بين الصين والشرق الأوسط.. ما التهديد الأكبر على الولايات المتحدة؟

اندلاع حروب وسباقات تسلح إقليمية.. أمريكا أمام أزمات مقبلة

آية سيد
لقاء بايدن وشي.. قمة من أجل تجنب الحرب العالمية الثالثة

التهديد الذي تشكله الصين على تايوان لديه تداعيات مختلفة على القوة الأمريكية عن التهديد الذي تشكله روسيا على أوكرانيا، أو حماس على إسرائيل.


في خطابه يوم الخميس الماضي، 19 أكتوبر 2023، ربط الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بين صراع حماس وإسرائيل والحرب الروسية الأوكرانية.

وصوّر بايدن التدخل الأمريكي على أنه جزء من استراتيجية كبرى لاحتواء الأعداء والخصوم، لكن الكاتب الأمريكي، روس دوثات، رأى أن خطاب بايدن افتقد الإشارة إلى عنصر هام، ألا وهو التهديد الذي تشكّله الصين.

أمور غائبة

في مقال له بصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أمس السبت 21 أكتوبر 2023، أشار دوثات إلى أن بايدن محق في أن الولايات المتحدة لديها مصلحة قوية في منع القوى المنافسة من إعادة رسم الخرائط، أو تقويض حلفاء أمريكا الديمقراطيين.

بين الصين والشرق الأوسط.. ما التهديد الأكبر على الولايات المتحدة؟

الرئيس الأمريكي جو بايدن

إلا أن أمرين مهمين غابا عن كلمات الرئيس الأمريكي، وهما، وفق الكاتب، الاعتراف بالمقايضات الصعبة، وأي إشارة إلى الصين كتهديد أكبر من روسيا أو إيران.

وقال دوثات إن هذا الغياب ليس مفاجئًا، لأن الرؤساء الأمريكيين دأبوا على الإشارة إلى أن لا شيء يتجاوز القدرة الأمريكية، بدلًا من الحديث عن حدود القوة الأمريكية، ولأن واشنطن لا ترغب في خوض حرب مع بكين، فمن المنطقي ألا تخلطها مع موسكو وطهران.

تأثر السياسة

يرتبط الخطاب الرئاسي بالسياسة، وفق دوثات، وتهديد بكين الذي يغيب عن خطاب بايدن بالكاد موجود في طلبه للتمويل.

وطلبت الإدارة من الكونجرس أكثر من 60 مليار دولار لأوكرانيا، و14 مليار دولار لإسرائيل، و2 مليار دولار فقط للهند وباسيفيك.

وبالمثل، فإن الثغرات في خطاب الرئيس تُخبر عن الأولويات السياسية، على الأقل داخل ائتلافه.

وإذا لم يمكن بإمكانك التحدث عن سبب الحاجة إلى القلق بشأن القوة الصينية إلى جانب العدوان الروسي أو الإيراني، قد يفترض الناس أنه لا يوجد شيء ينبغي القلق بشأنه.

لماذا الصين أولوية؟

رأى دوثات أن استراتيجية الاحتواء في الباسيفيك يجب أن تحظى بالأولوية، حتى عندما تصبح تهديدات أخرى أكثر إلحاحًا.

وأرجع هذا إلى عدة أسباب، أولها الخلفية الجيوسياسية. ورأى الكاتب أنه من المنطقي الحديث عن بكين وموسكو وطهران كتحالف فضفاض يحاول تقويض القوة الأمريكية، لكنهم ليسوا متكافئين.

بين الصين والشرق الأوسط.. ما التهديد الأكبر على الولايات المتحدة؟

الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والرئيس الصيني، شي جين بينج

فالصين فقط قد تكون نظيرًا للولايات المتحدة، وتمتلك قدرة تكنولوجية وعسكرية ربما تضاهي القوة الأمريكية، وهي الوحيدة التي لديها القدرة لاستعراض القوة عالميًّا وإقليميًّا.

وأضاف الكاتب الأمريكي أن الصين تقدم بديلًا أيديولوجيًّا مترابطًا نوعًا ما للنظام الدولي الليبرالي، فنظام جدارة الحزب الواحد يمكنه الترويج لنفسه كخليفة للرأسمالية الديمقراطية، وهو النموذج البديل للعالم النامي.

تهديد تايوان

رغم أن هذه الحقائق الاستراتيجية العامة لا تمثل تهديدًا بقدر العدوان الفعلي، فإن التهديد الذي تشكله الصين على تايوان لديه تداعيات مختلفة على القوة الأمريكية عن التهديد الذي تشكله روسيا على أوكرانيا، أو حماس على إسرائيل.

وأيًّا كان ما يحدث في صراع أوكرانيا، لم تكن أمريكا ملتزمة رسميًّا بالدفاع عنها، وروسيا لا يمكنها هزيمة حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وأيًّا كان الضرر الذي تُلحقه إيران ووكلاؤها بالشرق الأوسط، فإنهم لن يهزموا إسرائيل أو يطردوا القوة الأمريكية من الشام، حسب دوثات.

إلا أن أمريكا ملتزمة بالدفاع عن تايوان، وكان هذا التوقع دائمًا في خلفية نظام تحالفها الأوسع في شرق آسيا.

ورغم اختلاف الآراء، توجد أسباب قوية للاعتقاد بأن الصين مقبلة على غزو تايوان في المستقبل القريب، وأن أمريكا قد تنضم إلى هذه الحرب وتخسر.

تداعيات الهزيمة

يذهب المتشددون تجاه بكين إلى أن خسارة الحرب على تايوان ستكون أسوأ من الكوارث التي أعقبت 11 سبتمبر 2001، وأسوأ من السماح لفلاديمير بوتين بالاحتفاظ بدونباس والقرم للأبد.

واتفق دوثات معهم في هذا الطرح، مشيرًا إلى أن ترسيخ التفوق العسكري الصيني في شرق آسيا سيكون صدمة جيوسياسية فريدة من نوعها، ولها عواقب وخيمة على استمرارية نظام التحالفات الأمريكي، واحتمالية اندلاع حروب وسباقات تسلح إقليمية، وقدرة واشنطن على الحفاظ على نظام التجارة العالمي الذي يُعد أساس الازدهار.

أزمة داخلية

أعرب دوثات عن قلقه من أن التداعيات الأكبر للهزيمة ستكون على الداخل الأمريكي، فالولايات المتحدة لديها تجربة في خسارة حروب، مثل فيتنام وأفغانستان، حيث شاركت أمريكا دون أن تضع جميع قواتها في المعركة، لكنها لم تجرّب الهزيمة في القتال المباشر، على يد خصم من القوى العظمى ومنافس أيديولوجي.

وفي ختام المقال، قال الكاتب الأمريكي إن هذه الهزيمة قد تسرّع انزلاق أمريكا نحو أزمة داخلية حقيقية، ولهذا السبب، يجب أن تعمل الولايات المتحدة بأقصى جهد لتجنب وقوع كارثة في شرق آسيا.

ربما يعجبك أيضا