جلوبال ريسك انسايتس | فخ للديون.. تعرف على الوجه الآخر لمبادرة الحزام والطريق الصينية

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – آية سيد

أثار قرار إيطاليا بالانضمام إلى مشروع طريق الحرير الجديد الشهر الماضي مخاوف الدول الغربية بشأن التوسعية الصينية. وعلى الرغم من أن المبادرة ربما تُخلّ بتوازن القوى العالمية وتقوّض الحوكمة الديمقراطية, غير أنها تقدّم فرصة كبيرة للمستثمرين لكي يصلوا إلى الموارد غير المستغلة في أنحاء القارة.

إن مبادرة الحزام والطريق الصينية المثيرة للجدل هي حجر الأساس لاستراتيجية سياستها الخارجية الطموحة. تسعى المبادرة لتكرار مسارات طريق الحرير التجارية التاريخية من خلال تمويل مجموعة من المشروعات في آسيا, وأوروبا الشرقية وأفريقيا. أعربت أكثر من 60 دولة, تمثل ثلثي سكان العالم, عن اهتمامها بالمشروعات أو وقّعت عليها بالفعل.

بينما تقبل الدول ذات الديون غير المستدامة قروض الاستثمار الخاصة بمبادرة الحزام والطريق الصينية, هناك خطر كبير بزيادة التوترات مع القوى الغربية. يعكس تأكيد المفوضية الأوروبية على "القوة الاقتصادية والنفوذ السياسي المتزايدين للصين"، تصور التهديد.

رفع قرار إيطاليا بالانضمام إلى المشروع، القضية إلى مستوى جديد، وباعتبارها أول اقتصاد متقدم وعضوًا في مجموعة السبع, أضافت الخطوة شرعية رمزية على المشروع، وجرى التوقيع على إجمالي 29 اتفاقية بقيمة 2,8 مليار دولار بروما الشهر الماضي في قطاعات الطاقة والمال والزراعة. أما بالنسبة إلى الصين, يخدم هذا التأييد كمعزز سياسي كبير, لا سيما في وقت يسعى فيه الاتحاد الأوروبي لاتباع استراتيجية موحدة أكثر لمواجهة تحديات نفوذ الصين المتزايد.

من المرجح أن يتحمل نموذج الاستثمار الصيني في الدول النامية الفساد وغياب الشفافية, الذي له آثار مزعزعة للاستقرار. علاوة على هذا, خطر إضفاء الطابع المؤسسي على استثمارات مبادرة الحزام والطريق في الدول النامية زاد المخاوف من إنه قد يرفع احتمالية تكييف النموذج الاستبدادي, بينما يقوّض الاستقلال السياسي والاقتصادي للدول النامية على المدى الطويل. وبالتالي, وجود الصين المتزايد في أنحاء العالم النامي يشكل تهديدًا ضمنيًا لليبرالية السياسية، ويُعدّ ذلك تحديًا للمستثمرين والحكومات على حدٍّ سواء.

في الوقت نفسه, تواصل التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة الغليان ببطء، وقد حاولت الأخيرة صرف الحلفاء عن السماح لشركة هواوي الصينية بالمشاركة في شبكات الجيل الخامس, بدافع المخاوف من استخدام الأجهزة في التجسس، ولاقت هذه المناشدات نجاحًا مختلطًا.  

أنشأت الولايات المتحدة وكالة جديدة, مؤسسة تمويل التنمية الدولية, لكي تكبح نفوذ الصين المتزايد، وتسعى الوكالة لحشد رأس المال الخاص للتنمية وتوفير الموارد للأسواق الناشئة، كما أن الوكالة التي تبلغ قيمتها 60 مليون دولار مُصممة لـ"إمداد الدول ببديل قوي للاستثمارات الموجهة من الدولة في الحكومات الاستبدادية". يأتي ذلك وسط مخاوف من تحدي الصين للهيمنة الأمريكية ورفعها التوترات التجارية الأمريكية – الصينية, حيث إن العلاقات الهشة المتزايدة تواصل التوتر تحت الضغط.

إن التحرك لمواجهة الهيمنة الجيوسياسية المتزايدة للصين هو انعكاس هائل في السياسة الخارجية الحمائية لترامب, التي كثيرًا ما انتقدت المساعدات الأجنبية، ولا شك أن تزايد المخاوف من المخاطر الأمنية المحتملة التي تشكّلها شركة هواوي الصينية تميزت بمحاولات للتضييق على الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة. ويستثمر مستثمرون صينيون مهمون في شركات ناشئة أمريكية تعمل على تكنولوجيات متطورة ذات تطبيقات عسكرية محتملة, ما يزيد من إشعال المخاوف من خطر الهجمات السيبرانية, والتجسس والتعرض لحقوق الملكية الفكرية. وقد ردّت واشنطن على هذه المخاطر بتطبيق رسوم جمركية على صادرات صينية بقيمة 250 مليار دولار، وتهدف الرسوم الجمركية لأن تجعله من الصعب على الصين "الوصول إلى أسرار التكنولوجيا والتجارة الأمريكية"، فضلاً عن ذلك, فإن الاستثمار الصيني المتزايد في باكستان, والمعروف بالممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني, أضاف للمخاوف المتعلقة بالطموحات العسكرية المتزايدة للصين في آسيا. إن التوسع العسكري للصين خطر سياسي وأمني رئيسي على الولايات المتحدة، وهو تحدٍّ يهدد الوضع العسكري الدولي لها.
دبلوماسية فخ الديون وفخ العولمة

أثار المشككون أيضًا مخاوف من أن الصين تعزز قوتها الجيوسياسية من خلال ممارسات افتراسية، ومن خلال استغلال ديونها, أقنعت الصين حكومة سيريلانكا بالموافقة على عقد استئجار لمدة 99 عامًا لتشغيل ميناء هامبانتوتا الاستراتيجي. وفي اليونان, اشترت الشركات الصينية 51% من هيئة الموانئ في ميناء بيرايوس بالقرب من أثينا في 2016, في أعقاب الأزمة الاقتصادية.  

إن احتمالية احتكار الصين للموارد غير المستغلة واحدة من ضمن المخاوف، فالدول مثل أذربيجان معروفة باحتياطيات النفط والغاز الطبيعي، والتواجد الفردي للصين سيكون إشكاليًا للمستثمرين الأجانب والقوى العالمية على حدٍّ سواء، وفي الوقت نفسه, بالنسبة للاقتصادات المحلية, القروض الأجنبية والديون المتراكمة تزيد من خطر حدوث "استنزاف اقتصادي" بدون ضمان على إعادة الاستثمار المستدام في الاقتصاد المحلي.

وستصبح مبادرة الحزام والطريق ملموسة على نطاق عالمي على مدار العقد المقبل، لكن استخدام القروض لتمويل المشروعات وتراكم الديون غير المستدامة في البلدان النامية يبقى خطرًا كبيرًا على المدى الطويل, حيث إن الديون يمكن استخدامها لرفع القوة الاقتصادية والسياسية والعسكرية، أما على المستوى الجزئي, فتواجه الاقتصادات الناشئة خطرًا محتملًا بخسارة السيادة على أصول مهمة في المدى البعيد, حيث إن الديون ذات الفائدة المرتفعة تزيد من خطر الاعتماد على الصين، وقد أثارت إندونيسيا وتايلاند والفلبين مخاوف بشأن اعتمادهم المتزايد على الاستثمارات الصينية في البنية التحتية.  

وحول المستثمرين, تقدّم مبادرة الحزام والطريق فرصة هائلة للوصول إلى الموارد غير المستغلة في المناطق النامية، ويركز الاستثمار الصيني على مشروعات البنية التحتية التي ينبغي أن تساعد في إتاحة فرص الاستثمار الأجنبي، ومع ذلك, فالفرصة حلوة ومُرة! كما أنه من المرجح أن تُمنع ثمار الموارد غير المستغلة في الأسواق الناشئة وتُقوّض بسبب غياب الشفافية والاحتكار الصيني التام.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا