ناشيونال إنترست| دراسة جديدة تسلط الضوء على التنوع الجيني لأفريقيا

آية سيد

ترجمة: آية سيد

أفريقيا هي مهد البشرية؛ حيث ينحدر كل البشر من هذا المصدر المشترك للأجداد؛ وبالتالي فأفريقيا والعدد الهائل من المجموعات العِرقية اللغوية أساسان لتعلم المزيد عن البشرية وأصولنا.

يشير الجينوم البشري إلى المجموعة الكاملة من المعلومات الجينية الموجودة في الخلية البشرية. نحن نرث الجينوم من آبائنا. ودراسة الاختلافات في جينوم الأشخاص المختلفين تعطينا أدلة مهمة على كيفية تأثير المعلومات الجينية على مظهر الأشخاص وصحتهم، ويمكن أن تخبرنا أيضًا عن أصلنا. حتى يومنا هذا، تم إدراج القليل جدًّا من الأفارقة في الدراسات المعنية بالاختلافات الجينية. إن دراسة الجينوم الأفريقي لا تملأ فقط الفجوة في الفهم الحالي للاختلاف الجيني البشري، بل تكشف أيضًا رؤى جديدة في تاريخ الشعوب الأفريقية.

لقد ساهمت أنا وزملائي، وجميعنا أعضاء في اتحاد الصحة والوراثة في أفريقيا (H3Africa)، في دراسة تاريخية عن الجينات. ركزت هذه الدراسة على 426 فردًا من 13 دولة أفريقية. وجرى تمثيل أكثر من 50 مجموعة عرقية لغوية في هذه الدراسة، وهي من ضمن المجموعات الأكثر تنوعًا للأفارقة التي يتم إدراجها في مثل هذا النوع من الدراسات. لقد رتبنا بالتسلسل الجينوم الكامل لكل من هؤلاء الأفراد،وهذا يعني أننا استطعنا قراءة كل جزء من الجينوم للبحث عن الاختلاف.

تساهم هذه الدراسة بمصدر رئيسي جديد لبيانات الجينوم الأفريقي، التي تعرض التنوع المعقد والواسع للاختلاف الجيني الأفريقي. وسوف تدعم الأبحاث لعقود قادمة.

تحمل نتائج دراستنا أهمية كبيرة، من معرفة المزيد عن التاريخ الأفريقي والهجرة، إلى الأبحاث السريرية عن تأثير متغيرات محددة على النتائج الصحية.

اكتساب رؤى جديدة

كانت إحدى النتائج الرئيسية هي اكتشاف أكثر من ثلاثة ملايين متغير جيني جديد. هذا مهم لأننا نتعلم المزيد عن التنوع الجيني البشري بشكل عام، ونكتشف اختلافات أكثر والتي يمكن ربطها بالمرض أو السمات في المستقبل.

تضيف هذه الدراسة أيضًا تفاصيل إلى ما نعرفه عن الهجرة وتوسع المجموعات في أنحاء القارة. لقد استطعنا إظهار أن زامبيا كانت على الأرجح موقعًا وسيطًا على طريق الهجرة من غرب أفريقيا إلى شرق وجنوب أفريقيا،وجرى الكشف أيضًا عن أدلة تدعم الانتقال من شرق أفريقيا إلى وسط نيجريا في الفترة منذ 1500 و2000 عام، من خلال تحديد قدر كبير من الأصول التي تعود إلى شرق أفريقيا في مجموعة عرقية لغوية نيجيرية، وهي البيروم.

لقد مكنتنا الدراسة أيضًا من إعادة تصنيف متغيرات معينة والتي كان يُشتبه في السابق أنها تُسبب الأمراض. إن المتغيرات التي تُسبب الأمراض الجينية الخطيرة تكون في الغالب نادرة في عامة السكان، غالبًا لأن تأثيرها حاد لدرجة أن الشخص الحامل لهذا المتغير لا يصل إلى مرحلة البلوغ في أكثر الأحيان. لكننا راقبنا الكثير من هذه المتغيرات على مستويات شائعة جدًا في السكان الخاضعين للدراسة،ولم يكن الشخص ليتوقع أن هذه الأنواع من المتغيرات المُسببة للمرض ستكون شائعة لهذه الدرجة في البالغين الأصحاء. هذا الاكتشاف يساعد في إعادة تصنيف هذه المتغيرات من أجل التفسير السريري.

وأخيرًا، وجدنا عددًا مفاجئًا من المناطق ذات الآثار المميزة للانتقاء الطبيعي التي لم تورد من قبل. يعني الانتقاء أنه عندما يتعرض الأفراد لعوامل بيئية مثل العدوى الفيروسية، أو عنصر غذائي جديد، ربما تُضفي بعض المتغيرات الجينية ميزة تكيفية إضافية على البشر الذين يحملونها في الجينوم الخاص بهم.

إن أفضل تفسير لهذه النتائج هو أنه عندما تعرّض البشر في أنحاء أفريقيا إلى بيئات مختلفة – في بعض الأحيان نتيجة للهجرة – كانت هذه المتغيرات مهمة للنجاة في تلك الظروف الجديدة. هذا ترك “بصمة” على الجينوم ويساهم في تنوع الجينوم في أنحاء القارة.

لقد أظهرت بياناتنا أننا لم نكتشف بعد كل الاختلافات في الجينوم البشري، هناك المزيد لنعرفه عن طريق إضافة مجموعات سكانية جديدة لم تتم دراستها. نحن نعرف أن أقل من ربع المشاركين في أبحاث الجينوم من أصول غير أوروبية. تأتي معظم البيانات الجينية المتاحة من ثلاث دول فقط – المملكة المتحدة (40%)، والولايات المتحدة (19%) وأيسلندا (12%).

من الضروري الاستمرار في إضافة المزيد من بيانات الجينوم من جميع سكان العالم، ويشمل ذلك أفريقيا،وهذا سيضمن أن الجميع سيستفيد من التقدم في مجال الصحة الذي يقدمه الطب الدقيق. يشير مصطلح الطب الدقيق إلى تكييف الرعاية الصحية لكي تلائم الفرد. إن إدراج المعلومات الجينية الشخصية قد يغير جذريًّا طبيعة ونطاق خيارات الرعاية الصحية التي ستعمل لصالح ذلك الفرد بأفضل طريقة.

الخطوات التالية

إن اتحاد الصحة والوراثة في أفريقيا في عامه الثامن الآن، ويدعم أكثر من 51 مشروعًا متنوعًا. يشمل هذا دراسات تركز على أمراض مثل السكري، ونقص المناعة المكتسبة والسل. إن البيانات المرجعية التي جُمعت خلال دراستنا أُتيحت بالفعل لكي تستخدمها الكثير من دراسات الاتحاد.

وبعد ذلك، نخطط لإلقاء نظرة أكثر عُمقًا على البيانات لنفهم بصورة أفضل أي من أنواع الاختلاف الجيني الأخرى موجودة. نحن نأمل أيضًا في إضافة المزيد من المجموعات السكانية التي لم تُدرس من قبل لكي نزيد ونثري قاعدة البيانات هذه.

إن بناء القدرة الخاصة بأبحاث الجينوم على القارة الأفريقية هو هدف أساسي لمبادرة الصحة والوراثة، وأحد الجوانب المهمة لهذه الدراسة هو أنها كانت بقيادة وتنفيذ باحثين وعلماء من القارة الأفريقية. شارك باحثون من 24 مؤسسة من أنحاء أفريقيا وقادوا هذا البحث،وتعرض هذه الدراسة توافر البنية التحتية والمهارات اللازمة لأبحاث الجينوم واسعة النطاق على القارة، وتسلط الضوء أيضًا على آفاق الأبحاث العالمية المستقبلية حول هذا الموضوع من أفريقيا.

الرابط الأصلي من هنا

ربما يعجبك أيضا