The Hill | كيف تكتب خطاباً سياسياً مُلهماً؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – شهاب ممدوح

 
 ما هو الخطاب السياسي العظيم في عصرنا الحديث؟
إن كتابة الخطابات وإلقاءها هما شكلان من أشكال الفن بنفس الطريقة التي يعد فيها الطبخ فنًا. فالخطابات تتطلب تجهيزًا وصبرًا بقدر مساوٍ لوجود مطبخ مجهّز تجهيزًا كاملاً، كما تتطلب عرضًا مشابهًا لطريقة عرض الطعام في أفخم المطاعم.حيث تترك الخطابات العظيمة متعة وشعورًا بالرضا، يستمران إلى ما بعد وجبة الطعام نفسها.

إن كتابة الخطابات وإلقاءها يكمنان في حرفة سرد القصص. فكل قصة لها بداية ووسط ونهاية. والخطاب العظيم هو قصة تحتوي على قصص داخل جسد الخطاب، يتم سردها عبر فن الراوي- شخص قد تستمتع بالإنصات له عندما يقرأ كتابًا صوتيًا.  

إن مشكلة الخطابات في زمننا الحديث تكمن في كثرة الأشياء في عصر المعلومات. ففي يومنا هذا الذي يتواجد فيه كل شيء على شبكة الإنترنت، تغريدات ومدونات ومشاركات وهاشتاغات، أصبح من الصعب تحديد الخطابات الاستثنائية – خطابات تتميز عن غيرها. ومثل الطعام السريع، نادرًا ما يعكس الخطاب السريع المجهود الكبير الذي بذله طاهٍ مدرّب اجتهد في التسوق والطبخ وتحريك الإناء وضبط الوقت بصورة مثالية، قبل أن تكتمل الوجبة أمام عينيه.

إن الإيجاز يمكن أن يكون جيدًا أو سيئًا اعتمادًا على طريقة إلقاء الخطاب. فالقاعدة الأولى عند صناعة الخطاب وإلقائه هي الحرص على عدم فقدان قارئك أو مستمعك على طول الطريق. لقد قيل الكثير بشأن خطاب الممثل "كلينت إيست وود" الذي وجهه إلى كرسي فارغ أمامه خلال المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري عام 2012. إن خطأه الحقيقي لم يكن الكرسي نفسه، لكن ابتعاده عن موضوع الخطاب – وهو خطأ كلاسيكي يرتكبه كتّاب الخطابات. إن الخطابات التي تأخذ طرقًا التفافية وتنحرف عن مسارها لن تقودك إلى أي مكان.

ما ينبغي أن يتذكره السياسيون هو أن الخطابات العظيمة تملك سطورًا عظيمة. فكروا في الخطابات العظيمة في زمننا، مثل خطاب التنصيب للرئيس كيندي: "لا تسألوا ماذا قد تفعل بلادكم من أجلكم، بل ماذا يمكنكم أن تفعلوا أنتم من أجل بلادكم" أو خطاب الدكتور مارتن لوثر كينج "لديّ حلم". لقد كانت تلك الخطابات مذهلة لأنها تضمنت العديد من العبارات الخالدة. كم مرة نشاهد فيها الرئيس رونالد ريجن أثناء وقوفه عند "بوابة براندن برج" في برلين، طالبًا من الزعيم السوفيتي "ميخائيل جورباتشوف" بأن "يهدم هذا الجدار"؟ معظمنا لا يتذكر بقية ما قاله الرئيس في الخطاب، كل ما نتذكره هو هذه الجملة العظيمة.

لا يتعيّن أن تكون الخطابات طويلة، مع ذلك غالبا ما يُلقي السياسيون خطبًا مطوّلة. نحن نحب "خطاب جوتسبيرج" الذي ألقاه إبراهام لينكولن، والمكوّن من 265 كلمة فقط، واستغرق ثلاث دقائق لإلقائه. وفي حفل تنصيب الرئيس بيل كلينتون، قرأت "مايا آجيلو" قصيدة قصيرة" اسمها "على نبض الصباح".

إذًا ما المطلوب لكتابة وإلقاء خطاب رائع؟
الإعداد: يأتي الإعداد في شكل إجراء بحث. إن الميزة الإيجابية للإنترنت تكمن في القدرة على الوصول إلى مصادر لا نهائية من المواد المتعلقة بموضوع بعينه. وفي بيئة شبكية، لا يوجد عذر لأن يكرر خطاب مواضيع موجودة بالفعل. فالمسؤولية تقع على كاتب الخطاب لإيجاد الميزة الجديدة أو الحقيقة الراهنة التي تجعل الخطاب حيّا ومتصلاً بالواقع. ففي بيئة إخبارية مستمرة على مدار أربعة وعشرين ساعة باليوم، يكون التوقيت مهمًا.  

الشغف: العاطفة مهمة لأي خطاب ناجح. حتى لو لم يكن الشخص الذي يلقي الخطاب هو من كتبه، بيد أن الإلقاء الجيد يمكن أن يسمو بالخطاب إلى مكانة بارزة. لقد ألقت عضو مجلس النواب عن ولاية تكساس "باربرا جوردان" خطابًا شغوفًا في الليلة الأولى للمؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في يوليو 1976. نحن لا نقتبس من خطابها كثيرًا، لكننا نتذكر التصفيق الذي نالته.

تهيئة الجمهور: إن الخطاب يعني تهيئة الجمهور بنفس الطريقة التي يتم بها تهيئة المستهلكين للاستمتاع بوجبة طعام لذيذةـ حيث إنهم قرأوا قائمة الطعام، وسمعوا عن الطعام؛ بل إنهم ربما تذوقوا وجبة أعدّها نفس الطاهي. في حالة الخطاب، تأتي التهيئة من الترويج المسبق له، ومن المقدمة، ومن الظروف المادية للغرفة والضجة التي أُثيرت حوله. وكما نجهّز الطاولة لوجبة الطعام، يمكننا تجهيز الطاولة للخطاب. 

في النهاية، الخطاب العظيم هو ذلك الخطاب الذي يجذب اهتمامنا ونتذكره.
 

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا