للتحوط ضد كورونا.. شهية استثمارية جامحة نحو الذهب!

حسام عيد – محلل اقتصادي

لطالما كان يعتبر الذهب هو الملاذ الآمن للعديد من المستثمرين خلال الأزمات، وقد شهدنا ارتفاعات كبيرة بالأزمات الماضية، وخصوصًا في عام 2008 إلى عام 2011 حيث ارتفعت الأسعار من قرابة الـ 500 و600 دولار إلى فوق الـ1900 دولار.. فهل سيتكرر هذا السيناريو؟!.

اليوم، أصبح هناك توجه وطلب حقيقي وفعلي وأيضًا مضاربيًا على الذهب في الآونة الأخيرة، وهذا ما شاهدناه في زيادة أحجام التداول عليه، وزيادة حيازات الصناديق الاستثمارية التي تعمل بالذهب على وجه التحديد، وهذه الزيادات عادة تدخل على مستوى متوسط إلى مدى طويل، ما معناه إنها لكي تحقق مكاسب حقيقية سوف تنتظر مستويات أعلى.

ومن هذه النقطة، وبنتيجة كمية طلبات الشراء الموجودة، والتي تظهرها بورصة شيكاغو على سبيل المثال أسبوعيًا، يتبين أن هناك مراكز استهدافاتها بعيدة نوعًا ما لأن تكوين مراكز الشراء تزداد بشكل متراكم ومستمر وكأن التارجت هو أكثر من 2000 دولار للأونصة، ومن الممكن أن يستمر ذلك الأمر حتى نهاية العام الجاري، وهذا مقارب لسيناريوهات مشهودة سابقًا نتيجة لدخول سيولة كبيرة وفائقة.

أداء الذهب منذ بداية أزمة كورونا

كان قد سجل المعدن الأصفر مكاسب بأكثر من 16%، ففي بداية العام انطلق من قرابة مستويات 1515 دولار واقترب من مستويات 1800 دولار قبل أن يقلص بعض الشيء من مكاسبه ولكن تبقى هذه المكاسب هي الأعلى من العديد من الأدوات الاستثمارية الأخرى.

وعلى الرغم من الارتفاعات التي شهدناها على الأسهم إلا أن الذهب يبقى متفوقًا بمقارنة الأداء منذ بداية هذا العام.

العوامل التي راهن عليها الثيران “المشترون”

الثيران Bulls؛ هو مصطلح يطلق على المشترين، ويرجع ذلك لعادة أمريكية قديمة بإجراء منافسات بين الدببة والثيران، ويتم تشبيه المشترين بالثيران نظرًا لمهاجمة الثور للدب من الأسفل للأعلى محاولًا هزيمته، وهو ما يشبه ما يرغب فيه المشترون بدفع السعر للأعلى.

وهناك عدة عوامل راهن عليها الثيران في هذا المناخ، وهي:

– كوفيد- 19 “فيروس كورونا المستجد”؛ أسوأ أزمة صحية يشهدها العالم منذ أزمة الحمى الإسبانية التي ضربت العالم، تحديدًا في 1918، إضافة لتسارع الأحداث وعدم اليقين من وجود لقاح لكورونا التي انتشرت على نطاق واسع في أمريكا وأوروبا.

– انهيار غير مسبوق في أسواق الأسهم العالمية، حيث كانت التراجعات أكثر حدة بالمقارنة بأي أزمة أخرى.

– أسوأ أداء اقتصادي منذ الكساد العظيم؛ حيث التوقعات تشير إلى حدوث انكماش حاد في الناتج المحلي الإجمالي للعالم خلال 2020.

– عودة التيسير الكمي إن كان من قبل البنوك المركزية، واتجاه الفيدرالي الأمريكي نحو الفائدة الصفرية، وحتى ضخ سيولة كبيرة من قبل صناع السياسة المالية.

– التوترات الجيوساسية مستمرة في الدول مما أدى لانخفاض قيمة بعض العملات.

– اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية.

– توتر الأوضاع في بعض ولايات أمريكا مما أدى الى أعمال شغب والتعدي على ممتلكات الغير.

– اقبال البنوك المركزية على الذهب من جديد حيث سجل مجلس الذهب العالمي عمليات شرائية خلال شهر مايو الماضي قدرت بـ 39 طن.

الاقتراب من مستويات 1800 دولار

قفزت أسعار الذهب، بتعاملات جلسة الثلاثاء الموافق 7 يوليو الجاري، مقتربة من المستوى النفسي المهم 1800 دولار للأوقية (الأونصة)، إذ عززت زيادات حادة في حالات الإصابة بفيروس كورونا الآمال في مزيد من إجراءات التيسير النقدي والطلب على المعدن النفيس كأداة استثمارية آمنة.

وصعد الذهب في المعاملات الفورية 0.7% إلى أعلى مستوى له منذ نوفمبر 2011 عند 1796.80 دولار للأوقية، قبل أن يتراجع قليلا إلى 1795.50 دولار في أواخر جلسة التداول.

وارتفعت العقود الآجلة الأمريكية للذهب 0.9% لتبلغ عند التسوية 1809.90 دولار للأوقية، بعد أن سجلت في وقت سابق أعلى مستوى منذ سبتمبر عند 1810.80 دولار.

وقال مايكل ماتوسيك كبير المتداولين في (يو.إس جلوبال انفستورز) “عندما يكون هناك خوف، سواء كان فيروس كورونا أو خوف من أن الاقتصاد لا يبلي بلاء حسنا، فإن ذلك دائما ما يكون عاملا داعما للذهب”.

ويتلقى الذهب دعما من إجراءات تحفيزية ضخمة لتقييد الأضرار الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا بالنظر إلى أن المعدن النفيس يعتبر أداة للتحوط ضد التضخم وانخفاض قيم العملات.

وصعدت أسعار المعدن الأصفر أكثر من 18% منذ بداية العام.

العلاقة مع أسواق الأسهم والدولار

فعليًا، في بداية أزمة كورونا الراهنة، شهدنا تراجع أسعار الذهب، وكانت الأسباب الرئيسية تتلخص في حاجة المستثمر لدعم بعض العمليات لديه.

ولكن عدنا في الفترة الأخيرة بداية من نهاية أبريل وحتى اليوم، لنشهد ارتفاع للذهب وأيضًا لأسواق الأسهم في نفس الوقت، وعادة هذه لا تكون العلاقة في الأيام الطبيعية.

وأيضًا، شهدنا قوة بالنسبة لأداء الدولار، وهذا ربما ما حد من ارتفاعات الذهب، وإلا كان الذهب ربما قد اختبر المستويات القياسية التي شهدناها في عام 2011.

 

ربما يعجبك أيضا