بعد قرار الفائدة الأمريكية.. الأسواق تراهن على نهاية موجة التشديد

ولاء عدلان
جيروم باول

ترك جيروم باول الباب مفتوحًا أمام زيادة أخرى لأسعار الفائدة في سبتمبر المقبل.


رفع مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) أمس الأربعاء 26 يوليو 2023، أسعار الفائدة إلى ذروة 22 عامًا.

وأصر رئيس المجلس، جيروم باول، على مواصلة الحرب ضد التضخم المتصاعد ورفع أسعار الفائدة مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكن الأسواق والاقتصاديين يتوقعون أن موجة التشديد النقدي القاسية وصلت إلى نهايتها.

زيادة قياسية لأسعار الفائدة

رفع المركزي الأمريكي سعر الفائدة أمس الأربعاء بمقدار 25 نقطة أساس، ليقفز إلى نطاق يتراوح بين 5.25% و5.5%، مسجلًا أعلى مستوياته منذ 2001، في قرار كان متوقعًا على نطاق واسع، بعد قراره في يونيو الماضي بتثبيت أسعار الفائدة، لمراقبة البيانات الاقتصادية وتقييم الزيادات المتتالية منذ مارس 2022.

وقالت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، في بيان أمس، إن بيانات سوق العمل الأمريكية أظهرت قوة خلال الأشهر الماضية إلى جانب توسع النشاط الاقتصادي بوتيرة معتدلة، ما يجعلها أقدر على المضي قدمًا في حربها ضد مخاطر التضخم.

 

باول يلمح إلى زيادة جديدة

ترك جيروم باول، في خطابه أمس، الباب مفتوحًا أمام زيادة أخرى لأسعار الفائدة في سبتمبر المقبل، وقال إن المركزي الأمريكي قد يرفع أو يثبت الفائدة في الاجتماع المقبل وفق ما يراه مناسبًا، خاصة وأن الاقتصاد الأمريكي يتمتع بمرونة كافية، وأن سوق العمل لا تزال تبدي قوة رغم التشديد النقدي.

وأضاف باول أن قوة سوق العمل تبشر بأن زيادات سعر الفائدة تمكنت من خفض التضخم، دون أي تأثير سلبي ذي مغزى في السوق أو قوة الاقتصاد، مجددًا آمال قدرة المركزي الأمريكي على تحقيق الهبوط السلس والابتعاد عن خطر الركود الاقتصادي.

اقرأ أيضًا|المركزي الأمريكي يرفع أسعار الفائدة ويلوّح بزيادة أخرى

الخطوة المقبلة للفيدرالي

خلال يونيو الماضي، تباطأ معدل التضخم السنوي في أمريكا إلى 3%، مسجلًا أدنى مستوى منذ مارس 2021، ومتراجعًا من أعلى مستوى له في 41 عامًا المسجل في يونيو 2022 (9.1%)، ما يعني أن المركزي الأمريكي وصل إلى مستوى من رفع الفائدة يعد كافيًا للوصول إلى مستهدفه للتضخم عند 2%.

لكن باول شدد على أن هذا العام لن يشهد تحركًا نحو تخفيض الفائدة بأي حال من الأحوال. وكما تمثل قوة سوق العمل دعمًا لقرارات التشديد النقدي، تمثل أيضًا مصدر قلق لأن زيادة معدلات نمو الوظائف بوتيرة أسرع قد تساعد على تعزيز الإنفاق الاستهلاكي.

ومن شأن هذا أن يهدد باستمرار التضخم أعلى المستوى المستهدف، خاصة وأن تباطؤه في يونيو يعود إلى تراجع أسعار الطاقة والغداء فقط، واستمرار الارتفاعات في مجموعات أخرى أبرزها الخدمات.

زيادة جديدة خلال أشهر؟

في اجتماع يونيو رأى معظم مسؤولي مجلس الاحتياط الفيدرالي أن معدل الفائدة قد يتجاوز نطاق 5.5% و5.75%، ما يشير إلى زيادة جديدة خلال الأشهر المقبلة.

وفي وقت سابق، ألمح أكثر أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة تشددًا، كريستوفر والر، إلى زيادة جديدة للفائدة في اجتماع سبتمبر، وفق ما نقلته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

رهان الأسواق

يعتقد العديد من الاقتصاديين أن مجلس الاحتياط الفيدرالي قد يقدم على تثبيت الفائدة في سبتمبر، ورفعها للمرة الأخيرة في نوفمبر المقبل، حال أظهرت البيانات ارتفاعًا جديدًا في معدلات التضخم. وفي المقابل يرى الكثيرون أن زيادة يوليو هي الأخيرة، في واحدة من أكثر موجات التشديد النقدي قسوة.

وقالت كبيرة الاقتصاديين الأمريكيين في مجموعة مورجان ستانلي، إيلين زينتنر، في تصريح إلى فايننشال تايمز، إن زيادة يوليو ستكون الأخيرة في دورة رفع الفائدة، وأوضحت أن “التضخم ونمو الوظائف الجديدة والإنفاق الاستهلاكي كل هذا يتباطأ، ما يعني أننا لم نعد في حاجة إلى مزيد من التشديد”.

ووسط ارتفاع رهانات المستثمرين على وصول دورة التشديد النقدي إلى ذروتها، تراجع مؤشر الدولار الأمريكي خلال التعاملات المبكرة، اليوم الخميس، 0.3% إلى مستوى 100.81 نقطة. وفي المقابل ارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية 0.3% ليجري تداوله عند 1977.13 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 03:52 بتوقيت جرينتش.

شكوك وتوقعات

توقع كبير الاقتصاديين في بانثيون ماكرو إكونوميكس البريطانية للاستشارات المالية، إيان شيبردسون، أن يرتفع معدل التضخم الأساسي، الذي يستبعد أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة، بنحو 0.1% و0.2% في يوليو وأغسطس على الترتيب.

وهذه الأرقام ستجعل من الصعب على الاحتياط الفيدرالي رفع الفائدة مرة أخرى، شرط استمرار الاتجاه الهبوطي للتضخم ولمعدل نمو الرواتب.

وبدوره توقع المحلل لدى بيمكو الأمريكية لإدارة الاستثمارات، تيفاني وايلدنج، أن يواصل أكبر اقتصاد في العالم وكذلك سوق العمل التباطؤ تدريجيًّا خلال النصف الثاني من 2023.

صدمات في أسعار المواد الغذائية

على النقيض، حذرت مجموعة أكسفورد إيكونوميكس من صدمات في أسعار المواد الغذائية خلال أشهر الصيف، قد تدفع المركزي الأمريكي للحفاظ على قبضته القوية على الاقتصاد.

ورجح كبير الاقتصاديين في بنك “يو بي إس”، جوناثان بينجل، أن الفيدرالي سيقف مكتوف الأيدي بعد الزيادة الأخيرة للفائدة وسيكون من الصعب عليه الإشارة إلى نهاية موجة التشديد النقدي، مع حقيقة أن التضخم الأساسي لا يزال أعلى المستوى المستهدف.

اقرأ أيضًا|  المركزي الأمريكي يرفع الفائدة للمرة الأولى منذ 2018.. لماذا؟

ربما يعجبك أيضا