مؤسسة راند| هل تهديد الإرهاب النووي يشتت الانتباه عن تهديدات أخرى أكثر واقعية؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – آية سيد

رؤية

 
في آخر قمة نووية في عهد باراك أوباما والتي عُقدت في واشنطن في 2016, قال أوباما أن خطر حصول داعش أو غيرها من الجماعات المتطرفة على الأسلحة النووية يبقى “واحدًا من أكبر التهديدات على الأمن العالمي.” أعرب عدد من الجماعات الإرهابية, ومن ضمنهم داعش والقاعدة, عن نوايا صريحة للحصول على المواد النووية واستخدامها. مع هذا, تواجه الدول تهديدات أكثر إلحاحًا من الإرهاب النووي وستصبح السلطات في وضع أفضل إذا ركزت على استخدام المتمردين المتكرر للأسلحة التقليدية, مثل المواد الكيميائية والقنابل.
 
أثار الإرهاب النووي, الذي يُعرّف بإنه “استخدام أو التهديد باستخدام المواد النووية, أو الوقود النووي أو المنتجات المُشعة من أجل أعمال الإرهاب,” أثار قلقًا وتحركًا عالميًا, مثلما ظهر في استراتجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب, وبرنامج الناتو للدفاع ضد الإرهاب واستراتيجية الإتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب. هناك أيضًا قدر كبير من المواد النووية الموجودة في أنحاء العالم؛ يبلغ المخزون العالمي الحالي لليورانيوم عالي التخصيب 1,6 مليون كجم. من أجل بناء قنبلة نووية, يحتاج الإرهابيون لـ25 كجم من اليورانيوم عالي التخصيب. هذه الكمية, بالمقارنة مع الكمية التي تملكها الدول على مستوى العالم, ليست كمية يستحيل على الإرهابيين الحصول عليها. لوضع هذا في السياق المناسب, في 2015 امتلكت الولايات المتحدة 62,900 طن من اليورانيوم القابل للاستخلاص.
 
أعلنت عدة جماعات إرهابية عن رغبتها في الحصول على المواد النووية لبناء “القنبلة القذرة.” في 1998, صرح أسامة بن لادن, في خطبته بعنوان “القنبلة النووية الإسلامية,” صرح بأن “إنه واجب على المسلمين أن يعدوا ما يستطيعوا من قوة لإرهاب أعداء الله.”
 
  في 2014, بعد الاستيلاء على مدينة الموصل العراقية, استطاع تنظيم داعش الحصول على مخبأين من كوبالت-60 في غرفة تخزين في جامعة الموصل. تمتلك هذه المادة مستويات قاتلة من الإشعاع, وتُستخدم لمعالجة الخلايا السرطانية, وهي المكون الأساسي للقنبلة النووية. خمن المسئولون الحكوميون والخبراء النوويون أن أعضاء داعش فشلوا في استغلالها لإنهم لم يعرفوا كيف يستخدمون الكوبالت-60 بدون تعريض أنفسهم للإشعاع المميت. في 2016, بعد مقتل أحد الأخوين الداعشيين المتورطين في تفجيرات بروكسل والقبض على الآخر, وهما خالد وإبراهيم البكراوي, اكتشفت السلطات إنهما كانا يراقبان سرًا عالمًا نوويًا بلجيكيًا والذي كان يعمل في محطة تيانج النووية ربما بهدف استخدام مواد من هذه المنشأة.

 
وبالرغم من تصريحات أوباما في 2016 وهاتين الحادثتين, يطعن الخبراء والمسئولون في قابلية تحقق تهديد الإرهاب النووي. جادلت دكتوربيزا أونال, الباحثة في السياسة النووية بمعهد تشاثام هاوس, بإنه لا توجد أدلة في الوقت الحالي على أن الجماعات الإرهابية تستطيع أن تبني سلاحًا نوويًا. على نحو مماثل, أكد تقرير صادر عن مجلس العلاقات الخارجية في 2006 على كيف أن بناء قنبلة نووية يُعد مهمة صعبة على الدول, فما بالك بالإرهابيين. هذا يرجع إلى المشاكل المتعلقة بالحصول على اليورانيوم وتكوينه والحفاظ عليه في الحالة المناسبة (يورانيوم مخصب).

 
في حين أن الإرهاب النووي يُعد مصدرًا للقلق, إلا أن الغالبية العظمى من الهجمات الإرهابية تُنفذ بمتفجرات عادية. يذكر تقرير يوروبول عن وضع الإرهاب لعام 2017 أن 40% من الهجمات الإرهابية استخدمت متفجرات. تأتي هذه المتفجرات من مجموعة واسعة من الدول في مختلف أنحاء العالم. وفقًا لدراسة  أجرتها منظمة أبحاث التسلح في الصراعات, كميات ضخمة من سلائف المتفجرات الكيميائية المستخدمة لصنع القنابل التي شوهدت في هجوم 7/7 في لندن عام 2005 وهجوم مانشستر أرينا في 2017, كانت مرتبطة بسلاسل إمداد في الولايات المتحدة, وأوروبا وآسيا عبر تركيا. حث تهديد انتشار السلائف الكيميائية الإتحاد الأوروبي على البدء في البحث عن طرق لتشديد الأحكام الخاصة بهذه المواد الكيميائية.
 
إن الهجوم الإرهابي النووي ستكون له عواقب وخيمة, لكنه في الوقت الحالي ليس تهديدًا واقعيًا أو قابلًا للتحقق نظرًا لإنه يتطلب مستوى من التطور لم يشهده الإرهابيون بعد. كان تركيز الجماعات الإرهابية في الفترة الأخيرة منصبًا على الضربات البسيطة مثل هجمات الطعن بالسكين أو الدهس بالمركبات. إذا كانت الدول قلقة من الإرهاب النووي, قد تكون أفضل طريقة لتخفيف هذا الخطر هي إحكام الأمن في المواقع النووية المدنية والحكومية. لكن الحكومات ستصبح في حال أفضل إذا ركزت جهودها على محاربة انتشار الأسلحة التقليدية واستخدامها.
 

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا