اجتماع قمة بريكس.. آفاق وفرص وتحديات ومصاعب

محمد النحاس
مجموعة بريكس

خبير اقتصاد سياسي: الحديث عن عملة مشتركة لدول بريكس انعكاس لرغبتها في أن تكون بديلًا للولايات المتحدة.


يجتمع نهاية الأسبوع الجاري قادة دول بريكس، في قمة ذات أهمية كبيرة، في وقت تواجه فيه المجموعة تحديات قد تحدد مستقبلها. 

ومن المقرر أن ينعقد الاجتماع في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا، وتهدف دول في المجموعة إلى بث دماء جديدة في الكتلة بهدف تعزيز أركان نظام عالمي بديل، يتحدى أسس النظام الحالي الذي تقوده الولايات المتحدة. 

مساعي روسية صينية 

أوضح مقال نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أن روسيا والصين تهدفان إلى تعزيز توازن النظام العالمي المائل للكفة الغربية، والذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، لتظهرا للعالم أنه توجد بدائل للتحالفات والمؤسسات التي تقودها الولايات المتحدة، والتي هيمنت على الشؤون العالمية لعقود.

وحسب المقال المنشور أمس الجمعة 18 أغسطس 2023، من الجلي وجود رغبة متزايدة عند الدول الأخرى لإيجاد بديل للنظام الذي تقوده الولايات المتحدة. وقد أبدت نحو 40 دولة، مثل الأرجنتين وكازاخستان وغيرها، رغبتها في الانضمام إلى مجموعة بريكس.

وعلاوةً على ذلك، دعت المجموعة، التي تتكون من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، ما يقرب من 70 شخصًا من قادة العالم وكبار الشخصيات لحضور القمة المزمع عقدها بعد أسبوع. 

بديل لواشنطن

يلفت مدير الدراسات في معهد كوينسي، سارانج شيدور، أن دول ما يسميه بـ”الجنوب العالمي” ستراقب القمة من كثب، آملة أن يسهم التجمع الطموح للقوى العالمية والقوى ذات التأثير المتوسط في تقليل الفجوات الكبيرة التي خلفتها “الإدارة العالمية الرديئة لأمريكا”. 

ويتابع المقال بأنه “حتى في الوقت الذي تكابد فيه اقتصادات الأسواق الناشئة من صدمات الجائحة وما بعدها، وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، لم تقدم واشنطن سوى القليل من الدعم، وبدلًا من ذلك شنت حملة شرسة لرفع أسعار الفائدة، أدت إلى تفاقم الاضطرابات الاقتصادية بجميع أنحاء العالم”.

حضور لافت 

حسب الباحثة في مركز سياسة التنمية العالمية بجامعة بوسطن، ريبيكا راي، استفادت مجموعة بريكس من “طلبات لم يستجب لها أحد في أي مكان آخر”، في إشارة منها إلى إحباط هذه الدول من بنية النظام الدولي الحالي. ولفتت راي إلى حضور بلدان لم تتقدم حتى بطلب العضوية في المجموعة.

لكن مما يزيد الأمور تعقيدًا بالنسبة لبريكس، التباين الكبير في مصالحها، وهو ما سيظهر مع المضي قدمًا في توسيع المجموعة، حسب المقال الذي يفصّل بأن الهند والصين تجمعهما خلافات، وأما جنوب إفريقيا فتعيش مأزق على صعيد سياستها الخارجية بسبب علاقاتها مع روسيا، في ظل الحرب الأوكرانية.

عقبات اقتصادية  

تعاني جميع دول البريكس، بما فيها الصين، مصاعب اقتصادية داخلية، تجعل من الصعوبة بمكان تحقيق أي خطط مستقبلية لزعزعة موقع مجموعة الـ7 التي تقودها الولايات المتحدة والمتربعة على عرش الاقتصاد العالمي، وتجعل ذلك أقرب للأحلام منها للواقع. 

ويرى أستاذ العلاقات الدولية، أوليفرستوينكل، أن التجمع الحالي قد يبدو بادئ الأمر “مكانًا جميلًا” يمكّن الدول الأعضاء، ويقوض نفوذ الولايات المتحدة، في حين أنه إذا ما كان يوجد مزيد من المشاريع الطامحة، سيبدو آنذاك مقدار الاختلاف بين أعضاء بريكس، وفق المقال. 

ماذا عن روسيا؟ 

بالنسبة إلى روسيا، تعد قمة بريكس فرصة جادة لإثبات أنها لم تعد بحاجة إلى الغرب، في أعقاب الجهود الغربية لعزل موسكو عن المسرح العالمي بسبب تداعيات الحرب في  أوكرانيا، لكن هذه الفرصة تأتي في ظل واقع أكثر تعقيدًا.

فعلى العكس، لن يحضر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، القمة شخصيًّا بسبب وجود مذكرة توقيف بشأن جرائم الحرب في أوكرانيا من المحكمة الجنائية الدولية، وبصفتها موقعةً على اتفافية الجنائية الدولية، تبقى جنوب إفريقيا ملزمة قانونًا باحترام قرار التوقيف الصادر ضد بوتين.

عملة بديلة.. ومساعٍ صينية

تحرص الصين على تنصيبها قائدًا فعليًّا لـ”الجنوب العالمي” والصديق المفضل للبلدان في جميع أنحاء العالم، خاصة وأنها تشعر أن واشنطن وحلفاءها الأعظم نفوذًا والأكثر ثراءً قد تخلو عنها. ولطالما دفعت بكين من أجل توسيع المجموعة، على الرغم من أن طموحاتها أثارت معارضة من أعضاء آخرين في بريكس، وفق المقال.

اقرأ أيضًا| لماذا تعارض البرازيل توسع «بريكس»؟

وأما عن العملة البديلة المحتملة، فيرى خبير الاقتصاد السياسي، دانييل مكدويل، أن الحديث عن عملة مشتركة لدول البريكس هو “انعكاس حقيقي لرغبة بعض دول العالم في أن تكون بديلًا للولايات المتحدة، والاقتصاد الأمريكي، والدولار”، غير أنه يستدرك: “أعتقد أن هذا التفكير لا يتعدى حدود الخيال للواقع المعيش”.

اقرأ أيضًا| هل منظمة بريكس كتلة جيوسياسية؟.. جلوبال تايمز تجيب

ربما يعجبك أيضا