تهديد خطير.. هل تستطيع أمريكا ردع الصين وروسيا؟

آية سيد
تهديد خطير.. هل تستطيع أمريكا ردع الصين وروسيا؟

تواجه الولايات المتحدة للمرة الأولى 4 أعداء متحالفين في نفس الوقت، وهم الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران. لكن قيادتها السياسية المنقسمة فشلت في إقناع الأمريكيين بخطورة التهديد.


نشرت مجلة فورين أفيرز الأمريكية مقالًا لوزير الدفاع الأمريكي الأسبق، روبرت جيتس، يشكك فيه بقدرة بلاده على ردع التهديدات الأمنية.

وقال جيتس في مقاله، المنشور أول أمس الجمعة 29 سبتمبر 2023، إن الولايات المتحدة تواجه للمرة الأولى 4 أعداء متحالفين في نفس الوقت، وهم الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران. لكن قيادتها السياسية المنقسمة فشلت في إقناع الأمريكيين بخطورة التهديد.

طموحات صينية

أشار جيتس، الذي عمل وزيرًا للدفاع من 2006 حتى 2011، إلى أن دعوة الرئيس الصيني، شي جين بينج، إلى “التجديد العظيم للأمة الصينية” هي اختزال لطموح الصين بأن تصبح القوة العالمية المهيمنة بحلول 2049، الذي يصادف الذكرى المئوية لانتصار الشيوعيين في الحرب الأهلية الصينية.

تهديد خطير.. هل تستطيع أمريكا ردع الصين وروسيا؟

الرئيس الصيني شي جين بينج

وهذا الهدف يتضمن إعادة تايوان تحت حكم بكين. ولتحقيق تلك الغاية، أمر شي الجيش الصيني بالاستعداد بحلول 2027 لغزو تايوان، وتعهد بتحديث الجيش الصيني بحلول 2035 وتحويله إلى قوة من “الطراز العالمي”.

وحسب جيتس، يبدو أن شي يؤمن بأنه يستطيع تأمين مكانة شبيهة بمكانة ماو تسي تونج ضمن عظماء الحزب الشيوعي الصيني فقط عبر السيطرة على تايوان. لكن طموحات شي تنطوي على خطر الحرب، وقد يخطئ الحسابات مثلما فعل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في أوكرانيا.

تحدي هائل

رغم مشكلات بكين الداخلية، ستواصل تشكيل تحدي هائل للولايات المتحدة. فجيشها أصبح أقوى من أي وقت مضى، وتتباهى الصين بامتلاك سفن حربية أكثر من الولايات المتحدة، رغم جودتها الأقل، وحدثت قواتها التقليدية والنووية وأعادت هيكلتها، وحدثت نظام القيادة والسيطرة، وتمضي قدمًا في تحديث قدراتها الفضائية والسيبرانية.

وبخلاف التحركات العسكرية، تنتهج الصين استراتيجية شاملة تهدف إلى زيادة قوتها ونفوذها عالميًا. وأصبحت الصين الآن الشريك التجاري الرئيس لأكثر من 120 دولة، وانضمت أكثر من 140 دولة لمبادرة الحزام والطريق الصينية.

ووفق جيتس، تستخدم الصين شبكة دعاية وإعلام منتشرة، تهاجم من خلالها التحركات الأمريكية، وتُضعف الثقة في المؤسسات الدولية التي أنشأتها الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، وتروج للتفوق المزعوم لنموذجها الخاص بالتنمية والحوكمة.

هل الصراع حتمي؟

لفت الوزير الأمريكي الأسبق إلى أن من يعتقدون بحتمية الصراع بين واشنطن وبكين يستندون إلى مفهومين على الأقل. الأول هو “فخ ثوسيديدس”، وتقول هذه النظرية إن الحرب تصبح حتمية عندما تواجه قوة صاعدة قوة راسخة.

والمفهوم الثاني هو “ذروة الصين”، الذي يذهب إلى أن القوة الاقتصادية والعسكرية للدولة وصلت، أو ستصل قريبًا، إلى ذروتها، في حين ستستغرق المبادرات الطموحة لتعزيز الجيش الأمريكي سنوات لتؤتي ثمارها. وهكذا، قد تغزو الصين تايوان قبل أن يتغير التفاوت العسكري في آسيا.

لكن جيتس لم يقتنع بأي من هاتين النظريتين، مستشهدًا بالحرب العالمية الأولى التي حدثت نتيجة لحماقة وغطرسة قادة أوروبا، وعدم جاهزية الجيش الصيني لصراع كبير. وبالتالي، الهجوم الصيني المباشر على تايوان سيحدث بعد عدة سنوات، إلا إذا أخطأ شي حساباته.

اقرأ أيضًا| هل تستعد الصين للحرب مع الولايات المتحدة؟

رهان بوتين

تهديد خطير.. هل تستطيع أمريكا ردع الصين وروسيا؟

الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين

سعيًّا لاستعادة إمبراطورية روسيا المفقودة، أقدم بوتين على غزو أوكرانيا في 2014 و2022، لكن هذه المغامرة الأخيرة كانت سوء تقدير كارثيًا له عواقب مدمرة بعيدة المدى على روسيا. وبدلًا من تقسيم حلف شمال الأطلسي (الناتو) وإضعافه، منحت أفعال روسيا الحلف غرضًا جديدًا. وأصبحت روسيا، استراتيجيًا، في حال أسوأ مما كانت عليه قبل الغزو.

ووفق جيتس، ما دام بوتين في السلطة، ستظل روسيا خصمًا للولايات المتحدة والناتو. وعبر صفقات السلاح، والمساعدات الأمنية، والنفط والغاز الرخيص، ينمّي بوتين علاقات جديدة في إفريقيا، والشرق الأوسط وآسيا. وسيواصل استخدام كل الوسائل المتاحة لزرع الانقسام في الولايات المتحدة وأوروبا، وتقويض النفوذ الأمريكي في الجنوب العالمي.

وبدافع شراكته مع شي وثقته في أن ترسانته النووية الحديثة ستردع العمل العسكري ضد روسيا، رأى جيتس أن الرئيس الروسي سيواصل تحدي الولايات المتحدة. ومثلما أخطأ بوتين الحسابات من قبل، يمكنه أن يفعل ذلك مجددًا.

عجز أمريكي

رأى وزير الدفاع الأمريكي الأسبق أن واشنطن في مركز قوة بالنسبة للصين وروسيا، على الأصعدة الاقتصادية، والدبلوماسية والعسكرية. إلا أن الخلل الوظيفي السياسي والإخفاقات السياسية يقوضون النجاح الأمريكي.

فالاقتصاد مهدد بالإنفاق الحكومي الجامح، وفشل السياسيين من الحزبين في الاتفاق على السياسات الاقتصادية. ودبلوماسيًا، تسبب ازدراء الرئيس السابق، دونالد ترامب، للحلفاء وإعجابه بالقادة الاستبداديين، وكذلك انسحاب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، من أفغانستان في إضعاف مصداقية واشنطن وفقدان الثقة بها.

ولسنوات عديدة، تجاهلت الدبلوماسية الأمريكية معظم دول الجنوب العالمي، التي تُعد جبهة أساسية في المنافسة غير العسكرية مع الصين وروسيا. ولفت جيتس إلى أن الكونجرس والفرع التنفيذي يمتلئان بالعراقيل التي تمنع واشنطن من زيادة قوتها العسكرية لمواجهة التهديدات.

اقرأ أيضًا| تكلفة الصراع كارثية.. هل اقتربت حرب أمريكا والصين بسبب تايوان؟

ردع التهديدات

اقترح جيتس عددًا من التوصيات كي تردع الولايات المتحدة خصومها عن ارتكاب المزيد من الحسابات الخاطئة استراتيجيًا. أولًا، يجب أن يعالج القادة الأمريكيون الانهيار في الاتفاق بين الحزبين بشأن دور أمريكا في العالم.

وثانيًّا، يجب أن تدمج الاستراتيجية الأمريكية جميع أدوات قوتها الوطنية، مثل برامج المساعدات الإنمائية، والدبلوماسية العامة، والمساعدات الأمنية للحكومات الأجنبية. وثالثًا، يجب أن تعيد واشنطن التفكير في استراتيجيتها النووية في مواجهة التحالف الصيني الروسي.

وأخيرًا، يجب أن يغير الكونجرس الطريقة التي يخصص بها الأموال لوزارة الدفاع (البنتاجون)، ويجب أن يغير الكونجرس الطريقة التي ينفق بها الأموال، ويتصرف بمزيد من السرعة والكفاءة في ما يتعلق بالموافقة على ميزانية الدفاع.

ربما يعجبك أيضا