أرمينيا ترفض ممر زنكزور.. لماذا؟

بعزلها عن إيران.. أرمينيا دولة حبيسة أكثر

يوسف بنده

وحدة الأراضي الطورانية وصولًا إلى أسيا الوسطى يجعل أرمينيا بلد مهدد بالتلاشي وسط صعود البعث الطوراني.


قام رئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشينيان، بزيارة إلى محافظة سيونيك الجنوبية المجاورة للحدود الإيرانية يوم الاثنين الماضي 2 سبتمبر 2024.

وإن كانت هذه الزيارة بذريعة افتتاح مدرسة جديدة في بلدة فاغاتين، لكن الأمر يحمل رسالة رمزية تجاه جارتها أذربيجان التي تضغط للحصول على الأراضي الجنوبية من تلك المحافظة، لربط أراضيها، حيث ينفصل إقليم ناخيتشيفان عن بلده الأم جغرافيًا.

ممر زنكزور يهدد الاستقرار بجنوب القوقاز

معارضة إيرانية

ترفض إيران خطة أذربيجان المدعومة من تركيا وأوروبا وروسيا لفتح ممر زنكزور الذي سيوصل الأراضي الأذربيجانية ببعضها، ويسمح لتركيا بالوصول إلى بحر قزوين مباشرة، ما يجعل هذا الممر طريقًا موازيًا لنقل التجارة والطاقة بين الشرق والغرب، أي من عمق آسيا إلى أوروبا عن طريق البوابة التركية.

وتعارض طهران أي تغييرات جيوسياسية في حدودها الشمالية بما يضر بمصالحها الأمنية والقومية وكذلك يعزلها عن جارتها أرمينيا، بما يقلل عدد جيرانها إلى 14 دولة بدلًا من 15، خاصة أن أرمينيا، واحدة من بوابات إيران تجاه أوروبا.

ممر-شمال-جنوب-للنقل-الدولي

ممر شمال جنوب

تعمل طهران مع حليفتها موسكو على إنشاء ممر شمال-جنوب، الذي يربط المحيط الهندي ومياه الخليج بمنطقة أوراسيا وأوروبا، عن طريق المرور بالأراضي الإيرانية، ثم أذربيجان، وروسيا.

لكن عزل إيران عن أرمينيا، يعزل إيران عن ممرها نحو البحر الأسود ثم أوروبا، عبر أرمينيا وجورجيا، وهو ما يعزز من فرص الوصول إلى أوروبا عن طريق أذربيجان أو روسيا.

ولا تعارض إيران الهدف من ممر زنكزور لنقل التجارة والطاقة إلى أوروبا، ولكن أن يتم ذلك بمشاركة أراضيها الشمالية، بما لا يغير من جيوسياسية المنطقة، ولذلك اقترحت ممر نهر آرس.

زنكزور

ممر زنكزور لتوحيد أراضي أذربيجان ويعزل أرمينيا عن إيران

معارضة أرمينيا

لا تستجيب حكومة يريفان الأرمينية لتهديدات لحكومة باكو الأذربيجانية، بفتح ممر زنكزور بقوة السلاح، لأن هناك خسائر أمنية وقومية أكبر من فوائد فتح ذلك الممر.

وأوضح التقرير أن أرمينيا دولة حبيسة، ما يعني أن فتح ذلك الممر يزيد من عزلتها الإقليمية والدولية، خاصة أنه سيقطع حدودها مع إيران. كما أن أرمينيا محاذية لتركيا، والحاجة لحدود أرمينيا تمثل فرصة لتحقيق السلام بين يريفان وأنقرة، لكن غياب تلك الحاجة يعطل من فرص السلام في منطقة جنوب القوقاز.

مخاوف قومية

بعد حرب تحرير مرتفعات ناغورني قره باغ بين أذربيجان وأرمينيا، تشعر الأخيرة بحصارها أمنيًا من القوميات الطورانية (تركيا وأذربيجان)، وسط تجاهل من روسيا التي لم تدافع عنها بموجب معاهدة منظمة الأمن الجماعي.

ما دفع أرمينيا للشعور بتهديد وجودي، خاصة أن وحدة الأراضي الطورانية وصولًا إلى آسيا الوسطى يجعل أرمينيا بلدًا مهددًا بالتلاشي وسط صعود البعث الطوراني.

وتأتي مخاوف أرمينيا في ظل عدم اكتراث روسيا لمخاوفها، وتركيزها على تحقيق أهدافها بمحاصرة جورجيا وتقويض دورها كمركز إقليمي للنقل عن طريق سد الطرق نحوها، وهو ما دفع حكومة يريفان للتقارب أكثر مع أوروبا.

ربما يعجبك أيضا