ذا جارديان | الولايات المتحدة وإيران لا تزالا على شفا الصراع

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – آية سيد

إن المواجهة الخطيرة بين القوات البحرية الإيرانية والأمريكية في الخليج العربي الشهر الماضي، والتي أثارها 11 زورقًا سريعًا تابعًا للحرس الثوري الإيراني، وتهديد الرئيس ترامب بعدها بأسبوع بإطلاق النار على السفن الحربية الإيرانية إذا حدث ذلك مجددًا، هي تذكِرة صارخة بقابلية الانفجار بين البلدين وسط التوترات المتزايدة. وإذا أرادا للصراع أن يحكم الموقف ويشتت الانتباه عن إخفاقاتهما في محاربة تفشي كوفيد-19 في بلادهما، يمكنهما الدخول في واحد بسهولة؛ لكن إذا لم يكونا يريدان ذلك، مثلما يدعيان دائمًا، ينبغي أن يجدا طريقة لإقامة خط ساخن عسكري.

تخيل لو أن السفارة السويسرية في طهران لم تُبلِّغ بنهاية الهجمات الصاروخية الإيرانية على المنشآت العسكرية الأمريكية في العراق بعد أن ثأرت طهران من قتل الولايات المتحدة للجنرال قاسم سليماني في شهر يناير،مساعدةً بذلك في ضمان ألا يتم تصعيد الموقف الخطير أكثر. أو أنه في 2016، عندما احتجز الحرس الثوري الإيراني 10 بحارة أمريكيين على متن قاربين نهريين انجرفا إلى المياه الإقليمية الإيرانية في الخليج العربي، لم يكن لوزير الخارجية حينها، جون كيري، اتصال مباشر مع نظيره الإيراني، محمد جواد ظريف. في خلال 30 دقيقة من علمهما بالحادثة، تحدث الرجلان "خمس مرات على الأقل … على مدار 10 ساعات تقريبًا". أطلقت إيران سراح القاربين والطاقم في الصباح التالي.

في المناخ الحالي الذي يسوده تبادل الاتهامات اللاذعة بين البلدين، والادعاءات بأن جيش الآخر متورط في أعمال إرهابية والتفاعل المباشر المنخفض بين الدبلوماسيين الكبار، وكذلك أيضًا إدراج الولايات المتحدة لظريف على القائمة السوداء في 2019،تحتاج واشنطن وطهران لقناة لخفض التصعيد العسكري من أجل تجنب الصراع غير المقصود في لحظة الأزمة.

إن التوترات النابعة من حملة "الضغط الأقصى" التي أطلقتها إدارة ترامب ضد إيران و"المقاومة القصوى" لطهران التي تشمل التصعيد في المنطقة وتكثيف برنامجها النووي، والتي أثارتها انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني في مايو 2018 وإعادة فرض العقوبات، هذه التوترات جلبت الجانبين إلى صراع كامل ثلاث مرات خلال الـ11 شهرًا الأخيرة. كانت المرة الأولى في أعقاب إسقاط إيران لطائرة مسيرة أمريكية في يونيو 2019؛ ثم في سبتمبر، عندما جرى اتهام إيران بمهاجمة البنية التحتية النفطية السعودية؛ ومجددًا عندما قتلت الولايات المتحدة الجنرال قاسم سليماني في يناير؛ ما أثار هجمات صاروخية إيرانية ثأرية في العراق. كان يمكن لجائحة كوفيد-19 أن تقدم نافذة لوقف إطلاق النار الإنساني، لكن يبدو أنها أصبحت مناسبة لإظهار التشدد في المواقف.

وفي ظل عدم رغبة أي من الجانبين في التنازل،ونقص قنوات التواصل الفعالة، والدبلوماسية المتوقفة والقوس المتسع لبؤر التوتر الإقليمية حيث تتأهب الولايات المتحدة وإيران وحلفائهما، فإن أي حادثة، حتى لو صغيرة، قد تخرج سريعًا عن السيطرة.

وفي حين أن القناة السويسرية أثبتت فاعليتها في توصيل الرسائل رفيعة المستوى، غير أنها مُصممة للاتصالات الدبلوماسية، وليست العسكرية، وربما لا تمنع تحول حادثة خلال مواجهة بين السفن العسكرية إلى إطلاق للنار. أتاح تويتر وسيلة غير عادية للتواصل المباشر بين كبار المسئولين من الجانبين. لكن من الصعب رؤية هذه المنصة العامة التي تشجع الجدال واللغة العنيفة تقوم بدور فعال في منع التصعيد غير المقصود.

وفي حين أن آلية خفض التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران يمكن أن تستفيد من التجارب الأمريكية السابقة مع خطوط الاتصالات العسكرية مع الخصوم، مثل الاتحاد السوفيتي والصين وروسيا والجماعات شبه العسكرية العراقية المدعومة من إيران،غير أنها ستتطلب بعض الابتكار. وفي ظل عدم وجود اتفاقية للحوادث البحرية بين الولايات المتحدة وإيران وغياب العلاقات الدبلوماسية، وكذلك أيضًا الإدراج المتبادل لجيوشهما في الخليج كتنظيمات إرهابية، فإن أي خط ساخن سيحتاج للمرور عبر وسيط.  

إن المرشح المثالي للعب دور الوسيط ينبغي أن يجمع بين الخبرة العميقة في ملاحة الخليج والخبرة في الوساطة والعلاقات الدبلوماسية البناءة مع كلٍّ من الولايات المتحدة وإيران. وبناءً على هذه الاعتبارات،تصبح عمان مرشحًا قويًّا. إنها تتولى أمن السفن التي تخرج من مضيق هرمز إلى خليج عمان، ونتيجة لهذا تمتلك فطنة وخبرة فنية في نقل الاتصالات. لقد سهلّت من قبل الاتصالات الأمريكية– الإيرانية، واعتبرها الجانبان وسيطًا صادقًا. عُمان لديها اتفاقية تعاون عسكري مع الولايات المتحدة، وتدير لجنة عسكرية مشتركة مع إيران.

ربما يزعم منتقدو هذه الآلية أنه بسبب التوترات المرتفعة والعداوة بين طهران وواشنطن، من المحتمل أن تواجه إقامة خط تواصل لخفض التصعيد معارضة سياسية شديدة، وأنه ربما يثبت عدم فاعليته حتى لو تمت إقامته. لكن قدرته على منع الحسابات الخاطئة الكارثية والتصعيد غير المقصود تفوق تكاليفه ومخاطره، حتى لو كانت صلاحياته محدودة. وأيضًا لكونه بسيطًا في نطاقه وطموحه، فإنه لن يتطلب أي ابتعاد عن نهج "الضغط الأقصى" الذي تتبعه إدارة ترامب، ولن يترتب عليه موافقة إيران على التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة، الذي ترفضه من حيث المبدأ.

إن التغلب على العقبات التي تواجه القناة بين الولايات المتحدة وإيران، حتى لو عن طريق وسيط، سيكون صعبًا، نظرًا للجمود الدبلوماسي وانعدام الثقة بين الجانبين. لكن في هذه اللحظة الخطيرة، سيكون من المهم أن نحاول.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا