في قبضة إيران.. ميلاد حكومة جديدة للعراق

يوسف بنده

يرى مراقبون أن أمريكا وإيران تجدان أن من مصلحتهما الحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار في العراق، لا سيما في الظرف الراهن، فواشنطن حريصة على استمرار تدفق النفط من هذا البلد، مع أزمة الطاقة التي يشهدها العالم حاليًّا.


بدأت حكومة جديدة بقيادة محمد شياع السوداني في العراق، وقد تسلمت، أمس الجمعة 28 أكتوبر 2022، رسميًّا مهام عهدها الجديد.

وتواجه الحكومة الجديدة صعوبات، تتعلق بأن زعيم التيار الصدري لا يزال قادرًا على تحريك الشارع، مستغلًّا فشل الحكومة في تقديم الخدمات، وكذلك صعوبة التوازن بين مصالح القوى الخارجية.

تهنئة الحكومة الجديدة

هنأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس الجمعة، رئيس الوزراء العراقي الجديد محمد شياع السوداني بمناسبة منح الثقة لحكومته. وقال: “نهنئكم على المسؤولية المهمة لتوليكم رئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة الجديدة”، حسب وكالة «براثا».

وشدد على أن “إيران تعتزم توطيد وتعميق وتطوير التعاون الثنائي، وهي على استعداد كامل لتطوير هذه العلاقات”، موضحًا أن “وجود عراق مزدهر ومستقل وقوي وقادر على أداء دور إيجابي وبناء، يمكن أن يكون مؤثرًا في تحقيق أمن المنطقة”.

صعاب التوازن

تواجه حكومة السوداني صعوبة التوازن في العلاقات الخارجية بين دول الجوار، وعلى رأسها إيران، وذلك سينعكس أيضًا على الأطراف الداخلية الفاعلة والمرتبطة بالقوى الخارجية، وحسب تقرير شبكة «العربية»، فإن عقلية الأحزاب أصبحت ترى في موارد الدولة وإمكاناتها جزءًا من ميراث يفترض أن يوزع في ما بينها.

ولذلك يسعى السوداني لتحقيق توازن بين الغرب وإيران، إذا ما أراد الاستقرار لحكومته، لا سيما أن البلاد بحاجة إلى استثمارات أجنبية في قطاعات متنوعة، خاصة أن غالبية الوزراء الشيعة مقربون من أحزاب في الإطار التنسيقي، موالية لإيران.

التسليم للميليشيات

فشل رئيس الوزراء العراقي السابق، مصطفى الكاظمي، في التخلص من سطوة الأحزاب والميليشيات الشيعية الموالية لإيران داخل العراق، وحسب تقرير صحيفة «النهار»، فإن السوداني لا يفكر أصلًا في الصدام بالميليشيات، مؤمنًا بضرورتها لحماية المذهب فإنه سيسمح لها بأن تغزو حكومته بكفاءاتها.

وكل ذلك سيجري بمباركة رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، الموالي لإيران، والذي لا يزال زعيمًا للسوداني، رغم أن الأخير ارتدى قناع المستقل منذ سنوات قليلة من أجل التمويه. ولكن لمَ يرغب المالكي في إفشال مهمة السوداني الذي يعرف أن في انتظاره موجة احتجاجات جديدة قادرة على إضعاف أي حكومة عراقية.

إضعاف التيار الصدري

حسب تقرير «إندبندنت عربية»، فإن أحزاب الإطار التنسيقي الموالية لإيران بدأت ترفع الشعارات الوطنية التي رفعها تيار مقتدى الصدر، وذلك لإفقاده القاعدة المساندة له في الشارع العراقي، فقد رفعت شعار السيادة واستعادة هيبة الدولة، بعدما كانت ترفع شعار المقاومة وحملات شيطنة كل القوى المناهضة للنفوذ الإيراني في البلد.

وشهدت السنوات الثلاث الماضية ممارسات عدة لميليشيات رئيسة داخل منظومة “الإطار التنسيقي“، من بينها عمليات قصف البعثات الدبلوماسية والمصالح الدولية في البلاد، ما يجعل شعار “استعادة هيبة الدولة” الذي ترفعه تلك القوى محل استفهامات عدة بالنسبة إلى الشارع العراقي.

طهران بجانب واشنطن

حسب تقرير صحيفة «العرب»، فقد كانت أمريكا وإيران في مقدمة المهنئين بتشكيل حكومة عراقية جديدة ومنحها الثقة، وهذا يعود إلى أن للطرفين مصلحة في انتهاء الأزمة السياسية في العراق، ولكن يبقى ارتياح كلا الطرفين لهذه الانفراجة مبالغًا فيه، في ظل شارع عراقي متحفز للتصعيد.

ويعد العراق من الساحات القليلة التي تتقاطع فيها مصالح طهران وواشنطن، فالأخيرة سلمت منذ سنوات بسيطرة إيران على سلطة القرار في العراق عبر القوى الموالية لها، في حين أن إيران، رغم التهديدات التي تطلقها بين حين وآخر، تتجنب المساس بمصالح واشنطن والغرب عمومًا في هذ البلد.

ربما يعجبك أيضا