ناشيونال إنترست | علاقة تبادلية.. كيف تؤثر السياسة على العلاقات الأمنية بين موسكو وواشنطن؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – آية سيد

إن الولايات المتحدة وروسيا عالقتان في مواجهة جيوسياسية محتدة والتي تهدد بأن تتحول إلى صراع عسكري مباشر – حتى لو لم ترغب أي من الدولتين في هذا. ببساطة, الاستراتيجية الأمريكية الحالية تجاه روسيا لا تعمل؛ على العكس, إنها تقيدنا. إنها تجعل روسيا أكثر عدوانية على الصعيد الخارجي وأقل ديمقراطية على الصعيد الداخلي, والمخاطر تتصاعد.

لقد ضمرت أدواتنا الدبلوماسية التي منعت الصراع المسلح أثناء الحرب الباردة؛ وأنظمة الرقابة على الأسلحة والتحقق منها التي ساعدت في توفير الاستقرار الاستراتيجي ومنع سباق التسلح المكلف تتعرض حاليًا لخطر الانهيار. لقد فرضت الولايات المتحدة عشرات العقوبات على روسيا والتي لم يكن لها أي تأثير واضح على سياستها الخارجية. إن الاجتماعات الرسمية ومحافل التفاوض تلاشت بشكل كبير, بينما التواصل على مستوى المواطنين اختفى لدرجة أن الشعبين لا يفهمان أحدهما الآخر. في الوقت نفسه, شكلت روسيا ائتلافًا فعليًا مع الصين, منافسنا العالمي الرئيسي. تصبح موسكو أكثر جرأة في تحدي الولايات المتحدة وحلفائها، في الوقت الذي توسع فيه تجارتها وترتيباتها الأمنية الإقليمية والعالمية.

لكي نراجع استراتيجيتنا تجاه روسيا, يجب علينا أولًا تحديد المصالح الاستراتيجية طويلة الأمد لأمريكا. إن مصلحتنا العظمى هي الأمن القومي. تبقى روسيا الدولة الوحيدة التي يمكنها تدمير الولايات المتحدة بالأسلحة النووية. حيث تطور موسكو جيلًا جديدًا من الأسلحة الفائقة لسرعة الصوت والتي صُممت لمراوغة الدفاعات الأمريكية وإصابة أهدافها بدون إنذار تقريبًا. إنها تمتلك الوسائل اللازمة لإحداث الاضطراب في طريقة الحياة الأمريكية, وحتى تدمير أسلحتنا المتقدمة, من خلال الهجمات السيبرانية على شبكات الحاسب الأمريكية. ومثلما رأينا في 2016, يمكنها استغلال وسائل التواصل الاجتماعي لتقويض ديمقراطيتنا بواسطة حملات المعلومات المضللة التي تعيدنا إلى "الإجراءات النشطة" للعهد السوفيتي. الولايات المتحدة, بالطبع, تمتلك القدرة على إيذاء روسيا, مما سيدفع الدولتين نحو منطقة التدمير المتبادل.

روسيا, أيضًا, لديها مصالحها الاستراتيجية الخاصة – سواء تقبلناها أو تغاضينا عنها أم لا. لأجل أمننا, يجب أن نحاول فهم ما يحفز روسيا. حيث إن تحليل أهداف موسكو بموضوعية يساعد في توضيح كيف يمكننا متابعة أهدافنا أو الرد على الإجراءات المستقبلية للكرملين.

إن عملية إعادة التقييم هذه توضح شيئًا واحدًا: نحن نحتاج لأدوات أكثر, واستراتيجية أكثر مرونة, لكي نرد على المخاطر والتحديات, نعم, حتى الفرص التي قد تقدمها روسيا. وعلى الرغم من أن المواجهة ربما تكون ضرورية في بعض الأحيان, غير أنه يجب أن نضيف عنصرين آخرين: المنافسة والتعاون.

هذه العناصر الثلاثة -إعادة التقييم، المنافسة والتعاون-  خيارات سياسية مشروعة, بناءً على الموقف, لكن فوائد أي خيار يجب أن تُقاس مقابل التكاليف والعواقب المحتملة. في كثير من الأحيان, تبدو خياراتنا الأخيرة مبنية على افتراض أنها غير مكلفة للشعب ولا تؤذي المصالح الأمريكية المهمة. على سبيل المثال:

– إذا اخترنا السماح لأنظمة الرقابة بالضمور أو حتى الاختفاء, هل نحن مستعدون لدفع الثمن مقابل تحديث منظومات الأسلحة النووية والتقليدية التكتيكية لكي تتعامل مع الصراعات المتزامنة المحتملة في أوروبا وآسيا؟ هل سنمتلك القدرة على مراقبة تطور الأسلحة الروسية إذا تخلينا عن اتفاقيات التحقق؟

– إذا واصلنا فرض عقوبات على أفراد وكيانات روسية, هل نحن مستعدون للتنازل عن مناطق التعاون والحوار المتبقية والتي تخدم المصالح الأمريكية والروسية, مثل استكشاف الفضاء وإدارة المنافسة في المحيط المتجمد الشمالي؟ هل الشركات الأمريكية مستعدة للخسارة أمام المنافسين الأجانب في العقود المربحة مع الكيانات الروسية؟ هل الربح من العقوبات يستحق التكلفة؟

– إذا لم نحافظ على مستويات منتظمة من التواصل – على المستوى العسكري, والسياسي والمحادثات الأخرى مع الحكومة الروسية – هل سنتمكن من منع التصعيد غير المرغوب للصراع وقت الأزمة؟ إذا حجّمنا التبادلات التعليمية والثقافية مع روسيا, هل الجهل ببعضنا البعض سيؤدي إلى عداوة مفتوحة؟

لتحقيق هذه الغاية, نحن نعتقد أن استراتيجيتنا يجب أن تشمل العناصر التالية:

–  تأكيد متجدد على الاستقرار الاستراتيجي من خلال اتفاقيات الرقابة على الأسلحة والجهود المشتركة لمنع انتشار الأسلحة النووية.

– قدرة هجومية ودفاعية سيبرانية قوية, مصحوبة بحوار مع روسيا وآخرين والذي يهدف إلى تشجيع الاستقرار الاستراتيجي في الميدان السيبراني.

– استعادة العلاقات الرسمية وعلى مستوى المواطنين لضمان وجود قنوات للحوار من أجل إدارة المنافسة بين البلدين وتعزيز فهم أفضل لبعضنا البعض.

ليس من المرجح أن تتحسن العلاقات الأمريكية – الروسية بدرجة كبيرة في المستقبل القريب. لكن يجب علينا أن نتخذ خطوات الآن لضمان ألا تنحرف منافستنا الشديدة مع روسيا عن مسارها وتهدد مصالحنا الأمنية الأساسية. نحن نحتاج لاستراتيجية مستدامة ممثلة للحزبين والتي تجمع عناصر المواجهة, والمنافسة والتعاون, استراتيجية ترتكز على فهم واضح لتكاليف خيارات السياسة التي نختارها وعواقبها المحتملة.

هذه ليست محاولة لكي نصبح "أصدقاء" مع روسيا. هذه الاستراتيجية ليست قائمة على حب روسيا لنا؛ إنها قائمة على تعزيز أمننا. سواء أعجبنا ذلك أم لا, بناء مسارات تجاه روسيا يُعد جزءًا من ضمان أمن الولايات المتحدة.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا