بعد التحذيرات الأمريكية.. كيف يمكن استخدام الأسلحة النووية في الفضاء؟

صحيفة بريطانية: السلاح النووي قادر على تدمير الكثير من الأقمار الاصطناعية في وقت واحد

آية سيد
بعد التحذيرات الأمريكية.. كيف يمكن استخدام الأسلحة النووية في الفضاء؟

أثارت التحذيرات الأمريكية بشأن تطوير روسيا لسلاح نووي مضاد للأقمار الاصطناعية المخاوف إزاء تأثيره المحتمل في الفضاء والأرض حال استخدامه.


حذرت معلومات استخباراتية شاركتها الحكومة الأمريكية مع الكونجرس والحلفاء الأوروبيين أن روسيا تطور سلاحًا نوويًا جديدًا مضادًا للأقمار الاصطناعية.

وبسبب عدم توفر الكثير من التفاصيل، وعدم معرفة مدى خطورة التهديد، أشعلت هذه الادعاءات سباقًا لتحديد القدرات التي قد يمتلكها مثل هذا السلاح النووي، وتأثيره المحتمل في الفضاء والأرض حال استخدامه، وهو ما أوضحته صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية في تقرير لها، اليوم الأحد 25 فبراير 2024.

استهداف الأقمار الاصطناعية

تستخدم الولايات المتحدة والدول الأوروبية الأقمار الاصطناعية بنحو مكثف لأغراض عسكرية. وتشمل قدراتها مراقبة تحركات القوات وبناء القواعد، ورصد إطلاق الصواريخ وتنظيم الاتصالات أثناء القتال.

وحسب المدير المشارك لبرنامج السياسة النووية في مؤسسة كارنيجي للسلام، جيمس أكتون، تمثل الأقمار الاصطناعية أفضلية مهمة تمتلكها الولايات المتحدة على روسيا في شن الحروب التقليدية.

بعد التحذيرات الأمريكية.. كيف يمكن استخدام الأسلحة النووية في الفضاء؟

قمر اصطناعي

ووفق فاينانشال تايمز، يُظهر استخدام أوكرانيا لخدمة الإنترنت التي توفرها أقمار “ستارلينك” ضد القوات الروسية أهمية الاتصالات المبنية على الأقمار الاصطناعية في ميدان المعركة. ومن هذا المنطلق، من السهل معرفة لماذا قد تبحث موسكو عن طرق لتدمير قدرة الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية في الدول الغربية.

قدرة هائلة

لفتت الصحيفة البريطانية إلى أن عامل الجذب الاستراتيجي للسلاح النووي يتمثل في قدرته على تدمير الكثير من الأقمار الاصطناعية في وقت واحد. ومجرد وجود مثل هذا السلاح قد يكون له تأثيرًا رادعًا، حتى لو لم يُستخدم.

وفي هذا السياق، قال أكتون: “الجيش الأمريكي يستخدم الفضاء بطريقة فاعلة جدًا. وروسيا تعتقد أن مهاجمة الأقمار الاصطناعية وسيلة لتحقيق تكافؤ الفرص في ذلك الصراع”.

التأثير المحتمل

أشارت فاينانشال تايمز إلى أن عالم الأقمار الاصطناعية معقد ومتنوع ومزدحم، وتعتمد عليه الاتصالات والبنية التحتية الأرضية بنحو متزايد، من الشحن الدولي إلى الترفيه المنزلي وتطبيقات الخرائط على الهواتف الذكية. وتستطيع الأقمار الاصطناعية إرسال واستقبال الإشارات من عدد ضخم من الأماكن على الأرض.

ويبني مشغلو القطاع الخاص مجموعات من الأقمار الاصطناعية في المدار الأرضي المنخفض. وفي المستوى الأعلى، تقع الأقمار الاصطناعية الثابتة بالنسبة للأرض، التي يستغرق دورانها حول الأرض 24 ساعة، ما يعني أنها تظل في نفس موقعها النسبي. وهذا يتيح الاتصالات المدنية والعسكرية السلسة دون الحاجة إلى تغيير موقع جهاز الاستقبال.

وسيتعين على روسيا وضع الكثير من السلبيات في الاعتبار إذا كانت ستنشر سلاحًا نوويًا، أو تهدد صراحةً بفعل ذلك. هذا لأن أي تفجير ذري سيؤثر على الأرجح في الأقمار الاصطناعية للدول الأخرى، ومن ضمنها أقمار حلفاء الكرملين. والحطام سريع الحركة الناتج عن أي انفجار قد يُتلف أو يدمر المركبات الفضائية الأخرى بطرق غير متوقعة.

مخاوف من عسكرة الفضاء

يصبح الفضاء عالمًا لمنافسة القوى العظمى. ورغم أن روسيا والصين والهند والولايات المتحدة دمروا المركبات الفضائية الزائدة عن الحاجة في اختبارات الصواريخ المضادة للأقمار الاصطناعية، فإن الحطام الفضائي الذي تخلفه هذه الانفجارات قد يُحدث دمارًا في المدار إذا اصطدم الحطام بأقمار اصطناعية أخرى.

آخرها مركبة لونا الروسية. أشهر حوادث الفضاء في تاريخ العالم

أشهر حوادث الفضاء في العالم

ووفق الصحيفة، فإن احتمال التشويش على الاتصالات الفضائية واستحداث تقنيات لفعل هذا يشغل المخططين العسكريين بنحو متزايد. وتشمل هذه الطرق استخدام الليزر لخداع الأقمار الاصطناعية.

وفي 2021، مضى حلف شمال الأطلسي (الناتو) قدمًا في إجراءات لتعزيز استجابته للهجمات على الأقمار الاصطناعية. وفي الوقت ذاته، تطور الجيوش تكنولوجيا حديثة، مثل أجهزة الاستشعار الكمية، التي لا تعتمد على أقمار التموضع العالمي للملاحة.

مخاطر الضربة النووية في الفضاء

حسب فاينانشال تايمز، الضرر الأكبر على الأرض والأقمار الاصطناعية سيكون ناتج عن النبضة الكهرومغناطيسية التي سيُحدثها الانفجار النووي. وستكون آثارها مشابهة لتلك الناتجة عن عاصفة جيومغناطيسية طبيعية عقب توهج شمسي شديد.

وهذا الاندفاع المكثف للإشعاع الكهرومغناطيسي سيدمر الدوائر الإلكترونية في الأقمار الاصطناعية ومجموعة واسعة من البنية التحتية الأرضية للحواسيب والاتصالات. وستؤدي تذبذبات الطاقة في الشبكات الكهربائية إلى انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع.

تأثير سياسي

رغم أن معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967 تحظر نشر أسلحة نووية في الفضاء، فإنها لا تغطي إطلاق أسلحة نووية من الأرض.

ولفتت فاينانشال تايمز إلى أن استخدام أسلحة نووية في الفضاء سيكون له تأثير سياسي كبير. وبالنسبة لدول الناتو، قد يثير تساؤلات بشأن ما إذا كانت المادة 5، المتعلقة بالدفاع المشترك، تمتد إلى خارج الأرض.

وحتى الدول التي لها علاقات معتدلة بروسيا ستقلق من تداعيات النشاط النووي في الفضاء على الأمن العالمي. والأسبوع الماضي، قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن بلاده ضد نشر أسلحة نووية في الفضاء، لكنه أضاف: “إذا حاول الغرب إلحاق هزيمة استراتيجية بنا، سيتعين علينا التفكير في ماهية الاستقرار الاستراتيجي”.

ربما يعجبك أيضا