سياسة «رئيسي» تجاه الاتفاق النووي.. رفع العقوبات أولًا!

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

يترقب الغربيون ما هي الخطوة القادمة التي ستتخذها إيران بعد تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، تجاه محادثات فيينا للعودة إلى الاتفاق النووي.

وتواجه حكومة رئيسي عدة تحديات لا سيما على المستوى الاقتصادي بالإضافة لتوتر العلاقات مع الغرب.

وقد حثت الولايات المتحدة الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، على العودة إلى المحادثات الرامية إلى إحياء اتفاق تاريخي بشأن برنامج طهران النووي.

يذكر، أنه حتى الآن عُقدت 6 جولات من المحادثات في فيينا من أجل إحياء الاتفاق النووي، وقال كبير المفاوضين الإيرانيين، عباس عراقجي، إن الجولة الآتية تأجلت إلى ما بعد تأدية إبراهيم رئيسي اليمين الدستورية.

رفع العقوبات الهدف الأكبر

ويبدو أن الهدف الأكبر بالنسبة لرئيسي هو رفع العقوبات وليس الحوار مع الغرب؛ حيث يسعى إلى تحقيق أكبر قدر من المكاسب من المحادثات مع الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية.

ويبدو أن المحافظين في النظام والبرلمان يضغطون لتوجيه سياسة “رئيسي” إلى هذا المسار، وهو رفع العقوبات أولًا؛ فقد  دعت مجموعة من أعضاء المحافظين في البرلمان، في بيان، أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام لدراسة الانضمام إلى مجموعة العمل المالي (فاتف) شريطة رفع العقوبات عن البلاد. وهو ما يعني أن المحافظين يصعبون من الانضمام لمعاهدة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب شريطة رفع العقوبات أولًا عن إيران.

وكشف رئيسي عن رؤيته تجاه المحادثات النووية خلال كلمته في حفل تنصيبه رئيسًا؛ فقد شدد على ضرورة رفع العقوبات عن الشعب الإيراني، وتأكيده على دعم أي خطة دبلوماسية تحقق هذا الهدف.

وأضاف: “سياسة المقاطعة لن تثنينا عن التقدم علميا ويجب إنهاء مقاطعة الشعب الإيراني، ونرحب بأي مشروع دبلوماسي ينهي المقاطعة، ونؤكد أن برنامجنا النووي سلمي، والسلاح النووي في عقيدتنا محرم شرعا، ولن يكون له موطئ قدم في استراتيجيتنا”.

وهو بذلك، لا يرفض المحادثات النووية لكنها مشروطة برفع العقوبات أولًا

رد أمريكي

بعد تصريحات الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، أكد مسؤولان أميركيان أن فرصة إيران لإجراء المفاوضات النووية ليست دائمة، ودعوا إيران إلى اعتبار المحادثات النووية أولوية فورية.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، مساء الخميس 5 أغسطس/ آب إن الرئيس جو بايدن يرى أن من مصلحة أميركا مواصلة المسار الدبلوماسي لأنه يجب مراقبة برنامج إيران النووي.

وتابعت في الوقت نفسه أن هذه الفرصة ليست دائمة.

من جهته، أكد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس بعد ساعات من تصريحات “رئيسي” في مراسيم تنصيبه، أن الولايات المتحدة تولي اهتمامًا أكبر للإجراءات العملية لإيران أكثر من التعليقات والآراء التي يتم الإدلاء بها.

وأشار “برايس”، مساء الخميس، خلال مؤتمر صحافي، إلى أن واشنطن لا تريد أن تولي اهتمامًا للرسائل التي تطرق إليها “رئيسي” أو تلك التي لم يتطرق إليها، وأضاف أن “رسالتنا إلى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي هي نفس رسالتنا إلى أسلافه”.

وقال “برايس” أيضًا إنه لا يمكن أن تستمر المحادثات النووية إلى أجل غير مسمّى، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لا تريد تحديد جدول زمني للمحادثات، فإن هذه مسألة ذات أولوية فورية لواشنطن.

وأعرب عن أمله في أن تتعامل إيران مع محادثات فيينا بنفس الفورية والسرعة.

وقال “برايس”: إن الولايات المتحدة ستنتظر لترى النهج الذي ستتخذه الحكومة الجديدة في إيران والرد عليه بالتشاور مع شركائها.

مطالب بخفض التوتر

من داخل إيران، تعالت أصوات تطالب بخفض التصعيد بين إيران والغرب في المرحلة القادمة، في ظل تأزم الاقتصاد الإيراني وتفشي فيروس كورونا، والنتائج السلبية من العقوبات التي أدت إلى فشل حل القضايا البيئة والصحية والاقتصادية.

فقد دعا الخبير السياسي والعضو السابق بالبرلمان، حشمت الله فلاحت بيشه، في مقال نشرته صحيفة “همشهري”، حكومة إبراهيم رئيسي إلى نزع فتيل التوتر في العلاقات الخارجية.

وبحسب فلاحت بيشه، فإنه ينبغي أن تكون دبلوماسية الحكومة الجديدة في 3 اتجاهات: دبلوماسية عالمية تتمحور حول الاتفاق النووي، والإقليمية تتمحور حول الدول المجاورة، إضافة إلى العلاقات الثنائية، مطالبا حكومة رئيسي بأن تطمئن الدول الأخرى بأن فترته ليست فترة التحدي، بل إنه سيعمل من أجل العلاقات الثنائية وحل القضايا الإقليمية.

كما كتبت صحيفة “آرمان ملي” الإصلاحية، تقريرًا عن سياسات الحكومة الإيرانية الجديدة في المنطقة والعالم تحت عنوان “دول المنطقة تريد الثقة بالحكومة الإيرانية الجديدة” وذكرت: “يبدو أن إبراهيم رئيسي، على عكس المحافظين الذين يعارضون الاتفاق النووي، لا ينوي تعطيل سياسة التفاوض ويبحث عن حل يستخدم فيه تجربة السنوات الثماني الماضية من المفاوضات للوصول إلى نتيجة والاستفادة من منافعها.

من ناحية أخرى، يدرك إبراهيم رئيسي، حسب الصحيفة، وضع إيران الصعب في المنطقة، وبالتالي يسعى إلى نهج يقلل من مستوى التوترات في الشرق الأوسط. وفي حوار مع صحيفة “آفتاب يزد” أكد المحلل الإيراني صباح زنكنه على ضرورة رفع العقوبات عن بلاده قائلًا إن “تأخير رفع العقوبات سيعني إضعاف قدرة إيران مقارنة بمنافسيها في المنطقة، مثل تركيا والسعودية”.

وتوقع “زنكنه” أن بيت المرشد والبرلمان والسلطة القضائية ستساعد إبراهيم رئيسي في اتخاذ القرارات الدولية الصعبة لا سيما في المفاوضات مع الدول الغربية.

هذا، ويواجه رئيسي تحديات رئيسية، من بينها اقتصاد منهك، أدى إلى تزايد السخط بين المواطنين الإيرانيين، بعد أن شهدوا ارتفاعا حادا في تكلفة المعيشة، كما أنحت إيران باللائمة على العقوبات الأمريكية في النقص الحاد في الأدوية.

وفضلا عن الأزمة الاقتصادية، تكافح إيران جائحة فيروس كورونا، إذ تعد الدولة الأكثر تضررا في المنطقة، وقد سجلت أكبر عدد لحالات الإصابة خلال الأيام الثلاثة الماضية على التوالي.

كما تعرضت إيران لموجة من الاحتجاجات في الشوارع في منطقة الجنوب الغربي، والتي اندلعت جزئيا بسبب شُح المياه.

ووجهت إلى رئيسي، رئيس القضاء السابق، انتقادات شديدة بسبب سجله في مجال حقوق الإنسان، واتهمته جماعات نشطة بالتورط في إعدام آلاف السجناء السياسيين عام 1988.

ربما يعجبك أيضا