إصدارات الصكوك العالمية في 2022.. كثير من التحديات قليل من الفرص

ولاء عدلان
الصكوك - تعبيرية

وكالة "فيتش": لا يزال من غير الواضح إذا كانت إصدارات الصكوك العالمية ستتعافى خلال النصف الثاني من العام الحالي أم لا.


تراجعت إصدارات الصكوك أو “السندات الإسلامية” على الصعيد العالمي، خلال النصف الأول من العام الحالي بنحو 20% على أساس سنوي.

وفي المقابل تراجعت أيضًا إصدارات السندات العالمية خلال الفترة من يناير إلى يونيو الماضي، وسط تصاعد مخاوف الركود الاقتصادي عالميًّا وانخراط البنوك المركزية الكبرى في موجة محمومة من التشديد النقدي، ما رفع تكاليف الاقتراض وقوَّض إصدارات الصكوك الجديدة.

رياح معاكسة تعصف بالصكوك

أظهرت تقارير صادرة حديثًا عن “ستاندرد آند بورز” و”فيتش” أن إجمالي إصدارات الصكوك، وهي أدوات دين متفقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية، تراجع عالميًّا في النصف الأول بـ20% ليسجل 74.5 مليار دولار بنهاية يونيو، مقابل أكثر من 93 مليار دولار في الفترة المماثلة من 2021، وعلى صعيد أدوات الدين الأخرى تحديدًا السندات، فقد تراجعت إصداراتها العالمية 11% إلى 4.2 تريليون دولار.

وخلال الربع الثاني من 2022 انخفض إجمالي إصدارات الصكوك 17.2% على أساس سنوي إلى 52.8 مليار دولار، بضغط من عدة عوامل، أبرزها ارتفاع أسعار النفط، ما قلص احتياجات التمويل الجديدة لمعظم الدول المُصدرة للطاقة، وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي، وموجة رفع أسعار الفائدة في غالبية البلدان للسيطرة على التضخم، ما رفع تكاليف الاقتراض وقوض إصدارات الصكوك الجديدة.

Untitledاداء الصكوك نصف

أداء الصكوك خلال النصف الأول

الصكوك أقل تأثرًا بالتقلبات

إصدارات السندات العالمية تراجعت خلال الربع الثاني من 2022 بأكثر من 63% وسط ارتفاع حالة عدم اليقين الاقتصادية، بفعل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية ومخاطر الركود، ولكن في المقابل أبدت الصكوك تماسكًا جيدًا أمام تقلبات الأسواق، فتراجعت 17.2% فقط، وبنهاية الربع الثاني استقر 77.8% من الصكوك الدولارية المصنفة من “فيتش” عند الدرجة الاستثمارية مع نظرة مستقبلية مستقرة.

وفيما منحت “فيتش” بنهاية إبريل 72% من مصدري الصكوك المقومة بالدولار نظرة مستقبلية مستقرة و19.4% نظرة مستقبلية إيجابية، قالت، في يوليو: “لا يزال من غير الواضح إذا كانت الصكوك ستتعافى خلال النصف الثاني من 2022″، يشار إلى أن قيمة إصدارات الصكوك سجلت بنهاية العام الماضي نحو 252.3 مليار دولار بنمو قدره 36.1%، ما رفع حجم السوق إلى 711.3 مليار دولار.

المخاطر تتزايد

حذرت “ستاندارد آند بورز” مطلع هذا الشهر من تصاعد المخاطر في أسواق الدين العالمية، وقالت: “سيبقى إصدار السندات والصكوك خلال العام الحالي أقل من مستويات 2021، وسط تسعير الأسواق للمزيد من زيادات أسعار الفائدة حول العالم”، وتوقعت تراجع إصدارات السندات هذا العام 16%.

وتوقعت أن تتراجع إصدارات الصكوك 12% لتسجل 130 مليار دولار نزولًا من توقعاتها السابقة البالغة 145 و150 مليار دولار، وسط تصاعد مخاطر أهمها استمرار ارتفاع التضخم عالميًّا وعزوف المستثمرين عن المخاطرة، وانخفاض الاحتياجات التمويلية للجهات المصدرة للصكوك، وتحديدًا بلدان الخليج التي تمثل 39% من إجمالي حجم الإصدارات العالمية.

Untitled اسعار النفط

تأثير ارتفاع النفط على اقتصادات الخليج

أداء لافت للسعودية

سجلت السعودية، أكبر دولة مصدرة للنفط في العام، خلال النصف الأول من 2022، أداءً لافتًا في سوق الصكوك العالمية، رغم ارتفاع معدلات السيولة لديها لارتفاع النفط الذي سيقود ميزانيتها هذا العام لتسجيل أول فائض مالي منذ 2013 بما يتراوح بين 24 و66.7 مليار دولار، ومثلت مبيعات الصكوك السعودية أكثر من 50% من مبيعات الصكوك المحلية على مستوى العالم، بداية 2022، وفق بلومبرج.

وخلال الشهرين الماضيين تراجع العائد على صكوك المملكة المستحقة في 2033 بنحو 0.8%، ورغم تراجع إصدارات الصكوك السعودية إلى أقل من 20 مليار دولار خلال النصف الأول، فإن مبيعاتها من الصكوك المقومة بالريال بلغت حتى بداية أغسطس 14.4 مليار دولار، بزيادة 185% على أساس سنوي، بدعم من مشاريع رؤية المملكة 2030 الرامية إلى تنويع الاقتصاد.

Untitledالسعودية

نظرة مستقبلية إيجابية

يعتقد رئيس قسم التمويل الإسلامي لدى “فيتش”، بشار الناطور، أن شهية المستثمرين المحليين في الأسواق الرئيسة المصدرة للصكوك، كدول الخليج وماليزيا، لا تزال مرتفعة بنحو يدعم إصدارات الصكوك على المدى الطويل، لا سيما في ظل تبني عدد من الحكومات خططًا لتطوير قطاع التمويل الإسلامي ولتنويع اقتصاداتها.

ويتفق هذا الرأي مع توقعات “إس آند بي” لنمو مستقر لسوق الصكوك، خلال السنوات المقبلة بدعم من توجه العديد من الدول المصدرة للصكوك، لتنويع اقتصاداتها وتبني مفهوم الاقتصاد الأخضر، بما ينطوي على فرصة لتعزيز إصدارات الصكوك الخضراء التي تخصص عائداتها لتمويل مشروعات صديقة للبيئة، فضلًا عن جاذبية التمويل الإسلامي وسط التقلبات الشديدة في سوق السندات الدولية.

 

ربما يعجبك أيضا