أرقام صادمة.. من المسؤول عن ارتفاع التضخم في بريطانيا؟

شروق صبري

يخشى أصحاب الرهن العقاري من ارتفاع أسعار الفائدة، ويتوسلون إلى الحكومة لأخذهم في عين الاعتبار، بسبب ارتفاع التضخم.


لم تكن أرقام التضخم الصادمة في بريطانيا مفاجئة، ففي الأشهر القليلة الماضية، بدت الأرقام أسوأ مما كان متوقعًا، وهو الأمر الذي دفع بنك إنجلترا لرفع أسعار الفائدة، وبالتالي حدوث قفزة في تكلفة الاقتراض.

وكشفت أرقام التضخم الخاصة بشهر مايو، التي نُشرت في 21 يونيو، أنها وصلت لـ8.7%. وهذا الرقم أعلى من توقعات الاقتصاديين التي كانت عند 8.4%. والأمر الأكثر خطورة هو أن التضخم الأساسي، قفز إلى 7.1% من 6.8% في الشهر السابق، حسب ما أوردته مجلة الإيكونوميست البريطانية في عددها الأسبوعي 21 يونيو 2023.

وحل التضخم البائس

على الرغم من أن التضخم الأساس في كل من أمريكا ومنطقة اليورو، لا يزال مرتفعًا، لكنه ينخفض برفق، فقد وصل لـ5.3% في مايو، وتراجعت الأرقام الرئيسة في هذه الاقتصادات، بما في ذلك الغذاء والطاقة، بشكل أسرع.

لكن من بين دول مجموعة السبع، لا يوجد تضخم أعلى من بريطانيا. إيطاليا فقط هي التي تقترب بمعدل رئيس يبلغ 7.6%. بينما النمسا وأيسلندا والسويد، واقتصادات أوروبا الشرقية ما زالت تعاني بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا، وتقع في وحل التضخم البائس.

ووفق الإيكونوميست، بريطانيا معرضة لارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، فمن الواضح أن الضغوط التضخمية في الغالب نتيجة لقرارات تتخذ في الداخل، لأن التضخم المتفاقم، لم يكن بسبب الحرب أو تعثر سلاسل الإمداد أو ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالميًّا.

لكن ارتفاع معدل تضخم الخدمات، وهو عامل محلي بشكل كبير، ففي مايو انخفض معدل تضخم السلع انخفاضًا طفيفًا، من 10.0% إلى 9.7%، ويرجع جزئيًّا إلى أن الزيادات في أسعار الغذاء لم تكن سريعة تمامًا، كما كانت من قبل.

التضخم في بريطانيا

التضخم في بريطانيا

 الإدراك المتأخر

أحد أسباب التضخم الرئيسة هي الجهود المالية التي اتخذتها بريطانيا، إذ تتميز بريطانيا بأنها قدمت حوافز  للاقتصاد في ظل الوباء، ثم قدمت دعمًا ماديًا آخر العام الماضي خلال أزمة الطاقة، لمساعدة الأسر والشركات التي تضررت بفواتير طاقة مؤلمة. وقد تفوقت بالدعم المادي الذي قدمته لهذه الفئات على أمريكا وفرنسا.

اقرأ أيضًا| تباطؤ التضخم السنوي في بريطانيا خلال مارس

ويقع اللوم على الذين يضعون السياسة النقدية في ارتفاع التضخم، فبسبب الإدراك المتأخر للأحداث، كان يجب أن يكونوا حذرين للغاية، لتجنب التغييرات الكبيرة في الأسعار، وهو ما حدث عندما رفع البنك المركزي الفائدة لـ5.7% في اجتماع يوم 22 يونيو، فقد صوتت لجنة السياسة النقدية لرفع أسعار الفائدة، ما فاجأ الأسواق التي كانت تتوقع زيادة طفيفة.

السياسة السهلة

ترى المجلة البريطانية أن السياسة السهلة جعلت بريطانيا تقف بعيدًا عن أقرانها، فحتى الآن مشاركة القوى العاملة أقل من مستواها قبل انتشار الوباء، فأكثر من نصف مليون يبحثون عن عمل.

غير أن تدفق المهاجرين من خارج الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد، بات مشكلة كبيرة لم تنجح بريطانيا في حلها، فالعديد من المهاجرين هم من اللاجئين أو الطلاب، وليسوا موظفين بدوام كامل، ويبحثون عن فرص عمل، وهو ما خلق نسبة بطالة مرتفعة، وباتت الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا تستغل في العمل.

وأدى ارتفاع الطلب مع العرض المحدود إلى جعل بعض أجزاء الاقتصاد، مثل الخدمات المهنية والضيافة، تعاني، بما في ذلك الخدمات الصحية، التي تعاني الاختناقات والإضرابات.

غير أن أصحاب الرهن العقاري المثقلين بالديون سيشعرون بمزيد من الضغط المالي، إذ استبعد، وزير الخزانة البريطاني، المستشار جيريمي هانت، مثل الإعفاءات الضريبية على فوائد الرهن العقاري، قائلًا “سيجعل هذا التضخم أسوأ وليس أفضل”.

ومن المقرر أن يعقد الوزير اجتماعًا مع البنوك، ومن المتوقع أن يطلب منهم إبداء المرونة أمام المقترضين المتعثرين.

اقرأ أيضًا| استقرار التضخم السنوي في بريطانيا خلال مايو
اقرأ أيضًا| التضخم في بريطانيا يتباطأ للشهر الثالث

ربما يعجبك أيضا