قطر في مركز الاضطراب العربي

أميرة رضا

ترجمة بواسطة – آية سيد

في بدايات شهر نوفمبر, اعترضت قوات الدفاع السعودية صاروخ باليستي من طراز بركان-2 موجه إلى مطار الملك خالد الدولي بالرياض. نُسبت مسؤولية إطلاق الصاروخ إلى وزارة الدفاع اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون – لكن نظرًا لحجم السطوة الإيرانية على الجيش الحوثي, تقع مسؤولية الهجوم الحقيقية على طهران، وحيث أن المطار يُعد منشأة مدنية وبالتالي بموجب القانون الإنساني الدولي، لا يمكن مهاجمته, تُعتبر الهجمة الصاروخية الإيرانية جريمة حرب.

إن الهجوم الصاروخي على العاصمة السعودية خطوة تصعيدية كبرى, تعكس قوة طموحات طهران للهيمنة على الخليج وجرأتها الحالية في تحدي الحليف الأمريكي الرئيسي في المنطقة بصورة مباشرة. كل هذا يشدد على أهمية مقاومة الطموحات الإقليمية الإيرانية, وهي مهمة تتطلب قيادة أمريكية قوية وأفعال منسقة وجريئة من التحالف العربي الذي تقوده السعودية. مع وضع هذا في الاعتبار, من الضروري توحيد الائتلاف العربي, والذي, بدوره, يحتاج لتسوية الوضع الحالي مع قطر.

مر الآن أكثر من ثلاثة أشهر منذ أن قطعت السعودية, ومصر, والإمارات والبحرين العلاقات مع قطر وأصدروا ثلاثة عشر مطلبًا للدولة الصغيرة. كان أبرزهم هو أن تتوقف قطر عن مساعدة الإخوان المسلمين وغيرهم من الحركات المتطرفة في العالم العربي, وتنهي دعمها لإيران. لم تستجب قطر بعد للمطالب, زاعمة إنها بريئة من كل التهم, وأن الإجراءات التي اتخذها التحالف السعودي تضر الحرب على داعش.

فشلت معظم الحكومات الغربية في تقدير أسباب هذا التحدي: تعتقد القيادة القطرية إنها محصنة ضد العمل العسكري من جيرانها المتضررين. هذا لإنها, مثلما قال الأمير القطري لتشارلي روز في ظهور حديث في برنامج 60 دقيقة, تتوقع أن الولايات المتحدة ستأتي لمساعدتها, بسبب وجود قاعدة العديد الجوية في قطر, وهي أكبر منشأة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط.

إن التسوية السريعة والملائمة لهذا الخلاف مع قطر تصب بشكل واضح في المصالح الأمريكية.بالتوافق مع خطاب الرئيس ترامب في الرياض يوم 20 مايو, وخطة العمل المعلنة ضد إيران, يجب أن تشمل هذه التسوية وقف الدوحة لكل أشكال الدعم للحركات الإسلامية المتطرفة وإنهاء توددها لطهران.

في الحقيقة, تُظهر الأحداث الأخيرة كيف أن الحركات الإسلامية المتطرفة بجميع أنواعها تتعاون مع طهران سعيًا لتحدي المصالح الأمريكية والسعودية في أنحاء الشرق الأوسط وما ورائه. منذ بضعة أيام, أفرجت السي آي إيه عن مجموعة ضخمة من الوثائق التي حصلت عليها أثناء المداهمة الأمريكية لمجمع أبوت آباد عام 2011, والتي قُتل خلالها أسامة بن لادن. من ضمن هذه الوثائق مستند من 17 صفحة, أعده مساعد كبير لبن لادن, والذي يوضح بالتفصيل كيف قدمت طهران لسنوات دعم عسكري, ولوجيستي وتشغيلي لتنظيم القاعدة. يوضح المستند أنهم, برغم الاختلافات الدينية العميقة بين تنظيم القاعدة السُني المتطرف وإيران الشيعية المتطرفة, يتشاركون مصلحة استراتيجية رئيسية في مهاجمة المصالح الأمريكية والسعودية.

أصبح إنهاء سياسة قطر الحالية أمر أكثر من ضروري الآن, نظرًا لحملة السعودية, التي أطلقتها القيادة الديناميكية الشابة الجديدة, لتوحيد العالم الإسلامي حول موقف حازم ضد كل أشكال التطرف. إن أفضل طريقة لحل الأزمة القطرية هي أن تعلن واشنطن أن وجود قاعدة أمريكية في قطر ليس ضمانًا أمنيًا. في الواقع, بما يتفق مع القيود الدستورية الأمريكية, الطريقة الوحيدة التي يُمكن أن يُقدم بها ضمان كهذا هي من خلال معاهدة ثنائية أو متعددة الأطراف والتي تتطلب مشورة وموافقة مجلس الشيوخ. وهذا, بالطبع, لم يحدث.

ينبغي أن تنتهي تجاوزات قطر في حق السعودية والدول العربية الأخرى. موّلت قطر معظم الحركات المتطرفة الكبرى في العالم العربي على مدار العشر سنوات الأخيرة, في محاولة لإسقاط الأنظمة العربية الكبيرة. لقد دعمت على نحو خاص جماعة الإخوان المسلمين, على ما يبدو ظنًا منها بإنه, إذا وصلت تلك الجماعة إلى السلطة في أنحاء الشرق الأوسط, قد يتولى أمير قطر دور "السيد الأعلى للعالم العربي." من خلال الاشتراك في هذا النوع من استعراض القوة, تبدو قطر إنها تأمل في إنها يمكنها تحدي مكانة العاهل السعودي في العالم الإسلامي الأوسع.

بدت هذه الخطة ناجحة للحظة, عندما تمت الإطاحة بالرئيس مبارك في 2011 وتولت حكومة تابعة للإخوان المسلمين السلطة في مصر. بقدر ما كان هذا مدمرًا للشعب المصري ولاستقرار العالم العربي, شعرت القيادة القطرية بفرح شديد. لقد موّلت ومنحت اللجوء ليوسف القرضاوي, القائد الديني والروحي للإخوان – الذي صرّح بأن الهولوكوست "عقاب" على "فساد" اليهود.

بصورة مماثلة, يقع مقر قناة الجزيرة القطرية في الدوحة, عاصمة الدولة, وكانت بوق للمعاداة الشديدة لأمريكا لأكثر من عقدين. كانت مكان الأخبار المفضل لأسامة بن لادن, ووفرت أيضًا منصة بث لقائد جبهة النصرة الإرهابية, الفرع التابع للقاعدة في سوريا.

كان والد أمير قطر الحالي متورطًا, إلى جانب ديكتاتور ليبيا الراحل القذافي, في مخططي اغتيال على الأقل ضد الملك الراحل عبد الله وأفراد كبار من العائلة الملكية السعودية, وكذلك أيضًا مخطط فاشل للإطاحة بالحكومة السعودية. بالنظر إلى هذا السلوك, يمكن أن يؤكد التحالف الذي تقوده السعودية طبًعا على حق استخدام القوة العسكرية ضد قطر بموجب القانون الدولي. في حقيقة الأمر, في الثمانينيات, أكدت الولايات المتحدة أن منح السلاح وأشكال الدعم الأخرى من حكومة ساندينيستا في نيكاراجوا إلى متمردي السلفادور شكل "هجومًا مسلحًا" بموجب ميثاق الأمم المتحدة, مبررة استخدام القوة العسكرية. على الرغم من أن محكمة العدل الدولية اعترضت, يظل هذا هو الموقف القانوني الأمريكي وهو مناسب على نحو خاص للشرق الأوسط اليوم, حيث تدعم دول مثل قطر وإيران الإرهابيين والمتمردين.

مع وضع المسائل القانونية جانبًا, إذا قرر التحالف العربي بقيادة السعودية غزو قطر وفرض تغيير في القيادة, من المستبعد أن تنحاز الولايات المتحدة لقطر. السعودية هي أهم حليف عربي لأمريكا وواحدة من الشركاء الاستراتيجيين الأكثر أهمية على المستوى العالمي؛ في رأينا, المملكة لديها سبب لاستخدام القوة. يكسب جيشها أيضًا خبرة قتالية قيمة من قتال الوكلاء الإيرانيين في اليمن. إن الاختيار بين التحالف السعودي وقطر لن يكون صعبًا على الولايات المتحدة, خاصة وأن قاعدة العديد يمكن عزلها عن أية عمليات عسكرية ضد دفاعات قطر الهزيلة.

في الواقع, فكرة أن إدارة ترامب ستحارب السعوديين دفاعّا عن قطر تبدو بعيدة الاحتمال. لأجل السلام, ينبغي على إدارة ترامب أن توضح للدوحة إنها لا تملك تفويضًا كاملًا.

المصدر – ذا إنتريست

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا