بعد عام على «أوكوس».. أستراليا تواجه مخاطر مرتفعة في تحديث قوتها البحرية

آية سيد
أستراليا

بعد مرور عام على إعلان تحالف "أوكوس"، تواجه البحرية الأسترالية مخاطر مرتفعة لتحديث أسطولها.. ولكن الأمر قد يطال حليفتيها أمريكا وبريطانيا أيضًا.


بعد مرور عام على إعلان تحالف “أوكوس” الأمني، الذي يجمع أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا، تواجه البحرية الأسترالية تحديات كبيرة لتحديث أسطولها.

وتتمثل تلك التحديات في “المخاطر المرتفعة” في ظل التصارع من أجل بناء قوة بحرية موسعة وأكثر قوة تضم غواصات هجومية نووية، التي تعد حجر الأساس لاتفاقية “الأوكوس”، بحسب ما أوردت مجلة “بريكينج ديفينس“، يوم الخميس الماضي 15 سبتمبر 2022.

تقييم للمخاطر

تقرير “بريكينج ديفينس” استعرض تقييمًا للمخاطر صدر عن الحكومة الأسترالية، في إحاطة مقدمة لوزير الدفاع الجديد، ريتشارد مارلز. ونشرت نسخة منقحة بشدة من تلك الإحاطة في 9 سبتمبر، بناءً على طلب لمراسل صحيفة “ذي أستراليان”، بن باكهام.

ويقول التقييم: “إن التحول المعقد إلى القوة البحرية المستقبلية ينطوي على مخاطر مرتفعة، خصوصًا في نمو قوة العمل، وقدرة الصناعة، وسلاسل الإمداد المحلية والدولية، والمهل الزمنية لتنفيذ البنية التحتية، والقدرة الشاملة على تحمل تكاليف البرنامج البحري”.

تكلفة الغواصات الجديدة

بحسب التقرير، يعدّ شراء الغواصات التزامًا أساسيًّا لأستراليا، كي تنضم إلى صفوف الدول التي تمتلك غواصات تعمل بالطاقة النووية، مثل الصين وفرنسا والهند وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة. لذلك، يبدو برنامج الغواصات عاملًا محوريًا في التقييم.

وفي حين أن الإحاطة تقدِّر أن أستراليا ستنفق 120 مليار دولار أسترالي أي قراية 81.2 مليار دولار أمريكي، على مدار العقد المقبل، بالتزامن مع توسع قدرات استعراض القوة البحرية للتصدي للهيمنة المتزايدة للصين، تذكر الإحاطة أيضًا أن “هذا التقدير لا يشمل التكاليف الإضافية التي قد تحتاجها الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية.”

وتشير المجلة إلى عدم وجود تقديرات رسمية حتى الآن لتكلفة برنامج الغواصات الهجومية النووية. وتلفت إلى أنه منذ إبرام اتفاقية “أوكوس” في 15 سبتمبر 2021، جاء أحد التقديرات المفصلة القليلة بشأن تكلفة بناء أسطول هجومي نووي مكون من 8 غواصات من دراسة لمعهد السياسات الاستراتيجية ASPI، بقرابة 70 مليار دولار أسترالي بالأرقام الثابتة، أو 116 مليار دولار أسترالي بعد احتساب التضخم.

تحديث الأسطول الأسترالي

تشمل المخاطر التي يواجهها الأسطول البحري الأسترالي أيضًا الحاجة الماسة إلى التحديث. ووفق ما جاء في الإحاطة ستخضع جميع الفرقاطات والمدمرات للتحديث خلال هذا العقد، من أجل الحفاظ على الملاءمة القتالية في المنطقة، وتمديد العمر التشغيلي لجميع الغواصات الـ6 من طراز كولينز (بداية من 2026) وتحسين قدراتها”.

