الصحافة الألمانية| أردوغان لا يعبأ بالاتحاد الأوروبي.. وهل تمول الدوحة ميليشيات حزب الله؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – عماد شرارة

تيارات الإسلام السياسي تهدّد وجود المجتمعات الأوروبية

نشر موقع "تاجسبوست" تقريرًا للكاتب "ستيفان باير" أشار إلى خطورة الإسلام السياسي على أوروبا والمجتمعات الأوروبية وعن الخطوات السبَّاقة التي اتخذتها وزيرة الاندماج الجديدة في النمسا، سوزان راب (ÖVP)، لمحاربة هذا الفكر واجتثاثه من جذوره في النمسا وأوروبا.

وقالت "راب" إن الحكومة النمساوية لا تزال تُصرّ على تمديد حظر الحجاب على الفتيات في المدارس حتى سن 14 عامًا، رغم معارضة تيار الإسلام السياسي، وتابعت الوزيرة بأن الفتيات اللاتي يرتدين الحجاب في مرحلة الطفولة يتعرضن للكثير الضغوط، سواء من قِبل الأسرة أو الأقران، ومن ثمّ رأت الحكومة أن تبادر بهذه الخطوة لتشجيع الفتيات في المدارس على التطور الذاتي وعدم ارتداء الفتيات للحجاب دون سن الـ 14 عامًا في المدرسة، وردت الوزيرة على اعتراضات الجماعة الإسلامية النمساوية (IGGÖ) بأن هذا الإجراء يمثّل نوعًا من الاضطهاد والتمييز ضد المسلمات اللاتي لا يُسمح لهن بارتداء الحجاب، في حين يسمح للمسيحيات بارتداء الصلبان، قائلة: "الحجاب للأطفال ليس رمزًا دينيًّا، لكنه علامة على القمع والإكراه، ومن ثم يجب على الحكومة الفيدرالية أن تحمي الفتيات حتى يستطعن أن يقررن بعد ذلك بحرية واستقلال إن أردن ذلك".

وحول المخاوف من مخاطر وعواقب هذا القرار واحتمالية أن يتسبب في حظر جميع الرموز الدينية في الأماكن العامة وقاعات المحاكم والمدارس؛ أجابت الوزيرة بأنه لا مانع من الناحية القانونية من تعليق الصليب في الفصول الدراسية والأماكن العامة، فهو جزء أساسي من التراث المسيحي والتاريخ الثقافي الأوروبي، بالإضافة إلى أن المحكمة الدستورية أقرت بأن الصليب هو رمز للحضارة الأوروبية، ومن ثم لا يحظر تعليقه في المدارس النمساوية، كما أن الحظر لا يتعلق بالحجاب نفسه؛ بل يتعلق بالمشاكل المتعلقة بالحجاب كالعنف والتمييز وغيرها من المشاكل، لذا لا يمكن أن نتسامح إطلاقًا مع العنف ضد النساء والفتيات في النمسا، ويجب أن يحظى الطلاب المسلمون بالحماية مثل غير المسلمين، الأمر الذي يتطلب الكثير من البرامج الوقائية، مثل التأهيل التربوي والمناقشات مع الآباء، وعلينا أن نطبّق قواعد التعايش على أنفسنا أولًا.

 وحول موقفها من الإسلام السياسي، أوضحت "راب" أن هناك فرقًا كبيرًا بين الإسلام كدين نقي وبين الأيدولوجية السياسية للإسلام التي تستغلها التيارات السياسة الإسلامية لاختطاف الدين وتشويهه، لذا جاءت فكرة إنشاء "مرصد مكافحة الإسلام السياسي" على غرار "مركز مكافحة جرائم اليمين المتطرف" في النمسا؛ فالأيديولوجية الخطيرة للإسلام السياسي هي سم قاتل للمجتمع الأوروبي، كما يجب علينا أيضًا حماية المسلمين في النمسا من هذا الخطر، وعلينا أن نكون يقظين بشأن التطورات الدولية التي يمكن أن تعرّض سيادة القانون للخطر، ولذلك سيتولى مركز التوثيق تلك المهمة الخاصة بالكشف عن هذه الشبكات الأيديولوجية المتخفية في كافة المجالات، كالتعليم ووسائل التواصل الاجتماعي والجمعيات الإسلامية.

 ويمكن التمييز بين المسلمين الذين يتمتعون بالقدرة على الاندماج والالتزام السياسي وبين تيارات "الإسلام السياسي" من خلال فهم طبيعة الإسلام السياسي الذي يعمل وفق أيديولوجية أصولية تدعو لترسيخ الإسلام كشكل من أشكال الدولة والحكم، ومن ثم لا يعترف أنصار تلك التيارات بقوانين الدولة ولا دستورها، ولا يعترفون بحقوق الإنسان أو الحقوق الديمقراطية الأساسية.

كما تطرقت الوزيرة لقضية استغلال هذه التيارات من قبل أطراف خارجية، وأكدت أنه من المهم الكشف عن هذا الجوانب لحماية الشباب وتحذيرهم، ولن نسمح مرة أخرى بأن تكون الجمعيات الدينية في النمسا امتدادًا لدول خارجية كتركيا أو إيران، ومن ثم تعمل الحكومة على توفير دعم ذاتي أو حكومي لهذه الجمعيات والجماعات.

وتابعت الوزيرة بأن الدولة تُشرف على حصص التربية الدينية وتتأكد من موافقة المحتوى لروح المحبة والتسامح، ولا شك أن التربية الدينية الإسلامية يمكن أن تقدّم مساهمة مهمة في مكافحة الميول المتطرفة، ويجب أن يكون لجميع الكنائس المعترف بها والمجتمعات الدينية موقف إيجابي تجاه المجتمع والدولة، ويجب ضمان ذلك أيضًا في الفصل الدراسي من خلال تعليم القيم الديمقراطية مثل المساواة بين المرأة والرجل؛ فالنمسا ليست دولة علمانية بالمفهوم الفرنسي، ولا دولة دينية، ولكنها في الوقت نفسه تقدّم نموذجًا للتعامل والتعاون السلس بين الدولة والكنائس وبين الدولة الإسلام.

 كما يعدّ النموذج النمساوي للتعاون بين الدولة والكنيسة الكاثوليكية وجميع المجتمعات الدينية المعترف بها هو نموذج ناجح ويجب أن يستمر، حيث تقوم الكنائس والجمعيات الدينية بعمل متميز في مجال الرعاية الرعوية والتعليم وكذلك في القطاع الاجتماعي والخيري.

هل يمول القطريون منظمة "حزب الله اللبنانية" المحظورة؟

نشر موقع "تسايت أونلاين" تقريرًا للكاتبين "ياسين موشاربش" و"هولجر شتارك" لفت إلى ما وُصِفَ بفضيحة دولة قطر المتعلقة بتمويل منظمة "حزب الله اللبنانية" الإرهابية، وموقف المجتمع الدولى والأمم المتحدة من التجاوزات القطرية المتكررة فيما يتعلق بتمويل قطر للجماعات المتطرفة.

وعادةً ما تحاط العمليات الاستخباراتية والعملاء بالسرية التامة، وقد لا تَعرف بعض هذه العمليات طريقها للعلن، لكن تلك الفضيحة القطرية التي تتعلق بعمليات ونشاطات مشبوهة عن طريق عملاء سريين من الدوحة وبرلين لفتت الانتباه مجددًا إلى الانتهاكات القطرية المتكررة والتي تسببت في انتقاد وإدانة المجتمع الدولي بعد ثبوت طلوعها في تمويل الإرهاب ونشاطات الظل، فإلى أي مدى يمكن لوكالة العلاقات العامة الألمانية أن تلعب دورًا في مثل هذه النشاطات المشبوهة؟

"جايسون. ج" عميل استخباراتي للعديد من الأجهزة الأمنية ووكالات المخابرات في العالم، ويدير شركة صغيرة خاصة، استطاع من خلالها أن يطوف العالم دون الشك في حقيقته، حتى تمكن من الوصول إلى دولة قطر الصغيرة، والتي تستعد لاستضافة كأس العالم بعد عامين.

استطاع العميل "ج" كشف اللثام عن معلومات خطيرة حول ضلوع قطر في عقد صفقة أسلحة من أوروبا الشرقية لصالح منظمة "حزب الله اللبنانية" المحظورة دوليًّا والتي قامت ألمانيا بحظر نشاطها هناك منذ أبريل 2020، وقد أثبتت الوثائق أن منظمة "قطر الخيرية" قد جمعت تبرعات من القطريين واللبنانيين المتواجدين في قطر لتمويل هذه الصفقة، الأمر الذي يعدّ دليلًا واضحًا على تمويل الدوحة للإرهاب، وقد تؤدي هذه الخطوة في النهاية إلى فرض عقوبات دولية عليها؛ فإسرائيل والولايات المتحدة تعملان منذ عقود من أجل تجفيف منابع التمويل لمنظمة "حزب الله"، فما الذي يمكن أن تضيفه هذه الوثائق والمعلومات؟

في نهاية عام 2017 التقى العميل "جايسون ج" بالسيد "مخائيل إيناكير، المستشار السياسي ورئيس مجلس إدارة شركة "WMP" الاستشارية منذ عام 2015، والذي تنقل بين العديد من الوظائف الإعلامية والصحفية والسياسية في ألمانيا من أجل تسويق هذه الملفات السرية والمعلومات الاستخباراتية القيمة، وهو ما حدث بالفعل، واستطاع السيد "إيناكير" لعب الدور الأبرز في التوسط بين الحكومة القطرية والعميل "جايسون" مقابل نسبة من أرباح العقود تصل لـ 30% تقريبًا.

قيمة الوثائق والمعلومات

اتفق السيد "إيناكير" مع العميل "جايسون. ج" على تقييم هذه المعلومات من قِبل المخابرات الألمانية ليتم التفاوض بعدها مع الجهات المعنية التي تستطيع تقييم هذه المعلومات والوثائف التي قدّر ثمنها بعشرات الملايين من الدولارات، سواء كانت هذه الأطراف خصوم قطر أم الدولة نفسها، والتي يمكن أن تدفع ما يطلبه العميل "ج" والسيد "إيناكير" من أجل التكتم على هذه الوثائق وعدم نشرها، وبعدما تم تقييم هذه الوثائق من قبل المخابرات الألمانية، اتفق الطرفان على تسويقها لدى المسئولين القطريين، والتي تم استنزافهم بعشرات الآلاف من اليوروهات. ومنذ نهاية عام 2017، نجحت الوساطة التي قامت بها شركة العلاقات العامة الألمانية برئاسة "إيناكير" في تنظيم 6 اجتماعات في بروكسل، التقى خلالها العميل "جايسون" ودبلوماسي قطري كبير، من أجل تسوية الأمر وتسليم الملفات، وقال العميل "جايسون ج" إنه كان يحصل في كل اجتماع على 10 آلاف يورو من الدبلوماسي القطري كجزء من الاتفاق المبرم بين الطرفين.

