الصحافة الألمانية|تركيا والاتحاد الأوروبي حلم في مهب الريح..وما مستقبل الجمهوريين بعد ترامب؟

مترجمو رؤية

رؤية

بوتين وأردوغان في سوريا.. اختبار للقوة وصراع مفتوح

نشر موقع “تاجس شبيجل” تقريرًا لكل من الكاتب “كريستيان بوما” و”توماس زايبرت” تحدث عن الصراع بين الرئيسين الروسي فيلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، حيث لم يكتفِ الأخير بمزاحمة روسيا في سوريا فقط، بل امتدت التدخلات التركية لتصل منطقة القوقاز التي تقع في الامتداد الروسي، الأمر الذي أدى إلى مزيد من التوترات في العلاقة بين البلدين ونتج عنه اشتعال الساحة السورية، وتوجيه الكثير من الضربات العسكرية للقوات التركية والموالية لها في سوريا.

ولم يدم الهدوء في إدلب طويلًا حتى وجهت روسيا مؤخرًا ضربة جوية موجعة لـ”فيلق الشام”، الفصيل الأكثر ولاءً وقربًا من القوات التركية في سوريا، وقد راح ضحية هذا الهجوم العشرات.

هذا الهجوم كان بمثابة إعلان حرب على القوات التركية في سوريا؛ فموسكو ترغب في زيادة الضغط على أنقرة في سوريا، كما أنها تريد من خلال هذا الهجوم توجيه رسالة لأردوغان مفادها أنه يجب عليه أن يتوقف عن التدخل في الصراع القائم بين أذربيجان وأرمينيا حول ناغورنو كاراباخ. ويتواجد كلا البلدين معًا في سوريا التي تعدّ ساحة حرب منذ سنوات، وعلى الرغم من أن موسكو تدعم بشار الأسد وأنقرة تدعم المعارضة، إلا أن هناك مصالح مشتركة بين الجانبين تدفعهما للتنسيق والتعاون، لا المواجهة والصراع؛ فمسكو تريد فصل تركيا (دولة الناتو) عن الغرب، بينما تهتم أنقرة بتحقيق مصالحها الخاصة في سوريا في المقام الأول، لكن إصرار الأسد على إعادة إدلب، آخر معاقل المعارضة يلقي بثقله على هذا التعاون بين البلدين وينذر بتحويلها لمواجهة عسكرية مباشرة مع سوريا، ولذلك هدّد أردوغان بغزو الشمال السوري مرة أخرى إذا تطلّب الأمر ذلك لحماية المصالح التركية هناك.

هدنة قصيرة

كان هناك اتفاق بين رئيس الكرملين فلاديمير بوتين وأردوغان يقضي بوقف إطلاق النار بين حلفائهما في سوريا لتهدئة الأجواء في إدلب، ومع ذلك نفذت الطائرات الحربية الروسية والسورية العديد من الهجمات في المنطقة في الآونة الأخيرة، لدرجة اضطر معها الجنود الأتراك إلى الانسحاب من بعض نقاط المراقبة. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد قُتل أربعة أشخاص في قصف صاروخي للجيش السوري على مدينة أريحا على الطريق السريعM4 ، المهم استراتيجيًّا.

إصرار الأسد على استعادة إدلب

ما زال نظام الأسد يُصرّ على أنه لن يتخلى عن إدلب ويعلن للطرفين (الروسي والتركي) أنها مسألة وقت، وأن الأعوام العشرة التي مضت لا تعني التخلى عن إدلب، ولذلك قام الأسد قبل أيام قليلة بتعيين محافظ جديد للمحافظة التي تقع خارج سيطرته، ولكنه يريد أن يؤكد أنه عازم – دون أدنى شك – على استعادة السيطرة على إدلب، وأن من يحتلونها عليهم انتظار القوات السورية التي ستقضي على جيوب الإرهاب المتبقية في البلاد، مهما كان الثمن ومهما كلف ذلك.

وربما يصر الأسد على خوض هذه المعركة المؤجلة للتحايل على الموقف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا، الرافض لبقاء الأسد في السلطة وبسبب رفضه تغيير الدستور أو حتى التفاوض حول هذا الأمر.

تضع الهجمات الجديدة لسلاح الجو الروسي والجيش السوري في إدلب تركيا في مأزق، حيث إن ميليشيا فيلق الشام شريك مهم لأنقرة، وشاركت في الغزو العسكري في شمال سوريا إلى جانب الجيش التركي في السنوات الأخيرة، لكن تركيا كانت قد وعدت موسكو عدة مرات بالسيطرة على الجماعات المتطرفة في إدلب، وهو مالم يحدث؛ فلا تزال ميليشيا “هيئة تحرير الشام” المتطرفة، والمحسوبة القاعدة تسيطر على أجزاء كبيرة من المحافظة وتقوم بالعديد من الهجمات ضد القوات الروسية والسورية.

يقول “كريم هاس”، الخبير في الشئون الروسية والتركية: “إن روسيا انتظرت فترة طويلة حتى قامت بهذه الضربة؛ فعجْز أنقرة عن السيطرة على المتطرفين والجماعات المولية للقوات لتركيا وفّر لموسكو ذريعة قوية لإظهار قوتها في إدلب”.

أردوغان والحرب حول إقليم ناغورنو كاراباخ

يريد بوتين أن يوقف تدخلات أردوغان فيما يتعلق بالصراع حول ناغورنو كاراباخ، حيث تدعم أنقرة الجانب الأذربيجاني في النزاع، أي أنها تقف في مواجهة غير مباشرة مع روسيا، التي تعد حليفًا قويًّا لأرمينيا، ومن ثمّ فأردوغان يشكّك في الموقف الروسي كقوة حماية في منطقة القوقاز، ولذلك رفضت موسكو قبل أيام قليلة بشكل قاطع طلب أردوغان المشاركة في المحادثات والمفاوضات في كاراباخ، وردت موسكو بهذه الضربة الجوية ضد فيلق الشام، الميليشيا الإسلامية الموالية لتركيا، وليس ضد مقاتلي هيئة تحرير الشام، وقال السيد “تشارلز ليستر” من معهد الشرق الأوسط في واشنطن والخبير في شئون الشرق الأوسط على تويتر، إن هذه الضربة رسالة مباشرة من موسكو إلى أنقرة.

وقد أشار أردوغان خلال تعليقه على الغارة الجوية إلى أنه يرى أن هناك مشاكل كبيرة في التعاون مع روسيا في سوريا، وأن موسكو لا تريد إحلال سلام دائم في المنطقة، وتابع أردوغان أن الجيش التركي سيغزو شمال سوريا مرة أخرى إذا تطلب الأمر ذلك بسبب وجود المليشيات الكردية على الحدود.

أزمة جديدة

رغم أن الأمر لا علاقة له بوجود المليشيات الكردية، حيث إن ليبيا وأذربيجان ليس بهما مليشيات كردية، إلا أن الوضع قد يزداد سوءًا وينذر بأزمة جديدة، فمن ناحية بدأت واشنطن تنشط هناك من جديد، حيث شنّ الطيران الأمريكي هجومًا على المنطقة بزعم ملاحقة جماعة إرهابية، الأمر الذي سبّب قلقًا كبيرًا للسكان الذين باتوا لا يشعرون بالسلام والهدوء، لذلك يُخشى من تكرار موجات النزوح، التي حدثت أوائل عام 2019 في هذه المنطقة، حيث نزح ما يقرب من مليون ونصف من النساء والأطفال والرجال بسبب القتال، ولا يمكن لمخيمات اللاجئين في الوقت الحالي أن تتحمل مثل هذه الموجات؛ فهي مزدحمة للغاية، ويضطر الكثير من قاطنيها للمبيت في العراء، ويعاني الكثير منهم من الجوع ونقص الرعاية، خاصة في ظل انتشار وباء كورونا، وينذر الوضع بكارثة إذا ما تطورت الأمور في إدلب في الوقت الراهن.

مستقبل الحزب الجمهوري بعد ترامب

نشر موقع شبيجل تقريرًا للكاتب “رالف نويكيرش” لفت إلى مستقبل الحزب الجمهوري بعد خسارة ترامب للانتخابات الرئاسية الأمريكية، وموقف الحزب في مجلس الشيوخ ومجلس النواب (الكونجرس) وتأثير نتائج هذه الانتخابات على الحياة السياسية الأمريكية وانعكاساتها على العالم.

ورغم خسارة الجمهوريين الأمريكيين لسباق الرئاسة الأمريكي وخسارتهم لبعض الولايات المهمة، إلا أن نتيجة الانتخابات في مجملها ليست كارثية على الحزب كما تبدو. وللوهلة الأولى تبدو الانتخابات الجمهورية كارثة، حيث خسر الحزب الجمهوري الرئاسة، كما أن أغلبيته في مجلس الشيوخ باتت في خطر، وعادت الغلبة للون الأزرق التابع للديمقراطيين في الكثير من الولايات، حتى جورجيا وأريزونا تخليتا إلى حد كبير عن دونالد ترامب، لكن موقف المحافظين ليس سيئًا، ولم يحقق جو بايدن انتصارًا ساحقًا كما كان يأمل العديد من الديمقراطيين. وبعد أربع سنوات من حكم ترامب، لم يخسر الجمهوريون أعدادًا كبيرة، بل على العكس حصل الجمهوريون على أصوات أكثر مقارنةً بعام 2016.

ورغم هذه الفترة العصيبة التي أدار فيها ترامب البيت الابيض، ورغم انتشار وباء كورونا الذي راح ضحيته مئات الآلاف من الأمريكيين، لا يزال ما يقرب من نصف الناخبين الأمريكيين يثقون بالحزب الجمهوري ويرون أن إدارته للمشهد السياسي الأمريكي خلال الأربع سنوات القادمة ستكون مفيدة لبلده، فقد نجح ترامب إلى حد كبير بمساعدة بعض وسائل الإعلام اليمينية، مثل فوكس نيوز، في عزل جزء كبير من مؤيديه عن الواقع، واستطاع ترامب – رغم هزيمته في الانتخابات الرئاسية – مساعدة كل من دعمه وسانده من أعضاء الحزب الجمهوري، مثل السناتور ليندسي جراهام من ساوث كارولينا، الذي استطاع أن يحقق النجاح بسهولة في معقل من معاقل الديمقراطيين بفضل علاقته القوية بترامب.

وأثار التحالف الانتخابي الذي خطط له الديمقراطيون ضجة كبيرة، وكان الهدف من إنشائه ضمان هيمنة الديمقراطيين على الانتخابات لسنوات مقبلة، وهو ما حدث بالفعل في بعض الولايات الجمهورية، مثل جورجيا وأريزونا، حيث تمكن بايدن بالفعل من غزو هذه المعاقل وقلب النتائج بها لصالحه.

تحالف هش

لكن هذا التحالف كان هشًا وأتى بنتائج عكسية في ولايات أخرى؛ فقد ساعد اللاتينيون ترامب على الفوز في فلوريدا، كما ارتفعت نسبة المصوّتين له من النساء والرجال السود، وحتى نسبة التصويت لترامب من قبل الفئات العمرية المتقدمة (كبيرة) لم تنهار رغم أزمة كورونا، كما هو متوقع. وكذلك الحال بالنسبة للانتخابات النيابية؛ فلم يستطع الديمقراطيون اكتساحها كما كانوا يخططون؛ بل إن الجمهوريين حافظوا على قوتهم في المجلسين، الأمر الذي يصعِّب المهمة على زعيمة الأغلبية الديمقراطية “نانسي بيلوسي” في الحفاظ على قوة الحزب، حيث عجز الديمقراطيون عن الحصول على الأغلبية في مجلس الشيوخ.

كما فشل الديمقراطيون في تقسيم الجمهوريين إلى جناح راديكالي ومعتدل، ولو نجحوا في ذلك لما حظي ترامب بهذه الثقة من الناخبين، وهو يمثل الرمز الأقوى في الحزب الجمهوري، لكن الأصوات التي حصل عليها ترامب والأصوات التي حصل عليها النواب الجمهوريون القريبون من ترامب تؤكد فشل الديمقراطيين في تحقيق هذا المخطط.

قيادات الحزب تلتزم الصمت

أين الجناح المعتدل في الحزب الجمهوري؟ فقد قضى ترامب خلال الأربع سنوات الماضية على رموز الحزب، ولم يستطع أحد من القيادات البارزة في الحزب الجمهوري التعليق على تعليقات الرئيس خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، وحتى زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل، الذي يرى أن ترامب أبله ولكن ذلك مفيد، حينما أراد أن يتحدث عن دونالد تحدث بطريقة غير مباشرة، وغرد عبر تويتر قائلًا: “يجب احتساب جميع “الأصوات القانونية”، ويمكن فهم هذه الجملة على أنها إظهار الرغبة في التخلي عن ترامب أو العكس، ومع ذلك فلا يزال ترامب يسيطر على حزبه رغم الهزيمة؛ فعندما اشتكى ناخب يميني لترامب من موقف ليندسي جراهام، الصديق المقرب من ترامب، علق نجل ترامب دونالد جونيور على ذلك بقوله: “هذا الموقف من جرهام ليس فيه مفاجأة لأحد”، ولم تمض أيام حتى أعلن جراهام في مقابلة مع قناة فوكس نيوز أنه سيتبرع بمبلغ 500 ألف دولار لمعركة ترامب القانونية ضد نتيجة الانتخابات، وقال: “أنا أساند الرئيس ترامب لأنه ساندني كثيرًا”.

كما أن نتائج الانتخابات الأخيرة لا تعكس القوة الحقيقية للجمهوريين، حيث ستتمتع المحكمة العليا الأمريكية بأغلبية قوية من المحافظين في المستقبل القريب، فيما تشهد المحاكم الفيدرالية أيضًا عددًا كبيرًا من القضاة المحافظين، ومن ثم فإن الحزب الجمهوري يمكنه أن يستغل سلاح القضاء ليصنع كثيرًا ما تعجز السياسة عن صنعه، في حين أن حصول الحزب الجمهوري على الأغلبية في مجلس الشيوخ سيعوق بايدن عن تحقيق الكثير من وعوده في برنامجه الانتخابي، ولن يمكنه إجراء إصلاح شامل للرعاية الصحية، ولا إعادة هيكلة للنظام الضريبي الذي يفيد الأغنياء على وجه الخصوص، وسيبقى بايدن محمّلًا بإرث ترامب الثقيل.

التلاعب في تقسيم الدوائر الانتخابية

هناك انتصار آخر لحزب الجمهوريين تمثل في الحفاظ على الأغلبية البرلمانية في مجلس الشيوخ، الذي سيمكن الجمهوريين من إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية في العام المقبل للسنوات العشر المقبلة، وسيقوم حزب الأغلبية في مجلس الشيوخ بهذه المهمة، ولا شك أن الحزب الجمهوري سيستغل هذه النقطة لصالحة ويقوم بتقسيم الدوائر الانتخابية لصالح الحزب كما فعل في السابق.

سياسة أردوغان تقضي على الحلم التركي في الانضمام للاتحاد الأوروبي

نشر موقع “إذاعة ألمانيا” تقريرًا للكاتبة “سوزان جوستن” تحدث عن تقرير المفوضة الأوربية الأخير، والذي أكد أن سياسة أردوغان الحالية، الداخلية والخارجية، تجعل من المستحيل إمكانية انضمام تركيا للاتحاد، وأن حكومة أردوغان ضيقت من مساحة الديمقراطية وقضت على استقلال القضاء.

وأكد التقرير أيضًا أن تركيا تسير في الاتجاه المعاكس وأن سياستها الداخلية فيما يتعلق بسيادة القانون والفصل بين السلطات تسير بشكل سلبي، فحتى المحكمة الدستورية العليا في تركيا لم تسلم أيضًا من هذه التدخلات السياسية. وتعاني تركيا من عزلة شديدة لم تشهدها من قبل، ولا يزال النزاع مع جيرنها (اليونان وقبرص) مستمرًا وتتأزم علاقتها بفرنسا، وكذلك الحال بالنسبة لألمانيا والنمسا، ورغم ذلك تناضل تركيا رسميًّا منذ 15 عامًا للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، وتستمر المفاوضات دون إحراز تقدم، حيث تبتعد تركيا في ظل إدراة أردوغان وسياسته العدوانية يومًا بعد يوم عن معايير وشروط الانضمام للاتحاد، واتخذت تركيا خطوات للوراء في التقارب مع أوروبا؛ فسيادة القانون في تركيا باتت على المحك، كما تزداد المخاوف الأوروبية من الانتهاك المستمر للديمقراطية وانتهاك سيادة القانون والحقوق الأساسية واستقلال القضاء. وفي الآونة الأخيرة، وخاصة بعد محاولة الانقلاب واتهام فتح الله جولن، الصديق القديم لأردوغان، بالوقوف خلف هذه المحاولة، ومنذ هذه اللحظة يستغل أردوغان مؤسسات الدولة المتنوعة بزعم محاربة الإرهاب في ممارسة تعديات واضحة على الحقوق الأساسية للمعارضين، وهذا ما ذكره التقرير الأخير لمفوضية الاتحاد الأوروبي.

فيما ردت وزارة الخارجية التركية على التقرير بأنه “منحاز وغير بناء” ويتجاهل حق تركيا في الحفاظ على أمنها من الإرهاب والمنظمات الإرهابية، كما أشار التقرير أيضًا إلى أن المحاكم التركية تعج بقضايا الإرهاب، وأن السبب في ذلك هو استغلال الحكومة التركية للتعريف الغامض لمصطلح الإرهاب في القانون التركي، والذي يمكن أن يَعتبر التعبير عن الرأي أو المشاركة في التجمعات السلمية إرهابًا تتم المقاضاة عليه جنائيًّا، وبحسب معلومات رسمية، فقد حققت النيابة التركية هذا العام في أكثر من 300 ألف اتهام بالانضمام لعضوية جماعة إرهابية.

وتتعرض النقابات المهنية في تركيا للقمع؛ فقد حكم على المحامية “إبرو تيمتيك”، على سبيل المثال، بالسجن 13 عامًا لاتهامها بتهم تتعلق بالإرهاب وبدعم منظمة يسارية متطرفة “جبهة حزب التحرير الشعبي الثوري (DHKP-C)”، والتي تعتبرها أنقرة منظمة إرهابية، وهو ادّعاء لطالما كررته السلطات، ولذلك قال المتحدث باسم السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي “بيتر ستانو” معلقًا على وفاة “تيمتيك” نتيجة إضرابها عن الطعام: “إن ذلك نتيجته مأساوية تعكس حاجة السلطات التركية العاجلة لمعالجة وضع حقوق الإنسان في البلاد”.

كما انتقد محامي حقوق الإنسان والنائب المعارض سيزجين تانريكولو، محاكمة تيمتيك، وقال إن هذه المحاكمة كانت مُعدّة مُسبقًا، حيث إنه قد جرى تبرئتها في البداية، لكن تم تغير الدائرة ليتم إدانتها والحكم عليها كما حدث، وتابع تانريكولو بأنه لا يمكن أن يتخيل أحد مدى المعاناة والظلم التي يدفع محامية للإضراب عن الطعام حتى الموت من أجل المطالبة بمحاكمة عادلة، ليس أكثر من ذلك! إنها تريد وغيرها محاكمة عادلة فقط، وتضحّي بحياتها من أجل ذلك، وللأسف لم يتحقق ذلك في بلادنا”.

الوضع المؤسف للقضاء في تركيا

لم يصب الإحباط الأتراك العاملين في حقل الدفاع عن حقوق الإنسان فحسب، بل أعرب العديد من مقرري الأمم المتحدة عن قلقهم العميق بشأن استخدام القضاء التركي في محاكمة معارضي الحكومة، وممارسة الضغط على المحامين لمنعهم من رفع دعوى ضد الحكومة ومن أجل إسكاتهم.

ولا يزال موقف القضاء التركي يثير الريبة، فلم يحرك ساكنا بعد وفاة “إبرو تيمتيك” رغم كثرت الدعاوى المقدمة ضد الحكومة، بل على العكس أيّدت المحكمة الدستورية أحكام السجن القاسية ضد العديد من زملائها، ما جعل الحكومة التركية تتمادى في هذه الانتهاكات دون خوف أو تراجع، فقامت بحملة مداهمات لاعتقال قرابة 50 محاميًا مرة أخرى، بحجة انتمائهم لحركة فتح الله جولن، كما ألقي القبض على حوالي 1600 محامٍ بتهم إرهابية في السنوات الأربع الماضية لأنهم تولوا الدفاع عن أعضاء من حزب العمال الكردستاني الكردي.

 ولذلك انتقد المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، كل تلك الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسا،ن وصرح بأن هذا يتعارض مع القيم الأساسية للاتحاد الأوروبي؛ فالمحامون والقضاة المستقلون هم حجر الزاوية في النظام الديمقراطي العادل، الذي يدعم سيادة القانون ويحمي حقوق الإنسان، ولذلك يؤكد الاتحاد مرارًا أن تركيا بحاجة ماسة إلى إحراز تقدم ملموس بشأن سيادة القانون والحقوق الأساسية، لأن هذه هي أسس العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.

أردوغان يسير في الاتجاه المعاكس

يبدو أن الحكومة التركية تسير في الاتجاه المعاكس ولا ترغب في الإصلاح الحقيقي للأوضاع، فخلال الاحتفال بافتتاح العام القضائي الجديد الذي أقيم بالمجمع الرئاسي بأنقرة بدلًا من إقامته بمحكمة الاستئناف، أعلن أردوغان عن مزيد من القيود على المحامين، وقال إن “وقوفهم (المحامين) بوقاحة إلى جانب الإرهابيين هو سلوك غير مقبول، وأعتقد أننا بحاجة إلى التفكير في طريقة تصد المحامين عن دعم الإرهابيين”.

وجاءت تصريحات أردوغان ردًّا على نقابة المحامين التي انتقدت سياسات الحكومة التركية فيما يخص التدخل في السلطة القضائية علنًا، حيث رفضت نقابة أنقرة الدعوة لحضور الاحتفال محتجة بأن القضاء التركي فقد استقلاليته، وحلت محله مراسيم بحكم القانون أصدرها أردوغان؛ ما أدى لخلق حالة من الفوضى، ولم تعد المؤسسات القضائية المختلفة تتمتع بالاستقلال التام مثلما هو الحال بالنسبة للجنة العليا للانتخابات، والمجلس الأعلى للقضاة ومدعي العموم.

ولم تعد السلطة التنفيذية تخشى السلطة القضائية، لا سيما بعد إلغاء الفصل بين السلطات عمليًّا بسبب إقرار النظام الرئاسي، ولذلك انتقد الاتحاد الأوروبي بشدة النظام التركي لإمكانية تعيينه للقضاة ومدعي العموم،حيث إنه طبقًا للنظام الرئاسي يحق للرئيس تعيين أربعة بمجلس القضاة المكون من 13 عضوًا بينما يسمي البرلمان، الذي يسيطر عليه ائتلاف حكومة أردوغان سبعة من أعضاء هذا المجلس؛ والاثنان المتبقيان هما وزير العدل ونائبه اللذان يتم تعيينهما من قبل الرئيس أيضًا، وهذا يعني أن جميع أعضاء مجلس القضاة يتم اعتمادهم بشكل مباشر أو غير مباشر من قِبل أردوغان.

معارضة أحكام المحكمة الدستورية العليا

ألغت المحكمة الدستورية الحكم الصادر بحق المعارض التركي أنيس بربر بزعم تسريبه وثائق حول عمليات نقل الأسلحة إلى سوريا، وأمرت بإعادة محاكمته، لكن المحكمة الجزئية عارضت ورفضت إعادة المحاكمة، وعلق السيد “عثمان كان”، أستاذ القانون التركي، والذي كان قاضيًا سابقا بالمحكمة الدستورية العليا على هذه الحادثة قائلا: “أنا لا أكاد أصدق ما يحدث، فإذا قضت المحكمة الدستورية، فيجب تطبيق الحكم مباشرة، ولا مجال للنقاش على الإطلاق، ولا يحق للمحكمة الابتدائية معارضة المحكمة الدستورية، وحينما تعترض محكمة ابتدائية على حكم المحكمة الدستورية؛ فهذا معناه أننا لسنا في دولة القانون، أو أن هذه المحكمة الابتدائية تجهل أبسط القواعد القوانية، وأخشى أن تكون هيئة المحكمة تعاني من هذا الجهل السحيق”.

مذبحة القضاء

قامت حكومة أردوغان بطرد حوالي 4500 قاض من الخدمة في السنوات الأخيرة، وكذلك حبس العديد منهم بتهم الانضمام لجماعة إرهابية، كما أقال مجلس القضاة المعيّن من قبل أردوغان أحد عشر قاضيًا ووكيل نيابة لنفس التهمة أيضًا، تلك التهمة المُسلطة على رقبة القضاه أنفسهم، ولذلك يعلق السيد “فايك أوزتراك”، نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض عقب اعتقال عشرات السياسيين من حزب الشعوب الديمقراطي المعارض بتهمة الإرهاب قائلًا: “لقد انهار القضاء في بلادنا تمامًا في ظل هذا النظام الوحشي، وأصبح مدّعو العموم في بلادنا يصطفون الآن في القصر الرئاسي للحصول على البركة، وأصبحوا في جمهوريتنا وكلاء نيابة القصر؛ فالقضاء بات يسيطر عليه القصر الجمهوري”.

إجراءات ألمانية للحد من تدخل أردوغان في الشئون الداخلية

نشر موقع تلفيزيون “إيه أردي 1” تقريرًا يتعلق بالإجراءات التي تتخذها للحكومة الألمانية للحد من تدخلات أردوغان في الشئون الداخلية الألمانية، حيث يقوم الرئيس التركي باستغلال الجالية التركية التي يزيد عددها عن ثلاثة ملايين في ألمانيا لتصفية حسبات سياسية واستخدامها كسلاح في وجه الحكومات الغربية، وهو ما يفسر تمويل أردوغان للجمعايات التركية في عموم أوروبا، وليس ألمانيا فحسب.

وفي إطار محاولتها للحد من التأثير الخارجي على الشئون الداخلية الألمانية، قامت وزارة الداخلية الألمانية بتمويل مشروع لتدريب الأئمة في ألمانيا، وهي خطوة على الطريق الصحيح من أجل تصحيح الأوضاع، وقطع الطريق على أردوغان الذي يستغل الدين والجماعات الدينة في الغرب لأغراض سياسية.

“ديتيب” في قفص الاتهام

تعد جمعية “ديتيب” في ألمانيا هي الجمعية الأكبر، والتي تضم حوالي 1000 مسجد في عموم ألمانيا، ويتم اتهام هذه الجمعية بأنها تمثل ذراعًا للحكومة التركية الحالية داخل برلين، حيث يعمد أردوغان لاستغلال مثل هذه المؤسسات لتأجيج مشاعر المسلمين الأتراك ضد الحكومات الغربية، مثلما هو الحال في فرنسا، حيث استغل الرسومات المسيئة لتصفية حسابات وصراعات أخرى، فقد استغل تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تجاه الأزمة ليصفّي بعضًا من حساباته السياسية تجاه فرنسا ورئيسها، الذي طالما ندّد بالسياسة العدوانية لأردوغان، كما أن الرئيس التركي لا يفوّت مثل هذه الفرص لأنها تساعده في تسويق نفسه كمتحدث باسم المسلمين والمناصر والمدافع عن قضاياهم، مع أن الأمر في حقيقته لا يتعدى الصراعات السياسية ولعبة المصالح ولا علاقة له بالدين بالأساس.

التطبيع بين السودان وإسرائيل

نشر موقع “تسايت” تقريرًا للكاتب “ريتشارد سي شنايدر” أشار إلى أسباب التقارب بين السودان وإسرائيل وتأثير هذا التقارب على مستقبل منطقة الشرق الأوسط.

ووافقت السودان مؤخرًا على تطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد البحرين والإمارات، ويحاول أعداء الأمس التصالح اليوم لكبح جماح إيران، وحينما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن السودان سيعمل على تطبيع علاقاته مع إسرائيل، بدا جليًّا أن منطقة الشرق الأوسط تشهد نقلة نوعية، حيث تُعد السودان ثالث دولة في جامعة الدول العربية بعد الإمارات العربية المتحدة والبحرين تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في غضون بضعة أشهر. وتحتل السودان أهمية خاصة في هذا السياق، حيث لم تخض كل من دولة الإمارات أو البحرين حربًا مع إسرائيل في السابق، في حين شاركت السودان في حرب الاستقلال عام 1948 ضد إسرائيل، وتبنت من بعدها موقف جامعة الدول العربية وقرارها الصادر عام 1967 والرافض لعملية السلام مع إسرائيل، وقد أطلق على هذا القرار بـ “اللاءات الثلاث” الشهيرة، لا للسلام مع إسرائيل، ولا للاعتراف بالدولة اليهودية، ولا للتفاوض من أجل القدس”.

المصالح البرجماتية

الآن، بات السودان يتبنى موقفًا عكسيًّا، ويرجع ذلك للغة المصالح الاقتصادية والسياسية البراغماتية للحكومة السودانية الانتقالية؛ فالبلد فقير وبحاجة ماسة إلى المساعدة، كما قام الرئيس ترامب بإزالة السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب، مقابل الاعتراف بإسرائيل، الأمر الذي يعني رفع العقوبات عن السودان وتلقي مساعدات اقتصادية بمئات الملايين.

وتعاني السودان من أوضاع هشة فيما يتعلق بقضية الديمقراطية، وهو في حاجة إلى مساعدة الولايات المتحدة، كما أن هناك مجموعات عديدة لها مصالح مختلفة ومعادية لإسرائيل، لأنه حتى سقوط الرئيس عمر البشير في عام 2019، كان السودان حليفًا وثيقًا لإيران، وقد استخدمت طهران السودان كممر لتصدير الأسلحة لحماس والجهاد الإسلامي اللتين تقاتلان إسرائيل، لذلك قامت القوات الجوية الإسرائيلية بشكل متكرر بقذف قوافل الأسلحة التي كانت في طريقها من السودان إلى غزة.

وإذا ما طبّعت السودان علاقتها بإسرائيل؛ فإن ذلك يعني بالفعل أن منطقة الشرق الاوسط تشهد نقلة نوعية حقيقية تتشكل فيها كتلتان جديدتان؛ جبهة تركيا وإيران وسوريا وقطر والفلسطينيين، حيث ترتبط هذه الدول بالعديد من المصالح المشتركة ويحاولون فرض هذه الجبهة دبلوماسيًّا وعسكريًّا، وفي المقابل هناك السعودية ودول الخليج ومصر وإسرائيل، والآن السودان أيضًا.

صعود إيران

هذه الكتل نشأت نتيجة لسياسة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في الشرق الأوسط، حيث مكن الاتفاق النووي إيران من العودة إلى المنطقة، وحين تم الإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة، تم استئناف برنامج الصواريخ الإيرانية، وبدأت طهران في توسيع موقعها وقوتها، سواء في العراق أو سوريا أو في اليمن أو لبنان، لكن سرعان ما أدركت المملكة العربية السعودية والدول السنية الأخرى أن إسرائيل كانت مشكلتهم الصغرى، وأنها الآن أصبحت حليفًا مهمًا في الصراع المشترك ضد القوة المتنامية لإيران.

ربما يعجبك أيضا