وتضيف الإحاطة أن تمديد عمر غواصات كولينز “يعزز التحول إلى الغواصات النووية بأواخر العقد 2030”. ولكن هذا التاريخ مهم لأن الكثير من الخبراء داخل الحكومة الأسترالية وخارجها يشكون في ما إذا كان من الممكن بناء الغواصات النووية في الموعد المحدد، لتجنب حدوث فجوة في القدرات عندما تخرج الغواصات من طراز كولينز عن الخدمة.

غياب الخبرة النووية

من ضمن التحديات الأخرى التي تواجه أستراليا، الحاجة إلى بناء بنية تحتية نووية كاملة تشمل تدريب المدنيين والموظفين، الذين يفتقرون للمعرفة الفنية على بناء الغواصات وصيانتها، وتلبية معايير الضمانات النووية للأمم المتحدة، بحسب المجلة.

وتتولى المنظمة الأسترالية للعلوم والتكنولوجيا النووية مهمة إعداد السياسات والمبادئ التوجيهية التي تضمن امتثال أستراليا، التي تمتلك خبرة قليلة في مجال الطاقة النووية، وحظرت بناء المحطات النووية منذ 24 عامًا، لمتطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ويتفق الخبراء أن هذا يعني أنه يجب على المنظمة الأسترالية أن تتوسع بدرجة كبيرة لاستيعاب برنامج الغواصات النووية.

استراتيجية للقوى العاملة

بحسب الإحاطة الحكومية الاسترالية، فإن “امتلاك الغواصات النووية وتشغيلها يحتاج إلى تطوير كبير للقوى العاملة”. وعلى المستوى الاستراتيجي يعني هذا تجنيد الآلاف من المدنيين والعسكريين وتدريبهم، وإنشاء بنية تحتية أمنية ذات تقنية عالية لتأمين الأفراد والمواد النووية.

وتذكر الإحاطة أن وزارة الدفاع تطور “استراتيجية للقوى العاملة” حتى تدرسها الحكومة، و”تطور استراتيجية لتنمية القدرة العلمية والهندسية لدعم الغواصات النووية على مدار دورة عملها”. وعلى مدار 6 أشهر الأخيرة، بدأ الجيش الأسترالي العمل مع الجامعات ومؤسسات التدريب الأخرى لضمان أن يحصل البحارة والمدنيون الأستراليون على المهارات والمؤهلات المطلوبة.

وأعلنت بريطانيا، الشهر الماضي، أن الأستراليين سيتدربون على الغواصات من طراز “آستوت” للمرة الأولى. ولكن أولًا، يجب أن يكملوا دورات تدريبية نووية، ثم يبدأون بغواصة “آنسون” الأحدث في فئة “آستوت”.

ما نوع الغواصات التي تبنيها أستراليا؟

لا توضح الإحاطة أي نوع من الغواصات ستبنيه أستراليا. ولكن وفق ما صرح به خبيران وأكاديمي لمجلة “بريكينج ديفينس”، من المرجح جدًا أن تستخدم الغواصة الأسترالية النظام القتالي لشركة “لوكهيد مارتن”. وتلفت المجلة إلى وجود الكثير من القرارات، التي تتبعها الكثير من المخاطر. وسيأتي أولها في مارس المقبل، عندما تعلن أستراليا عن نوع الغواصة التي ستبنيها.

ولكن أستراليا ليست الدولة الوحيدة التي تواجه مخاطر في هذا الجهد. وحذر الأدميرال الأمريكي، سكوت بابانو، من تأثير بناء الغواصات الإضافية بموجب اتفاقية “أوكوس”، إذا وقع عبء بنائها على عاتق الولايات المتحدة وبريطانيا. وأخبر معهد “ميتشل” في واشنطن: “إذا كنا سنضيف إلى قاعدتنا الصناعية بناء غواصات إضافية، سيؤثر هذا فينا بالسلب دون استثمارات كبيرة لتوفير السعة والقدرة الإضافية لفعل ذلك”.

ربما يعجبك أيضا