القطريون يقدمون 750 ألف يورو لإخفاء الوثائق

لم تعلق حكومة الدوحة أو السفير القطري في برلين على صحة هذه التفاصيل، لكن المتحدث باسم الحكومة القطرية في الدوحة اكتفى بالتصريح بأن قطر تلعب دورًا محوريًّا في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب والتطرف بالشرق الأوسط، وأنها تحظى بقوانين صارمة لمنع تمويل الإرهابيين من قبل الأفراد أو المؤسسات القطرية، وأن من يفعل ذلك تتم معاقبته بشدة طبقًا للقانون القطري. وفي الوقت نفسه يؤكد "جاسون. ج" أنه رفض عرضًا قطريًّا يقدّر بـ 750 ألف يورو مقابل عدم نشر هذه المعلومات والوثائق، لكنه رفض، خاصة بعدما تأكد من قدرة المسئولين القطريين على لي الحقائق والتظاهر بالسعي نحو السلام حتى مع إسرائيل، غير أن الحقيقة التي أثبتتها الوثائق تقول إن هناك مسئولين في أعلى الدوائر القطرية، سواء في الحكومة أو الجيش القطري، شاركوا بشكل مباشر وبعلم الحكومة القطرية في تمويل هذه الصفقات من أجل دعم حزب الله.

صراع الغاز بين اليونان وتركيا وأوروبا على شفا حرب طاحنة

نشر موقع "تي أون لاين" تقريرًا للكاتب "باتريك ديكمان" لفت إلى الصراع التركي اليوناني على الغاز في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وخطورة اندلاع حرب بين حلفاء الناتو بسبب التهور التركي والسياسة العدوانية للرئيس أردوغان تجاه دول الجوار.

وكادت تحدث مواجهة عسكرية بين البوارج الحربية التركية واليونانية في بحر إيجة، لولا تدخل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في اللحظات الأخيرة، فقد توسطت بين رئيس الوزراء اليوناني "كيرياكوس ميتسوتاكيس" والرئيس التركي، ولا يقتصر هذا التصعيد على الصراع على الغاز فقط، بل يتخطى ذلك بكثير وقد يُنذر بنشوب حرب طاحنة في وسط أوروبا!

وما حدث من أردوغان كان مغامرة يمكن أن تُشعل المنطقة برمتها؛ فالصراع على الغاز صراع قديم منذ اكتشاف الغاز الطبيعي في شرق المتوسط عام 2010، لكن هناك ثلاثة أسباب وراء التصعيد المتكرر بين الجانبين والذي يصعب حله، وتلك الأسباب هي:
1.    جزيرة قبرص

لا يمكن حل النزاع حول الغاز إلا من خلال حل الصراع حول جزيرة قبرص التي تم تقسيمها عام 1974 إلى جزيرتين؛ شمالية تتبع تركيا وجنوبية تتبع اليونان، لكن فشل إعادة الوحدة للجزيرة حتى الآن لا يرجع إلى إرث الحرب الدموية منذ 56 عامًا، ولكن إلى الرغبة التي أعرب عنها أغلبية (76%) من القبارصة اليونانيين في استفتاء عام 2004، خوفًا من مشاكل اقتصادية بعد ضم الشمال الأضعف اقتصاديًّا، في حين صوتت نسبة 65% تقريبًا من القبارصة الأتراك لصالح إعادة الوحدة.

وتتمثل مشكلة التقسيم القانونية في أن المجتمع الدولي لا يعترف بقبرص الشمالية، ومن ثم فجمهورية قبرص اليونانية – وفقًا لقرار الأغلبية الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة – يمكنها أن تعلن أن المنطقة الاقتصادية حول الجزيرة منطقة حصرية (EEZ) وفقًا للقانون الدولي، بما في ذلك مصادر الغاز المحتملة، لكن تركيا لا ترغب في الاعتراف بهذه المنطقة الاقتصادية لأنها ترى أن مصالحها ومصالح القبارصة الأتراك مهددة، لا سيما بعد رفض الجانب اليوناني مبادرة الاتحاد الأوروبي، التي منحت أيضًا جزءًا من عائدات الغاز إلى شمال قبرص، الأمر الذي يفسّر إصرار تركيا على التخطط لمواصلة حفر الغاز قبالة قبرص.
2.    جزر بحر إيجه

هناك خلافات حول تحديد المناطق الاقتصادية أيضًا في بحر إيجه؛ فاليونان تعتبر أن المياه المحيطة بالجزر مثل جزيرة كريت تتبع المنطقة الاقتصادية لها، لكن تركيا ترى أن الجزر لديها مياه إقليمية، حيث تقع جزيرة كاستيلوريزو على بعد ثلاثة كيلومترات فقط من البر الرئيسي التركي، وحتى الحرب العالمية الأولى كانت جزءًا من الإمبراطورية العثمانية، ولكنها اليوم جزء من اليونان، وبالنسبة لأثينا تعتبر المياه المحيطة حول الجزيرة جزءًا من المنطقة الاقتصادية اليونانية، وتعتبر أنقرة ذلك إهانة.

3.    تركيا كمركز للطاقة

يخطّط أردوغان أيضًا لاستغلال موقع تركيا في نقل وإنتاج الغاز الطبيعي، لذا أنشأ خطوط الغاز مع روسيا، ومن المقرر أن يقود خط أنابيب روسي تركي من روسيا عبر تركيا إلى أوروبا، وكانت اليونان قد اتفقت مع كل من مصر واسرائيل على توريد الغاز إلى أوروبا عن طريق بلادها لكن ترسيم الحدود البحرية مع حكومة الوفاق أضاع عليها هذه الفرصة.

هذه هي الأسباب التاريخية والسياسية للصراع، لكن هناك أيضًا أسباب لا تتعلق مباشرة بإنتاج الغاز أو النزاع الإقليمي؛ فأردوغان يبحث عن صراعات سياسة خارجية للتغطية على المشاكل الداخلية التي يعاني منها في الآونة الأخيرة بسبب أزمة كورونا، وانهيار العملة التركية، كما يعد الرئيس التركي المسئول الأول عن كل هذه الإخفاقات، لذلك يرغب في تقديم نفسه للأتراك كمدافع عن تركيا والمسلمين في النزاع مع الدول المسيحية في الخارج، ومن ثمّ سعى للتصعيد مع الاتحاد الأوروبي واليونان؛ فقد قام بفتح الحدود أمام اللاجئين للهروب إلى أوروبا عبر اليونان كوسيلة للضغط؛ ما أدى إلى اضطرابات خطيرة وتصعيد مع اليونان، وجاءت الخطوة الأخيرة لتركيا من خلال تحويل متحف "آيا صوفيا" في إلى مسجد، الأمر الذي استفز الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية والروسية.

ما مدى خطورة الحرب؟

قد تُحقق سياسة أدوغان قدرًا من النجاح على الصعيد الداخلي التركي، لكنه في الوقت نفسه يفقد تقريبًا كل حلفائه في الخارج، فأنقرة تفتح العديد من الجبهات في سوريا وليبيا والعراق ضد ميليشيا حزب العمال الكردستاني، كل هذه الظروف هي التي تدفع الطرفين لعدم خوض حرب بين الجانبين، ومع ذلك فمن الممكن أن تخرج الأمور عن السيطرة، وحينها لن يمكن إيجاد حل للوضع الصعب إلا من خلال القنوات الدبلوماسية، ولكن لا يكاد يوجد أي وسطاء يبدو لهم مصداقية لدى الجانبين.

وفي الوقت نفسه يواجه الاتحاد الأوروبي معضلة دبلوماسية لأنه يجب أن يظهر تضامنًا مع أعضائه (قبرص واليونان) وهذا هو السبب في عدم وجود استراتيجيات من قبل الاتحاد تهدف إلى تحقيق التوازن بين مصالح الشركاء المتنازعين، ويقتصر الأمر فقط على الإدنات والنداءات التي تضرب بها تركيا عرض الحائط في الغالب.

ألمانيا تلعب دور الوسيط

يطالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بفرض عقوبات على تركيا ردًّا على التصعيدات المتكررة، ورغم أن هذه العقوبات لن يكون لها أي تأثير يذكر، غير أن ماكرون يريد إرسال رسالة للاتحاد الأوروبي، مفادها أن ألمانيا يجب أن تعلب دورا أقوى في مثل هذه النزاعات، كما أن الولايات المتحدة من ناحية أخرى، ليس لديها مصلحة في الصراع حول غاز المتوسط، على الرغم من أنها قد تمارس ضغوطًا على كلا البلدين داخل الناتو، لكن واشنطن بحاجة إلى أنقرة لوقف زيادة نفوذ روسيا في منطقة البحر المتوسط.

المسلمون في الجيش الألماني بلا رعاية دينية

نشر موقع دويتش فيلله تقريرًا للكاتب "كريستوف شتراك" تحدث عن إشكالية عدم تعيين مرشدين مسلمين (وعّاظ) بالجيش الألماني على غرار تعيين حاخامات للجنود اليهود وقساوسة للجنود المسيحيين، بالرغم من تزايد أعداد المسلمين في صفوف الجيش.

ناريمان حموتي-راينكه، الضابطة المسلمة في الجيش الألماني (من أبوين مغربيين) والتي خاطرت بحياتها بالخدمة مع القوات الألمانية التي شاركت في الحرب على أفغانستان تشعر بالتمييز وعدم المساواة، ورغم تزايد عدد المسلمين في الجيش الألماني، إلا أنهم لا يحظون حتى الآن بالرعاية الدنيية أسوةً بزملائهم من المسيحيين واليهود. وتحكي الملازمة "رينكه" (41 عامًا)، والتي ولدت بالقرب من هانوفر، عن معاناتها بسبب عدم وجود المرشد الديني للمسلمين في الجيش الألماني، حيث كانت تبحث في كل مرة تخرج فيها لأداء مهمة خارج البلاد لمن يحمل وصيتها، وينقل خبر استشهادها إن قُتلت أثناء القتال، وكانت هذه الأمور تستغرق جزءًا كبيرًا من جهدها ووقتها للبحث عن الشخص المناسب الذي يمكن أن يقوم بهذا الدور.

وأعلنت الحكومة الفيدرالية والمجلس المركزي لليهود عن تعيين مرشدين دينيين لليهود بالقوات المسلحة قبل عام ونصف، في خطوة تاريخية بالنسبة لألمانيا، ومنذ تلك اللحظة وهناك وعود بتعيين مرشديين دينيين للمسلمين بالجيش، لكن ذلك لم يحدث حتى الآن.

حق المسلمين

يبلغ عدد الأفراد بالقوات المسلحة الألمانية، طبقًا لما هو معلن حوالي 185 ألفًا؛ من بينهم 53400 فرد من البروتستانت، وحوالي 41.000 من الكاثوليك، في حين يبلغ عدد المسلمين بالجيش الألماني 3000 فرد، بينما يبلغ عدد اليهود نحو 300 يهودي فقط، ومع ذلك وقّعت الحكومة الألمانية بحضور الرئيس الاتحادي، فرانك شتاينمير، ووزيرة الدفاع الألمانية "انغريت كرامب-كارنباور" مع السيد "جوزيف شوستر"، رئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانيا، اتفاقًا لتعيين مرشدين دينيين لليهود بالجيش الألماني.

 أقوال وليست أفعالًا

في نهاية يناير الماضي 2020 حين التقت وزيرة الدفاع السيدة "أنيغريت كرامب كارينباور" رئيس الجالية اليهودية في ألمانيا للاتفاق على تعيين حاخامات بالجيش الألماني، نظرت لرئيس المجلس المركزي للمسلمين السيد "أيمن مزيك"، ووجهت حديثها له بأن يكون مستعدًا لمثل هذه الخطوة قريبًا، كما صرح المتحدث باسم وزارة الدفاع بضروروة توفير الرعاية الدينية للمسلمين والمسلمات بالجيش الألماني، حيث للجميع الحق في الرعاية الدينية وفقًا لمعتقداتهم الدينية دون تمييز، وقد مرت ستة أشهر دون أن يحدث شيء.

الانتخابات البرلمانية أوقفت المشاورات

أقرت وزارة الدفاع بشكل أساسي بتعين قس مسئول عن الرعاية الدينية لكل 1500 جندي مسيحي، ويقول الأسقف العسكري رينك إنه كانت هناك بالفعل مشاوات مع وزيرة الدفاع السابقة "أورسولا فون دير لين" (2013-2019) لتعيين مرشدين مسلمين لكن الأمر توقف بسبب الانتخابية البرلمانية عام 2017، ولعل العقبة الأبرز في هذا الأمر هي صعوبة تمثيل المسلمين، حيث كانت الوزارة مترددة في التفاوض مع المجلس المركزي للمسلمين، باعتباره لا يمثّل جميع المسلمين أو أغلبهم في ألمانيا.

الجيش الأمريكي نموذجًا

احتدم النقاش حول الجانب القانوني للراعية الدينية للمسلمين، فتحدث الأسقف العسكري "رينك" حول ضرورة عدم تعيين إمام لهذه الوظيفة، الأمر الذي أثار استهجان واستغراب "أيمن مزيك"، وضرب الأخير مثلًا بالولايات المتحدة، التي تعين أئمة بالجيش الأمريكي كرعاة دينيين، وأكدت "حموتي" أنها تعرف شخصيًّا جنديات أمريكيات مرتديات للحجاب، لكن ألمانيا تريد أن تتخذ في هذا الشأن مسارًا خاصًّا؛ فهل سيحدث أي تغيير في هذا الملف قبل الانتخابات البرلمانية في خريف 2021؟

الجواب: لا، على الأرجح، فقد استغرق الأمر في تعيين حاخامات عسكرية بالجيش الألماني أكثر من سنة ونصف مع وجود الإرادة عند الجميع، فما بالكم إذا لم تكن هناك إرادة أو كانت متعارضة؛ فهذا ليس من العدل، وكأن ألمانيا ليس بها مسلمون، على الرغم من أننا نخدم في هذا البلد، ونضحي بحياتنا من أجله".

أردوغان لا يعبأ بالاتحاد الأوروبي

نشر موقع "هاندلسبلات" مقالًا للكاتبة "إيفا فيشر" أشار إلى استغلال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتشتت وعجز الاتحاد الأوروبي الذي تديره ألمانيا في الوقت الراهن، حيث يعمد أردوغان لإهانة السياسة الخارجية للاتحاد والقائمة على الحوار والتفاهم وتجنب التصعيد، تلك اللغة التي لا يفهمها أردوغان إطلاقًا.

ويعاني الاتحاد الأوروبي بالفعل فيما يتعلق بإدارة السياسة الخارجية، وتعتمد هذه السياسة على التوافق المفقود، حيث تستطيع أي دولة من الدول الأعضاء الـ 27 استخدام حق النقض، وهذا الحق هو كفيل وحده بهدم السياسة الخارجية للاتحاد، الأمر الذي يفسر الموقف المتخاذل من الاتحاد الأوروبي تجاه العدوان التركي على اليونان وقبرص، الدولتين العضوتين بالاتحاد الأوروبي، رغم أن التوافق في مثل هذه الحالات هو أمر منطقي تمامًا؛ فتركيا تعتدي على السيادة اليونانية والقبرصية بالتنقيب عن الغاز في المياه الإقليمية اليونانية والقبرصية، لكن المفارقة هي أن ألمانيا هي التي تعارض هذه الخطوة خوفًا من ردة فعل الأتراك في ألمانيا أو خوفًا من الإرث التاريخي الذي جعل ألمانيا تختار خيار التفاوض على الدوام، وهو خيار لا يمكن أن يؤتي بثماره مع الاعتداءات التركية السافرة على دول الاتحاد الأوروبي المذكورة.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا