آخر التطورات في «بنجشير» الأفغانية.. تصريحات متضاربة وحرب غير متكافئة

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

تتضارب التصريحات الواردة من ولاية بنجشير بين حركة طالبان والمقاومة الرافضة لها، ففي الوقت الذي تقول فيه طالبان أنها كبدت قوات المقاومة عشرات القتلى، وسيطرت على 10 مواقع لها في الإقليم، تؤكد المعارضة أنها ألحقت خسائر فادحة في صفوف الحركة وأن قادتها لا يزالون يديرون المعركة من داخل الإقليم نافية مغادرة أيا منهم للإقليم.

الأخبار المؤكدة والمدعومة بمقاطع الفيديو والصور من الإقليم تقول بأن بنجشير لم تسقط بيد طالبان بشكل كامل، وأن المعارك ما تزال مستمرة ومحتدمة إلى الآن مع تقدم لقوات طالبان في عدد من الجبهات، وإحكام قبضتها على مديرية بريان ثاني أكبر منطقة في الولاية معقل القوات المناهضة للحركة في أفغانستان.

تضارب التصريحات

مسعود 2

بعد أن أعلن المتحدث باسم طالبان، بلال كريمي، مساء الجمعة، أن الحركة بسطت سيطرتها بشكل كامل على كل أفغانستان، ومن ضمنها بنجشير، تراجعت صباح السبت، لتقول بأنها أحرزت تقدما في معقل المقاومة المناهضة للحركة، وأنها تمكنت من السيطرة على منطقتي عنابة وخنج.

في المقابل، نفت جبهة المقاومة الوطنية، ما زعمه كريمي. وبث أحمد مسعود قائد الجبهة، فيديو يظهر استمرار الاشتباكات صباحاً، مؤكداً أنه لن يتراجع أو يتخلى عن القتال.

وسرت أنباء عن مغادرة مسعود ونائب الرئيس الأفغاني أمر الله صالح، البلاد إلى طاجيكستان، إلا أن الأخير عاد وظهر في فيدو مؤكدا أن المعارك مستمرة والقتال عنيف، متهما باكستان بدعم الحركة والقاعدة ووجود مقاتلين باكستانيين ضمن صفوف الحركة.

ورغم إعلان جبهة المقاومة عن أملها في الحوار مع طالبان، متعهدة في الوقت عينه بالدفاع عن الوادي الذي يحيط به مئات المقاتلين من الحركة المتشددة، غير أن المفاوضات باءت بالفشل .

حرب غير متكافئة

بنجشير أو الأسود الخمسة تقع شمال شرقي أفغانستان وتضم 173 ألف نسمة من عرق الطاجيك 98.9% وهي الولاية الوحيدة التي لم تسيطر عليها حركة طالبان الأفغانية إلى الآن . يمتاز وادي بنجشير الواقع على بعد 150 كم شمال العاصمة كابول بموقع استراتيجي وعسكري إضافة إلى تضاريسه الجغرافية الصعبة التي مثلت خطا دفاعيا أمام الاحتلال السوفيتي بقيادة أحمد شاه مسعود الملقب بـ«أسد بانشير» والذي اغتيل عام 2001 .

شّكل مسعود التحالف الشمالي عقب نهاية حقبة السوفيت عام 1989 وتمكن أيضا من الحفاظ على بنجشير من حركة طالبان منذ عام 1996 ليعود نجله اليوم ويعلن عن حشد قواته ضد الحركة ويشق طريقه في تلال بنجشير لمقاومتها مع 20 ألفا من أنصاره.

طالبان وفي اليوم الثالث من انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان قررت شن عملية عسكرية ضد قوات مسعود في بنجشير بسبب فشل المفاوضات مع قادتها. بيد أن فائض القوة لدى الحركة وكميات السلاح الأمريكي التي باتت بحوزتها وحالة الانتشاء لمقاتليها وقادتها بالنصر وعدم وجود أي اهتمام دولي سيجعل المعركة غير متكافئة، بالطبع في صالح طالبان.

رمزية مهمة

هناك رمزية مهمة فيما يحدث بـأفغانستان، خصوصا بعد قرب سيطرة طالبان على إقليم بنجشير، آخر المعاقل التي كانت خارج سيطرة الحركة. بذلك يكون الغرب قد ودّع آخر آماله في وجود حركة مقاومة لطالبان، بسقوط حركة أحمد مسعود، إذ كان هناك حضورا لافتا لـفرنسا في الإقليم، وبذلك انتهى أي نفوذ مناوئ لطالبان.

الأخبار الواردة أيضا تشير إلى أن القبائل الموجودة في بنجشير بدأت بالتواصل مع طالبان لعقد الصلح معها وأنهم غاضبون من مسعود وأمر الله صالح بتوريطهم بالقتال.

في هذا السياق، وللتذكير بالتاريخ، فإن الاتحاد السوفيتي هاجم بنجشير 9 مرات خلال حرب استمرت 9 سنوات، كان أخطرها الهجوم السابع بحجم قوات 30 ألف جندي و200 مروحية و60 طائرة مقاتلة و160 دبابة ومئات المركبات، ولم يتمكنوا من الاستيلاء على الوادي.

لكن يبدو المشهد مختلفا اليوم، فطالبان على وشك الفوز بالمعركة وهي في عمق وادي بنجشير الآن، فضلا عن أن الذخائر والأسلحة الموجودة لدي زعيم المقاومة لن تكفيه للدخول في حرب طويلة مع الحركة، حتى وإن ادعت المقاومة بوجود الأسلحة التي تمكنهم من مواصلة الحرب ضد الحركة.

ربما يعجبك أيضا