إضرابات الجوع ضد الرئيس التونسي.. محاولات يائسة لاستجداء الغرب

كريم بن صالح

رؤية – كريم بن صالح

يقوم عدد من معارضي الرئيس التونسي قيس سعيد بتنفيذ إضرابات جوع رفضا للإجراءات الاستثنائية التي اتخذها في 25 يوليو الماضي وما بعدها خاصة في 22 سبتمبر و13 ديسمبر والمتعلقة أساسا بتعليق الدستور والإعداد لانتخابات تشريعية مبكرة وتشكيل لجنة لإعداد دستور والاستفتاء عليه شعبيا.

وعمدت قيادات فيما يعرف بهيئة “مواطنون ضد الانقلاب” الموالية لحركة النهضة الإسلامية بعد فشل اعتصامها التي أقرته يوم 17 ديسمبر الماضي تزامنا مع الاحتفال بعيد الثورة إلى تنظيم إضراب جوع جمع عددا من الوجوه المعروفة مثل الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي وأستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك والأكاديمي الحبيب بوعجيلة والحقوقي عز الدين الحزقي والنائب السابق عن قلب تونس عياض اللومي وغيرهم.

والمثير في هذا الإضراب الذي لا يحظى وفق كثير من المراقبين بأي تعاطف من قبل القوى الوطنية أو من قبل فئات وأطياف من الشعب التونسي رغم الحديث المتواتر عن تدهور صحة بعض المضربين ونقلهم إلى المستشفى غياب مشاركة قيادات معروفة من حركة النهضة الإسلامية.

ويفسر بعض المحللين غياب التعاطف الشعبي كون القضية التي يضرب من أجلها هؤلاء قضية خاسرة فالمضربون يريدون عودة منظومة أجمع التونسيون على فشلها وتورطها في خراب البلاد ومن غير الممكن إحياؤها من جديد.

ومن الغريب فعلا أن قيادات حركة النهضة أيدت بشكل قوي إضرابات الجوع ودعمتها إعلاميا دون المشاركة فيها.

ويؤكد مراقبون أن دخول بعض السياسيين الموالين للنهضة في إضراب الجوع يأتي أساسا لاستجداء الدعم الغربي من أجل الضغط على الرئيس قيس سعيد لكي يتراجع عن قراراته الأخيرة.

مسرحية سيئة الإخراج لإحراج الرئيس

ورغم أن الساحة السياسية قبل الثورة شهدت إضرابات جوع نظمها عدد من السياسيين المنخرطين فيما يعرف ب”حركة 18 أكتوبر” لكنها حظيت بمتابعة دولية كبرى كون المناخ الجيوسياسي كان داعما لها في إطار ما يعرف “بحرب الأمعاء الخاوية” لافتكاك الحريات من نظام زين العابدين بن علي.

وحركة 18 أكتوبر جمعت فصائل سياسية عديدة من بينها حركة النهضة للضغط على نظام بن علي من أجل منح مزيد من الحريات الفردية والعامة.

ورغم أن تلك التحركات لقيت بعض التعاطف الداخلي والدعم الدولي مع بدء التحالف بين واشنطن والإسلام السياسي في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما لكن اليوم يختلف الأمر تماما مع التغيرات الجيوسياسية وتراجع حركات الإسلام السياسي في المنطقة.

إذ ترى القوى الوطنية الداعمة للرئيس أن المضربين يدافعون عن منظومة فاسدة تعمل لصالح حركة النهضة كما أن الإضراب نفسه مشكوك في صحته.

وقد كشف الوزير الأسبق حاتم العشي بأنه يملك صورا على قيام بعض المضربين بتناول “فطور الصباح” سرا واصفا إضرابات الجوع للمناهضين لقيس سعيد “بالمزورة”.

ووصف الوزير الأسبق تلك التحركات بالمسرحية سيئة الإخراج للحصول على دعم المنظمات الحقوقية الغربية وكسب التعاطف من خلال الزخم الإعلامي لإحراج الرئيس ونعت نظامه “بالمستبد” زوروا وبهتانا.

وأثار تصريح أحد المضربين والنائب في البرلمان المجمد عياض اللومي حول طريقته في بدء إضراب الجوع حالة من السخرية حيث قال في تدوينة عبر صفحته الرسمية على الفايسبوك الأسبوع الماضي إنه سيشارك في إضراب الجوع على الطريقة الإسلامية في شكل صيام من الإثنين إلى غاية يوم الخميس مبررا ذلك بأن المعركة لا تزال طويلة.

ويظهر جليا أن استغلال الدين في المعارك السياسية الوصفة الأفضل لأذرع حركة النهضة في وقت عاين الشعب التونسي حجم الخراب والفشل في مختلف المجالات إبان منظومة الحكم السابقة بينما لم يكلف هؤلاء عناء الإضراب بل وحتى مسائلة حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي.

لكن المثير في كل هذا التطورات هو أن الرئيس قيس سعيد تجاهل كل تلك التحركات ما يظهر إصراره على مواصلة تحركاته لإنقاذ تونس من الأخطبوط الإخواني الذي يريد إسقاط ما بقي من الدولة.

ربما يعجبك أيضا