إيكونوميست | الضفة الغربية وغزة تحتاجان لقيادة جديدة

آية سيد

ترجمة – آية سيد

يعلم محمود عباس جيدًا كيف يُظهر لإسرائيل معدنه الحقيقي. عندما فكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في ضم أجزاء من الضفة الغربية العام الماضي، امتنع الرئيس الفلسطيني عن قبول تحويلات عائدات الضرائب (المقاصة) التي تجمعها إسرائيل نيابة عن السلطة الفلسطينية. هذه الخطوة سببت للسلطة الفلسطينية عجزًا بمئات الملايين من الدولارات وأجبرت عشرات الآلاف من موظفي الخدمة المدنية على الحصول على رواتب مخفضة. إلا أنه حتى بعد أن علّقت إسرائيل الحديث عن الضم في أغسطس، استمر عباس في احتجاجه. فقط في نوفمبر، بعد أن واجه أزمة نقدية ألحقها بنفسه، تراجع عن قراره بهدوء.

هذا هو ما تبدو عليه القيادة في الأراضي المحتلة. على الرغم من أن إسرائيل تتحمل معظم اللوم على معاناة جيرانها، فإن الألم يتضاعف بسبب السياسات ذات النتائج العكسية للقادة الفلسطينيين. يبدو الرجال العنيدون الذين يحكمون الضفة الغربية وغزة منشغلين بالحفاظ على سلطتهم أكثر من تحسين حياة شعبهم. الفلسطينيون يستحقون ما هو أفضل من ذلك.

صحيح أن السلطة الفلسطينية التي تحكم الضفة الغربية كانت تُحدث بعض الجلبة المشجعة في الآونة الأخيرة. لقد استأنفت التعاون مع إسرائيل في مجال الأمن وتخطط لإصلاح سياستها بمنح الأموال لأسر الفلسطينيين الذين تسجنهم إسرائيل بسبب تُهم مثل قتل الإسرائيليين – التي يسميها رجال السياسة الأمريكيون “الدفع مقابل الذبح”. والأهم من ذلك، أعلن عباس أن الانتخابات التشريعية والرئاسية ستُعقد في مايو ويوليو، بعد 15 عامًا دون انتخابات.

لكن هل يمكن لأحد الوثوق بعباس؟ إنه في عامه الـ17 من ولاية مدتها أربع سنوات كرئيس. لقد أعلن عن إقامة انتخابات من قبل، فقط ليلغيها. إذا حدثت، ستكون على الأرجح صفقة بين فتح وحزب عباس وحماس (الجماعة الإسلاموية المسلحة التي تدير غزة). لقد أظهر العقد ونصف الماضي أن أيًّا منهما لا يصلح للحكم.

في آخر مرة ذهب الفلسطينيون إلى صناديق الاقتراع، عام 2006، هزمت حماس فتح في الانتخابات التشريعية. أدى هذا إلى حرب أهلية والتي انتهت بسيطرة حماس على غزة. حوّل المسلحون القطاع منذ حينها إلى دولة فاسدة وقمعية ومزرية يحكمها حزب واحد. إنهم يلومون إسرائيل على حصار غزة بسبب حقيقة أن الوظائف والكهرباء ومياه الشرب شحيحة، وهذا صحيح، غير أن المسلحين هم من يستأثرون بالموارد الثمينة ويخزنون الأسلحة في مواقع مدنية؛ ما يجعلها أهدافًا. إن هجماتهم على إسرائيل لا تحقق الكثير بخلاف إطالة شقاء شعبهم.

الأمور أفضل في الضفة الغربية، لكن ليس كثيرًا. إنها أيضًا تشبه دولة الحزب الواحد، تحت حكم فتح. يحكم عباس بمراسيم رئاسية، دون قدر ضئيل من المساءلة. وعلى الرغم من أنه يبلغ 85 عامًا، إلا أنه يرفض تجهيز خليفة له خشية أن يُعّجل هذا برحيله الذي تأخر كثيرًا. إن الرئيس وزمرة المسنين الموالين له لا يبعثون على الثقة، حتى للحلفاء المزعومين. لقد قال الأمير بندر بن سلطان، رئيس جهاز الاستخبارات السعودي السابق، على التليفزيون السعودي العام الماضي: “مع أولئك الأشخاص، من الصعب الوثوق بهم أو التفكير في أنك تستطيع فعل شيء لخدمة فلسطين في وجودهم”.

ومن المخزي أن إسرائيل تشجع الخلل الوظيفي الفلسطيني. إن حصارها لغزة، حوّل القطاع إلى ما يعتبره الكثيرون “سجنًا مفتوحًا”، ولا يُبدي نتنياهو أي اهتمام بعقد اتفاق سلام عادل. وكذلك لا يفعل أي من المنافسين الذين يتنافسون على منصبه في الانتخابات المقررة في شهر مارس. وصف منافسه ذو الشعبية، جدعون ساعر، حل الدولتين بأنه “وهم”. ولا عجب في أن عددًا ضخمًا من الفلسطينيين يفضّلون مواجهة إسرائيل عبر انتفاضة مسلحة. 

بيد أنه لا ينبغي أن تتحمل إسرائيل اللوم على فشل فتح وحماس في التصالح سويًّا. والحصار ليس السبب الوحيد وراء كآبة حياة الفلسطينيين. لقد خذلهم قادتهم، وفي خضم الجائحة، لم يكلفوا أنفسهم عناء الطلب من إسرائيل مشاركة إمدادها من لقاحات كوفيد-19. لقد وعد الرئيس جو بايدن بتجديد المعونات إلى الفلسطينيين واستعادة العلاقات الدبلوماسية (التي قطعها ترامب)، لكنه لا يستطيع فعل الكثير لهم بينما لديهم مثل هؤلاء القادة البشعين.

ينبغي أن يتنحى عباس ونظيره في حماس لصالح وجوه جديدة وأقل فسادًا.. ينبغي أن يحظى الفلسطينيون العاديون بفرصة حرة ونزيهة لاختيار حكومة جديدة، حيث لا يوجد ضمان على أن هذا سيجعل الأمور أفضل. إن استطلاعات الرأي غير واضحة ولا يزال الكثير من الناخبين يرون التشدد والنزعة القتالية جذابة. لكن هناك فرصة قليلة للإصلاح الهادف ما لم يتنح القادة الحاليون. ينبغي السماح للناخبين باختيار حكومة جديدة، وصرفها من الخدمة بعد أربع سنوات إذا أخطأت.

للإطلاع على رابط الموضوع الأصلي إضغط هنا

ربما يعجبك أيضا