الاقتصاد الصيني في 2023.. فوضى التعايش مع «كوفيد» تهدد آمال الانتعاش

ولاء عدلان

صندوق النقد الدولي توقع أن يكون الأمر صعبًا بالنسبة للصين، خلال الشهرين المقبلين، بفعل الزيادة المتوقعة لإصابات كورونا مع إعادة فتح الاقتصاد.


أعادت الصين فتح حدودها ومطاراتها، بدءًا من يوم الأحد 8 يناير 2023، مع رفع قيود السفر والتنقل، منهية بذلك 3 سنوات من العزلة عن العالم.

وتخلت بكين عن أخر قيود سياسة صفر كوفيد، التي ألحقت الضرر بالاقتصاد الصيني، بل والعالمي ككل، نظرًا لثقل الدولة صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وأمام هذا ارتفعت التوقعات بقدرة الاقتصاد الصيني على النمو، وسط موجة ركود تهدد الاقتصادات الكبرى.

فوضى التعايش مع كوفيد

حذرت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغيفا، بنهاية 2022، من أن ثلث الاقتصاد العالمي سيواجه ركودًا خلال العام الجديد 2023، وتوقعت أن يتباطأ الاقتصاد الصيني، وقالت “خلال الشهرين المقبلين، سيكون الأمر صعبًا بالنسبة للصين، بفعل الزيادة المتوقعة لإصابات كورونا، مع إعادة فتح الاقتصاد”، وفق ما نقلته سي بي أس.

لكن غورغيفا توقعت تحسن أداء الاقتصاد الصيني تدريجيًّا، لينهي العام بنحو أفضل من بدايته، ما يوافق توقعات عدد من بنوك الاستثمار وشركات إدارة الأصول، وقال كبير المحللين لدى لوميس سايلز آند كومباني، بو تشوانج، لسي إن إن، هذا الشهر: “على المدى القصير نعتقد أن الاقتصاد الصيني سيشهد فوضى، كونه ليس مستعدًا للتعايش مع كورونا”.

خلال الشهر الماضي، اضطرت حكومة بكين للتخلي عن سياسية صفر كوفيد، على إثر احتجاجات شعبية واسعة، لكن المفاجأة أن البلاد شهدت موجة إصابات جديدة، مع إعادة فتح الاقتصاد، أدت لإغلاق المتاجر والمطاعم، وأجبرت بعض الشركات على خفض الإنتاج، مع انتشار العدوى بين العمال.

نمو قوي ينتظر الصين

يتوقع صندوق النقد نمو الاقتصاد الصيني في حدود 4.4%، خلال العام الحالي، ارتفاعًا من تقديراته عند 3.2%، خلال 2022، في حين تقدر بكين نمو اقتصادها في 2022 بنحو 4.4% على الأقل، وتستهدف هذا العام مستوى 5.5%، مقابل مستوى 8.4% المسجل في 2021.

ويتوقع بنك جولدمان ساكس أن يبدأ الاقتصاد الصيني تعافيًّا قويًّا، خلال النصف الثاني من 2023، ليحقق نموًا 4.5% عن مجمل العام، في حين تتوقع شرودرز البريطانية لإدارة الأصول ومجموعة أتش أس بي سي أن ينمو الاقتصاد الصيني بـ5% خلال العام الحالي.

وهذه التوقعات مبنيّة على آمال عدم عودة بكين إلى مربع الإغلاق وقيود كورونا، ونجاحها في دعم سياسات النمو والمستهلكين والقطاع العقاري وزيادة الإنفاق على البنية التحتية.

لماذا تشكل الصين فارقًا؟

قالت شركة كارمينياك الفرنسية لإدارة الأصول، في تقريرها السنوي، إن الصين ستكون واحدة من أفضل المناطق القليلة، التي ستحقق هذا العام معدل نمو أفضل من 2022. وفي حين فضلت نظيرتها الفرنسية أموندي خفض توقعاتها للنمو الصيني إلى 4.5% من 5.4%، مع مطلع العام الجديد، فإنها اعتبرت ذلك أفضل بكثير من معدل العام الماضي، البالغ 3.2%، وفق ما أوردته وكالة بلومبرج.

كوفيد الصين

تأثير كوفيد على الاقتصاد الصيني

ويوفر إعادة فتح الاقتصاد الصيني، الآن، رافعة للاقتصاد العالمي لتجنب خطر الركود، حال صحت التوقعات الإيجابية بنجاح التعايش الصيني مع كوفيد، لأنها ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر دولة تجارية ومصدرة للسلع وأكبر مستهلك للطاقة عالميًّا، وخلال عقود مضت، أسهمت بكين بنحو 30 إلى 40% من نمو الاقتصاد العالمي، وفق صحيفة الأندبندنت.

صينق

توقعات أموندي الفرنسية لنمو الاقتصاد الصيني

وخلال الفترة بين 2013 و2018، أسهمت الصين بنحو 28% من نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أي أكثر من ضعف مساهمة الاقتصاد الأمريكي، ويتوقع صندوق النقد أن تسهم هذا العام بنحو 30% بمعدل نمو 2.7%، وسط توقعاته بأن ينمو الاقتصاد الأمريكي بـ1% فقط.

مواطن ضعف

حذر جولدمان ساكس من احتمالات استمرار مواطن الضعف في سوق العقارات الصينية، وتداعيات ذلك على النظرة طويلة المدى للبلاد، مع حقيقة أن القطاع العقاري يسهم بنحو 20% من إجمالي الناتج المحلي، في حين توقعت شركة أكسا إنفستمنت لإدارة الأصول أن تواصل مخاطر كوفيد الضغط على النشاط الاقتصادي في الصين، خلال العام الحالي.

وأشارت أكسا إلى عدد من المخاطر الهبوطية، التي قالت إنها تهدد الاقتصاد الصيني، أبرزها القيود الأمريكية المفروضة على تصدير التكنولوجيا المتطورة إلى الشركات الصينية، إضافة إلى الرسوم والقيود الأمريكية الأخرى المفروضة على سلع وشركات صينية، وفي هذا الصدد يتفق بنك باركليز مع توقعات أكسا، في ما يتعلق بتأثير الحرب التجارية بين قطبي الاقتصاد العالمي في احتمالات تعافي الصين هذا العام.

التباطؤ يضرب اقتصاد الصين

خلال ديسمبر الماضي، انكمش نشاط المصانع الصينية للشهر الثالث على التوالي، تزامنًا مع تخفيف قيود كورونا، وسجل انكماشًا بأسرع وتيرة منذ 3 أعوام، وانكمش أيضًا نشاط قطاعي الخدمات والبناء، ليسجل 41.6 نقطة، نزولًا من 46.7 نقطة في نوفمبر، وأقل من عتبة 50 نقطة الفاصلة بين النمو والانكماش.

وفي القطاع العقاري، تراجعت أسعار المنازل، خلال ديسمبر، في نحو 100 مدينة، للشهر السادس على التوالي، أما قطاع التجارة الحيوي، فسجل خلال نوفمبر أسوأ أداء له، منذ فبراير 2020، فانكمشت الصادرات والواردات 8.7% و10.6% على أساس سنوي، مقابل تراجع بنحو 0.3% و0.7% فقط على الترتيب، خلال أكتوبر، وفق سي إن إن .

وقالت المديرة العامة لصندوق النقد، في حوارها مع سي بي أس، نهاية ديسمبر، إنها لا تستبعد سيناريو تباطؤ الاقتصاد الصيني هذا العام، ليسجل نموًا بمعدل مساوِ للاقتصاد العالمي عند 2.7% أو أقل، حال خروج الزيادة الكبيرة المتوقعة في إصابات كورونا عن السيطرة.

ربما يعجبك أيضا