ناشيونال إنترست| إدارة أوباما دمّرت ليبيا.. هل سيجعلها ترامب أسوأ؟!

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – آية سيد

تواصل الكارثة التي خلقها الغرب في ليبيا الازدياد سوءًا. لقد اشتد القتال في طرابلس وحولها بين قوات المشير خليفة حفتر المعروفة بالجيش الوطني الليبي وحكومة الوفاق الوطني، وقد تفاخر الجيش الوطني الليبي يوم 11 سبتمبر بأن قواته دحرت قوات ميليشيا السراج، حليف حكومة الوفاق، وقتلت 200 منهم، وربما تكون هناك مبالغة في هذا العدد، لكن لا يوجد شك في أن الموقف بات عنيفًا وفوضويًّا على نحو متزايد في طرابلس وأجزاء أخرى من ليبيا، والمدنيون الأبرياء يتحملون العبء الأكبر من المعاناة. 

يقدم تقرير لصحيفة بلومبيرج رواية مقتضبة عن النتائج السامة للتدخل العسكري "الإنساني" بقيادة الولايات المتحدة في 2011. و"تعاني ليبيا من أسوأ موجة عنف منذ إطاحة الناتو بمعمر القذافي في العام ذاته، والتي أذِنت بسنوات من عدم الاستقرار الذي أتاح للمتطرفين الإسلامويين الازدهار وحوّل الدولة إلى مركز للمهاجرين المتجهين إلى أوروبا. لقد بدأ حفتر الحرب في الوقت الذي كانت الأمم المتحدة تمهّد الطريق لمؤتمر سياسي من أجل توحيد البلاد. إنها الآن منقسمة أكثر من أي وقت مضى، "لقد أصبحت الدولة لُعبة، ليس فقط للفصائل المحلية المتنافسة، بل أيضًا للقوى الشرق أوسطية الكبرى، من ضمنها مصر، والسعودية، وتركيا، وقطر، والإمارات. تخوض تلك الأنظمة منافسة جيوسياسية عنيفة، حيث توفر السلاح وفي بعض الحالات تشن غارات نيابة عن عملائها المفضلين.

فضلًا عن ذلك، لا تستطيع الولايات المتحدة مقاومة إلحاح التدخل، والأسوأ من هذا، المسئولون الأمريكيون على ما يبدو لا يستطيعون تقرير أي الفصائل يريدون دعمها، حيث تواصل سياسة واشنطن الرسمية دعم حكومة الوفاق الوطني التي تعترف بها الأمم المتحدة حكومة شرعية للبلاد – على الرغم من أن سلطتها لا تمتد بعيدًا عن طرابلس. مع هذا، أجرى الرئيس دونالد ترامب حوارًا هاتفيًا مطولًا ووديًّا في شهر أبريل مع حفتر وبدا معجبًا بتصميم الأخير المعلن على مكافحة الجماعات الإرهابية وجلب النظام والوحدة إلى ليبيا، فيما لا تبدو أي من الفصائل الليبية الآن متأكدة من موقف واشنطن.

ونظرًا للنتيجة المروعة للتدخل الذي قادته أمريكا، قد يأمل الشخص في أن مناصري السياسة النشطة سيأخذون العظة ويتراجعون عن المزيد من التدخل في تلك الدولة التعيسة. غير أن هذه ليست القضية! حيث لا تبدو إدارة ترامب أو المحاربين الإنسانيين في إدارة باراك أوباما الذين تسببوا في المأساة من البداية وأنهم يناصرون سياسة أمريكية أكثر حذرًا وانضباطًا.

أحد الأمثلة على هذه الغطرسة المستمرة هي سامانثا باور، العضوة المؤثرة في مجلس الأمن القومي في 2011 ثم سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة. في كتابها الجديد، The Education of an Idealist، لا تتحمل باور أي مسئولية عن نكبة ليبيا. وفي الواقع، قد تكون الوقاحة وصفًا لطيفًا لطريقة تعاملها مع تلك المسألة. إنها تزعم: "لم يكن بوسعنا توقع امتلاك بلورة سحرية عندما تعلق الأمر بالتنبؤ بدقة بالنتائج في الأماكن التي لم تكن ثقافتها مثل ثقافتنا". وانتقد المحلل دانيال لاريسون من مجلة American Conservative مزاعمها بوصفها "محاولة مثيرة للشفقة لإنكار المسئولية عن آثار حرب دعمتها عن طريق اللامبالاة وادعاء الجهل. وإذا كانت الثقافة الليبية غامضة جدًا ويصعب على إدارة أوباما فهمها، فلم يكن ينبغي لهم أن يتحيزوا لأي جانب في صراع داخلي هناك. وإذا لم تكن "الثقافة مثل ثقافتهم" ولم يستطيعوا التنبؤ بما سيحدث بسبب ذلك، إذًا إلى أي مدى كان صُناع السياسة الذين جادلوا لصالح التدخل متغطرسين؟!".

إن الإجابة على سؤال لاريسون البلاغي هي "متغطرسون على نحو استثنائي". ويبدو ذلك وكأن خبراء السياسة الخارجية العقلاء لم يحذروا باور وزملاءها من العواقب المحتملة للتدخل في دولة هشة ومتقلبة مثل ليبيا. في الحقيقة، مثلما يؤكد روبرت جيتس، وزير دفاع أوباما، في مذكراته، Duty: Memoirs of a Secretary at War، كانت إدارة أوباما نفسها منقسمة بشدة حول جدوى التدخل. كانت هيئة الأركان المشتركة، ونائب الرئيس جو بايدن، وجيتس معارضين. ومن ضمن المؤيدين الأكثر صراحة للعمل العسكري كانت باور ومرشدتها، وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. ويذكر جيتس أن أوباما كان ممزقًا بشدة، وأخبر وزير دفاعه لاحقًا أن القرار كان "51 مقابل 49" صوتًا.

إن وجود انقسام داخلي حاد يُعدّ دليلًا كافيًا في حد ذاته على أن محاولة باور لتبرئة نفسها والمحاربين الإنسانيين الآخرين من مسئولية المأساة اللاحقة لا أساس لها. في واقع الأمر، إن مصداقيتها أقل من جهود "بيلاطس البنطي" للتهرب من الذنب. لقد جرى تحذيرهم من النتيجة المحتملة، غير أنهم اختاروا تجاهل تلك التحذيرات.

باور، وكلينتون، وأوباما وغيرهم من المؤيدين للإطاحة بالقذافي، حوّلوا ليبيا إلى صومال فوضوية على البحر المتوسط، ودماء الأبرياء تُراق منذ 2011 على أيديهم، ونظرًا للانقسام الصارخ داخل فريق الأمن القومي للرئيس، كان التدخل في ليبيا طائشًا وغير مبرر، وكان ينبغي أن يكون الخيار الافتراضي في مثل هذه الحالة هو معارضة التدخل، وليس الاندفاع قُدُمًا.

ينبغي أن تتعلم إدارة ترامب من أخطاء الإدارة السابقة وتقاوم أي إغراء للتدخل أكثر؛ فأمريكا ليس لديها مصلحة في القتال الدائر بين حفتر وحكومة الوفاق الوطني، وينبغي أن نقبل ببساطة النتائج التي ستظهر أيًّا كانت، ولا شك أن تدخل واشنطن المتغطرس تسبب فيما يكفي من المعاناة في ليبيا.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا