها فقدت 2.3 مليار دولار منذ اندلاع الصراع في تيجراي في نوفمبر 2020، لكن هذه التكلفة لم تأخذ في الاعتبار الإنفاق العسكري أو فقدان سبل العيش والوفيات والإصابات بين المدنيين، فضلًا عن فقدان ساعات من الإنتاجية الاقتصادية بسبب فرار المدنيين من مناطق الخطر والصراع.

ربما يعجبك أيضا