هل تتجه الأزمة في إثيوبيا لمرحلة الحسم العسكري الكامل؟

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

يبدو أن المعركة في إثيوبيا تتجه بشكل كبير لمرحلة الحسم العسكري الكامل، خصوصا بعد إعلان اندماج جبهة تحرير تيغراي وجبهة تحرير الأورومو، وهما أقوى جبهات عسكرية معارضة في البلاد.

ومثّلت سيطرة جبهة تحرير شعب تيغراي على ديسي وكومبولشا، مرحلة جديدة في الحرب المستمرة منذ نحو عام، توسع خلالها الجبهة رقعة وجودها لتمتد إلى المناطق المجاورة، كما حققت جبهة تحرير الأورومو اختراقات واسعة كان آخرها سيطرتها على بلدة كمسي التي تقع بالقرب من مدينة دسي على بعد 75 كم، بل إن القوات المشتركة من (التيغراي والأورومو) سيطرة بعد عمليات مشتركة فيما بينهما على مدينة باتي، ولهذا كان الإعلان قبل ساعات عن الاندماج فيما بينهما حقيقيا على الأرض وليس إعلاميا.

غيتاتشو رضا المتحدث الرسمي باسم قوات تغراي أكد: “أن جيش قوات تيغراي و جيش تحرير أورومو (OLA) قد ارتبطوا بالفعل، وتقول الجماعتان إن هدفهما هو الاستيلاء على العاصمة أديس أبابا”.

من جانبه، دعا رئيس الوزراء الأثيوبي، آبي أحمد، المواطنين في بلاده إلى حمل السلاح للتصدي إلى زحف الحركات المسلحة المعارضة له، وقال أحمد في بيانه إن زحف المتمردين “يدفع بالبلاد إلى حتفها”، وآبي أحمد صدق في قوله فكرة الثلج قد كبرت وباتت وحدة أقاليم إثيوبيا محل شك، إن استمر تقدم الجبهات العسكرية المعارضة له.

Em3q6hvWEAcyA3v

تساقط المدن

وانتزعت جبهة تيغراي ثاني مدينة من جيش إثيوبيا في غضون أسبوع، حيث سيطرت “جبهة تحرير شعب تيغراي” على بلدة كومبولشا الإثيوبية وفق متحدث باسم الجبهة وهي ثاني مدينة تعلن جبهة تحرير التيغراي السيطرة عليها في عدة أيام فيما تتقدم قواتها جنوبا، واتهمت الحكومة الإثيوبية، قوات “الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي”، بقتل أكثر من 100 شاب من سكان مدينة كومبولتشا، في إقليم أمهرة، ويأتي ذلك غداة إعلان جبهة تحرير تيغراي السيطرة على مدينة ديسي التي شهدت مع ذلك معارك جديدة، أمس الأحد.

وتمثل السيطرة على كومبولشا، تقدما استراتيجيا خطيرا في عمليات جبهة تحرير تيغراي في الحرب المستمرة منذ قرابة العام، بعد استعادتهم السيطرة على معظم إقليم تيغراي من القوات الحكومية وحليفها الجيش الإرتري في حزيران/يونيو.

من جهتها، أعربت الخارجية الأمريكية، عن قلقها إزاء تقارير استيلاء “الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي” على مدينتي ديسي وكومبولتشا في إقليم أمهرة الإثيوبي، وأضافت أن “استمرار القتال يطيل أمد الأزمة الإنسانية الأليمة في شمال إثيوبيا. يجب على جميع الأطراف وقف العمليات العسكرية والبدء في مفاوضات وقف إطلاق النار دون شروط مسبقة”.

الحركات المسلحة المعارضة

وبات واضحا اليوم أن قوات آبي أحمد تواجه جبهة تحرير تيغراي وجبهة تحرير الأورومو الذين أعلنا اندماجهم اليوم وكذلك يواجه جبهة تحرير بني شنقول (لم تندمج مع الجبهات الأخرى لكنها تحارب آبي أحمد) وقوات الحزب القومي العفري، وجبهة سيداما الجنوبية وجبهة تحرير جامبيلا وهو أحد الأقاليم الإثيوبية ويقع على الحدود بين إثيوبيا مع جنوب السودان، وقالت الجبهة في الأسابيع الماضية عند إعلانها التمرد وقبل التحاقها بالتحالف الواسع الذي يستهدف حكومة آبي أحمد في أديس أبابا، “نحن هنا لنعلن التمرد ضد الحكومة التي يقودها حزب الرخاء/الازدهار الإثيوبي. كما ندرك جميعًا أن هناك خيارين فقط عندما يتعلق الأمر بالنضال السياسي، إما من خلال الوسائل السلمية أو عن طريق الكفاح المسلح. بعد استنفاد الوسائل في النضال السلمي، لم يتبق لنا خيار سوى اتخاذ الخيار الثاني”.

ولا شك أن انضمام كامل العفر وليس الحزب الديمقراطي العفري فقط وانضمام الصومال الإثيوبي (أوغادين) لهذا التحالف إن تم، سيضعف آبي أحمد وحكومته وجيشه.

VjBJSf6J

يقول المحلل السياسي الإريتري شفا العَفَرِي: “هناك نقاش بين أبناء مدينة وللو العفرية بمواقع التواصل الاجتماعي جراء اليأس من الجيش و الحكومة، يتساءلون هل ندخل في حوار مع القوى التيغرية الغازية، ونسهل استيلائهم على المدن، ونحقن دماء شبابنا الذين يقاتلون بأسلحة خفيفة؟، من يراقب الحرب يرى أن الحكومة تدفع الشعب إلى المحرقة  وهي تراقب، هذا ولّد الاحتقان  ضدها”.

ولا شك أن استراتيجية ذلك التحالف العسكري الواسع ضد قوات آبي أحمد، غير واضحة المعالم حتى الآن، فهناك من تلك الحركات من يهدد باقتحام أديس أبابا وأسمرة عاصمة إريتريا معا، ومنهم من يتحدث عن الانفصال عن إثيوبيا وحق تقرير المصير، ومنهم من يتحدث عن إسقاط نظام آبي أحمد حصرا، ولا شك أن الحقيقة الواضحة أن أكثر الجبهات العسكرية المشاركة في التحالف هم مع الانفصال عن إثيوبيا.

ولا ننسى أن الجيش الفيدرالي أصلا تم تشكيله من هذه العرقيات التي يريد غالبيتها الانفصال عن إثيوبيا، لهذا فقسم كبير من الجيش الإثيوبي عرقياته سيتم تحييدها ولا شك أن آلاف الجنود لن يقاتلوا ضد أقوامهم.

الموقف الإرتري

ولاشك أن اكثر من يخشى من انتصار التحالف المعادي لآبي أحمد، هو رئيس إرتريا أسياسي أفورقي الذي شاركت قوات في الهجوم على إقليم تيغراي ولازالت حتى اللحظة تنتشر في بعض مناطق إقليم الأمهرا، وهو ما ظهر جليا في وزير الإعلام (المعلومات) الإرتري الذي رأى أن هجوم جبهة تيغراي باتجاه العاصمة أديس أبابا الهدف منه احتكار السلطة مجددا، وأنهم إن ننجحوا سيعادون النظام الإرتري.

ربما يعجبك أيضا