الصحافة الألمانية|أردوغان صانع الأعداء والأزمات.. وحصاد مؤلم لاحتجاجات الربيع العربي

مترجمو رؤية

رؤية

ترجمة: فريق رؤية

هل ينهي الاتحاد الأوروبي مفاوضات انضمام تركيا له؟

نشر موقع “تسايت” تقريرًا للكاتب “أوزليم توبكو” تحدث عن مستقبل المفاوضات بين تركيا والاتحاد الأوروبي في ظل تصاعد حدة التوتر بين الجانبين، وفي ظل فرض الاتحاد عقوبات جديدة ضد أنقرة جراء سياساتها العدوانية تجاه محيطها الأوروبي والأفريقي، واتّباع سياسة التوسع التي ينتهجها الرئيس أردوغان.

كانت تركيا مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي منذ أكثر من 20 عامًا، لكن التوترات الأخيرة حالت دون تقدُّم المفاوضات، ووصل الأمر إلى تجميدها، وفرضت بروكسل مؤخرًا المزيد من العقوبات ضد أنقرة، فلماذا لا تنهي بروكسل مفاوضات الانضمام نهائيًّا؟

وهذه هي المرة الأولى التي يفرض فيها الاتحاد الأوروبي عقوبات على دولة مرشحة للانضمام، الأمر الذي يُعدّ إشارة صريحة لرفض سياسة أنقرة، لا سيما فيما يتعلق بعمليات التنقيب عن النفط والغاز قبالة سواحل اليونان وقبرص، ولذلك علّقت بروكسل بأن تركيا تتخذ إجراءات أحادية واستفزازية وتصعّد من خطابها تجاه الاتحاد الأوروبي والقادة الأوروبيين، ومن ثم كان لزامًا على الاتحاد أن يتخذ إجراءات ملموسة ضد الدولة التي تطمح في الانضمام للاتحاد، وتتفاوض من أجل ذلك منذ أكثر من 15 عامًا.

ورغم ضعف العقوبات الجديدة نسبيًّا، لكنها تشير في الوقت نفسه إلى تغيير جوهري في سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه أنقرة؛ فأردوغان، الذي يؤكد مرارًا وتكرارًا على أحقية انضمام بلاده للاتحاد الأوروبي، يتحرك بسياسته في الاتجاه المضاد داخليًّا وخارجيًّا، ولطالما أكدت ذلك التقارير السنوية لمفوضية الاتحاد الأوروبي، ففيما يتعلق بالسياسة الخارجية، تتصرف تركيا بشكل مخالف للقانون الدولي، سواء كان ذلك في سوريا أو ليبيا أو في إقليم ناغورنو كاراباخ بأذربيجان، أو في البحر الأبيض المتوسط؛ كما أن سفن التنقيب التركية تحاط بالأبراج الحربية، ولذلك تتراوح العلاقة بين تركيا ودول الاتحاد الأوروبي بين متناقضة (ألمانيا) إلى مضطربة (فرنسا واليونان وقبرص)، ومع ذلك يبقى التساؤل: لماذا لا يُنهي الاتحاد الأوروبي مفاوضات الانضمام مع تركيا بدلًا من تجميدها؟

الوضع من جانب الاتحاد الأوروبي أكثر تعقيدًا؛ فعلاقته بتركيا تمر بأزمة عميقة منذ سنوات، لدرجة أن كثيرًا من السياسيين دعوا مرارًا إلى إنهاء محادثات الانضمام في الآونة الأخيرة، مثل المستشار النمساوي سيباستيان كورتس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وزعيم حزب الشعب الأوروبي في برلمان الاتحاد الأوروبي مانفريد ويبر..وغيرهم.

 غير أن إنهاء الانضمام ليس بهذه السهولة؛ فهناك أسباب كثيرة فنية وسياسية واقتصادية تحول دون ذلك؛ فليس هناك إجماع حول هذا الأمر من قِبل دول الاتحاد كما تقول “كاتي بيري”، المقررة الخاصة بتركيا في البرلمان الأوروبي لمدة أربع سنوات منذ عام 2014، وهو الشرط اللازم لإتمام هذه الخطوة؛ فيجب أن يوافق جميع رؤساء الدول والحكومات الأوروبية الـ 27 في المجلس الأوروبي، لكن إذا توفرت الأغلبية (لا تقل عن 15 دولة من أصل 27 دولة) يمكن لأعضاء الاتحاد وقتها تعليق العملية رسميًّا، وهي خطوة تمثل بداية النهاية لمفاوضات الانضمام، لكن موقف دول الاتحاد غير الموحد تجاه هذه الخطوة هو ما يعوق العملية؛ فهناك 27 دولة في الاتحاد لكل منها موقف مختلف تجاه أنقرة، وهذا هو سبب تجميد المفاوضات في الوقت الحالي، وفقًا لبيري.

لماذا لا تُتّخذ الخطوة الأخيرة؟

“روبريخت بولينز” العضو السابق في الاتحاد الديمقراطي المسيحي في البوندستاج ورئيس لجنة الشئون الخارجية، كان أحد المحافظين القلائل الذين أيدوا انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وبرر ذلك بأن التاريخ يثبت أن الاندماج والاختلاط هو الأساس في التغير، وأن انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي هو السبيل الأمثل لتحولها نحو الديمقراطية. ورغم أن سياسة أردوغان العدوانية لا يمكن أن تنسجم مع سياسة الاتحاد الأوروبي، لكن من الواضح أن الاتحاد الأوروبي يبالغ في تقدير تأثيره على التنمية الداخلية لتركيا، ومن ثَم فقد كانت خطوة قبول قبرص في الاتحاد من أكبر الإجراءات الاستفزازية لتركيا؛ لأن الجزيرة مقسمة وتعاني من صراع طويل لم يتم حله مع تركيا حتى الآن.

وتابع “بولينز” بأنه من الصعب اتخاذ الخطوة الأخيرة في هذا الموقف والإعلان رسميًّا عن فشل الانضمام، حيث ستؤدي هذه الخطوة إلى عواقب لا يستطيع أحد تحملها، على الأقل في الوقت الراهن؛ فالشعب التركي يعلق آمالًا كبيرة على عملية الانضمام كسبيل وحيد للتغير نحو الديمقراطية، ولذا سيكون من الخطأ التخلي عن الشعب التركي وتركه فريسة سهلة لأردوغان، ومع ذلك سيكون من الخطأ أيضًا المراهنة على عنصر الوقت بعد أردوغان؛ فالعديد من القرارات التي يتخذها، لا سيما في السياسة الخارجية، تصب في مصلحة تركيا، ومن ثم فإن الرئيس المقبل، أيًّا كان اسمه أو توجهه، سيتوجب عليه أولًا الاهتمام بالمصالح الداخلية قبل أن يتمكن من اللجوء إلى المصالحة مع الاتحاد الأوروبي.

كما أن هناك ضرورة أخرى لاحتفاظ الغرب بعلاقة وثيقة بتركيا بصرف النظر عن من يحكم البلاد، تتمثل في منع روسيا من القفز على الثغرة الجيوسياسية، فموقع تركيا مهم بالفعل بغض النظر عن سلوكها؛ وهذا الموقع لن يتغير بتغير أردوغان، وهي بلد جار وستبقى كذلك؛ حيث تقع بين سوريا وأوروبا، وأردوغان يعرف ذلك ويستغل هذه الميزة جيدًا، لذا يتخذ هذه المواقف بعيدًا عن الاتحاد الأوروبي، مثل شراء نظام الدفاع الروسي S-400، وهي الخطوة التي أغضبت واشنطن.

 وبما أن أردوغان يتجاهل موقف المعارضة في أغلب قراراته، فلا يمكن للشركاء الأوروبيين وحلف شمال الأطلسي توقع خطواته، وإذا ما أنهى الاتحاد الأوروبي المفاوضات من جانب واحد، فإن العرب حينئذٍ يعطون الفرصة لأردوغان للترويج لنظرية المؤامرة من قِبل النادي المسيحي الأوروبي، رغم أن هناك ما يكذّب هذه الأطروحة؛ فالأتراك يعيشون بحرية في برلين وباريس وأمستردام رغم أنهم مسلمون.

المصالح المشتركة

يبدو أن الصراع الذي يحكم العلاقة بين أوروبا وتركيا منذ أزمة الهجرة في عام 2015 ومحاولة الانقلاب في عام 2016 سيقود العلاقة بين الجانبين إلى أجل غير مسمى، فبينما تعاني تركيا من مشاكل فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان والسياسة الخارجية، يعاني الاتحاد من مشاكل لم يستطع مواجهتها مثل: أزمة الهجرة، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتطورات الاستبدادية في المجر وبولندا، بالإضافة لوباء كورونا.

 لذلك ليس أمام الاتحاد سوى التواصل مع تركيا لمناقشة ملفات مثل الهجرة واللاجئين، الذي يستغله أردوغان، فعندما دعا المنسق الجديد للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي “جوزيب بوريل” إلى استخدام “لغة القوة” في التعامل مع تركيا، فتح أردوغان بعدها بأيام قليلة الحدود للاجئين إلى اليونان، وكأنه يريد اختبار مدى جدية بوريل، وظل على إثرها آلاف اللاجئين هناك لعدة أيام، وقد أظهرت هذه الخطوة أن أزمة الهجرة لم تنته بعد، وقبل يوم واحد من قمة الاتحاد الأخيرة حاول “إبراهيم كالين”، مستشار أردوغان للسياسة الخارجية، التقليل من أهمية العقوبات لإثناء الاتحاد عن هذه الخطوة التي جاءت متأخرة.

هل سينجح بايدن في إعادة الاتفاق النووي مع طهران؟

نشر موقع “قناة إيه أر دي 1” بنشرة الظهيرة تقريرًا للمراسلة “كاثرينا ويلينجر” لفت إلى الصراع حول السلطة في إيران وعلاقة ذلك بالسياسة النووية، حيث تخطّط الحكومة المقبلة للعودة إلى الاتفاق النووي، بينما يحاول البرلمان الإيراني، الذي يهيمن عليه المتشددون، عرقلة هذه الخطوة لتفويت الفرصة على المحافظين وعدم تحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية، خاصة قبل الانتخابات الرئاسية في عام 2021.

ووصف الرئيس الإيراني الحالي، حسن روحاني، الذي ينتمي إلى تيار المحافظين، قبل أيام قليلة فقط نجاح “جو بايدن” في الانتخابات الأمريكية بأنه يمثل “فرصة” جيدة للعودة إلى الاتفاق النووي، وتابع وزير خارجيته جواد ظريف في الأسابيع الأخيرة التأكيد على أن الحكومة الإيرانية مستعدة للتفاوض مع الحكومة الجديدة برئاسة جو بايدن للاتفاق حول هذا الأمر.

 لكن ثمة صراع داخلي على السلطة يلقي بظلاله حاليًا على هذا المشروع، حيث صادق البرلمان الإيراني على مشروع قانون يعيد البرنامج النووي الإيراني إلى ما قبل الاتفاق النووي المبرم عام 2015 من خلال اتخاذ خطوات ملموسة في اتجاه تسريع وتيرة التخصيب وإنهاء التفتيش الأممي للمنشآت.

 ويضم مشروع القانون الذي صادق عليه البرلمان الإيراني 9 بنود ويحمل عنوان: “الإجراء الاستراتيجي لإلغاء العقوبات” الأمريكية المفروضة على إيران بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، وينتهك هذا القانون الاتفاقية النووية، حيث تستطيع إيران بموجبه تخصيب 120 كيلوغرامًا من اليورانيوم بنسبة 20 % سنويًّا مقارنةً بنسبة أقل من 5% في السابق. ولاقى هذا القانون معارضة من قِبل الحكومة التي أكدت من جهتها أن البرلمان غير مخول قانونيًّا بمناقشة هذا الموضوع وإقراره، وبالإضافة إلى ذلك، فإن وصول المفتشين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تراقب الامتثال للاتفاقية، إلى المنشآت النووية الإيرانية سيكون مقيدًا أو حتى محظورًا.

الحكومة تقاوم

فيما يرفض الرئيس روحاني حتى الآن التوقيع على المشروع، وخلال اجتماع لمجلس الوزراء، حث روحاني البرلمان على الاعتماد في مثل هذه الأمور على من لديهم الخبرة في الدبلوماسية في التعامل مع مثل هذه الملفات. لكن الإشكالية الحقيقية تكمن في عدم رغبة البرلمان في إعطاء الفرصة لتحقيق نجاحات في عهد روحاني، كما يقول بورزو دراغاهي، المؤلف والخبير في الشئون الإيرانية بالمجلس الأطلسي للدراسات والأبحاث. وتابع “دراغاهي” بأن هناك معركة مستمرة حاليًا داخل نخبة النظام؛ فالمتشددون متوترون جدًّا بعد فوز بايدن بالانتخابات، حيث يخشون من إمكانية إحياء الاتفاق النووي وتحسين العلاقات مع الغرب قبل ستة أشهر من الانتخابات الرئاسية في إيران، وهم لا يرغبون في ذلك.

نجاحات لم تدم طويلًا

اعتُبر اتفاق عام 2015 أعظم نجاح للحكومة المعتدلة المحافظة في عهد الرئيس روحاني؛ فقد جرى رفع العديد من العقوبات الدولية المفروضة على البلاد في إطار الاتفاق النووي، الذي كان يهدف إلى منع إيران من صنع قنبلة ذرية، وقد كان لهذا الاتفاق أثر جيد على الإيرانيين، وخاصة بعد تحسن الأحوال الاقتصادية، لكن هذا النجاح لم يدم طويلًا، حيث وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتفاقية التي جرى التفاوض عليها في عهد سلفه باراك أوباما بأنها “أسوأ صفقة على الإطلاق”.

 ومن ثَم قام ترامب بالانسحاب منها في ربيع 2018، ومنذ ذلك الحين يؤكد على ضرورة تشديد العقوبات ضد طهران لإذلال الجمهورية الإسلامية من خلال عقوبات شديدة القسوة. ولذلك تعول الجمهورية الإسلامية، كما يوضح عالم السياسة في برلين علي فتح الله نجاد، على القانون الحالي الخاص بتخصيب اليورانيوم لوضع العراقيل في طريق حكومة روحاني، بالإضافة إلى زيادة قوتها التفاوضية، وهي استراتيجية إيرانية تحظى بإجماع النخبة هناك.

موقف الدول الموقعة على الاتفاق

أعربت الدول الأوروبية الموقعة على القانون (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) عن قلقها العميق بعد التصديق على القانون الجديد، ودعا بيان مشترك لوزراء الخارجية، إيران إلى عدم تعريض الاتفاق النووي للخطر، وإن كانت الجمهورية الإسلامية لا تستطيع تحمل تبعات إلغاء هذا الاتفاق، كما يعتقد فتح الله نجاد، ولكنه يرغب فقط في تخفيف العقوبات، وترغب هذه الدول في تغيير بنود إضافية في الاتفاقية، مثل مناقشة توسيع برنامج الصواريخ، وتقديم تنازلات فيما يتعلق بحقوق الإنسان في البلاد.

تخطيط بايدن

وقد أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن في مقابلة مع “نيويورك تايمز” هذا الأسبوع أنه يريد توسيع الاتفاقية في هذا الاتجاه على المدى الطويل، لافتًا إلى ضرورة وجود طريق للعودة إلى الاتفاقية الأصلية. ويقول مراقبون إن المفاوضات مع إيران لن تكون سهلة، لكن خبرة بايدن الذي كان نائبًا للرئيس أوباما حين عقد هذه الاتفاقية، ربما تُسهّل عليه هذه المهمة الصعبة.

احتجاجات الربيع العربي تخلّف الفوضى في أغلب دولها

نشرت مجلة “بيلد” الألمانية تقريرًا عن نتائج ما يسمى باحتجاجات الربيع العربي ونتائجها على المنطقة والعالم، والتي فشلت في معظمها وجاءت النتائج فيها عكسية، فبدلًا من الديمقراطية والدول المدنية سادت النزاعات والحروب الأهلية في معظم هذه الدول.

وحين أضرم البائع المتجول الشاب التونسي محمد البوعزيزي النار في نفسه في 17 ديسمبر 2010 احتجاجًا على الفقر والبطالة، خرجت المظاهرات والاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد بأكملها، ليظهر بعدها ما يسمى بموجات الربيع العربي التي غيرت شكل المنطقة بعد مرور العديد من السنوات.

شرارة الاحتجاجات والمظاهرات

انطلقت شرارة الاحتجاجات من توني بعدما قام بائع الخضار التونسي البوعزيزي بحرق نفسه احتجاجًا على هذه الظروف وتدفق الناس إلى الشوارع بأعداد كبيرة، واندلعت الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، وانتشرت الشرارة إلى بلدان أخرى.

تونس

بعد فرار الرئيس التونسي “زين العابدين بن علي” في يناير 2011 بعدة أسابيع أجريت أول انتخابات حرة في نفس العام، وفي عام 2014 أقرت تونس دستورًا جديدًا بعد خمس سنوات، وحتى يومنا هذا تعاني الديمقراطية الفتية في تونس من عدم الاستقرار السياسي والوضع الاقتصادي القاتم؛ ففي العام الماضي 2019 بلغت نسبة البطالة حوالي 15٪.

اليمن

وفي اليمن طالب عشرات الآلاف من المتظاهرين باستقالة الرئيس علي عبد الله صالح، وفي فبراير 2012 استقال صالح بعد ثلاثة عقود من الحكم ليأتي نائبه عبد ربه منصور هادي، رئيسًا مؤقتا للبلاد، وفي عام 2014 تحالف صالح مع أعدائه السابقين، المتمردين الحوثيين الشيعة المدعومين من إيران، من أجل الإطاحة بخليفته هادي، الأمر الذي استدعى تدخل المملكة العربية السعودية الجارة القوية من خلال تحالف عربي لصد الحوثيين، وفي عام 2017 قُتل صالح إثر خلاف مع المتمردين الحوثيين، وعلى الرغم من الجهود الدبلوماسية لم يتم حتى الآن حل النزاعات المختلفة في اليمن، حتى أن الأمم المتحدة حذرت في منتصف نوفمبر 2020 من خطورة احتمالية مواجهة اليمن لأسوأ مجاعة في العالم منذ عقود.

ليبيا

وتكرر نفس السيناريو في ليبيا، ففي فبراير 2011 بدأت الاحتجاجات أيضًا، وعجز القذافي عن مواجهة المظاهرات في مدينة بنغازي الساحلية، وتطور الأمر سريعا إلى نزاع مسلح، وبعد أن أعطت الأمم المتحدة الضوء الأخضر تدخل تحالف عسكري بقيادة واشنطن وباريس ولندن في الصراع، وسقطت طرابلس في أيدي المتمردين في أغسطس، وقُتل القذافي لينتهي بعدها حكمه في 20 أكتوبر 2011 والذي استمر 42 عامًا؛ لتغرق بعدها منطقة البحر الأبيض المتوسط الغنية بالنفط في حالة من الفوضى، ويتقاتل برلمانان متنافسان وعدد كبير من الميليشيات من أجل الحكم في البلاد، حتى باتت ليبيا الآن دولة عبور لمهربي البشر الذين يهربون اللاجئين من القارة الأفريقية عبر البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا.

سوريا

قام نظام الأسد باعتقال المحتجين المعارضين، لكن الاحتجاجات استمرت في الازدياد، وانتشرت المظاهرات السلمية من أجل إصلاحات ديمقراطية في البلاد، لكنها تحولت في النهاية إلى انتفاضة مسلحة توجت بحرب مستمرة حتى يومنا هذا. ويستخدم بشار الأسد العنف والقوة ضد شعبه؛ ما أدى إلى تحول هذه الانتفاضة إلى حرب أهلية دامية، لكن الأسد لا يزال صامدًا في السلطة حتى اليوم رغم مشاركة العديد من القوى الأجنبية منذ البداية؛ فبعدما كان الأسد في البداية في موقف دفاعي تدخلت روسيا عسكريًّا في عام 2015 لتقلب الكافة لصالح الأسد الذي كان مدعومًا – ولا يزال – من إيران وميليشيا حزب الله اللبنانية، واستطاع السيطرة على ما يصل إلى 70% من البلاد مرة أخرى، لكن حتى الآن راح ضحية هذه الحرب الأهلية أكثر من 380 ألف ونزح الملايين إلى مناطق أخرى من العالم.

أردوغان هو من يصنع الأعداء

نشر موقع “دير تاجسشبيجل” مقالًا للكاتبة “سوزانا جوستل” تحدث عن وعود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الكاذبة بدعم استقلالية النظام القضائي الذي طاله العديد من الانتقادات، حيث يُتهم النظام القضائي بأنه بات سلاحًا في يد الرئيس ونظامه يسلطه على مَن يشاء من معارضيه، الأمر الذي تؤكده محاكمة الناشط الديمقراطي عثمان كافالا، الذي لا يزال رهن الاعتقال بلا أي تهمة حقيقية.

وتعد محاكمة “كافالا” نموذجًا صارخًا ودليلًا إضافيًّا آخر على مدى سوء النظام القضائي في تركيا؛ فكافالا، الذي يُعد شريكًا بارزًا للاتحاد الأوروبي، يقبع في السجون التركية منذ أكثر من ثلاث سنوات، حيث تتهمه الحكومة التركية بالعمالة دون أي دليل، ويحتجزه القضاء المطيع خلف القضبان بتهم سخيفة. حتى أردوغان نفسه أهان كافالا واتهمه بأنه أحد أذرع المستثمر جورج سوروس، أحد الضالعين في محاولة الانقلاب الفاشل للإطاحة بأردوغان. وعلى الرغم من مطالبات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان المتكررة منذ فترة طويلة بالإفراج عن كافالا، الرجل البالغ من العمر 63 عامًا، إلا أنه لا يزال محتجزًا حتى الآن.

نظريات المؤامرة

أظهرت النقاشات التي دارت في المحكمة أن نظريات المؤامرة لعبت دورًا بارزًا في إصدار الحكم على كافالا؛ فقد زعم أحد الشهود أن أحد المختصين الأمريكيين أخبر أحد رجال الأعمال في تركيا ويطلق عليه “سوروس” قبل أسبوع من محاولة الانقلاب بأن تركيا ستشهد عملية انقلاب مدبرة ضد أردوغان، ورغم أن كافالا لا تربطه أي صلة بسوروس أو بالرجل الأمريكي، إلا أنه يشترك معهم في أنهم جميعًا من أصل يهودي، ولعل هذا هو لب التهمة، ورغم عدم وجود علاقة لكافالا بهؤلاء، إلا أن الادعاء والمحكمة لم تعبأ بهذا الأمر، بل كان هناك إصرار على ربط كافالا بنظرية المؤامرة وتطبيقها ضد أردوغان.

وتسير العلاقات بين تركيا والغرب من سيء إلى أسوأ، حتى أن عام 2020 اختتم بفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على أنقرة بسبب سياسة أردوغان العدوانية في شرق البحر المتوسط، قبل أيام قليلة من فرض العقوبات الأمريكية، والآن تظهر تركيا مدى ضآلة اهتمامها بسيادة القانون في قضية تهم الأوروبيين، وكان من السهل على الرئيس التركي تجنب هذا التصعيد، غير أنه اتخذ قرارًا مختلفًا معاديًا للجميع.

ربما يعجبك أيضا