إقالة محافظ المركزي التركي.. تطلق يد أردوغان وتصدم الأسواق

ولاء عدلان

كتبت  – ولاء عدلان

تراجعت أسعار الليرة التركية صباح اليوم بقوة، قاطعة موجة صعود استمرت لنحو شهرين، بعد أن أثارت إقالة محافظ البنك المركزي بقرار من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مخاوف المستثمرين بشأن استقلالية قرارات المركزي والاقتصاد التركي في العموم.

 بسبب خلافات بشأن خفض أسعار الفائدة، قرر الرئيس التركي أمس، الإطاحة بمحافظ المركزي مراد تشتين قايا من منصبه، ليحل محله نائبه مراد أويصال.

وأردوغان حاول مرارا وتكرارا الضغط على “المركزي”، لخفض أسعار الفائدة، لإنعاش الاقتصاد، إلا أن إدارة البنك ممثله في “قايا” رفضت الانصياع لهذه الرغبة، بل ورفعت أسعار الفائدة في سبتمبر 2018 إلى 24%، وحافظت على هذا المستوى دون تغيير يذكر حتى يونيو الماضي.

ويرى أردوغان أن خفض سعر الفائدة سيدفع عجلة النمو الاقتصادي، ويعالج التضخم، وينقذ العملة من الانهيار بعد أن فقدت نحو 15% من قيمتها منذ مطلع العام.

قرار مثير للجدل
قرار الإقالة بمحافظ المركزي، تسبب في إثارة الجدل بأسواق الأسهم والسندات التركية، كونه يغذي المخاوف بشأن استقلال القرارات المالية والنقدية بالبلد وتأثير ذلك على الاقتصاد، لا سيما وأن أردوغان بالعالم الماضي قاد حملة شرسة لتعزيز قبضته على السياسة المالية لتركيا، كان من نتائجها إطلاق يده فيما يتعلق بتعيين محافظ البنك المركزي وأعضاء لجنة السياسة النقدية، وتعين صهره البيرق على رأس وزارة المالية.

صباح اليوم تراجعت الليرة بـ2% وبلغت حوالي 5.7620 للدولار، كما انخفض المؤشر الرئيسي لسوق الأسهم 1.5% مع تراجع قطاع البنوك 2.3 %، وهبطت السندات التركية المقومة بالدولار في شتى المجالات – بحسب بيانات رفينيتيف-  إذ تراجعت إصدارات 2020 و2030 و2041 بنحو سنت في التعاملات المبكرة.

وغرد إبراهيم تورهان نائب محافظ المركزي السابق عبر حسابه على تويتر قائلا:  إن إقالة قايا من منصبه بهذه الطريقة يوجه ضربة كبيرة للبنك المركزي واستقلاله.

وفي حين قال أردوغان لأعضاء من حزبه الحاكم عقب الإطاحة بـ”قايا”: إن السياسيين والبيروقراطيين بحاجة إلى أن يقفوا خلف قناعتهم بأن ارتفاع أسعار الفائدة يسبب التضخم، وفقاً لما نقلته “بلومبرج” عن مسؤول بـ”العدالة والتنمية” قال أيضا: إن أردوغان هدد بمعاقبة أي شخص يتحدى السياسات الاقتصادية لحكومته.

ونقلت “بلومبرج” عن خبراء استراتيجيون قولهم في تقرير: سوف يرتكب المركزي التركي خطأً كبيراً في السياسة، إذا خفض أسعار الفائدة بمقدار بضع مئات من النقاط الأساسية في الاجتماع المزمع في 25 يوليو الجاري.

وفي ظل مخاوف من فرض عقوبات أمريكية على تركيا بعد الاتفاق على صفقة شراء منظومة أس-400 الصاروخية الدفاعية من روسيا، وما نقلته بعض الصحف عن أوسال المحافظ الجديد وكونه كان الأقرب من وجهات نظر أردوغان المالية بلجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، يتوقع البعض أن يخفف المركزي التركي من قيوده على السياسة المالية خلال اجتماع في الـ 25 من يوليو، إذا لم يتحسن سعر صرف الليرة.

توقيت غير مناسب واستقالة مفاجئة
يأتي ذلك وسط تراجع الليرة العام الماضي بنحو 30%، وارتفاع معدلات تضخم إلى أكثر من 26.8 %، مقابل معدلات بطالة بنحو 26.7 % بين الشباب وفقًا لبيانات يناير، وبشكل عام سجل الاقتصاد التركي ولأول مرة منذ 10 سنوات العام الماضي تراجعًا بنحو 2.5%، وبحسب الخبراء يتطلب هذا الوضع إصلاحات هيكلية للاقتصاد التركي تعمل على تعزيز الإنتاجية وخفض معدلات الاستهلاك، ما يعني أن خفض أسعار الفائدة مثل اللعب بالنار في مثل هذا التوقيت، وأن أنقرة في حاجة إلى تعزيز ثقة الأسواق وليس العكس.

اليوم أيضا تلقت الأسواق والأوساط السياسية في تركيا خبرا جديدا لا يقل أهمية عن إقالة محافظ المركزي، تمثل في إعلان وزير الاقتصاد السابق علي باباجان الاستقالة من حزب العدالة والتنمية، احتجاجا على سياسات أردوغان، وذلك بعد أيام قليلة من الحديث عن تأسيس حزب جديد يقوده باباجان مع الرئيس السابق عبدالله جول.

أندي بيرش، كبير الخبراء الاقتصاديين في مؤشر آي.إتش.إس ماركت قال في تصريحات صحفية: إن عودة باباجان إلى المشهد السياسي الوطني ستكون موضع ترحيب من قبل المستثمرين والأسواق الدولية بشكل عام، إذ يُنظر إليه على أنه تكنوقراط راسخ، وموثوق به، وعلى دراية جيدة بالسياسات الاقتصادية التقليدية.

وأضاف لقد أظهرت تجربة باباجان حماسا سياسيا قويا في مواجهة الضغوط لتبني المزيد من الإجراءات الشعبوية، مؤكدا أن باباجان اختلف مع أردوغان بشأن استقلال البنك المركزي.

الجميع يعرف من يتحكم في قرارات السياسة النقدية الآن.. تعليق قاله أحد الخبراء عندما سئل من قبل “بلومبرج” عن تعليقه على خبر إقالة محافظ المركزي، ما يعني أن الاقتصاد التركي بات رهينة لأردوغان وفي حاجة إلى الفكاك من هذه القبضة ليعاود الانطلاق.

  

ربما يعجبك أيضا