نظام عالمي جديد وتحدي أمريكا.. رسائل رئيس البرازيل من الصين

محمد النحاس

تصريحات جريئة وخطوات واقعية من الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا ضد هيمنة الولايات المتحدة.. ما تأثير علاقاته بالزعيم الصيني؟


لا تقتصر الشراكة بين البرازيل والصين على الجانب الاقتصادي والتجاري، بل تجمع الجانبين أهداف ترمي إلى تغيير هيكلية النظام العالمي. 

وهذا ما شدد عليه الرئيس البرازيلي، المحسوب على اليسار، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، في خروج عن نهج سلفه اليميني جايير ميسياس بولسونارو، الذي كان حريصًا على تقوية الصلات بالولايات المتحدة، خلال عهد رئيسها السابق دونالد ترامب. 

تحقيق التوازن الجيوسياسي

قال الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، إنه يريد العمل مع الصين من أجل تحقيق التوازن على الصعيد الجيوسياسي العالمي، وذلك بعد زيارة لعملاقة الاقتصاد استمرت 3 أيام، بهدف تعميق العلاقات بين البلدين، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، أمس السبت 15 إبريل 2023.

وكان لولا دا سيلفا قال قبل سفره إنه يعتزم مناقشة الزعيم الصيني شي جين بينج، بشأن إنشاء “نادي سلام” لوقف الحرب الروسية الأوكرانية، وخلال الزيارة دعا واشنطن إلى “التوقف عن تشجيع الحرب” على حد تعبيره، وشدد على أن أوروبا أيضًا بحاجة إلى الحديث عن السلام، مضيفًا: “من الضروري أن تبدأ روسيا وأوكرانيا تدريجيًّا في رؤية أن العالم بأسره يريد إنهاء الحرب”.  

صلات عميقة

كان في انتظار الرئيس البرازيلي بالصين استقبال حافل تضمن عزف أغان وطنية للبلدين، وحمل أطفال أعلامهما الوطنية. وعادةً ما تعبر طريقة الاستقبال عن طبيعة العلاقات، ما يلقي الضوء على عمق الصلات بين البرازيل والصين، فضلًا عن امتداح الرئيس الصيني لنظيره دا سيلفا واصفًا إياه بـ”الصديق العزيز القديم”.  

الرئيس البرازيلي والرئيس الصيني

استقبال حافل للرئيس البرازيلي

وأعرب شي عن ثقته بأن العلاقة بين الصين والبرازيل تلعب دورًا مهمًّا وحيويًّا في تحقيق السلام والاستقرار، على الصعيدين الدولي والإقليمي.

شراكات ضخمة

على صعيد الشراكات الثنائية، وقع الجانبان أكثر من 12 اتفاقية، بقيمة 10 مليارات دولار، في مجالات الاستثمار في البنية التحتية والفضاء وتسهيل التجارة بين البلدين، في العديد من المجالات الأخرى مثل الاقتصاد الرقمي، والتكنولوجيا الفائقة، وكذلك الاقتصاد الأخضر (الصديق للبيئة).  

والبرازيل والصين عضوان في منظمة بريكس، وهي مجموعة من الدول النامية تسعى لتشكيل قوة اقتصادية موازية للكتلة الغربية. وتضم بريكس أيضًا الهند وروسيا وجنوب إفريقيا، وتعتزم دول عربية وشرق أوسطية الدخول في المجموعة، التي سعى لولا دا سيلفا لإحياء نشاطاتها منذ توليه رئاسة البرازيل.

نظام دولي جديد 

حسب صحيفة جلوبال تايمز الصينية، أصبحت بريكس “ركيزة أساسية في بنيان الحكم الديمقراطي للنظام العالمي”. ويرى مدير برامج منتدى فالداي الدولي للحوار (مقره روسيا) تيموفي بورداتشيف، أن التعاون بين الصين والبرازيل يعزز استقلال كل منهما، ويشيد بالخطوات التي اتخذها الجانبان. 

اقرأ أيضًا: ما هو النظام العالمي الذي تسعى بكين لتشكيله؟ 

وقال بورداتشيف لصحيفة جلوبال تايمز إن “الفرصة سانحة في الوقت الحالي لإنشاء بنية تحتية للحوكمة العالمية، لا تعتمد على مركز واحد لصنع القرار (في إشارة إلى واشنطن)، ويمكن أن تصبح أساسًا لنظام دولي جديد”. وتسعى بكين وموسكو لتشكيل نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب كما شددتا في عدة مناسبات. 

اقرأ أيضًا: هل يجب أن تخشى واشنطن شراكة موسكو وبكين؟

تحدي للولايات المتحدة

في تصريحاته خلال الزيارة، تحدى الرئيس البرازيلي الولايات المتحدة الأمريكية في عدة مواضع، وقال مستنكرًا: “لماذا على جميع البلدان استخدام الدولار في معاملاتها التجارية؟”، داعيًا إلى استخدام عملات بديلة. وتعقد البرازيل والصين بعض صفقاتهما بالعملات المحلية بالفعل، في تحدٍّ لهيمنة الدولار على المعاملات الاقتصادية العالمية.

ولم يقف التحدي عند هذا الحد، بل أعلن لولا زيارته لمقر شركة هواوي الصينية التي تخضع لعقوبات أمريكية، بهدف “إثبات عدم قدرة أي أحد على منع تعزيز علاقات البرازيل والصين”.

وشهدت العلاقات الصينية البرازيلية توترًا خلال عهد بولسونارو، بسبب خلافات تتعلق باستخدام تقنيات الجيل الخامس الصينية في البرازيل، وسط مخاوف من تجسس صيني مزعوم عن طريق هذه التقنيات.

اقرأ أيضًا: نظام مالي متعدد الأقطاب.. «الرنمينبي» في طريقه لإزاحة الدولار

اقرأ أيضًا: لمواجهة الأزمات العالمية.. هل تعد الصين ملجئًا آمنًا للاستثمار؟

اقرأ أيضًا: قطبية ثلاثية.. نظام دولي جديد بقيادة دول نامية

ربما يعجبك أيضا