هل يمكن أن تتغلب ألمانيا على التحيز ضد الصين؟

عاطف عبداللطيف

ترجمة بواسطة – آية سيد

أضافت الخلافات الجديدة بين الصين وألمانيا المزيد من التوتر في العلاقات الثنائية المضطربة أصلًا بين البلدين. المشكلات الأخيرة أُثيرت من الجانب الألماني الذي أساء فهم قضايا معينة أو نظر للصين بتحامل. هناك مشاكل خاصة بعقلية برلين تكمن وراء الخطاب. لم تتكيف الدولة الأوروبية القوية بعد مع صعود الصين؛ إنها قلقة من الأنماط السلوكية للصين وفي خلاف مع الأنظمة والقوانين الصينية.

لم تعتاد ألمانيا على الصين الصاعدة. فكر في الإحصاءات الاقتصادية التالية. منذ عام 2000, تخطى الناتج الاقتصادي الكلي العديد من الدول المتقدمة, مما جعلها ثاني أضخم اقتصاد في العالم. لقد تفوقت على الناتج الاقتصادي لألمانيا في 2007 وبلغت ثلاثة أضعاف حجمه في 2016. على الرغم من أن الاقتصاد الصيني يحتاج لتحسين جودته, إلا أن حجمه فقط يكفي لكي يجعل ألمانيا تشعر بالانزعاج.

بالإضافة لهذا, النفوذ السياسي والدبلوماسي المتصاعد للصين على مدار السنوات الماضية زاد من انزعاج ألمانيا. بسبب تقيدهم بالتاريخ, تتجه النخبة والشعب الألماني للتصرف بطريقة تبعدهم عن المخاطر ويفشلون في التكيف مع التغييرات في العالم الخارجي. إن معظمهم غير مستعدين لفهم الصين ويفتقرون القنوات المناسبة لفعل ذلك. وبسبب تأثرهم بالإعلام الناقد لبكين, أساء الشعب الألماني فهم الصين وكوّن آراء متحاملة. لذلك من الصعب عليهم فهم صعود الصين الهائل وتأثيره على النظام الدولي.

حتى في ذروة العلاقات بين الصين وألمانيا, كانت هناك فجوة ضخمة في التوجه النفسي بين الحكومة الألمانية وشعبها تجاه الصين. تُظهر العديد من استطلاعات الرأي في الفترة بين 2008 والآنأن صيت الصين في ألمانيا هو الأقل بين جميع الدول الأوروبية. وقع عدد كبير من الأنشطة المعادية للصين بسبب الحالة الشعبوية المتصاعدة داخل ألمانيا. يتم المبالغة في التناقضات الطفيفة بين البلدين بسهولة.

ألمانيا أيضًا ليست متأكدة من الأنماط السلوكية للصين. إن الرأي العام الألماني مترسخ في الخوف من أن تكون الصين مستثمر لا يتمتع بالشفافية والنزاهة وجامح ولاعب غير جدير بالثقة في الشئون الدولية. هذا يرجع إلى تعصب الألمان تجاه الثقافات الأخرى ومن تأكيدهم على القواعد والقوانين.

هذه الهواجس تنبع في النهاية من عقدة استعلاء. لكونها دولة نهضت من فوضى الحرب العالمية الثانية الكارثية, فإن ألمانيا على أتم استعداد لنقل تجربتها إلى الصين حول كيفية تجنب تكرار التاريخ. إلا إنها تتجاهل حضارة الصين القائمة منذ زمن طويل وبُغضها للحرب بصفتها ضحية.

في هذا العالم المترابط, تُعد الحكمة الشرقية بالبحث عن التناغم في التنوع تقدمًا عن العقلية الألمانية المبتذلة عن البيض والسود.
في نهاية المطاف, تختلف ألمانيا مع نظام الصين ومسار التنمية الخاص بها. نظرًا للانقسام بين الشرق والغرب في ألمانيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية, وبسبب تقلبات الحرب الباردة التي زادتها صلابة, ترى الدولة في كثير من الأحيان الصين من خلال عدسة ملونة. كان "تشكيل الصين" أمنية لبعض النخب الألمانية, بحيث يُظهرون رفضهم عندما تلتزم الصين بطريق التنمية والنظام السياسي الخاص بها.
على أثر دخول الصين إلى عصر جديد, تكتسب ألمانيا عقلية أكثر تعقيدًا.

من ناحية, ألمانيالديها مساحة متزايدة للتعاون مع الصين بسبب إتجاه الأخيرة للتنمية, ويشمل ذلك سياستها المنفتحة وتوليها لمزيد من المسئوليات الدولية؛ ومن الناحية الاخرى, ألمانيا, كدولة ذات مصالح ثابتة, تشعر بالضغط بسبب المنافسة الاقتصادية والمؤسسية في النظام الدولي الحالي, بينما تبني الصين نفسها لتصبح "دولة اشتراكية حديثة عظيمة" والتي تساهم بمزيد من الخطط الصينية وتتجه نحو مركز الساحة العالمية.

وبالتالي, التعاون وسط المواجهة سيكون سمة بارزة في توجه ألمانيا نحو الصين في المستقبل.
مع هذا, مصالح ألمانيا المتنوعة والمتقاربة مع الصين سوف تساعدها في التخلص من المخاوف تدريجيًا. ربما تكون العملية مؤلمة ودورية. لكن في النهاية, ألمانيا دولة بارعة في التأمل الذاتي وسوف تدرك أن الإنخراط في تعاون براجماتي مع تجاهل الكبرياء والتحامل هو الطريقة الصحيحة للتفاهم مع الصين.

المصدر – جلوبال تايمز

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا