الهبوط السلس للاقتصاد.. خطة «المركزي» الأمريكي المهددة بالفشل

ولاء عدلان
رئيس جيروم باول

أعلن مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي)، أمس الأربعاء 20 سبتمبر 2023، تثبيت أسعار الفائدة عند ‏نطاق بين 5.25% و5.50%.

وقال رئيس المركزي الأمريكي، جيروم باول، في مؤتمر صحفي، إن “الهبوط السلس للاقتصاد لا يزال توقعًا ممكنًا، رغم وجود عوامل خارجة عن سيطرة المركزي”. وسلطت تصريحات باول الضوء على ارتفاع مخاطر الركود في واشنطن.

آمال الفيدرالي

أوضح باول أنه يتوقع ألا يؤدي الارتفاع القوي لأسعار الفائدة إلى سقوط الاقتصاد الأمريكي في فخ الركود، مضيفًا “لا تزال الطريق طويلة لخفض التضخم إلى مستهدفه عند 2%، وقرارات الفيدرالي مرتبطة ببيانات الاقتصاد وتقديره للمخاطر”.

وتابع أن “الفيدرالي ملتزم بإعادة التضخم إلى مستهدفه وسيرفع الفائدة مجددًا، إذا تطلب الأمر هذا”. وفي محاولة لتهدئة مخاوف الأسواق قال باول إن نمو الاقتصاد الأمريكي فاق التوقعات منذ بداية العام، مدعومًا بارتفاع قوي لإنفاق المستهلكين.

زيادة جديدة للفائدة

توقع المركزي الأمريكي أن يواصل الاقتصاد مرونته أمام أسعار الفائدة القوية، وبدا هذا واضحًا في رفع توقعاته لنمو الاقتصاد في 2023 بمقدار الضعف إلى 2.1%، وفي 2024 رفع تقديرات النمو إلى 1.5% من 1% تقديرات يونيو، وخفض تقديرات البطالة إلى 3.8% من 4.1%.

لم يقدم بيان الفيدرالي، أمس، إشارات على قرب نهاية موجة التشديد النقدي القاسية التي أطلق شرارتها في مارس 2022، لكنه ألمح إلى احتمال رفع الفائدة مرة إضافية قبل نهاية 2023، وسط توقعات بخفضها إلى 5.1% في العام المقبل، وإلى 3.9% في 2025.

ركود في الأفق

أشار المركزي الأمريكي إلى أن أسعار الفائدة ستتراجع إلى 2.9% خلال عام 2026، ما يعني أن نمو الاقتصاد الأمريكي سيظل تحت الضغط لفترة أطول. وعلى المدى القصير يتوقع محللو جولدمان ساكس أن النمو سيتباطأ بسبب تداعيات التشديد النقدي خلال الربع الأخير من العام الحالي إلى 1.3% من 3.1% في الربع الثالث، مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي.

توقعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني الشهر الماضي دخول الولايات المتحدة في حالة ركود اقتصادي (معتدل) مطلع العام المقبل. وخفضت وكالة فيتش قبلها بشهرين توقعاتها لنمو الاقتصاد الأمريكي في 2024 إلى 0.5% من توقعاتها السابقة البالغة 0.8%، وحذرت من ارتفاع احتمالات الركود في الربع الأول من 2024.

في يونيو الماضي خفض البنك الدولي توقعاته للاقتصاد الأمريكي إلى 0.8% فقط من تقديرات يناير البالغة 1.6%.

تهديدات لخطة الفيدرالي

قال كبير الاقتصاديين في شركة الاستشارات المالية (إي واي-بارثينون) جريجوري داكو، في تصريح إلى وكالة بلومبرج، اليوم الخميس، إن تقديرات نمو الاقتصاد الأمريكي في الربع الأخير من 2023 قد تتراجع بنحو 0.8%، ما يجعله أقرب للركود، وهذا يعني أن خطة الفيدرالي لقيادة الاقتصاد نحو الهبوط السلس أي تباطؤ النمو بوتيرة كافية لكبح التضخم، مع تفادي خطر الركود قد تفشل.

وأضاف أن “نمو الاقتصاد الأمريكي في الربع الأخير مهدد بفعل 3 عوامل إضراب عمال شركات السيارات الكبرى المستمر منذ 6 أيام، وخطر الإغلاق الحكومي الوشيك بنهاية الشهر الحالي، واستئناف سداد القروض الطلابية المقرر في أكتوبر المقبل، فضلًا عن عاملي تراجع الإنفاق على الخدمات وتراجع الاستثمارات التجارية، الأمر الذي قد ينزلق بالنمو نحو مستوى صفري”.

خسائر فادحة لإضراب السيارات

قالت كبيرة الاقتصاديين في شركة KPMG LLP في شيكاغو، ديان سوونك، في تصريح إلى وكالة بلومبرج، إن إضراب عمال قطاع حيوي مثل قطاع السيارات، الذي يمثل نحو 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي لأمريكا، من شأنه أن يعجل بالانكماش الاقتصادي في الربع الأخير من العام.

اقرأ أيضًا| مخاطر الركود تحاصر الاقتصاد العالمي في 2023.. ما مداها؟

ولليوم السادس يتواصل إضراب العمال في مصانع تابعة لشركات جنرال موتورز وفورد وستيلانتيس، بعدما فشل اتحاد عمّال قطاع صناعة السيارات والشركات في التوصل لاتفاق حول عقود عمل جديدة، وتقدر خسائر هذا الإضراب حال استمراره لـ10 أيام فقط بنحو 10 مليارات دولار، وفق شبكة “سي إن بي سي”.

ويأتي هذا الإضراب بعد انقضاء مفاعيل عقود وقّعتها الشركات الثلاث مع اتّحاد العمّال دون التوصل إلى عقود جديدة، ويبلغ عدد العمال الذين بدأوا الإضراب 12.7 ألف عامل، ويطالبون بزيادة في الراتب وتعديلات تتعلق بتكلفة المعيشة وأسبوع عمل أقصر.

إضراب عمال مصانع السيارات الأمريكية

إضراب عمال مصانع السيارات الأمريكية

خطر الإغلاق يقترب

أقل من 10 أيام تفصل الولايات المتحدة عن انتهاء التمويل الحكومي في 30 سبتمبر الحالي، ودخولها في حالة جديدة من الإغلاق الحكومي، ما يعني أن غالبية المؤسسات الفيدرالية ستغلق أبوابها وتتوقف عن دفع رواتب موظفيها، والحل الوحيد هو أن يتوصل الكونجرس وإدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لاتفاق بشأن المخصصات المالية الجديدة والتصديق عليها قبل الموعد، وهو ما لم يحدث حتى اللحظة.

اقرأ أيضًا| الإغلاق الحكومي.. أزمة تضع الاقتصاد الأمريكي في خطر

قبل أيام حذرت وزيرة الخزانة الأمريكي جانيت يلين في تصريح لشبكة سي إن بي سي، من أن الإغلاق الحكومي يشكل مخاطرة في التوقيت الحالي ويهدد الاقتصاد بالتباطؤ، وفي منتصف هذا الشهير، حذر نائب وزير الخزانة الأمريكي، والي أدييمو، من أن أي إغلاق حكومي سيفرض تحديات على الاقتصاد، أبرزها تراجع الطلب والإنفاق الاستهلاكي.

قيود الإنفاق الاستهلاكي

يمثل الإنفاق الاستهلاكي أكبر من ثلثي حجم الاقتصاد الأمريكي، وخلال الربع الثاني نما بنحو 1.6% انخفاضًا من 4.2% في الربع الأول، وهذا التباطؤ من المرجح أن يستمر ليس فقط حال وقوع الإغلاق الحكومي واستمرار ارتفاع معدل التضخم بعد أن صعد في أغسطس إلى 3.7% على أساس سنوي من 3.2% و3% في يوليو ويونيو على التوالي، بل مع استئناف سداد أقساط القروض الطلابية في أكتوبر بعد توقف دام لـ3 سنوات.

بحسب تقديرات لمجلة فايننشال تايمز يتحمل 43 مليون طالب عبء قروض بـ1.6 تريليون دولار، وقبل جائحة كورونا، التي تطلبت إجراءات دعم غير اعتيادية شملت تعليق سداد القروض الطلابية، بلغ متوسط ​قسط هذه القروض 400 دولار، لكن بحلول أكتوبر يتوقع أن يدفع واحد من كل 5 مقترضين أكثر من 500 دولار شهريًّا، ما يشكل تحديدًا بتراجع قدرة أصحاب هذه القروض على الإنفاق، وربما التعثر في السداد نتيجة لتراكم الفوائد.

اقرأ أيضًا| لماذا يخشى طلاب أمريكا موعد الأول من أكتوبر المقبل؟

ربما يعجبك أيضا