نيويورك تايمز | أطفال داعش لا ينتمون إلى السجون كذلك

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – بسام عباس

يرنو الأطفال من وراء القضبان إلى النور، ويشعرون بالصدمة الشديدة وضبابية مستقبلهم، وهم مرعوبون من سجنهم والعالم الخارجي. إن صور وقصص هؤلاء الصغار– الذين سُلبوا من طفولتهم بسبب العنف الشديد بسبب حياتهم في ظل تنظيم داعش– لمروّعة حقًا، والكثير منهم فقدوا ذويهم، والغالبية العظمى منهم دون سن 12 عامًا.
ويجدون الآن أنفسهم منبوذين في أوضاع مزرية في المخيمات البدائية في سوريا. ولذلك يتعين على الحكومات أن تقدّم ما هو أفضل: هذه ليست الطريقة الصحيحة لمعاملة الأطفال الذين هم أيضًا ضحايا للإرهاب، كما أنها ليست سياسة فعالة لمكافحة الإرهاب.
هناك عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، الذين يُزعم أنهم على صلة بتنظيم داعش، محتجزون حاليًا في معسكرات في شمال شرق سوريا. معظمهم من العراقيين والسوريين، ولكن هناك أيضًا الآلاف من حوالي 70 دولة أخرى. وزاد الوضع توترًا، كما تزايدت المخاوف مؤخرًا من أن يهاجم فلول تنظيم داعش المخيمات من أجل تحرير الإرهابيين الفعليين.
وفيما عدا بعض الاستثناءات الملحوظة، كانت معظم الحكومات بطيئة أو مترددة في استعادة مواطنيها، مشيرة إلى المخاطر الأمنية والتحديات التي تواجهها في تحديد الجنسيات، وجمع الأدلة المؤكدة لملاحقتهم، وتطوير برامج إعادة الاندماج. ومن الواضح أن الحكومات لديها مخاوف أمنية مشروعة، فالحرب ضد تنظيم داعش لم تنته بعد، كما أن بعض الموجودين في المخيمات – رجال ونساء– هم مقاتلون متشددون ارتكبوا جرائم فظيعة ويجب تقديمهم إلى العدالة.

لكن من الخطأ ترك دول ومجتمعات هذه المنطقة التي مزقتها الصراعات تتحمل مثل هذا العبء الكبير لهذه المعركة. يمكن للحكومات في بقية العالم أن تظهر تضامنها في مكافحة الإرهاب من خلال تحمل مسئولية مواطنيها على الأقل.

يتطلب التصدي للإرهاب أيضًا نهجًا وقائيًّا، لأن ترك عشرات الآلاف من الناس في المخيمات في سوريا هو قصر نظر شديد، حيث تفرز ظروف المعيشة في المخيمات بيئة مثالية لرعاية المزيد من التطرف والكراهية، وعلينا أن نأخذ العبرة من معسكر بوكا، مركز الاحتجاز الذي تديره الولايات المتحدة في العراق، حيث تطرف مؤسس داعش، أبو بكر البغدادي، فالإحساس بالظلم والتطرف يتغلغلان في النفوس كلما طالت المدة التي يقضيها الناس هناك.
وإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون واضحًا أن معاملة الأطفال في المخيمات بنفس الطريقة التي يُعامل بها مقاتلو داعش ليس نهجًا صحيحًا، فهؤلاء الأطفال قد وُلِدوا نتاج اغتصاب، أو في المعتقل، أو أُشرِبوا عقيدة داعش الوحشية، وهم مجبرون لا يملكون من أمرهم شيئًا في محنتهم.
والوضع في مخيم الحول في سوريا شديد الخطورة، فبمجرد الوصول إلى المخيم، أو بعد وقت قصير من وصولهم منذ أواخر عام 2018، مات مئات الأطفال بسبب الالتهاب الرئوي والجفاف وسوء التغذية.
كذلك يعاني الأطفال الرضع – المصابون بجروح ناجمة عن الإصابة بالشظايا– من سوء تغذية الحاد، كما أن العديد منهم لا يحصلون على رعاية طبية، فهم بحاجة ماسة إلى الرعاية، وليس لمزيد من الإيذاء.
على جميع الحكومات أن تعيد مواطنيها فورًا في هذه المخيمات الأكثر ضعفًا، وهم: الأطفال والأيتام غير المصحوبين بذويهم، والفتيات الحوامل، والأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة؛ والأطفال ممن ليس لدى أمهاتهم سجل عنيف، مع مراعاة تفضيل مصلحة الطفل؛ لأن الكثير منهم قد تعرضوا للانتهاكات، بما في ذلك العنف الجنسي، وينبغي تزويدهم بالمساعدة المناسبة، فضلًا عن دعم إعادة الاندماج.
وينبغي للحكومات أن تسمح بالعودة الفورية للمشتبه في أنهم إرهابيون في الحالات التي توجد فيها أدلة كافية لمحاكمتهم في محاكمهم الوطنية بحماية عادلة دون اللجوء إلى عقوبة الإعدام.
وفي الحالات التي يصعب فيها الحصول على أدلة، يجب على الحكومات استكشاف ما إذا كان من الممكن مقاضاة الجرائم الأقل جرمًا ببعض المساءلة، ويجب أن يتم إجراء تقييم للجنسية، وفي حالة الشك في ذلك، للفئات المتبقية، ينبغي للحكومات أن تعتمد تدابير أمنية مصممة وفقًا للأفراد، بهدف الإعادة التدريجية لجميع برامج إعادة الاندماج المعنية والفعالة للعائدين.
هذا ليس تفكيرًا مثاليًا. لقد كانت هناك حكومات أكثر تطلعًا للمستقبل– مثل كازاخستان وكوسوفو على سبيل المثال– فاستعادت مئات النساء والأطفال وبعض الرجال. فيما قبلت دول أخرى، بما في ذلك بلجيكا وفرنسا وألمانيا وأيرلندا وإيطاليا وتونس وبريطانيا، أطفالًا فرديين، وأحيانًا رفقة أمهاتهم. لكن هذا ببساطة لا يكفي.
وخلال عملي في الأمم المتحدة الذي استمر أكثر من 30 عامًا، معظمها في الدول التي تواجه تهديدًا إرهابيًّا، شعرتُ دائمًا بالدهشة من عدد المرات التي تواصل فيها الحكومات حملات مكافحة الإرهاب بطريقة وحشية، لدرجة أن النتيجة كانت خلق المزيد من الإرهابيين. وبينما نتفحص الأمور غير القانونية والبربرية والأخطاء الاستراتيجية التي ميزت "الحرب العالمية على الإرهاب" المشهورة بعد هجمات 11 سبتمبر، لا يمكن أن يكون هناك شك في أن مكافحة الإرهاب لا يمكن أن تنجح إلا إذا كانت قائمة على حقوق الإنسان.
يجب أن نبدأ بتنفيذ نظام للمواطنين الأجانب في سوريا يكفل المساءلة، مع إعطاء هؤلاء الأطفال بعض الأمل والكرامة وما بقي من طفولتهم إن كانت هناك بقية.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا