ذا هيل | سباق تسلح بحري عالمي جديد.. ما مدى انتشاره وتداعياته؟

بسام عباس

رؤية

ترجمة – بسام عباس

هناك شيء كبير يختمر في البحر، ففي الأشهر الأخيرة، كان هناك نشاط بحري متزايد وتوترات بين الدول التي تتزاحم للسيطرة على سواحلها. وذلك يشمل تحرش طائرة هليكوبتر إيرانية بسفينة حربية أمريكية، وإبرام شركات دفاعية رائدة في إسرائيل والإمارات اتفاقية للعمل المشترك لتصميم سفن غير مأهولة لاستخدامها في التطبيقات العسكرية والتجارية، إضافة إلى التوترات في البحر الأسود قبالة سواحل أوكرانيا، ناهيك عن التوترات بين الولايات المتحدة والصين، والفلبين ودول أخرى.

تمثل المنافسة في المجال البحري الحالية – بما في ذلك الصراعات المحتدمة التي يمكن أن تتحول إلى اشتباكات بين القوات البحرية – بعضًا من أكبر المنافسات البحرية منذ الحرب الباردة والحرب العالمية الأولى؛ وذلك لأن الصراعات في القرن العشرين كانت تدور حول حشود من المركبات المدرعة، مثلما كانت في الحرب العالمية الثانية، أو حركات التمرد والحروب بالوكالة خلال الحرب الباردة. وعلى مدى العقدين الماضيين، وقعت معظم الصراعات العالمية على الأرض، مثل الحرب العالمية على الإرهاب التي حاربت الولايات المتحدة ضد المتطرفين في أفغانستان والعراق وسوريا.

والآن يبدو أن التركيز يتحول مرة أخرى نحو المحيطات. ففي 27 نوفمبر، رفضت الفلبين نقل السفينة حربية، (بي ار بي سيرا مادري)، التي جنحت عمدًا في مياه ضحلة متنازع عليها في بحر الصين الجنوبي. وهذه ليست قضية صغيرة. قامت الصين بشكل ممنهج ببناء هياكل في بحر الصين الجنوبي، بما في ذلك مهابط الطائرات، للسيطرة على الجزر المرجانية الصغيرة والمياه الضحلة. وتعمل البحرية الصينية على مسافة أبعد من الداخل، بالقرب من أستراليا، وفي تدريبات مشتركة مع روسيا وإيران. ولذلك تشعر الولايات المتحدة بالقلق من تحدٍّ محتمل من الصين حيث ترى التوقعات أن الصين سيكون لديها نحو 460 سفينة خلال السنوات العشر المقبلة، وهذا تحدٍّ كبير للولايات المتحدة بعد قرن من كونها قوة بحرية عالمية مهيمنة.

وما يثير القلق في المحيط الهادئ هو أن البحرية الصينية سريعة النمو قد تصطدم بالولايات المتحدة بسبب تايوان أو مع شركاء وحلفاء للولايات المتحدة مثل أستراليا أو اليابان أو الفلبين. ويمكن للصين حينها أن تستخدم صاروخ (دونجفنج-21) الذي يوصف بكونه “الحامل القاتل”. وتشير التقارير الأخيرة إلى أن الصين قامت ببناء هدف على شكل حاملة طائرات في الصحراء لتقليد حاملة طائرات أمريكية. وفي الوقت نفسه، وقّعت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا اتفاقية أوكوس، والتي من شأنها أن تحصل أستراليا على غواصات جديدة، إلا أنها دفعت أستراليا إلى إلغاء صفقة غواصات مع فرنسا.

وفي الوقت نفسه، تصاعدت التوترات البحرية بين روسيا والغرب في البحر الأسود. وبحسب ما أوردته التقارير، فقد تعقبت روسيا سفينة تابعة للبحرية الأمريكية في أوائل نوفمبر عندما كانت تقوم بمناورات تابعة لحلف الناتو في البحر الأسود. فيما تلقت البحرية الأوكرانية طائرات هليكوبتر مطورة ووقّعت صفقة مع المملكة المتحدة، كما استقبلت سفينتي خفر السواحل الأمريكيتين السابقتين. وترتبط التوترات في البحر الأسود بمشاكل أكبر بين أوكرانيا وروسيا؛ ما دفع الولايات المتحدة إلى تحذير روسيا من أي عدوان.

وإلى جانب المنافسة بين القوى العظمى في البحر، والتي تربط الصراعات المحتملة قبالة سواحل الصين مع احتمالية نشوب صراع قبالة سواحل روسيا، تركز القوى الإقليمية بشكل متزايد على الهيمنة البحرية وتكنولوجيا المستقبل. فالشركات العسكرية في إسرائيل والإمارات وقّعت اتفاقيات للعمل المشترك لبناء سفن غير مأهولة، فيما حصلت إسرائيل على طرادات بحرية للدفاع عن منطقتها الاقتصادية البحرية، وهو ما يمثل تقدمًا كبيرًا في التكنولوجيا، سواء كان ذلك يعني وضع دفاعات رادار وصواريخ أكبر على الطرادات، أو استخدام سفن بدون طيار لحماية المياه الساحلية. وفي غضون ذلك، أكملت إسرائيل والإمارات والبحرين والولايات المتحدة أيضًا مناورة بحرية في البحر الأحمر جمعت إسرائيل والإمارات والبحرين معًا في البحر لأول مرة.

إن المناورة المشتركة بين إسرائيل ودول الخليج مرتبطة بتهديدات في المنطقة، وخاصة الإيرانية، حيث تواصل طهران مضايقة السفن الأمريكية في الخليج العربي. ففي يوليو، هاجمت طائرة إيرانية بدون طيار ناقلة تجارية في خليج عُمان؛ ما أسفر عن مقتل فردين من أفراد الطاقم، ويبدو أن كل هذا يشير إلى تركيز عالمي جديد على البحر والمنافسة على السيادة البحرية.

وربما يكون للمنافسة البحرية تداعيات كبيرة، فقد أدى سباق التسلح البحري بين بريطانيا وألمانيا إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى، ولا تتزايد ظلال الحرب الآن على رقعة من المياه من أوروبا إلى آسيا. وقد تتأثر طرق التجارة الرئيسية ومشاكل سلسلة التوريد بالمنافسات البحرية. وقد حدث هذا بالفعل في خليج عمان حيث تعرضت السفن التجارية للهجوم، والصدام التالي قد يحدث في البحر الأسود أو قبالة سواحل تايوان.

لقراءة النص الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا