بعد فنلندا.. مَن أبرز المرشحين للانضمام إلى «الناتو»؟

محمد النحاس
حلف الناتو

في مايو 2022، تقدم كل من فنلندا والسويد بطلب للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، الناتو، وانضمت فنلندا أخيرًا، ولكن تركيا ترفض الموافقة على انضمام السويد بسبب مزاعم أمنية.


أصبحت فنلندا عضوًا رسميًّا في حلف شمال الأطلسي، الناتو، وذلك إثر المخاوف التي أثارتها الحرب الروسية الأوكرانية.

ولم تكن فنلندا وحدها التي تأثرت بمخاوف الحرب، ولكن أيضًا العديد من الدول ذات الفضاء الجيوسياسي، وكانت المفارقة أن الحرب التي شنتها روسيا لوقف تمدد الحلف، دفعت دولًا أخرى للمسارعة بتقديم طلب الانضمام إلى حلف الناتو.

طلب عاجل من أوكرانيا

بعد احتفال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قاعة الكرملين بضم 4 مقاطعات أوكرانية أواخر سبتمبر من العام الماضي، ردّ الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، بإعلان أن بلاده ستتقدم بطلب الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، عن طريق تقديم طلب عاجل للانضمام.

ويرى مدير مبادرة الأمن عبر الأطلسي في مركز سكوكروفت للاستراتيجية والأمن، كريستوفر سكالوبا أنه لا يوجد مرشح أفضل من أوكرانيا في الوقت الحالي للانضمام إلى الحلف، مفسرًا ذلك باعتبار أن “المعيار الرئيس للانضمام إلى حلف الناتو هو القدرة المثبتة على التغلب على تبعات الحرب الروسية الأوكرانية”.

عقبة في طريق الانضمام

يعتقد الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، أن أوكرانيا “أثبتت توافقها مع معايير التحالف”، ويرى كريستوفر سكالوبا أنه “من الواضح أن أوكرانيا تستحق عضوية الحلف”، وفقًا لما جاء في حديث خبير الشؤون العسكرية والاستراتيجية مع المجلس الأطلسي (أتلانتك كاونسل).

وفي المقابل، ترى نائبة مدير مبادرة الأمن عبر الأطلسي، في ذات المركز، والمسؤولة السابقة بوزارة الدفاع الأمريكية، ليا شونيمان، أن أوكرانيا أبعد في الوقت الحالي، عن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، مقارنةً بما قبل بداية الحرب.

ولفتت شونيمان إلى أن المعضلة الرئيسة ليست عدم إيفاء أوكرانيا بالمعايير، ولكن في كونها تخوض حربًا في الوقت الحالي مع روسيا، وينص ميثاق الحلف على “الدفاع الجماعي”، لذلك من غير المتوقع أن تنضم أوكرانيا قريبًا، رغم اتباع الحلف سياسة “الباب المفتوح”، التي تعني الترحيب بأي دولة حققت المعايير اللازمة.

جورجيا وفرص الانضمام إلى الناتو

بحسب الموقع الرسمي للناتو، فإن جورجيا هي أحد أقرب شركاء الحلف، وتطمح إلى الانضمام إليه مستقبلًا، وبمرور الوقت تطورت مجموعة من جهود التعاون بين الناتو وجورجيا، بما يدعم جهود الإصلاح الداخلي، والتعاون في المجالات العلمية. وبدأ التعاون الثنائي العملي عندما انضمت جورجيا إلى الشراكة من أجل السلام (1994).

وتعمق هذا التعاون بعد “ثورة الورود” عام 2003، عندما دفع النظام الجديد نحو مزيدٍ من الإصلاحات، وبعد قمة بوخارست عام 2008، اتفقت الدول الأعضاء على أن تصبح جورجيا عضوًا في الناتو، شريطة أن تفي بجميع المتطلبات الضرورية، وجرى التأكيد على هذا القرار في قمم الناتو المتعاقبة.

تعطل جهود الانضمام

شنت روسيا عملية عسكرية اجتاحت فيها أبخازيا وأوسيتيا في أغسطس 2008، ما عطل جهود الانضمام، وفي الوقت الحالي تعطلت الجهود في هذا الصدد، ولكن وبحسب مجلة فورين بوليسي الأمريكية، فإنه لا يزال أكثر من 80% من الجورجيين يرغبون في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وأكثر من 70% يريدون الانضمام إلى الناتو.

ونزل نحو 120 ألف جورجى إلى الشوارع يوم 20 يونيو للتعبير عن دعمهم لعضوية الاتحاد الأوروبى وللمطالبة بتغيير مسار حكومتهم في التعامل مع الحرب الروسية الأوكرانية، وكان الحزب الحاكم في جورجيا قد ادعى أن الأوروبيين يدفعونه نحو دخول حرب مع روسيا.

وأدان أعضاء من برلمان الاتحاد هذا الادعاء، وتشي هذه التوترات بين الاتحاد الأوروبي، بإرجاء الانضمام إلى الناتو، علاوةً على قضية أبخازيا وأوسيتيا.

مولدوفا وطموح الانضمام

حذرت روسيا مولدوفا مرارًا وتكرارًا من التعاون العسكري مع الغرب، معتبرةً أن الدولة السوفيتية السابقة تقع تحت نفوذها، ولكن مولدوفا الموالية للغرب ترى أن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، سيمثل رادعًا لروسيا ضد أي اجتياح مستقبلي.

وفي مقابلة أجرتها مجلة بوليتكو الأمريكية، مع رئيسة مولدوفا مايا ساندو، سألت المجلة عن احتمال انضمام مولدوفا إلى الناتو، فأجابت ساندو بأن “البلاد لا تزال تدرس خطواتها التالية في هذا الصدد، وما إذا كان سيتطلب تغييرًا دستوريًّا لذلك”.

وقالت: “الآن يدور نقاش جاد، حول قدراتنا الدفاعية، وما إذا كان بإمكاننا ذلك، أو إذا كان ينبغي لنا أن نكون جزءًا من تحالف أكبر”، مضيفةً: “إذا وصلنا في مرحلة ما، إلى استنتاج أننا بحاجة إلى تغيير الحياد، يجب أن يحدث هذا من خلال عملية تشاورية”.

عقبات في طريق مولدوفا

منذ عام 1992 تجمع مولدوفا وحلف شمال الأطلسي مجموعة من ملفات التعاون في مجالات الإصلاحات الهيكلية، وتدريب قوات الأمن، والتعاون العلمي، وبناءً على طلب من حكومة مولدوفا، أنشأ الحلف مكتب اتصال مدني، في كيشيناو في ديسمبر 2017 لتعزيز التعاون العملي وتسهيل دعم إصلاحات البلاد.

وفي قمة الناتو عام 2022 في مدريد، وافق الحلف على حزمة من تدابير الدعم المخصصة لمساعدة مولدوفا على تعزيز استعدادها المدني.

ونشبت الحرب في أوكرانيا، وزادت التوترات في العلاقات المولدوفية الروسية، ما يجعل من كل ذلك عوامل تدفع مولدوفا إلى التفكير في الانضمام إلى الناتو، ولكن العقبة الأبرز التي تقف أمام هذه الخطوة، هي وجود منطقة انفصالية تدعى ترانسنيستريا موالية لروسيا، ويتمركز بها مقاتلون روس.

السويد

في مايو العام الماضي 2022، تقدم كل من فنلندا والسويد بطلب للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وانضمت فنلندا أخيرًا، ولكن تركيا ترفض الموافقة على انضمام السويد بسبب مزاعم أمنية.

اقرأ أيضًا: رئيس وزراء السويد: احتمالات انضمام فنلندا إلى «الناتو» قبلنا تتزايد

وتنتقد السويد تركيا بسبب انتهاكات حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية، ما أثار غضب السياسيين في أنقرة، وتقول تركيا إن ستوكهولم تأوي أعضاء من تعدهم أنقرة إرهابيين، وهو اتهام تنفيه السويد، وطالبت تركيا بتسليمهم كخطوة نحو التصديق على عضوية السويد في الحلف العسكري.

وبداية هذا العام، قال رئيس الوزراء السويدي، أولف كريسترسون، إن السويد لا تستطيع قبول المطالب التركية، ما يشي بمزيدٍ من التأخير في انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي، ومن شأن انضمام السويد إلى الحلف أن يمثل ضربة جديدة إلى روسيا، بعد انضمام فنلندا.

اقرأ أيضًا: ما الأهمية الجيوستراتيجية التي يمثلها انضمام فنلندا إلى الناتو؟ 

اقرأ أيضًا: فنلندا العضو 31 في الناتو.. لماذا وافقت تركيا بعد عام من المماطلة؟

اقرأ أيضًا: خبير عسكري لـ«رؤية»: انضمام فنلندا إلى «الناتو» يمثل خطرًا كبيرًا على روسيا

ربما يعجبك أيضا