هل تنحرف كينيا عن مسارها الديمقراطي؟

أميرة رضا

ترجمة بواسطة – آية سيد

كان ضباط الشرطة، بزيهم العسكري الأخضر، مسلحين بشدة وكأنهم يستعدون للحرب، في صباح 26 أكتوبر, أمنوا المنطقة المحيطة بمركز اقتراع في مدرسة أوليمبك الابتدائية في كيبيرا, أكبر حي فقير في نيروبي, لحراسة ما قد تصبح ثاني انتخابات رئاسية في كينيا في غضون ثلاثة أشهر. في سبتمبر, أسقطت المحكمة العليا نتائج انتخابات 8 أغسطس على خلفية المخالفات المزعومة, وهو قرار اُعتبر نقطة هامة بالنسبة للاستقلال القضائي في أفريقيا.

لكن الانتصار الذي حققه قرار المحكمة لم يدم طويلًا. حضر عدد قليل من الأشخاص إلى المدرسة للتصويت يوم 26 أكتوبر, وهو تناقض حاد مع 8 أغسطس, عندما اصطفت حشود من المواطنين الكينيين للإدلاء بأصواتهم. بدلًا من هذا, المحتجون الغاضبون الذين شككوا في مصداقية التصويت ألقوا الحجارة والزجاجات على المجمع, ثم تراجعوا إلى متاهة من الأكواخ منخفضة الارتفاع. وقامت مجموعة من الشباب بتخريب أحد جدران المدرسة.

إلى حد كبير, كانوا يردون على رايلا أودينجا, مرشح المعارضة ضد الرئيس المؤقت أوهورو كينياتا. كان أودينجا قد انسحب من انتخابات أكتوبر ودعا إلى مقاطعة صناديق الاقتراع بعد إتهام اللجنة المستقلة للانتخابات والحدود بالفشل في تطبيق الإصلاحات اللازمة لضمان انتخابات حرة وموثوقة. لقى انتقاد أودينجا للجنة أصداء في كيبيرا, حيث يتمتع بتأييد واسع.

في آخر شارع المدرسة, وقفت بياتريس أوما البالغة 17 عامًا مع جيرانها لمراقبة كيف أجرت اللجنة المستقلة التصويت. قالت, "أنا أنتظر لأرى من صوّت هناك لأنه عندما يعلنون النتائج سوف أعلم ما رأيت. "لقد خططت لعد الناخبين الذين يدخلون لمركز الاقتراع بحيث تتمكن من مقارنة إحصائها بالأعداد الرسمية للجنة. مثل الكثير من الكينيين, فقدت أوما إيمانها بالنظام بعد موسم انتخابات مثير للانقسامات والذي اختبر الصمود الديمقراطي لبلادهم.

عقب أربعة أيام من الانتخابات, تم الإعلان عن فوز كينياتا بنسبة تتجاوز 98 في المائة من الأصوات. لكن انتصاره وُصم باتهامات بعدم الشرعية. شارك 39 في المائة فقط من الناخبين المؤهلين, بعد أن كانوا 80 في المائة في 8 أغسطس. قُدم التماسان جديدان للمحكمة العليا, يستشهدان بعملية انتخابية غير نزيهة ويدعوان إلى إلغاء النتائج وأن يُجرى التصويت للمرة الثالثة.

لكونها حجر الأساس للديمقراطية في شرق أفريقيا, تعتبر كينيا قوة اقتصادية وسياسية مهمة في المنطقة وحليف أساسي للولايات المتحدة في الحرب ضد الإرهاب. لكن العلامات المثيرة للقلق, والتي تشمل الحملات المشددة على الصحافة والمجتمع المدني, وجرائم القتل التي ترتكبها الشرطة دون عقاب, والتهديدات والهجوم على موظفي الانتخابات والقضاة, تشير إلى أن كينيا ربما تنحرف عن مسارها الديمقراطي.

منذ 26 أكتوبر, أخذ البرلمان الكيني إجازة غير مجدولة لمدة ثلاثة أسابيع, بطلب من ائتلاف المعارضة, بسبب الاضطراب السياسي. يدعو أودينجا إلى حكومة مؤقتة لمدة ستة أشهر لكي تراقب وتكبح السلطات الرئاسية. في غضون ذلك, نزل الكينيون إلى الشوارع لمحاربة مظاهر الاستبدادية الزاحفة. شهدت الأسابيع الأخيرة احتجاجات, ومسيرات, ومقاطعة اقتصادية بقيادة المعارضة للشركات التابعة للحكومة, ومن ضمنها عملاق الاتصالات سفاريكوم. هناك حديث محدود عن الانفصال. قال دينيس أونيانجو, المتحدث باسم أودينجا, "في رأينا, [دعوات الانفصال] هي تجليات للسخط من الوضع والطريقة التي تدار بها الدولة. هناك مؤشرات لأن الناس بدأوا يشعرون بإنهم يتعرضون للتجاهل."

قال الناشط المناهض للفساد جون جيثونجو, الذي يرأس منظمة مجتمع مدني تُسمى أفريكوج, "إن أحد أكبر المخاوف هو … إننا سوف نستقر على وضع راهن استبدادي. هذا يحدث في البلاد الأفريقية الأخرى."إحدى العلامات المقلقة: منذ تصويت أغسطس, تلقت خمس منظمات مجتمع مدني على الأقل خطابات من لجنة تنسيق المنظمات غير الحكومية في كينيا, تهدد بإلغاء تراخيصها وتطلب منها الدفاع عن نشاطاتها.

تُعد جرائم القتل التي ترتكبها الشرطة علامة أخرى تنذر بالسوء. عقب انتخابات أغسطس, اندلعت إحتجاجات عنيفة في أنحاء البلاد. أصيب 126 شخصًا على الأقل وقُتل 37 شخصًا, معظمهم على يد الشرطة, بحسب ما أوردت لجنة حقوق الإنسان الكينية. وهذه هي الحالات التي أُبلغ عنها فقط من الانتخابات الأولى.

فقدت روث خافير, 31 عامًا ومن قبيلة لوهيا في غرب كينيا, فقدت شقيقها ذا الـ19 عامًا في أحداث العنف في أغسطس. كان أخوها وأبوها يعبران الشارع في وضح النهار عندما أطلق معتدون مجهولون النار عليهما. نجا والد خافير بعملية جراحية, لكن شقيقها توفي بعدها بيومين. وضعت صديقته مولودهما الأول في نفس تلك الليلة.

عندما طلبت أسرة خافير من المستشفى أن تعطيهم الرصاصات التي اُستخرجت من أجسادهم, أخبروهم إنه تم التخلص منها. بعد ذلك, أخبرهم طبيب آخر أن ضابطين جمعا الرصاصات لفتح تحقيق. قررت خافير عدم متابعة القضية. قالت, "لم أرغب في الذهاب إلى قسم الشرطة بسبب المال. إنهم يطلبون المال لكي يساعدونا, وأنا لا أملك مالًا أضيعه. حتى لو كانت الشرطة فعلت ذلك أو لم تفعل, لن يوافقوا ولن يساعدونا."

أحد الضحايا الآخرين لهذه الأزمة هو الاستقلال القضائي لكينيا. تم تخويف العديد من القضاة والمسؤولين عن الانتخابات وقتلهم منذ بدء العملية الانتخابية. كان تعذيب وقتل كريس مساندو المسؤول عن الانتخابات قبل انتخابات أغسطس متبوعًا بإصابة الحارس الشخصي لنائب رئيس المحكمة العليا في حادث إطلاق نار يوم 24 أكتوبر. في اليوم التالي, افتقرت المحكمة العليا إلى النصاب القانوني من أجل التصويت على التماس بتأجيل الانتخابات. حضر اثنين فقط من أصل سبعة قضاة.

يرى البعض هذه التطورات كمؤشرات على أن مؤسسات كينيا تنهار. قبل انتخابات أكتوبر, وقعت اللجنة المستقلة للانتخابات والحدود في أزمة. هربت مسؤولة الانتخابات روزلين أكومبي إلى الولايات المتحدة, مستشهدة بمخاوف أمنية. ثم أعلن المدير التنفيذي للجنة, عذرا شيلوبا, إنه في إجازة لمدة ثلاثة أسابيع لأسباب عائلية. ورئيس اللجنة وأفولا شيبوكاتي أعرب عن مخاوفه من قدرة اللجنة على إقامة انتخابات حرة, ونزيهة, وموثوقة, على الرغم من إنه تولى هذا المنصب بعد انتهاء التصويت فيما يبدو إنه محاولة لرفع الثقة في النتائج المتوقعة.

هذه الفوضى مثيرة للقلق لأن قوانين كينيا ودستورها ينبغي أن يخدموا كخط دفاع في مواجهة العبث بالانتخابات والعنف – لكن الارتفاع الأخير في العنف وضعهم أمام اختبار. على مدار العشرة أعوام الماضية, أعادت كينيا كتابة دستورها وقوانينها الانتخابية لمحاولة منع تكرار عنف ما بعد الانتخابات الذي وقع عام 2007 و2008 والذي قتل أكثر من 1,200 شخص وهجّر أكثر من 500 ألف شخص. قال المحلل السياسي إتش نانجالا نيابولا, "إن ما يريد الناس أن يفعله قادتهم الآن – ما ألمحوا إليه عبر رفضهم لأن يكونوا جزءًا من تلك الانتخابات الهزلية [في 26 أكتوبر] – هو السماح للأنظمة التي صوتنا لبنائها في 2010 بأن تقوم بالمهام التي صُممت لها. هذا يشمل القضاء, واللجنة المستقلة للانتخابات والحدود, وجهاز الشرطة, والسلطات التنفيذية والتشريعية."

في الواقع, يرى بعض الكينيين هذه الانتخابات فرصة لتعزيز العملية الانتخابية في بلادهم من خلال السبل القانونية. قال سيكو تور أوموندي, طالب الدكتوراه في جامعة نيروبي, "قدمت الانتخابات فرصة لكي تختبر كينيا ديمقراطيتها الناشئة. من الجيد أن قطاع من الكينيين يتحدثون عن تعزيز الديمقراطية من خلال التعديلات الدستورية لمخاطبة الطبيعة العرقية للسياسة الكينية."

لكن الكثير من الناخبين يعتقدون أن القوانين الجديدة يتم تجاهلها من عائلات النخبة السياسية الكينية – عائلة كينياتا وعائلة أودينجا – التي تتنافس على السلطة بأي ثمن. قال جيثونجو, "كل ما حدث يعرض إلى أي مدى النخبة الحاكمة في كينيا مصممة على مواصلة العيش كما لو إننا لم نمرر دستورًا جديدًا."

معظم الكينيين يائسين من عودة الحياة إلى طبيعتها بعد شهور من المعاناة الاقتصادية والاضطراب السياسي. هذه هي الحالة بالنسبة لروث خافير. قالت, "أنا لا يهمني من سيصبح رئيسًا إنهم لا يجلبون لنا شيئًا لنأكله. … لذلك إذا أصبح رايلا رئيسًا, أو أوهورو, هذا لا يغير حياتي. لا تتعلق الانتخابات بما تريده كينيا. إنها تتعلق بمن يريد أن يصبح رئيسًا أكثر."

 المصدر – ذي أتلانتيك

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا