الأزمة التالية التي سيجلبها ترامب هي إيران ذات قوة نووية !

أميرة رضا

ترجمة بواسطة – آية سيد

15 أكتوبر 2017. ترقبوا هذا التاريخ
، فبحلول ذلك التاريخ, يجب على الرئيس دونالد ترامب أن يقر مرة أخرى بأن إيران ملتزمة ببنود خطة العمل الشاملة المشتركة.

في الحقيقة, بفضل حكمة مجلس الشيوخ الأمريكي، "أكبر هيئة تشاورية في العالم"، يجب على الرئيس إصدار ذلك الإقرار كل 90 يومًا. فعل ترامب هذا مرتين, على الرغم من أن كل مرة كانت في آخر لحظة وعقب مشاحنة يناشد فيها فريق الأمن القومي ترامب بعدم الانسحاب من الاتفاقية. في حوار مع وول ستريت جورنال, قال ترامب: "إذا كان الأمر عائدًا لي, كنت سأعلن عدم إلتزامهم منذ 180 يومًا". وهو تصريح غريب لأن الأمر عائد إليه في أن يقر إذا كانت إيران ملتزمة أم لا. إذا لم يفعل ترامب شيئًا, يمكن للكونجرس أن يعيد فرض العقوبات على أساس عاجل, وهو ما سيفعله بالتأكيد, مما سيؤدي إلى انهيار الاتفاقية.

الإيرانيون, بالطبع, لاحظوا هذا الكرنفال الصغير من العدوانية. قال كل من الرئيس حسن روحاني وعلي أكبر صالحي, مدير برنامج الطاقة النووية, إنه إذا أعادت الولايات المتحدة فرض العقوبات, قد تستئنف إيران سريعًا عددًا محدودًا من الأنشطة النووية. هذه التصريحات تعرضت للتحريف على نطاق واسع, كما تذكر أريان طباطابي, لكنها ذكرتنا بأن إيران تفكر في الخيارات المتاحة أمامها.

لذلك حان الوقت لإطلاق تحذير شديد اللهجة: إذا انسحبت الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة, قد تمتلك إيران صاروخ باليستي عابر للقارات ذي رأس نووي أسرع بكثير مما قد تظن, وربما قبل أن يغادر ترامب المنصب.

انسحبت الولايات المتحدة من إطار العمل المتفق عليه مع كوريا الشمالية في 2003. بعدها بثلاث سنوات, أطلقت كوريا الشمالية أول سلاح نووي لها. هذا الصيف, بدأت كوريا الشمالية في اختبار صواريخ بعيدة المدى والتي يمكنها حمل تالك الأسلحة النووية إلى مدن في الولايات المتحدة مثل نيويورك ولوس أنجلوس.

إذا تخلت الولايات المتحدة عن خطة العمل الشاملة المشتركة, قد تفعل إيران الشيء نفسه – بسرعة أكبر. هذا يُعد السيناريو الأسوأ, لكن مثلما لاحظتم في نوفمبر الماضي, الأمور المستبعدة غير الواردة تحدث أحيانًا. (أنا أفكر في عودة فريق كابز للفوز ببطولة العالم. هل كنتم تفكرون في شيء آخر؟)

أولًا, إليك قدر ضئيل من الأخبار الجيدة. كان أحد أغراض خطة العمل الشاملة المشتركة هو مد الوقت الذي تحتاجه إيران لـ"الخروج" من الاتفاقية وبناء قنبلة باستخدام المنشآت المعروفة إلى عام. تمت المهمة بنجاح! ثم فكرت في أن هذا إجراء أحمق, على الأقل لأن الإيرانيين غير مرجحين لاستخدام المنشآت المعلنة التي ستبقى تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية وفقًا لبنود التدابير الوقائية ما قبل خطة العمل الشاملة المشتركة. وطرد الوكالة الدولية للطاقة الذرية سوف يخلق أزمة تمتد لعام بتاريخ نهائي يجب أن نتصرف قبل حلوله.

إذا قررت إيران أن تصبح نووية, فمن المؤكد أن طهران ستفعل ذلك بحرص, تاركة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الدولة وفق بنود ما قبل خطة العمل الشاملة المشتركة لكنها ستبني منشأة في السر وتفاجئ العالم بالأمر الواقع. قد يستغرق هذا أكثر من عام واحد بقليل.

