الهند تمتلك فرصة فريدة لتسهيل الحوار بين روسيا وأوكرانيا

آية سيد
هل تستطيع الهند جلب روسيا وأوكرانيا إلى طاولة المفاوضات؟

عبر تولي دور الوسيط بين روسيا وأوكرانيا، تستطيع الهند تخفيف التأثير الإنساني للصراع، والمساعدة في تخفيف الأضرار الاقتصادية.


نشرت مجلة فورين أفيرز الأمريكية مقالًا يبرز دور دول الجنوب العالمي في دعم الدبلوماسية، للحد من الآثار المدمرة للحرب الروسية الأوكرانية.

ورأى الأستاذ المساعد في الدبلوماسية ونزع السلاح بجامعة جواهرلال نهرو الهندية، هابيمون جايكوب، أن الهند يمكنها أن تلعب دور الوسيط المحايد، لتسهيل الحوار بين الطرفين المتحاربين في أوكرانيا، ووضع الأساس لوقف إطلاق النار أو التوصل لاتفاقية سلام.

دول الجنوب العالمي

في المقال، المنشور أمس الأربعاء 2 أغسطس 2023، قال جايكوب إن الدبلوماسية يمكنها المساعدة في الحد من الآثار المدمرة للحرب وتداعياتها غير المباشرة على الاقتصاد العالمي.

ولفت الأكاديمي الهندي إلى أن دول الجنوب العالمي، التي لم تتحيز لطرف واضح في الحرب الروسية الأوكرانية، في وضع أفضل من الدول الغربية والصين، لتكون وسيطًا محايدًا في محاولة بناء عملية دبلوماسية يمكنها وضع الأساس لوقف إطلاق النار أو التوصل لاتفاقية سلام.

دور الهند

رأى جايكوب أن الهند، بصفتها قوة كبيرة تتودد إليها روسيا وأوكرانيا منذ بداية الحرب، لديها دور لتلعبه في هذا الصدد، موضحًا أن رفض نيودلهي إدانة روسيا سمح لها بالحفاظ على علاقاتها التاريخية مع موسكو.

وعلى مدار العام الماضي، تقربت الهند من أوكرانيا. وعندما التقى رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، بالرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، على هامش قمة مجموعة الـ7 في اليابان، مايو الماضي، طمأنه بأن نيودلهي “ستفعل كل ما بوسعها” للمساعدة في إنهاء الحرب.

تحول في سلوك الهند

قال جايكوب إنه عبر تولي دور الوسيط بين روسيا وأوكرانيا، تستطيع الهند تسهيل المحادثات الضرورية بين الطرفين المتحاربين، وتخفيف التأثير الإنساني للصراع، والمساعدة في تخفيف الأضرار الاقتصادية للحرب على الجنوب العالمي.

وأشار الاجتماع بين مودي وزيلينسكي إلى حدوث تحول في نهج الهند التي اتخذت خطوات لتوضيح أنها بدأت التعامل مع كييف بجدية. وعزا جايكوب هذا التحول في سلوك الهند إلى عدة عوامل.

فرصة استثنائية

تشمل هذه العوامل رغبة مودي في أن يقدم نفسه كرجل دولة عالمي في أثناء توجهه إلى الانتخابات العامة في 2024، والقلق الهندي المتنامي بشأن الطموحات الصينية، والحاجة إلى استيعاب الحساسيات الغربية، وضرورة الموازنة بين المنافسين، التي تُعد أمرًا محوريًا للتقاليد الاستراتيجية الهندية.

اقرأ أيضًا| قراءة تحليلية في «فورين أفيرز».. ما مستقبل العلاقات بين الهند وروسيا؟

ولفت جايكوب إلى أن المبادرات التي تدعمها الدول الغربية الحليفة أو الداعمة لأوكرانيا، أو من الصين الداعمة لروسيا، سيُنظر لها بعين الريبة، لذلك تمتلك الهند فرصة فريدة للتدخل لأنها لم تدن روسيا، وتحافظ على علاقاتها مع موسكو.

تبادلات دبلوماسية متواضعة

نوّه المقال إلى أن الهند تستضيف قمة مجموعة الـ20 في سبتمبر المقبل، ويمكنها أن تشدد على قدرتها على القيادة عبر اقتراح وتوجيه تبادلات دبلوماسية متواضعة بين روسيا وأوكرانيا وشركائهما.

وبينما استبعد جايكوب أن تؤخذ المقترحات الكبرى لإنهاء الحرب على محمل الجد في هذه المرحلة، رأى أن الهند يمكنها جلب الخصوم إلى طاولة المفاوضات، سعيًا لإبرام المزيد من الاتفاقيات والتفاهمات المؤقتة.

تسهيل الحوار

تستطيع نيودلهي تشجيع الحوار وتسهيله بين الطرفين في مجموعة من القضايا الأقل شأنًا. وطرح جايكوب بعض الأفكار التي تستطيع الهند تطبيقها، كاستضافة اجتماعات رفيعة المستوى بين الخصوم، وعقد اجتماعات على هامش قمة الـ20 بين قادة روسيا، وبريطانيا، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي.

وتستطيع الحكومة الهندية أيضًا دعم المحادثات الدبلوماسية شبه الرسمية وغير الرسمية بين متحدثين رفيعي المستوى من روسيا، وأوكرانيا، والولايات المتحدة، وأوروبا لبحث الوضع الحالي للحرب، وتطوراتها، وتداعياتها، والطرق المحتملة لإنهائها.

وبالتشاور مع الشركاء، يمكن أن تحدد نيودلهي القضايا المهمة التي يمكن أن يتناولها المسؤولون الروس والأوكرانيون بغرض بناء الثقة وتخفيف معاناة المدنيين. وبصفتها قوة نووية، يمكن للهند أن تحاول ضمان عدم استخدام الأسلحة النووية بأي شكل في هذا الصراع.

اقرأ أيضًا| مكاسب طائلة.. كيف استفادت الهند من حيادها تجاه الحرب في أوكرانيا؟

تعزيز الجهود

لبدء هذه الجهود، رأى الأكاديمي الهندي أنه ينبغي أن تعين نيودلهي مبعوثًا خاصًا للاجتماع بأطراف الصراع المختلفة وتنفيذ الجهود المذكورة أعلاه. ويمكن كذلك أن تنضم إلى المبادرات التي طرحتها الدول والمنظمات المختلفة، مثل البرازيل، وتركيا، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، لاستحداث خطة سلام، أو على الأقل ملامح منها، لإنهاء الحرب.

وحسب جايكوب، يجب أن تتحرك الهند سريعًا للاستفادة من الود المتنامي بين مودي وزيلينسكي والاهتمام الذي ستحصل عليه الهند كمضيف لقمة مجموعة الـ20. وبمجرد انتهاء الحرب أو اتفاق الأطراف على وقف إطلاق النار، تستطيع الهند التفكير في تولي دور أكبر في جهود حفظ السلام بين الدولتين.

 مكاسب كبيرة

بينما تسعى الهند لترسيخ نفسها كقطب في نظام دولي متعدد الأقطاب، سوف يسمح لها تدخلها في حرب أوكرانيا بهذه الطريقة بالتشديد على قدرتها على المساعدة في الحفاظ على النظام العالمي. ووفق جايكوب، هذا مهم للهند في الوقت الذي تسعى جارتها ومنافستها، الصين، لتصوير نفسها كصانع سلام دولي.

وأشار جايكوب إلى أنه كلما طالت الحرب، زاد اعتماد روسيا على الصين، وتناقصت قدرة موسكو واستعدادها لمساعدة نيودلهي في خصومتها مع بكين. وينبغي أن يوفر هذا حافزًا قويًا للمسؤولين الهنود للمخاطرة بإغضاب روسيا عبر حثها على نزع فتيل الأعمال العدائية.

وشدد الأكاديمي الهندي على أن نيودلهي لا ترغب في أن تخرج روسيا من الحرب محطمة وضعيفة، إنما تريد الحفاظ على روسيا القوية، التي يمكنها تعزيز تعددية الأقطاب في آسيا وصد الهيمنة الصينية.

اقرأ أيضًا| كيف تصل المعدات العسكرية الصينية إلى روسيا؟

ربما يعجبك أيضا