اعتداءات السياحة المصرية.. ضربات أمنية رادعة تواجه الإرهاب

حسام السبكي

حسام السبكي

خسائر بشرية، وهزات اقتصادية، حصيلة 12 عامًا من الاعتداءات الإرهابية الغادرة، التي استهدفت السياحة المصرية، لم تهزم دولة، ولم تقم للمُعتدي كيانًا، وإنما باتت من الماضي الحزين، الذي انكسر أمام إرادة شعب، أبى إلا أن يحيا، وتعيش دولته، وتحظى بإشادة واحترام العالم.

بداية من الهجوم الإرهابي قرب أهرامات الجيزة، في أبريل 1996، مرورًا باعتداء المتحف المصري ومذبحة الأقصر في 1997، وتفجيرات طابا ووسط القاهرة وشرم الشيخ ودهب، بين عامي 2004 و2006، وانتهاءً بالاعتداء السافر، أمس الجمعة، في الهرم، خلفت عشرات بل مئات الضحايا، واكتوت بنيرانها قلوب المصريين، إلا أن رد الأمن المصري كان سريعًا ورادعًا.

في التقرير التالي، نستعرض أبرز الأحداث الإرهابية، التي استهدفت السياحة المصرية، والتعامل الأمني المصري القوي معه، والذي بعث برسالة أبدية مفادها أن “مصر بلد الأمن والأمان”.

اعتداء شارع الهرم 1996

الاعتداء الأول، جاء في 18 أبريل 1996، حيث تعرضت واجهة فندق “أوروبا” الواقع في شارع الهرم، وقرب أهرامات الجيزة، لهجوم مسلح، حيث فتح مجهولون النار، ما أسفر عن مقتل 18 سائحًا يحملون الجنسية اليونانية، فيما أصيب 14 آخرين.

وقد تبنى تنظيم “الجماعة الإسلامية” الهجوم، بادعاء استهداف إسرائيليين.

تفجير المتحف المصري ومذبحة الأقصر 1997

مثَّل العام 1997، واحدًا من أكثر الأعوام حزنًا، في تاريخ المصريين، حيث شهد اعتدائين داميين، حصدا أرواح نحو 70 شخصا، بينهم مصريين وأجانب.

الهجوم الأول، كان في 18 سبتمبر أيلول 1997، حيث لقي تسعة مصطافين ألمان وسائقهم المصري، حتفهم، بعد أن تم تفجير حافلتهم خارج المتحف المصري، بميدان التحرير، في وسط العاصمة المصرية القاهرة.

الغريب في الحادث، أن وراءه متهم يُدعى “صابر فرحات”، سبق ضبطه في هجوم مسلح، استهدف فندق “سميراميس” بالقاهرة، في 26 أكتوبر 1993، وتسبب في مقتل أمريكيين وفرنسي وإيطالي، وذكرت الجهات الرسمية في حينها أنه مختل عقليًا، وتم إيداعه مستشفى الأمراض العقلية، إلا أن إدمانه للإجرام، دفعه للهروب، ومن ثم تنفيذ تفجير الحافلة.

أما الحادث الأبشع، والذي دفع وزير الداخلية المصري الأسبق اللواء “حسن الألفي”، ثمنه بعد قرار الرئيس المصري الأسبق “محمد حسني مبارك” بإقالته على الهواء، أثناء تفقده موقع الحادث، فكان ما عُرف إعلاميًا بـ”مذبحة الأقصر”، التي وقعت في 17 نوفبر 1997، وخلفت 61 قتيلًا، بينهم 58 سائحًا، وتبنت “الجماعة الإسلامية” آنذاك الهجوم.

ولم تفلح وزارة الداخلية المصرية في القبض على الجناة، حيث عجلوا بقتل أنفسهم عقب الحادث.

وعقب الحادث، حث الرئيس الأسبق “مبارك” وزير الخارجية البريطاني الأسبق “جاك سترو”، على ضرورة اتخاذ إجراءات ضد قيادات الجماعة الإسلامية التي لجأت إلى بريطانيا عقب المذبحة.

أما تنظيم “الجماعة الإسلامية”، فأعلن رسمياً مبادرة “وقف العنف”، ثم تلاها “المراجعات الفقهية” للجماعة، والتي كانت سبباً في خروج نحو 16 ألف عضو من المعتقلات والسجون في أكبر مصالحة بين الدولة والجماعات الإسلامية.

تفجيرات طابا 2004

وقبل مرور الأسبوع الأول من شهر أكتوبر عام 2004، لقي 34 شخصًا حتفهم، بينهم سياح يحملون الجنسية الإسرائيلية، فيما أصيب 10 آخرين، جراء ثلاث إنفجارات، استهدفت فندق “هيلتون طابا”، ومنتجعين سياحيين آخرين في سيناء.

وتحملت مسؤولية الهجوم هذه المرة، جماعة أطلقت على نفسها “كتائب التوحيد الإسلامية”، واعتبرت الهجوم ثأرًا للشيخ أحمد ياسين، زعيم حركة حماس، الذي اغتالته طائرات الاحتلال الصهيوني في 22 مارس 2004، فيما حمَّل القضاء المصري جماعة “التوحيد والجهاد” المسؤولية.

الداخلية المصرية من جانبها، كشفت في بيان أن “مجموعة محلية من بدو سيناء يقودها الفلسطيني “إياد سعيد صالح” المقيم بالعريش هي التي فجرت فندق هيلتون طابا ومخيمين سياحيين في منطقة رأس شيطان ونويبع بجنوب سيناء.

وأوضح البيان، أن أجهزة الأمن تمكنت من تحديد العناصر التي شاركت في إعداد وتنفيذ الهجمات، وتبين أن من بينهم ثلاثة عناصر من بدو سيناء معروف عنهم التورط فى أنشطة غير مشروعة.

تفجيرات خان الخليلي وعبدالمنعم رياض والقلعة 2005

ومن طابا إلى القاهرة مرة أخرى، وهذه المرة من داخل أحد أهم الأحياء التاريخية والسياحية في وسط القاهرة، وهو خان الخليلي، حيث شهد في يوم الخميس الموافق لـ الخميس 7 أبريل بشارع الموسكي تفجير أدى إلى مقتل فرنسيان وأمريكي وإصابة 11 مصريًا وأجنبيًا، والتي عرفت إعلاميًا بـ “تفجيرات الأزهر”.

وقبل نهاية الشهر نفسه، وقع انفجار قوي، في موقف حافلات ميدان عبدالمنعم رياض، أسفل كوبري أكتوبر، وأسفر عن إصابة 7 أشخاص، هم ثلاثة مصريين وأربعة سياح “إسرائيليان وسويدي وإيطالية”، علاوة على منفذ التفجير.

وأفادت وسائل إعلام مصرية، بوقوع حادث هو الأول من نوعه، حين فتحت سيدتان منتقبتان النار من أسلحة نارية على حافلة سياحية، في منطقة القلعة، فأصابوا 3 ثم قتلت إحداهما الأخرى وانتحرت، وتعتبر تلك الحادثة أول عمل إرهابي لنساء في تاريخ مصر الحديث.

تفجيرات شرم الشيخ 2005

وفي واحدة من أبشع الجرائم الإرهابية، وأكثرها دموية، لقي 88 شخصًا، معظمهم من المصريين، مصرعهم، فيما أصيب أكثر من 200 آخرين، في سلسلة تفجيرات متزامنة، استهدفت واحدًا من أشهر المنتجعات السياحية المصرية على ساحل البحر الأحمر، وتحديدًا في مدينة شرم الشيخ، بالتزامن مع احتفالات مصر بذكرى ثورة الـ23 من يوليو.

وبدأت الانفجارات في منطقة خليج نعمة، ونجمت عن ثلاث سيارات مفخخة على الأقل، حيث استهدف الأول فندق غزالة جاردنز، ما أدى لتدمير الفندق بالكامل، واستهدف الثاني منطقة السوق القديم.

ووصفت الهجمات تلك بأنها “أسوأ هجوم إجرامي في تاريخ البلد”.

من جانبها، أفادت الداخلية المصرية، أن المتفجرات المستخدمة في تفجيرات شرم الشيخ من نفس النوع الذي استخدم في تفجيرات طابا 2004.

وشددت قوات الأمن المصرية حملاتها على منطقة شمال سيناء حيث تم اعتقال مائة شخص جدد للاشتباه، وكثفت قوات الأمن وجودها في منطقة جنوب سيناء، وتم تجهيز مجموعات خاصة لاقتحام المغارات والكهوف الجبلية بالمناطق المحيطة بشرم الشيخ، وذكر مصدر أمني إنه سوف تتم الاستعانة بمقتفي الأثر من البدو للتعرف على الطرق والمدقات الوعرة، المحتمل أن تكون المجموعة الإرهابية قد سلكتها قبل وبعد التفجيرات.

تفجيرات دهب 2006

يبدو أن الهدوء لم يعرف طريقه بعد إلى سيناء، فبعد أقل من عام، وقعت ثلاثة تفجيرات، مساء الإثنين، الخامس والعشرين من أبريل عام 2006، أوقعت 23 قتيلًا، معظمهم من المصريين، و3 من الأجانب، فيما أصيب 62 شخصا بينهم نحو 50 مصريا، علاوة على مصابين يحملون الجنسيات الصينية والكورية والنرويجية والإيطالية والفرنسية.

وقامت أجهزة الأمن بتطويق جميع مداخل ومخارج دهب مع إقامة حواجز أمنية في الطرق الرئيسية، أغلقت مصر حدودها مع إسرائيل لمنع هروب المشتبه في تورطهم بالهجمات.

وتوعد الرئيس الأسبق “مبارك” منفذي الهجمات، بنيل عقابهم بالقانون، مؤكدًا أن “تصميم شعب مصر على ملاحقة قوى الإرهاب التي تهدد أبناءه في أرواحهم وأرزاقهم وتستهدف زعزعة أمن واستقرار الوطن”.

تفجير الحسين 2009

وإلى العاصمة مجددًا، حيث شهد حي الحسين بالقاهرة، فبراير 2009، تفجير قنبلة في سوق خان الخليلي، قرب المشهد الحسيني، ما أسفر عن مقتل فتاة فرنسية تبلغ من العمر 17 عاما، وإصابة 25 سائحا أخرين بينهم 14 فرنسيا تتراوح أعمارهم بين 15 و18 عاما و3 سعوديين، وسائح ألماني إضافة إلى 4 مصريين بينهم أطفال.

وعلى إثر الانفجار الأول تم إجلاء السياح الموجودين في المنطقة على متن 10 أتوبيسات سياحية تحت حراسة أمنية مشددة.

وقال شهود عيان: إن الانفجار وقع في الساحة الخارجية بين الجامع الأزهر ومسجد الحسين.

وكان مجهولون قد وضعوا عبوتين ناسفتين في المنطقة انفجرت إحداهما أثناء مرور فوج سياحي فرنسي في قلب المنطقة السياحية المواجهة لمسجد الإمام الحسين، وكانت العبوتان بدائيتا الصنع، وانفجرت إحداهما، بينما فجر رجال الدفاع المدني الأخرى أثناء إبطال مفعولها.

وعقب مرور أكثر من 4 سنوات على التفجير، أعلن الأمن المصري عن القبض على “خالد محمود أحمد مصطفى”، المنتمي لـ”جيش الإسلام”، في محافظة بني سويف، وهو المتهم الأساسي في تفجير الحسين الإرهابي.

تفجير طابا 2014

ما أشبه الليلة بالبارحة، هكذا وصف المتابعون لتفجير طابا الانتحاري، ما حدث في المدينة التي عادت إلى السيادة المصرية في عام 1989، فبعد الهجوم الأول قبل 14 عامًا، والذي أوقع 34 قتيلًا، عادت المدينة ذاتها لتكون شاهدة على هجوم إرهابي جديد.

ففي 16 فبراير عام 2014، استهدف تفجير انتحاري حافلة سياحية، كانت متوقفة في انتظار عبور الحدود إلى إسرائيل عن طريق معبر طابا، عندما دخل انتحاري وحيد الحافلة المفتوحة وفجر المواد المتفجرة التي كانت بحوزته.

وقد لقي أربعة أشخاص، ثلاثة كوريين جنوبيين وسائق الحافلة المصري، حتفهم، وجرح 17 آخرين.

وأعلن تنظيم “أنصار بيت المقدس” -الاسم السابق للتنظيم قبل مبايعته تنظيم داعش الإرهابي تحت مسمى “ولاية سيناء”- مسؤوليته عن الهجوم.

استهداف طائرة روسية 2015

وفي ضربة موجعة للسياحة المصرية من جديد، تحطمت طائرة ركاب روسية من نوع “إيرباص 321” تابعة لشركة “كوغاليم أفيا”، يوم السبت 31 أكتوبر، على متنها 224 شخصا، فوق شرم الشيخ، بمحافظة شمال سيناء.

وأفادت السفارة الروسية في القاهرة، أن كل ركاب الطائرة قد قضوا في الحادث.

وسارع تنظيم داعش الإرهابي “ولاية سيناء”، إلى إعلان تبنيه للحادث، عبر استهداف الطائرة المحلقة فوق أرض سيناء، ردًا على “التدخل الروسي في سوريا”.

وعقب الحادث، منعت اثنتان من كبرى شركات خطوط الطيران في أوروبا هما شركة “لوفتهانزا” الألمانية وشركة “إير فرانس” الفرنسية طائراتهما من التحليق فوق شبه جزيرة سيناء انتظارا لمعرفة سبب حادث الطائرة الروسية المنكوبة.

وقالت متحدثتان باسم الشركتين: إنهما قررتا تجنب المنطقة لأسباب تتعلق بالسلامة.

هجوما الغردقة 2016 و2017

ومن شمال سيناء، إلى جنوبها، وتحديدًا في مدينة الغردقة، حيث نجحت قوات الأمن المصرية، في إحباط هجوم انتحاري نفذه مسلحان على فندق “بيلا فيستا”، في يناير 2016 حيث تمكنت قوات الأمن من قتل أحدهما وإصابة الآخر قبل أن ينفجر حزام ناسف كان بحوزتهما.

الهجوم أسفر عن إصابة سائحين بجروح ومقتل أحد المهاجمين وإصابة آخر، السائحان المصابان هما من ألمانيا والدنمارك.

وأعلن تنظيم “ولاية سيناء” الإرهابي، المحسوب على “داعش”، مسؤوليته عن الهجوم.

وعقب هجوم فندق “بيلا فيستا” الفاشل، عاود الإرهابيون كرتهم مرة أخرى، وهذه المرة ضد فندق ” بالاسيو” في منتصف يوليو 2017.

فقد طعن شاب مجهول، 6 سائحات أجنبيات في فندق سياحي بمدينة الغردقة المصرية المطلة على ساحل البحر الأحمر، ما أسفر عن مصرع سائحتين ألمانيتين.

ونشرت وسائل إعلام مصرية صورة يعتقد أنها للمهاجم وهو داخل قفص حديدي بعد القبض عليه، من قبل أجهزة الأمن المصرية.

تفجير الهرم 2018

عقب حالة من الهدوء النسبي، على المستوى الأمني، شهد أمس الجمعة، واقعة عنف دامٍ جديدة، استهدفت بكل خسة، حافلة سياحية، ضلت طريقها، عن الطريق المؤمن من قبل قوات الأمن المصرية، ما تسبب في سقوط ثلاثة سياح فيتناميين ومرشد سياحي مصري، بينما أصيب ما لا يقل عن عشرة آخرين.

وأكدت التفاصيل، أن عبوة بدائية الصنع انفجرت أثناء مرور حافلة سياحية كانت تقل سياحا فيتنامين على بعد أقل من أربعة كيلومترات من أهرامات الجيزة.

وبعد أقل من 24 ساعة على الحادث، أعلنت وزارة الداخلية المصرية، مقتل عشرات الإرهابيين في مداهمات لقوات الأمن ضد أوكارهم في محافظتي الجيزة، وشمال سيناء.

وعثرت القوات الأمنية “بحوزة الإرهابيين على كميات كبيرة من الأسلحة النارية والذخائر مختلفة الأعيرة، وعبوات ناسفة، وأدوات ومواد تصنيع متفجرات”.




https://www.youtube.com/watch?v=GPcrY-g8En8

ربما يعجبك أيضا