الخبر السييئ هو أنه سيكون أسهل بكثير على إيران أن تفلت ببناء منشأة سرية للتخصيب بمجرد أن تفقد الوكالة الدولية للطاقة الذرية الكثير من حق دخول المنشآت الذي تمتلكه في ظل خطة العمل الشاملة المشتركة. لن تصبح الوكالة قادرة على مراقبة مناجم اليورانيوم أو ورش العمل التي تبني الطاردات المركزية في إيران. قد تطلب الوكالة رؤية هذه المواقع, بالطبع, لكن الإيرانيين لن يكونوا ملزمين بالموافقة. وإذا نُظر للولايات المتحدةعلى إنها اختلقت أزمة متجددة مع إيران, سوف تحظى بالقليل من الدعم الدولي, ويشمل ذلك حلفاء واشنطن الأوروبيين, للضغط على إيران لكي تسمح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة المنشآت كنوع من المجاملة.

في الماضي, حاولت إيران إبقاء منشآت التخصيب سرية بقدر الإمكان. كشفت أجهزة المخابرات الأمريكية تلك المواقع, لكن هل يمكن أن نتوقع إنها مثالية؟ إذا تم الكشف عن موقع مخبأ جديد, كيف ستتعامل الدول الأخرى مع إتهام من إدارة ترامب؟ حتى إذا كان هذا صحيحًا, ليس من الصعب رؤية أن الآخرين قد لا يصدقوا ترامب.

وحيث أن نهاية خطة العمل الشاملة المشتركة ستعني نهاية الشروط الاستثنائية للدخول, ستمتلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية القليل من السلطة التي لا تخولها إلا لطلب الدخول إلى الموقع المزعوم. في معظم الحالات, سيقول الإيرانيون "لا" ثم يسألون ماذا نخطط لأن نفعل حيال ذلك.

هناك طبعًا احتالمية بسيطة بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية في حالة الطوارئ الشديدة ستطلب "تفتيشًا خاصًا" – وهو شيء إيران ملزمة بقبوله وفقًا لاتفاقية التدابير الوقائية ما قبل خطة العمل الشاملة المشتركة. لكن, مثلما يشير الاسم, التفتيشات الخاصة أحداث استثنائية. طلبت الوكالة تفتيشًا خاصًا في بيئة عدائية مرة واحدة فقط: مع كوريا الشمالية في 1993. ردت كوريا الشمالية بإعلان إنها ستنسحب من معاهدة حظر الانتشار النووي. حتى لو سلكت إيران نهجًا مدروسًا أكثر, قد تماطل وتحاول التفاوض على القيود. سيكون الدخول الناتج عن هذا أقل وأبطأ من المتاح في ظل خطة العمل الشاملة المشتركة. وهذا يفترض أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية مستعدة لترتيب مواجهة مع إيران, وهو شيء لم تكن مستعدة لفعله مع سوريا, على سبيل المثال, وسيكون بيع عسير إذا بدا أن الولايات المتحدة تثير المشاكل.

كل هذا قد يحدث بسرعة جدًا – مثل الإطار الزمني لبرنامج كوريا الشمالية النووي. عقب وقت قصير من طردها للمفتشين في أبريل 2009, بدأت كوريا الشمالية في بناء منشأة جديدة للطاردات المركزية في يونجبيون. شعر عالم أمريكي بالصدمة عندما زار الموقع بعد 18 شهرًا ليجده ممتلئًا بـ 2000 طارد مركزي, على الأرجح قادرة على تخصيب ما يكفي من اليورانيوم لعدة قنابل في العام. سيكون السؤال الوحيد هو أي نوع من الطاردات المركزية ستبنيه إيران. لقد أبطأت خطة العمل الشاملة المشتركة – لكنها لم تمنع – أبحاث إيران حول الآلات الأكثر تقدمًا. إذا كانت إيران راغبة في ملء تلك المنشأة السرية بأحدث جيل من الطاردات, حتى المنشأة الصغيرة التي تستوعب 2000 آلة ستكون قادرة على إنتاج ما يكفي لعدة أسلحة نووية في العام.

حالما تمتلك إيران مواد كافية بحوزتها, قد تحول تلك المواد سريعًاإلى أسلحة نووية والتي يمكنها تسليح صواريخها – ومن ضمنها صاروخ باليستي عابر للقارات مشابه للصاروخ الكوري الشمالي هواسونج-14. لقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات على متخصصين إيرانيين بسبب تقديم المساعدة في تطوير كوريا الشمالية لمحرك صاروخي ثقيل جديد, وهو على ما يبدو له علاقة بالمرحلة الأولى من الصواريخ الكورية الشمالية الأحدث. وصور محرك هواسونج-14 تشبه إلى حد كبير القاذفات الإيرانية.

في 1998, تنبأت لجنة رامسفيلد بأن كوريا الشمالية وإيران قد "تُحدثان دمارًا كبيرًا للولايات المتحدة في غضون خمس سنوات من قرار الحصول على هذه القدرة." كان هذا السيناريو الأسوأ حينها. كان هذا منذ 20 عامًا تقريبًا. كم تحظى إيران بالأسبقية في رأيك؟ أحد الأمور التي تواسينا هي: بسبب دوران الأرض, ستحتاج إيران لصاروخ أقوى بقليل من هواسونج-14 من أجل الوصول إلى الولايات المتحدة.

لا يوجد  ما يقول أن طهران يجب أن تردعلى انهيار اتفاقية إيران ببناء أسلحة نووية. لقد ألمح الإيرانيون إلى إنه إذا واصل الأوروبيون الإلتزام بالاتفاق, سيسمحون للولايات المتحدة بالانسحاب مع استمرارهم في احترام الاتفاقية, ويشمل ذلك تفتيشات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. أنا آمل أن تخفيف العقوبات الأوروبية كافي لتعزيز الائتلاف السياسي في طهران الذي يدعم الاتفاقية. ربما تكون فتوى المرشد الأعلى ضد القنبلة حقيقية. وربما محمد جواد ظريف يؤمن بنزع السلاح النووي. وربما الهجمات السيبرانية ستنقذنا. فلتقنع نفسك بهذه الأمور.

على الجانب الآخر, لا تستخف بقدرتنا على إهدار الوقت في إقناع أنفسنا بأن كل شيء على ما يرام بينما لا نستطيع أن نعرف ماذا نفعل. كانت كوريا الشمالية تبحث علنًا كيفية تطوير صاروخ باليستي عابر للقارات يحمل رأسًا نوويًا لسنوات عديدة. برغم العلامات الواضحة على أن هذا سيحدث, نجحنا في عدم فعل شيء بينما كنا نعتقد أن المستقبل أبعد مما هو عليه في الحقيقة.

أنا أتفهم أن اتفاق إيران لم يحقق الإذلال الكامل الذي أراد بعض الأشخاص إلحاقه بالإيرانيين. لكن الحقيقة تكون دائمًا مخيبة للآمال.
لذلك لا تخدع نفسك في الاعتقاد بأننا سنحصل على اتفاق أفضل, ناهيك عن هذا الاتفاق. تبدو خطة العمل الشاملة المشتركة على هذا النحو لأن الإيرانيين كان لهم نفوذ كبير, وليس لأن باراك أوباما أراد فرض الشريعة سرًا. كانت إدارة جورج دبليو بوش ستكون سعيدة بالحصول على نفس الاتفاق, وهو شيء اعترف به ريكس تيلرسون, وإتش آر ماكماستر, وغيرهم من المسئولين على مضض.

إن فكرة وجود اتفاق أفضل كانت ستصبح حقيقة إذا أظهر مايك بنس أن "صرامته" كانت خرافة حزبية. هذا هو منطق الانسحاب من إطار العمل المتفق عليه مع كوريا الشمالية, وإيقاف التفتيشات وغزو العراق. في كل مرة يخطأ الأشخاص الذين يروجون لهذه الخرافات, يتصرفون وكأن لا أحد استطاع التنبؤ بحدوث هذا. اعتقد الجميع أن كوريا الشمالية ستنهار. اعتقد الجميع إنه توجد أسلحة في العراق.

حسنًا, لا تقل إنك لم تستطع رؤية أن هذا سيحدث. إذا تخلينا عن خطة العمل الشاملة المشتركة, سيكون الخيار متروك لطهران. قد تفعل إيران كل شيء تفعله كوريا الشمالية إذا أرادت ذلك. وأنا أخشى إنه, عاجلًا أو آجلًا, ستفعل طهران. لذلك أخبركم الآن: إذا كنتم معجبين الصاروخ الباليستي العابر للقارات النووي, سوف تحبون الانسحاب من اتفاقية إيران.

المصدر – فورين بوليسي

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا