الخلافات بشأن إيران وكوريا الشمالية.. هل تحسمها المحادثات بين الصين وأمريكا؟

ما هي القضايا التي حسمتها المحادثات بين واشنطن وبكين؟

شروق صبري
بايدن وشي

عادت الصين والولايات المتحدة إلى طاولة المفاوضات فهل من الممكن التنبؤ بالكثير من التحسن في قضايا العالقة بين الجانبين؟


ناقش كبير الدبلوماسيين الصينيين الأسبوع الماضي في العاصمة التايلندية موضوع كوريا الشمالية وإيران مع مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي جو بايدن.

وبعد أيام، استأنف المسؤولون في بكين المحادثات المتوقفة منذ فترة طويلة بشأن الحد من تدفق مخدر الفنتانيل إلى الولايات المتحدة، ويقول البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي يعتزم التحدث عبر الهاتف مع الزعيم الصيني شي جين بينغ في الربيع.

انفراج مبدئي بين أمريكا والصين

تشير التطورات إلى انفراج مبدئي حققه بايدن وشي جين بينج في قمة عقدت بالقرب من سان فرانسيسكو في نوفمبر 2023 وإمكانات ذوبان القيود في العلاقات.

وأكدت إدارة بايدن أن البلدين متنافسان استراتيجيان، والاجتماعات ضرورية لضمان عدم تحول التنافس إلى صراع، وشي وبايدن اتفقا في القمة على استقرار العلاقات ووضع المنافسة جانبا.

ويسلط الاختلاف في الخطاب الضوء على هشاشة عملية إعادة الضبط الحالية، خاصة في عام الانتخابات الذي سيتعرض فيه بايدن لضغوط ليكون صارمًا مع الصين، ومع تزايد المخاوف بشأن تحذيرات مكتب التحقيقات الفيدرالي من أن المتسللين الصينيين يكثفون خططهم. لاختراق البنية التحتية الأمريكية في حالة نشوب حرب. وذلك حسب ما ذكرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية اليوم الجمعة 2 فبراير 2024.

استئناف المحادثات بين أمريكا والصين

بالنسبة لبايدن، فإن المحادثات بشأن مخدر الفنتانيل هي إحدى النتائج القليلة لقمة سان فرانسيسكو التي يمكن أن يشير إليها على أنها فوز للرئيس الأمريكي، لأن الصين هي المصدر الرئيسي للمواد الكيميائية المستخدمة في صنع الفنتانيل، وهو مادة أفيونية اصطناعية تقتل 100 ألف أمريكي سنويا.

ولطالما أراد المسؤولون الأمريكيون من الصين أن تفعل المزيد لتقييد صادرات تلك المواد الكيميائية، المعروفة باسم السلائف، لكن بكين توقفت عن التعاون مع تدهور العلاقات في السنوات الأخيرة. ولحث الصين على استئناف المحادثات المنتظمة بشأن الفنتانيل، وافقت واشنطن في نوفمبر 2023 على طلب بكين برفع العقوبات الأمريكية عن معهد الطب الشرعي الذي تديره وزارة الأمن العام الصينية.

وكانت واشنطن وضعت المعهد على القائمة السوداء التجارية عام 2020، بتهمة التواطؤ في الانتهاكات ضد الأقليات العرقية في الصين مثل الأويجور. وقالت إدارة بايدن إن رفع العقوبات مبرر لأن الصين أغلقت بعض الشركات المصدرة لسلائف الفنتانيل وأغلقت حساباتها المصرفية.

شي وبايدن

شي وبايدن

خفض التوترات بين واشنطن وبكين

تحركت بكين لخفض التوترات في مجالات أخرى أيضًا، ففي ديسمبر 2023، استأنفت المحادثات بين جيشي البلدين، والتي اندفعت إليها واشنطن على أمل تقليل مخاطر نشوب صراع في المناطق المتنازع عليها مثل بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي. ومن المتوقع أيضًا أن تعقد الدول محادثات قريبًا بشأن التخفيف من مخاطر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

ويقول محللون إن هذه الدبلوماسية بالنسبة للصين تهدف جزئيا إلى طمأنة العالم بأنها لاعب عالمي مسؤول وأنها تقوم بدورها في استقرار العلاقات. وقال عميد معهد الدراسات الدولية بجامعة فودان في شنغهاي، وو شين بو “إذا زادت الصين والولايات المتحدة من تعاونهما في الشؤون الدولية، فقد يجعل ذلك واشنطن تدرك أن النفوذ الدولي الصيني يمكن أن يكون بناء ومفيدًا للمصالح الأمريكية”.

القضايا الجيوسياسية

فيما يتعلق بالقضايا الجيوسياسية الأخرى الأكثر تعقيدا، مثل الأزمة الآخذة في الاتساع في الشرق الأوسط والتوترات في شبه الجزيرة الكورية، يقول المحللون إن التقارب قد يكون له تأثير محدود. إذ تتمتع الصين بنفوذ على إيران وكوريا الشمالية باعتبارها واحدة من الدول الكبرى الوحيدة في العالم التي تحافظ على علاقات دبلوماسية وتجارية قوية مع البلدين الخاضعين لعقوبات شديدة.

وفي الأسبوع الماضي، حث جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، وزير الخارجية الصيني وانغ يي على الضغط على إيران لكبح جماح المتمردين الحوثيين الذين يهاجمون السفن التجارية في البحر الأحمر، وإقناع كوريا الشمالية بالتراجع عن تهديداتها بالحرب.

الضغوط الصينية

تتلخص أولوية الصين في شبه الجزيرة الكورية في الحفاظ على نظام الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، حتى تظل بلاده منطقة عازلة بالغة الأهمية بين الحدود الصينية والقوات الأمريكية المتمركزة في كوريا الجنوبية. وهذا يجعل بكين مترددة في الضغط على بيونج يانج بقوة، ويجعل كيم أقل عرضة للضغوط الصينية.

أما بالنسبة للبحر الأحمر، فإن الصين لديها مصلحة في الحد من التوترات هناك، حيث استثمرت مليارات الدولارات في الخدمات اللوجستية والطاقة لتوسيع التجارة في المنطقة. وقالت الصين إنها تتواصل مع “أطراف مختلفة” لوضع حد للهجمات على السفن التجارية.

لكن يجب على بكين الموازنة بين أي ضغوط تمارسها على إيران ومحاولتها التودد إلى دول في الشرق الأوسط لمواجهة الهيمنة الأمريكية العالمية. وقد سعت إلى تجنب الوقوف بشكل وثيق إلى جانب واشنطن في منطقة اكتسبت فيها حسن النية للتعبير عن المزيد من التعاطف مع القضية الفلسطينية وإلقاء اللوم على الدعم الأمريكي لإسرائيل باعتباره السبب الجذري للصراع المستمر في الشرق الأوسط.

ربما يعجبك أيضا